أسئلة تتقلقل في النفس** الجزء الثالث

[نور ال محمد]

اللهمّ صلِّ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم

اللهمّ صلِّ على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ما أحاط به علمك وأحصاه كتابك

السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين



** الدرس الأول : هي سنة من سنن التاريخ أن البعض يبيع نفسه من أجل متاع الدنيا ... والذين يجب أن نهتم بهم هم من باع نفسه لله عز وجل وأخلص بعد أن تغلغل الإيمان في مشاش عظمه .. ألا ترون أبا عبد الله الحسين عليه السلام كرر أكثر من مرة أثناء مسيره إلى العراق .. بل حتى في ليلة العاشر من المحرم ... كرر أكثر من مرة أن من أراد أن يعود فليعد ويتركه ... لأن أباعبد الله ما كان يريد مواكب عريضة ولا حيوش جرارة يتباهى بها ولا سلطانا دنيويا يفاخر به صعاليك العروش الأموية .. فمنزلته المقدسة في السماء أعلى وأقدس من أن يضع نفسه مقابل أحد .. إنما خرج بأبي هو وأمي لأمر واحد صرح به هو بنفسه ألا وهو الإصلاح في الأمة واستخلاص أهل الإيمان من بين أهل الشيطان ... بعد أن انتشر الضلال والانحراف وباع الناس أنفسهم للشيطان زرافات ووحدانا

لذلك بكى الحسين عليه السلام في كربلاء أن هؤلاء يدخلون النار بسببه ....
ولذلك لما اعتذر عبد الله بن الحر الجعفي من الالتحاق بالحسين وقال له إن فرسي بألف وسيفي بألف ... رفض الإمام هذا التعويض ... فلاشيء يعوض النفس المنحرفة على انحرافها وبقائها في صف الضالين المضلين

لو كان الإمام الحسين عليه السلام يحتاج قوة وبأس قبيلة بني حن ويتلهف لكل سيف وكل فرس يضاف إلى معسكره ... لقبل ما عرضه عبد الله الجعفي .. ولكنه عليه السلام كان ينظر إلى أمر آخر .. وهو أن يأتيه الناس – لا ينصروه هو وينقذوا جسمه من السيوف والرماح بل لينصروا دينه ودين جده المصطفى ... فينقذوا الدين من يزيد وحزب يزيد ....

ولذلك لما ابتدأت الحرب بمقتل أبي عبد الله عليه السلام .. لم تتوقف الحرب هناك ...
بل تبع ذلك هدم الكعبة واستباحة المدينة واغتصاب بنات الصحابة وحملهن سفاحا
ولعل البعض ممن يأخذ علينا الإساءة إلى الصحابة باللسان ... ليته يقرأ ما فعلت جيوش يزيد بمكة والميدنة
وهي حرب بدأها يزيد بقتل الرمز الأكبر في مكة والمدينة

إذن خلاصة الدرس الأول أن الحسين عليه السلام لم يكن يريد هؤلاء ليعينوه
بل يريدهم لينقذوا أنفسهم من الضلال إلى واحة الإيمان
وعلى هذا فلا نحزن كثيرا إذا أعجبتنا قبيلة لشجاعتها ...
وحين نصنف الناس فصفة التقوى أهم من صفة الشجاعة

هذه هي النقطة التي يجب أن نتذكرها حين نواجه الضالين والمضلين في هذه الأمة ويتباهون بأن الأمويين حشدوا من حولهم الشخصيات وقضوا على خصومهم بكافة الوسائل .... فراح هؤلاء يتبجحون بقولهم ( إن بني أمية أهل خبرة بالسياسة بينما علي بني أبي طالب كان جاهلا بالسياسة ولذلك خسر الهاشميون اللعبة وربح الأمويون ) ... فالجواب على ذلك أن عليا وآل علي كانوا يتمتعون بشيء اسمه التقوى ... وهي أمر لا يعرف عنه الأمويون شيئا ... بل هي أمر لا يعرفه الضالون والمضلون الجدد في عصرنا هذا . حيث أنهم منافقون .. ومن صفات المنافق أنه ( إذا خاصم فجر ) ... فليست لديه تقوى تمنعه من شيء .

أتريدون دليلا على أن السياسة في يد أمير المؤمنين وهو الذي لم يشأ أن يطلق عنانها ؟؟؟
الأدلة كثيرة ... ومن بينها أنه إذا كان مع معاوية داهية يستعين به واسمه عمرو بن العاص ... فقد كان مع أمير المؤمنين داهية دهماء اسمه قيس بن سعد بن عبادة .... وقد قال قيس ( لولا نهي أمير المؤمنين لمكرت مكرا تضج منه العرب !!! ) .... فقد منعه أمير المؤمنين أن يمكر بأحد . لأن أمير المؤمنين هو تجسيد التقوى ... وأمير الأمويين هو تجسيد للغدر والمكر ... والإسلام يمنع الغدر والمكر



نختصر الدرس الأول أن الأمويين يريدون السلطان وقد اشتروا ضمائر الناس وخدعوهم بثمن بخس لكي يوصلوهم إلى ما يبتغون .. .أما أهل البيت عليهم السلام فقد كانوا في حياتهم متوجهين إلى رضون الله وحنة عرضها السموات والأرضين فكانوا يريدون أن يأخذواالناس معهم إلى الجنة

هذا هو الفرق .... سواء كان في مواجهة أبي سفيان لرسول الله صلى الله عليه وآله أو مواجهة معاوية لأمير المؤمنين عليه السلام أو مواجهة يزيد لأبي عبد الله الحسين أو مواجهة بقية الطغاة لأهل البيت عليهم السلام




** الدرس الثاني : لنقرأ التاريخ ... لا شك أنكم قرأتموه
هنا يخطر سؤال .... لا أدري إن كان خطر ببالكم !!؟؟؟
حين تمرون في التاريخ على حقبة ( الفتوحات ) في العهد الأموي ...
بل حتى من عهد الخلفاء الأولين ( الراشدين )
ألا تلاحظون أمرا ؟؟؟
هناك الكثير مما نلاحظه

ابتدأت الجيوش الإسلامية تتوافد على الشام في عهد الخليفة الثاني ... وكان من قادة الجيوش في الشام يزيد بن أبي سفيان ( أخو معاوية ) ... ولن نتوقف كثيرا عند كل نقطة ... مع أننا نجبر أنفسنا إجبارا على ترك مثل الأسئلة الثقيلة ... مثل ... كيف كانت تتم تعيين قادة الجيوش حينذاك ؟؟؟ إذ كان في جيوش فتح الشام شخصيات متناهية العظمة مثل أبي ذر الغفاري .. فكيف يكون – وهو خامس رجل أسلم – جنديا في الجيش ... بينما يكون القائد هو يزيد بن أبي سفيان ( أحد الطلقاء ) ؟؟؟؟

نترك هذه الأسئلة على مضض .. ونتحرك قدما عبر السنين وعبر سجل خلفاء بني أمية .. لنرى ألمع اسم لهم في القيادات العسكرية ( مسلمة بن عبد الملك ) ... من بني أمية ... ولا ننسى أن نعرج لكم على نقطة سوداء من تاريخ بني أمية وهي عنصريتهم المقيتة ... حيث أن أم مسلمة أمة وليست حرة ولذلك لم يسمحوا له أن يكون حاكما (مع أن إخوانه أربعة خلفاء) ... كل ما أعطوه من منصب وهو القيادة العسكرية العليا بقصد أن يضعوا اسمه الأموي ليغطي على غيره ممن سفكوا دماءهم ونذروا حياتهم لخدمة الطموحات الأموية

نعم .. أقصد بني حن
فالسؤال الذي بدأت به في البداية .. إن كان خطر لكم ... هو هذا
كل ما سمعتم به في الفتوحات هو ( بنوأمية )
هل سمعتم ببطولات بني حن في تلك الفتوحات أو استبسالهم في تلك الحروب ؟؟؟؟؟

أنا لم أسمع ولم أقرأ شيئا من ذلك
ولعل هذا أول عقوبتهم لأنهم مالوا إلى بني أمية وتركوا عليا وأبناء علي
ظنوا أنهم سيبنون لهم مجدا ...
فاختطفت أمية الأمجاد كلها وبنت لها اسما على أكتافهم وخطت تاريخها بدمائهم .



** الدرس الثالث : الدروس كثيرة ومتعاقبة
وهي ليست تاريخا فقط بل هي خارطة طريق إلى المستقبل لو أردنا أن نحسن رسم المستقبل
من عمق هذا التاريخ يجب أن نستلهم الدروس لبناء حاضرنا ومستقبلنا
فبنو أمية لم يكتفوا باختطاف أمجاد وبطولات غيرهم بل حصروا المجد لأنفسهم واغتصبوا ما لدى غيرهم حتى لا يعود لغيرهم ما يشار إليه بالبنان

أقول لكم باختصار أن بني أمية شغلوا الناس في داخل المجتمع الإسلامي بعدة أمور ... من الحروب القبلية ( بين عرب الشمال وعرب الجنوب ، بين القحطانيين والعدنانيين ) ، وشغلوهم باختراع الفرق المتنوعة من جهمية وجبرية ومفوضة ... ثم اخترعوا وسائل الترف والميوعة ليشغلوا من لا تشغله الحروب ولا تهمه الأنساب

وفي زمن بني أمية قرأنا أن بعض الشعراء يغازلون النساء حتى في الحرم وتمر هذه القصص فيما يسمى ( الأدب العربي ) مرور الكرام وليست كأنها من ( قلة الأدب ) وقلة الإيمان ... وهو ما أراد الحسين عليه السلام أن ينقذ الأمة منه

حتى في هذه الزاوية نرجع لبني حن ... لأنهم بيت القصيد
فنسأل الإخوة والأخوات من كل الأعمار المتقدمة والمتأخرة
من منكم سمع باسم البطل زمل بن عمر .... من بني حن .. من بني عذرة ؟؟؟؟
لا أظن أحدا منكم سمع عن ( البطل العذري ) ولا ( شدة البأس العذري ) ولكنكم لا شك سمعتم بما يسمى ( الحب العذري ) الذي دشن بداياته شاعر من بني حن من بني عذرة هو جميل بن معمر ( جميل بثينة ) ....

لما استقرت الأرض لبني أمية ... لم ينسوا أن أمثال بني حن غلبوا جيوش الغساسنة ودكوا معاقل الروم لن يعجزوا عن تهديد عروش الأمويين ... ولما كان الأمويون بارعين في استعمال كل الأسلحة الخفية ( من دس السم إلى الخداع والتدليس) فقد لجأوا إلى إبليس الرجيم ليغرس في قلوب المسلمين أن الغزل شيء لطيف ولا بأس به ولا يتعارض مع الدين في شيء ... وإذا تقابل العاشقون ليلا في غفلة من أهليهم فهذا أمر من أمور ( الأدب والشعر ) ولا دخل للدين فيه ... وفعلا تم تذويب تلك القبائل القوية وتحويلها إلى مجتمعات مترفة أكبر همها الجري وراء الملذات

هكذا ذوبت أمية تراث العرب والإسلام
وهكذا جازت أمية من والاها وأخلص لها
فلم نعد نسمع بفرسان بني حن وصليل سيوفهم وصهيل خيولهم ...
... حتى في كتب التاريخ ....
بقدر ما نسمع عن أشعار الحب والغزل فيما بينهم


و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

[البتول ريحانة الرسول]

انا اشكرك جزيل الشكرعلى مجهودك الرائع والمبارك
اجرك ع الحسين انشاء الله
تحياتي

[نور ال محمد]

مشكورة على مرورك الذي يعطر دائما مواضيع قسم عاشوراء
اجرك على الحسين عليه السلام حبيبتي
ان شاء الله موفقة

[محبة الزهراء_67]

احسنت غاليتي على الطرح المفيد
اجرك على الحسين عليه السلام