السعادة الزوجية - عالم الحياة الزوجية - الأسرة و العلاقات الاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-04-2014, 02:00 PM   #1
آهآت زينبية فاطمية
( мѕнααя αℓкнgℓ) مشرفة قسم السعادة الزوجية
●• فاطمية متميزة •●

 
الصورة الرمزية آهآت زينبية فاطمية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: القطيف الحبيبة
العمر: 36
المشاركات: 130
معدل تقييم المستوى: 509
آهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond repute
Butterflies icon دور الأسرة في بناء المجتمع الفاضل

القسم الأول : أصناف الأُسرة عند علماء الاجتماع .
قال الله تبارك وتعالى: ( هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ )
صدق الله العليُّ العظيم.

إنّ البحث الذي سنتعرض له - إن شاء الله- في ضمن حلقات متعددة يرتبط بالأُسرة, التي هي اللبنة الأساسية في بناء المجتمع, ولذا صلاح الأُسرة يُعد الخطوة الأولى والركيزة لصلاح وتقدم المجتمع, ومن خلال هذا المنظور سنستعرض بعض البحوث في الأُسرة, نظراً لأهميتها القصوى في الواقع الاجتماعي.



تحديد الأُسرة عند علماء الاجتماع.


الأُسرة في اللغة هي الأرحام, أي ما يشمل الزوج والزوجة والأبناء والأقارب, إلا أنّ معناها في علم الاجتماع الحديث يختلف عن تحديدها في اللغة، كما أنه يختلف -أيضًا- عن تحديد الشارع المقدس لها, ولذا، حدد علماء الاجتماع الأسرة، بأنها جماعة تُحددها علاقة جنسية مُحكمة وعلى درجة من تحمل المسؤولية تُمَكِنُ هذه الأسرة من إنجاب الأطفال وتربيتهم، إلا أنّ الأُسرة بهذا التحديد تكاد ألا تشمل إلا الزوج والزوجة, بينما نجد أنّ أحدث النظريات في علم الاجتماع تُؤكد أنّ الأُسرة تتألف من الزوج والزوجة والأولاد, وهذا الرأي هو الذي استقر عليه العلماء مؤخراً. ونحن أيضًا نريد باصطلاح الأسرة ما يشمل الزوج والزوجة والأولاد فقط. والذي يُؤيد هذا الاصطلاح هو بعض المعاني اللغوي للأُسرة التي تأتي بمعنى الدرع أو الدرع الحصينة, ومن الواضح أنّ هذا المعنى اللغوي أُسبغ وأُعطي للأُسرة المكونة من زوج وزوجة وأولاد, وحتى أيضًا الأقارب, لما لهذا التكوين من وقاية ودَرء ٍللمخاطر التي يتعرض لها الفرد, فالأسرة تُشكل وقاية ودرعًا من المخاطر التي تواجه هذه اللُحمة المتفق عليها بين أفراد هذه الأسرة.

أقسام الأُسرة :
والأسرة في البحوث الحديثة تقسم إلى أقسام سنستعرض بعضها باقتضاب يسير:
القسم الأول :
الأسرة النابذة.
ومعنى الأسرة النابذة هي الأسرة التي لا ترتاح إلى الأطفال بل تَمُجهم, وهذا على خلاف الطبيعة والتكوين النفسي, لأنّ الإنسان بطبعه يميل ويحب الأطفال, إلا أنّ بعض الأُسر الشاذة تنبذ الأطفال, ولا تُغدق عليهم بالحنان والمحبة والمودة, كما أنه أحياناً لا يتعامل مع هؤلاء الأطفال على أساس التقدير والاحترام لشخصياتهم, وفي الغالب فإنّ المجرمين وأصحاب العلاقات السيئة إنما ينحدرون من أُسرٍ نابذة, لأنّ النبذ بأي درجة من الدرجات له مردود سلبي على شخصية وسلوك الأطفال.

القسم الثاني : الأسرة القابلة.
وهي على العكس من الأُسرة النابذة, أي في مقابل القسم الأول, فهي التي تتعامل بالأسلوب الراقي والبنَّاء الذي يُشكل أحد الركائز الأساسية في تكوين شخصية الطفل. ولذا نجد أنّ هذه الأسرة هي التي تُنجب الأفراد الصالحين ورجال العلم , والزوجات الصالحات والقادرات على بناء مجتمع صالح.

القسم الثالث: الأسرة المستبدة.
ونقصد بالأسرة المستبدة هي الأسرة التي تتعامل بالطريقة التي تُضعف شخصية الأولاد, وتحاول أن تجعلهم يُطبقون جميع ما يصدر من أوامر الأبوين, وهذه الأسرة المستبدة تجعل السلوك الذي يسلكه الأطفال سلوكًا مرآتياً, أي يعكس سلوك الأبوين في الغالب، وأيضاً تترتب عليه بعض الآثار الخطيرة, التي من أهمها أن يفقد هؤلاء الأطفال روح المسؤولية, ويشعرون بالنقص والارتباك وسهولة الانقياد للأوامر المتلقاة من الآخرين, حتى وإن كانت هذه الأوامر ستعود عليهم بالضرر الكبير، لأنهم يُطبقون نظاماً عسكرياً قائماً على الاستبداد, وليس نظاماً يقوم على المودة والاحترام, وتبادل المسؤولية.

القسم الرابع : الأسرة المسرفة.

وهي المُبالغة في الحفاظ على الطفل , فهناك بعض الأسر لا تتعامل بالتعامل الطبيعي, بل تُحاول أن تُسبغ على الطفل مزيداً من الحنان الذي يفوق الحد الطبيعي, وهذه الأسرة سميت بالأسرة المسرفة لأنها تُغالي في إسباغ الحنان والمحبة على الطفل وتنفيذ كل رغباته بدون حدود، وهذا بدوره سيؤدي إلى تحجيم طاقات الطفل وبالتالي لن يأخذ دوره في الحياة بشكل طبيعي ومعتدل, كذلك، إنّ أغلب الذين يصابون بالعقد النفسية والمشاكل المتعددة هم نتاج طبيعي لنوع من الإسراف في التعامل من لدُن الأب أو الأم, أي التعامل الذي لا يقوم على الوسطية والاعتدال في إغداق المحبة والحنان, وإنما يقوم على المبالغة وإضفاء أكثر مما يحتاجه الطفل من العواطف التي تبني شخصيته. وهو ما نطلق عليه في عرفنا الحالي بالتدليل, فنقول: إنّ هذا الولد مُدلل فوق الحد اللازم. فالتدليل في الغالب يُنتج شخصية تتهرب من مسؤولياتها, فهي لا تواجه مصاعب الحياة وعقباتها حتى تجتازها، بل تنتظر من الأبوين تحمل هذه المسؤولية وتخليصها من هذه المصاعب، بل نجد البعض قد يصل إلى مرحلة الشباب وهو مازال يتكل ويعتمد على الأبوين ويلجأ لهما مع أنه قد يكون مستقلاً عنهما من ناحية السكن والمورد المادي ولكن لا يمتلك الشخصية القادرة على مواجهة المصاعب والمشاكل ولا يستطيع الاعتماد على نفسه.


القسم الخامس :
الأسرة الديمقراطية.
وهي في قِبال النمط الرابع, فهي تشبه العملية الديمقراطية في الواقع السياسي, إلا أنها هنا على نطاق ضيق وفي إطار مجتمع الأُسرة الصغير. ونجد أنّ من أولويات هذه الأسرة هي تهيئة الطفل حتى يستطيع التكيف مع الواقع الاجتماعي بإيجابياته وسلبياته، كي يُسهم في تنمية الجانب الإيجابي من مجتمعه, ويُقلل من الجانب السلبي فيه، باعتباره تربى على المشاركة في إبداء آرائه بحرية تامة واحترام الرأي الآخر. وهذه الأسرة في الغالب هي التي تُخرّج العظماء من الناس والمُبدعين الذين يستطيعون أن يرتقوا بمجتمعاتهم إلى الأمام. ولكننا بالرغم من وجود هذه الأُسر نريد لمجتمعنا أن يأخذ كل الإيجابيات في الأسرة القابلة والأسرة الديمقراطية حتى يتكون من مزيج هاتين الأُسرتين أفراد قادرون على بناء مجتمع صالح, وهذا المكون الاجتماعي الحاصل من الجمع بين الأسرة القابلة والأسرة الديمقراطية يرتكز أساساً على تحمل المسؤولية من قِبل الأبوين، وهذا الشعور بالمسؤولية ينبثق من فهم روح التشريع الإسلامي, الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وآله بقوله: ((خَيرُكُم، خيَركُم لأهلهِِِ, وأنا خَيركُم لأَهلِهِ)), وهو بهذا الحديث الشريف يشرح مُبيناً قوله تعالى: ( هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ). فاللباس هو الذي يُضفي الستر والجمال والزينة, كما أنه يُضفي البهجة والسرور والاستقرار النفسي, ولذلك نجد الناس في أعيادهم يلبسون أنواعاً من الثياب أو الألبسة الجميلة التي تُضفي هذه البهجة على نفوسهم. وهذا بالضبط هو الذي يحصل بين الزوج والزوجة، فإذا كان كل منهما يُمثل المصداق لكلمة لباس التي وردت في الذكر الحكيم, فإنه سيكون مصداقًا أيضاً لقوله صلى الله عليه وآله: ((خَيرُكُم، خَيرُكُم لأَهَلِهِ, وأنا خَيرُكُم لأَهَلِهِ)), أي إنّ الإنسان كلما استطاع أن يُعطي بلا حدود لزوجته , وكلما استطاعت الزوجة أن تُعطي بلا حدود لزوجها, كلما أضفى جوّاً من البهجة على البيت الأسري الذي بدوره سوف ينعكس على الأطفال ويُؤثر إيجاباً في بناء شخصيتهم, وبالتالي يُسهم في تكوين مجتمع صالح . وللكلام تتمة إن شاء الله, ستأتي في حلقات لاحقة.
__________________






تسلم الآنامل حبيبتي محبة الزهرآء

آهآت زينبية فاطمية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-04-2014, 02:03 PM   #2
آهآت زينبية فاطمية
( мѕнααя αℓкнgℓ) مشرفة قسم السعادة الزوجية
●• فاطمية متميزة •●

 
الصورة الرمزية آهآت زينبية فاطمية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: القطيف الحبيبة
العمر: 36
المشاركات: 130
معدل تقييم المستوى: 509
آهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond repute
افتراضي رد: دور الأسرة في بناء المجتمع الفاضل



القسم الثاني : أهمية الأسرة في الواقع الاجتماعي

قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ) صدق الله العليُّ العظيم.

استعرضنا وإياكم - في بحث سابق- أنواع وأصناف الأسرة، وقلنا: بأنّ الأسرة تُصنف لدى العلماء بأصناف متعددة، منها الأسرة المستبدة والديمقراطية والنابذة والقابلة والمسرفة ، وأوضحنا هذه الأقسام بشكل مفصل ، وسوف نُسلط الضوء على المناحي المتعددة التي تحتلها الأسرة في الواقع الاجتماعي لأي مجتمع من المجتمعات. دور الأسرة في بناء شخصية الفرد:

يقول العلماء : إنّ الإنسان يتعلم اللغة والعادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية من لدُن أسرته، بالإضافة إلى أنّ تَرَسُخ القيم السلوكية والسعي نحو تحقيق الذات يرتبطان ارتباطاً ووثيقاً بالأسرة. ولذا، قد نشاهد في مجتمعنا شخصين يتساويان في القدرات غير أنّ أحدهما يتفوق على الآخر دراسياً أو وظيفياً واجتماعياً، ويعود السبب بنسبة كبيرة إلى الدافع والمحفز الذي يتلقاه الفرد من الأسرة. وهذا يعني أنّ للأسرة أهمية كبيرة في مجالات متعددة، ويبدأ هذا الدور الأسري من خلال تنشئتها لأبنائها على تعلم العادات والأعراف الاجتماعية الحسنة ، بالإضافة إلى التوجيه السلوكي والأخلاقي السوي الذي يُرَسِخ المبادئ والقيم الرفيعة، وهذا بدوره ينعكس على شخصية الفرد في سعيه الجاد نحو تحقيق الذات والتفوق الدائم على جميع الأصعدة ، ولذا نجد أنّ الشرائع السماوية جمعاء أولت عناية كبيرة بالأسرة، وركّزت تركيزاً كبيراً على أهميتها الفائقة من خلال التأكيد على محاور متعددة :

الأول : تشكل الأسرة:
إنّ هذا المحور هام في بناء كيان الأسرة على أساس متين ، لأنّ تشكل الأسرة يبدأ من مرحلة ما قبل الزواج، ولذلك نجد أحاديث وكلمات وردت عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام تشير إلى هذا المعنى في أقوالهم عليه السلام : (( اختاروا لنطفكم فإنّ العرقَ دساسٌ))
، فالاختيار الصحيح للنطفة يكون من خلال البحث عن الزوجة التي تتوافر فيها الصفات والخصال الحميدة ، وهذا يُسهم في تكوين أسرة تنتمي إلى جذور طيبة وقوية،وهو أحد الركائز التي تقوم عليها الأسرة الناجحة.

الثاني : دور رب الأسرة القيادي:
كذلك نجد كلمات تُبَيِّن الدور الفاعل والمؤثر لرب الأسرة في أهمية قيادة السفينة نحو شاطئ النجاة، ولكنّ هذا يظهر من خلال اللازم في حديث النبي صلى الله عليه وآله الذي يقول فيه : ((أنا وكافل اليتيم كهاتين))
، هذا الحديث له مدلول ومعنى يطابق نفس ألفاظ الحديث وهو الإشارة إلى الدرجة التي يصل إليها ذلك الكافل لليتيم وهي مرتبة الأنبياء والرسل ،لكفالته ورعايته لذلك اليتيم، ولكن لكلام النبي صلى الله عليه وآله مدلول التزامي - أي معنى يرافق ويلازم ما يدل عليه لفظ الحديث وهو أنّ من يفقد أباه – أي المعنى الشرعي لليتيم - فهو فَاقَِد لأمرٍ كبير، ويحتاج إلى أنبياء ورسل لإعطائه ومنحه ما فقده . وإن كان من الناحية الاجتماعية يُقصد باليتيم من يفقد أحد أبويه أباً كان أو أماً.

الثالث : إشباع الحنان والدفء العاطفي:
حتى تتضح لنا النقطة السابقة بعمق نشير إلى أنّ الأب أو الأم لا يمثلان الرعاية الظاهرية فقط، والتي تستند إلى البعد المادي، وإنما يحققان لذلك الولد -كما أشرنا فيما تقدم- جوانب أخرى تُسهم في بناء شخصيته، ومن أهم تلكم الجوانب إشباع الحنان والدفء العاطفي في شخصية ذلك الولد. لأنّ الإنسان إذا افتقد ذلك الحنان والدفء يمكن أن بتحول إلى إنسان غير سوي، وبالأخص إذا وقع في صُحبة رفقاء السوء، فإنّ ذلك الفراغ العاطفي يتحول إلى مشكلة تعود على الأسرة والمجتمع بالضرر الكبير. وأما لو وجد له أصدقاء أو أُناساً يقومون سلوكه فسوف يكون الأثر الايجابي لصلاحه واستقامته يعود بالنفع على المجتمع بأسره . ولذا، تقع على الأبوين مسؤولية كبيرة في إشباع الجانب العاطفي للأبناء حتى يكونوا أفراداً صالحين وفاعلين .

الرابع : إسداء النصيحة والكلمة الهادفة:
إنّ هذه النقطة في غاية الأهمية، لأنّ كثيراً من الآباء لا يُولُون اهتماماً بالجانب التربوي في شخصية أولادهم، ويعتقدون أنّ تلبية الحاجات الظاهرية من المأكل والمشرب والملبس تكفي في إيصال ذلك الولد أو تلك البنت إلى مرحلة الرُشد والاستقامة، بينما إذا نلحظ الروايات الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام نجد تأكيدات كثيرة ومتعددة تُبين أنّ إسداء النصيحة والتأليب ليس فقط يساوق ويساوي الجانب المادي في الدرجة أو الرتبة وإنما يتفوق عليه بمراتب، فنحن نشاهد أنّ بعض الناس يُلَبِّي كل الاحتياجات لأبنائه في مأكلهم ومشربهم بل حتى في جانب الدراسة، حيث يضع أُستاذاً خاصاً لأبنائه، ولكن لا يهتم بتقويم ذلك الاعوجاج في سلوك ابنه ويدعه للظروف الزمنية أو للمجتمع، وهذا من الأخطاء الفادحة، ولذا، تقع على الأب والأم وحتى الأقارب مسؤولية النصح والتوجيه، وبالأخص إذا كانت كلمتهم مؤثرة في شخصية ذلك الشاب حتى يُسهموا بدورٍ فعالٍ في تقويم ذلك الاعوجاج، وأما الاكتفاء بالجانب السلبي أو السكوت أو إناطة التوجيه للزمن والمجتمع فهو غير كافٍ في استقامة شخصية الشاب ،لذلك نجد أنّ الكثير من أبناء الأُسر المرفهة ينحرفون، وذلك لأنهم لم يتلقوا النصيحة والكلمة الهادفة والتذكرة المفيدة. بالطبع هناك بعض الناس قد لا يُوفق للاستقامة حتى مع النصيحة كما حدث ذلك فعلاً مع ابن نوح الذي لم يتأثر بنصائح النبي نوح عليه السلام ، فالتأثر بالنصيحة وقبولها ليس قاعدة كُلية ومطردة دائماً، وإنما كما يقول العلماء: أنها قاعدة تعم الأغلب، أي أنّ الأكثرية من الناس ينصاعون ويتأثرون بما يسمعون، فالكلمة الطيبة عندما تصدر من شخص سوي في سلوكه لها أكبر الأثر في شخصية ذلك الشاب، ونحن رأينا الكثير من الشباب الذين اهتدوا بواسطة الاستماع لمحاضرة في مأتم حسيني أو زيارة أحد المؤمنين والتأثر بنصيحتهم .

واجبات الأب والأم في تقويم سلوك الأبناء.
وأرى من الضروري الإشارة إلى مجموعة من النقاط ذات أهمية لكل من الأب والأم فيما يجب على كل منهما في تقويم سلوك الأبناء:


1) إدراك حجم المسؤولية:
إنّ الكثير من الآباء والأمهات في مجتمعنا بالذات وفي كثير من المجتمعات، لا يعلم بحجم المسؤولية والدور المناط به، وبالتالي يتعامل تعاملاً عفوياً مع أبنائه وبناته، فيتركهم دون تخصيص جُزءٍ من وقته وأمواله من أجل استقامة سلوك أبناءه وبناته وأسرته، وهذا بالتأكيد لا ينسجم مع ما يريده الإسلام من الأبوين في رعاية أبنائهما، ولذا، نجد النبي صلى الله عليه وآله بقول: ((كلكم راع ٍوكُلٌ مَسؤُولٌ عن رعيته))، فالمسؤولية تعني إعطاء الاهتمام بتلك الأسرة التي يتعاون الأبوين في توجيهها وتقويمها ، وأما إيكال الأمور إلى الصدفة أو كما يصدر من البعض أنه يقول: إذا كَبُرَ ابني فإنه سيهتدي، ومن قُدِّرت له الهداية سيهتدي ومن لم تقدر له الهداية لن يهتدي، فهذا كلام غير صحيح ، لأنّ نسبة كبيرة من الهداية ترتبط بالهداية الصالحة المتمثلة في توجيهات الأبوين ، وهذا المعنى كما ورد في الروايات،كذلك، أكدت عليه الدراسات العلمية الحديثة التي قام بها علماء التربية وعلماء النفس.

2) التعامل المتوازن مع حاجات الأبناء:
ليس فقط الجهل بالمسؤولية وإيكال الأمور إلى الظروف الزمنية ، يُؤثر في انحراف شخصية الأبناء، بل هناك أيضاً مسألة هامة هي انعدام التوازن في تلبية احتياجات الأبناء وذلك من خلال التركيز على الجانب المادي وإهمال الجانب المعنوي ، ولذلك نجد أنّ بعض المراهقين الذين يعيشون في وسط مادي وثراء إذا كَبُرَ قليلاً يطلب من أبيه سيارة، ومع أنّ أبيه يعلم باعوجاج شخصيته إلا أنه يشتري له سيارة حتى لو علم بوجود ضرر كبير عليه وعلى المجتمع لكونه غير ناضج بالمقدار المطلوب ، بالإضافة إلى الخطر الذي يسببه في قيادته المتهورة التي تؤدي إلى إزهاق أرواح بريئة ،كما نشاهد ذلك بأعيننا. لذلك على الأب الذي يعتني باستقامة شخصية أبنائه أن يفكر بتوازن جاد في الطلبات التي تصدر من الابن ويمنعه عن بعض ما يطمح إلى تحقيقه، وبالأخص إذا كان هناك ضرر يعود عليه أو على أسرته ومجتمعه ، وعلى هذا الأساس لابد أن يكون الأب والأم على دراية وفهم عميقين باحتياجات أبنائهما التي تعود بالنفع عليهم ، ولا يبادرون في تلبية أي طلب مقدم من الأبناء من دون دراسته والتأني فيه .

3) المشاركة في صُنع القرار:
وهو يبتني على ما أشرنا إليه في بحث سابق في موضوع الأسرة، وهو الغفلة عن إعطاء ذلك الابن الفرصة للمشاركة في صنع القرار في داخل الأسرة ، وبالخصوص القرارات التي يمكن أن يكون له دور فيها، مثلاً يستشار في شراء بعض الحاجيات للبيت أو تبديل أثاث أو فرش ، فهذا الأسلوب سوف يشعره بأهميته وأنّ له دور في صنع القرارات في محيط الأسرة، وبالتالي سوف يؤثر إيجاباً في بلورة شخصيته ، وهذا يُشكل أحد أهم الدروس العملية التي تنمو مع الطفل ويكون لها أبلغ الأثر في صنع القرارات الكبيرة التي يتخذها، ولذلك، دأب العلماء على تنشئة أبنائهم منذ الصغر على المشاركة في القرارات المتعددة التي تصقل شخصيته وتمنحه التجربة الكافية لاتخاذ القرارات الصائبة والحكيمة في المستقبل .

4) الحرية واحترام الرأي:
إنّ احترام الرأي الصادر من الابن وإعطائه الحرية في إبداء آرائه ونظرياته أمر في غاية الأهمية ولابد أن يلتفت إليها كل من الأب والأم، فلا يستصغرون آراء الابن أو يقللون من شأن ما يطرحه من أفكار، بل يسعون لإتاحة الفرصة له في إبداء رأيه ويبدون أهمية وقبولاً لآرائه .ولذا، نجد أنّ بعض الأبناء قد تصدر منهم آراء وأفكار حسنة ،قد تضاهي آراء بعض الكبار الذين لديهم نُضجاً، بل وتتفوق أحياناً على ما يصدر من أبيه أو أمه، لأنّ الله تبارك وتعالى وَزَعَ وقَسَّمَ الكمال على الناس، فيمكن أن يلتفت ذلك الابن إلى أمر في غاية الأهمية لا يلتفت إليه كل من الأب والأم، ولذلك على الأسرة التي تريد أن ترفع من مستوى أبنائها في رشدهم وفي سلوكهم أن تُولي أهميةً إلى فسح مجال الحرية وسماع الرأي الآخر الصادر من الابن، لأنّ ذلك يُنمِّي قوة الشخصية لديه ويعطيه ثقة بنفسه وقدراته.

أهمية التوجيه والتشجيع في نمو شخصية الفرد:
بعض الآباء يُسفِّه جميع ما يصدر من أبنائه وهذا خطأ فادح ، لأنّ هذا الأسلوب يجعل الابن دائماً يستصغر نفسه، ويستشعر عقدة الحقارة والنقص في ذاته، لأنه يجد أنّ كل ما يصدر منه ليس له قيمة. وأما التشجيع التدريجي ودفعه للمشاركة في إبداء رأيه حتى لو كانت فكرته غير صائبة يُؤدي إلى نتائج باهرة، وخصوصاً إذا سعى الأبوان بجدٍ في تعليمه القواعد والأسس الصحيحة التي يسلكها حتى يصل إلى الرأي الصائب، وبهذه الطريقة سوف تنضج آراؤه وتنمو شخصيته، ولذا، يقول العلماء: إنّ الأسرة بالرغم من أنها صغيرة فهي أشبه بالحكومة، التي تارةً تقوم على مبدأ ديمقراطي وأخرى تقوم على الاستبداد، والحكومة الديمقراطية هي التي ينمو الشعب فيها، وبالتالي يتطور في كل المناحي المختلفة. وأما الآراء التي تصدر من جهة محددة وليس هناك سماع للرأي الآخر فإنه بالتأكيد سيصبح المجتمع غير سائر على نحو من التقدم، وقد أشار النبيصلى الله عليه وآله إلى هذه المسألة في الجو الأسري ،وسمَّى ذلك بالحكمة، فقال صلى الله عليه وآله: ((ما مِن بيتٍ ليس فيه شيءٌ من الحكمةِ إلا كان خراباً))
، أي لا يصل إلى تحقيق أهدافه. لأنّ الإنسان عندما يُنجب أبناءً يريد لهم أن يصلوا إلى مستوى الرشد والسؤدد والحكمة والإسهام في بناء الواقع الاجتماعي، ولا يريد لهم أن يوصلوا الضرر بالمجتمع، فعلينا أن نلتفت إلى تلكم النقاط السابقة التي هي في غاية الأهمية ، وقد أشار إليها النبي صلى الله عليه وآله والأئمة من أهل البيت عليهم السلام استناداً إلى التربية والسلوك السوي والمستقيم الذي يُنتج أسرة مثالية تحمل في سماتها وصفاتها الرشد والسؤدد والوعي .


__________________






تسلم الآنامل حبيبتي محبة الزهرآء

آهآت زينبية فاطمية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-04-2014, 02:04 PM   #3
آهآت زينبية فاطمية
( мѕнααя αℓкнgℓ) مشرفة قسم السعادة الزوجية
●• فاطمية متميزة •●

 
الصورة الرمزية آهآت زينبية فاطمية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: القطيف الحبيبة
العمر: 36
المشاركات: 130
معدل تقييم المستوى: 509
آهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond repute
افتراضي رد: دور الأسرة في بناء المجتمع الفاضل



القسم الثالث : مبادئ بناء الأسرة الصالحة

قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ).صدق الله العليُّ العظيم.

استعرضنا وإياكم في المحاضرة السابقة أهمية بناء الأسرة والدور الكبير للأسرة الصالحة في التقدم الاجتماعي، ونواصل تتمة بحثنا في هذا الأسبوع، من خلال أمورٍ هامةٍ، لابد أن تؤخذ بالحسبان وقد أكدت عليها الروايات الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة من أهل البيت عليهم السلام ، وهذه الأمور إذا توفرت نستطيع أن نقول أنها تُشكِّل سياجاً، لا يسمح بورود ودخول الخلل إلى الأسرة، ومن أهم هذه الأمور التي يطرحها العلماء:

الأول : مبدأ الحب
إنّ توافر الحب - بين الزوجين وكذلك بين الأب وأفراد أسرته - يُشكل البلسم الشافي لكل ما يحدث للأسرة من خلل، لأنّ الحب قادر على إزالة ذلك الخلل، وبالعكس من ذلك فإنه إذا وجد في الأسرة ما يُنْمي مظاهر البغضاء والشحناء فإنّ الأسرة مُعرضة للتفكك والتشتت ولو بشكل تدريجي. ويشير العلماء إلى أنّ الشخصية السوية - التي تُمثل الرحمة والاستقامة في كل مجتمع من المجتمعات - هي نتاج لأُسَرٍ سوية يسود بين أفرادها الحب، وبالعكس من ذلك نجد أنّ المجرم وغير السوي -طوال التاريخ - نتاج لأُسر يسود في العلاقات بين أفرادها روح البغضاء والانتقام والتسلط وعدم الاحترام للفرد الآخر. ولذا ورد عن النبي صلى الله عليه وآله توكيد على مبدأ الخيرية، يقول صلى الله عليه وآله
((خيركم، خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله))، وهذا المبدأ يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمبدأ الحب.

أثر الحب في العطاء الأسري:
قد أشرت في الكلمات السابقة على أنّ الحب يشكل القاعدة لمبدأ العطاء دون حدود، أي أنّ من تُحبه تبذل له دون حساب، أما الشخص إذا بدأت تتعامل معه على ضوء الحسابات والمصالح الشخصية فإنّ هذا التعامل لا ينطلق من قاعدة الحب. لأنّ المحب يعطي حبيبه دون حساب، وهكذا الأمر في البناء الأسري، أي أنّ الزوج يُقدم لزوجه ما يستطيع أن يُقدمه دون حساب، وكذلك الزوجة تُقدم لزوجها ما تستطيع تقديمه دون حساب، وهكذا الأب مع أبنائه وبناته، وأيضاً الأبناء والبنات تجاه الأبوين، فكلما كان العطاء كبيراً من كل فرد من أفراد الأسرة كلما ساد جوٌّ من الوئام والمحبة يعطي كأثر طبيعي أو كنتيجة طبيعية تُلازم هذه المحبة ويعطي تقدماً واطراداً ينعكس على كل فرد من أفراد الأسرة، أما إذا ساد مبدأ الانتقام والشحناء والبغضاء فمن الطبيعي أنّ الإنسان يتعرض لعثرات في حياته سواءً كان الزوج أو الزوجة أو أحد الأولاد أو إحدى البنات. فمن يقف مع هذه البنت وذلك الولد إذا لم تكن تسود بينهم المحبة والوئام والعطاء دون حدود ؟!

الثاني : مبدأ التعاون:
مسألة التعاون الأسري وهي جُدُّ مُهمة وتنبثق من خلال الحب، فالأسرة أشبه بخلية النحل التي يسودها النظام وكل صنف منها يقوم بوظيفته ليتأتى لكل نحلة في هذه الخلية العيش الطبيعي، كذلك الأسرة المثالية، لابد أن يتحقق بين أفرادها مبدأ التعاون البناء الذي يُوصل كل فرد من أفراد الأسرة إلى النمو والرشد الطبيعي، ولا يمكن للزوج أن يصل إلى رشده وإلى كماله دون تعاون بين أفراد أسرته، وهكذا الأمر بالنسبة للزوجة والأبناء والبنات. وحتى تتضح لنا هذه النقطة بجلاء، لننظر إلى عمق التشريع الإسلامي في واجباته تجاه الزوجة في إطار البيت الزوجي، فهو لا يوجب عليها أن تقوم بالوظائف التي تؤديها بشكل طبيعي، فلا يجب عليها أن تطبخ أو أن تغسل الملابس أو غير ذلك مما يرتبط بشؤون المنزل، حتى رضاع طفلها، بل يمكنها أن تأخذ أجرة في مقابل عملها، فهذا يدل على أنّ هذا العمل الذي تقوم به الزوجة له احترام كبير من لدُن الشريعة الإسلامية، وله قيمة ترتبط بمبدأ التكامل في محيط الأسرة.

دور التعاون في التكامل والتماسك الأسري:
كيف يتحقق مبدأ التكامل في الأسرة ؟ بالتأكيد لو أنّ ثُقل المسؤولية أُلقي على كاهل الزوجة فلن تستطيع أن تُبرمج واقعها المعيشي مع طموحها في أن تتقدم على أكثر من صعيد، فهناك الصعيد العلمي والثقافي والتربوي والروحي والاجتماعي، والشريعة الإسلامية عندما لا توجب على الزوجة القيام بالوظائف المنزلية حتى تجد متسعاً من الوقت، كي ترفع مستواها الثقافي والروحي وتقوم بدورها الاجتماعي. وهذا يتطلب نوعاً من التعاون الأسري ، ولذا، نجد أنّ النبي صلى الله عليه وآله وأئمة الدين والعلماء الربانيين كانوا يُسهمون في القيام ببعض الشؤون المنزلية، فكلما استطاع أفراد الأسرة أن يُسهموا في إضفاء التعاون في الجو الأسري كلما ازداد ذلك الترابط وثاقاً وصلابة وبَعُدَ هذا الجو الأسري عن الانفصام أو التشرذم. ويتصور البعض أنّ مبدأ التعاون بالنسبة للأب يقتصر على إسداء النصيحة والتوجيه فقط، إلا أنّ الأمر ليس كذلك، بل المطلوب من الأب أن يُسهم بعطائه ومشاركته في محيط أسرته، بالإضافة إلى كونه رُبَّاناً للسفينة من خلال إسداء النصح وإعطاء الموعظة، وبهذا التعاون البناء بين أفراد الأسرة يزداد ذلك التماسك ويشتد عُرى الارتباط بين أفراد الأسرة.

الثالث : مبدأ النظام:
النظام في الأسرة يرتبط بما جاء في الشريعة الإسلامية من مبدأ الطاعة والقيمومة للرجل، الذي يعني وجود رأس هرم ٍ، وتوجد أفراد ترتبط به في تحمل المسؤولية. فكل فرد يُمثل مسؤولية تجاه ما يصدر من ذلك الزعيم في المحيط الأسري، وهذا الهرم له مبدأ الطاعة، أي أنّ على الزوجة والأولاد والبنات أن ينصاعوا خاضعين لتلك التوجيهات والنصائح والأوامر والنواهي الصادرة من الأب، وبالخصوص إذا كان يُمثل رشداً وثقافةً وعلماً، يعني لا ينطلق من العنجهية والتعصب وإنما ينطلق من خلال التقيد بأوامر الشارع والانضباط السلوكي على وفق جادة الشرع الحنيف، فإن الإطاعة لذلك الرُبّان للسفينة تنعكس بآثار إيجابية على الأسرة. أما إذا انفرط عَقد الطاعة أي أنّ الزوجة لا ترى مبدأ الطاعة تجاه الزوج، فسوف يتصدع النظام الأسري وتتفكك روابطه، ولذا، نجد روايات كثيرة ومتعددة عن النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام
تؤكد على مبدأ الطاعة للزوج، حتى في خروج الزوجة لزيارة أقاربها وصلة الرحم ، الذي وردت فيه الروايات الكثيرة، بل هو من الواجبات الشرعية، إلا أنّ الحفاظ على مسألة النظام والمسؤولية في إطار الأسرة أهم من صلة الرحم . وهذا لا يعني أنّ النظام يقوم على مسألة الأوامر الصارمة، بل ينبغي أن يتسم هذا النظام بشيء من المرونة التي تُحقق أقصى الدرجات في سلم التكامل والرقي للأفراد . ولا بد أن نُؤكد أنّ الزوجة في مجتمعاتنا تُقدم الكثير من القيام بشؤون البيت الذي يمثل ثقلاً وعِبئاً كبيراً عليها، وهذا يتطلب من الزوج أن يُعطي الزخم الكبير من التقدير والحب والحنان لتلك الجهود التي تقوم بها.

الرابع : مبدأ الكلمة الطيبة:
الكلمة الطيبة هي من الأهمية بمكان بالنسبة للزوج والزوجة وأفراد الأسرة من بنين وبنات، والله تبارك وتعالى أكد على أهمية الكلمة الطيبة بقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء}، وكذلك نجد أنّ النبي صلى الله عليه وآله جعل الكلمة الطيبة صدقة. فالكلمة الطيبة لها أهمية فائقة في أجواء الأسرة. ومن المؤسف أنّ بعض الأزواج لا يعي دور الكلمة الطيبة، وبالخصوص تجاه زوجته، كما أنّ بعض الزوجات لا تعي أهمية الكلمة الطيبة تجاه زوجها أو تجاه الأبناء. ولذا، نجد في الروايات عن أهل البيت عليهم السلام تأكيدات على أهمية الكلمة الطيبة، فقد ورد في الحديث: ((أيما امرأة قالت لزوجها ما رأيت قط من وجهك خيراً فقد حبط عملها))، أي أنّ تلك الأعمال التي جاءت بها تكون كما جاء في القرآن الكريم:
( كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا ) ،فقد تُقدم الزوجة الكثير لزوجها ولأبنائها ولكن تُفسد ما قدمته بكلمة واحدة، وأيضاً الزوج، فقد يُقدم الكثير ويبذل قصارى جهده في سبيل إسعاد زوجته وأولاده ولكن تصدر منه كلمات نابية وغير منضبطة لزوجته فيحبط الله أعماله، لأنّ الأعمال هذه بالضبط كالورد إذا ذَبُل لن تُحس بجماله ولن تُدرك تلك الأناقة وذلك الجمال الذي يتصف به الورد، لأنّ جماله يرتبط بغضاضته، وكل أعمل الخير لا تكون غضة وطرية مع الكلمات النابية وغير المسؤولة إذا صدرت من أحد الزوجين تجاه الآخر أو تجاه أولادهما.

الخامس : مبدأ المرونة والتسامح:

مسألة المرونة والتسامح لها أيضاً أهمية كبيرة في شَد أواصر الألفة بين أفراد الأسرة، ولكن الكمال لله تعالى، فكل إنسان معرض للخطأ ولكن الذي يستطيع أن يتجاوز الآثار السلبية للأخطاء هو ذلك الإنسان الناجح الذي يتعاطى بمبدأ المرونة والتسامح تجاه الأخطاء، وبالخصوص التي تصدر من بعض أفراد الأسرة، فيعالجها بروية وعقلانية تُسهم في إبدال ذلك الخطأ إلى صواب، ولذلك نجد أنّ بعض الروايات تُؤكد على جانب التجاوز عن أخطاء الزوجة بالصبر وقوة التحمل والانضباط السلوكي وعدم ردود الفعل اللامسؤولة من الزوج تجاه زوجه أو أحد أبنائه، فقد ورد في الرواية ((من صبر على خُلق امرأة سيئة الخلق واحتسب في ذلك الأجر أعطاه الله ثواب الشاكرين))، فهذه الرواية عندما يتأمل فيها الإنسان يجد فيها معاني كثيرة وعميقة. وحتى نفهم هذه الرواية لابد أن نعرف معنى ثواب الشاكرين.
فالإنسان الشاكر هو الذي يستخدم جميع نعم الله تعالى فيما أمره الله به والذي يشير إليه قوله تعالى:
{وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}
،يعني لا يصل إلى مقام الشاكر إلا الأقلون عدداً والأعظمون قدراً. لأنّ هذا المقام لا يمكن أن يصل إليه أي فرد من أفراد الناس، لكونه يحتاج إلى جهد ومشقة وتحمل وعلم، ولكن يمكن للإنسان أن يحقق هذا المقام من خلال بعض الأعمال التي يُؤديها في محيطه الأسري، وذلك بصبره على ما يصدر من أخطاء من لدُن الزوجة أو الأبناء، والرواية عندما تقول (( من صبر على خُلق امرأة سيئة الخلق واحتسب في ذلك الأجر أعطاه الله ثواب الشاكرين ))، فهي تشير إلى أنّ الصبر على خُلق الزوجة هو المصداق الأبرز، لكون كل من الزوج والزوجة قطباً يدور عليه رحى الأسرة، ولا يعني ذلك أنّ الرواية تحصر الصبر والثواب الكبير على صبر الزوج على زوجته فقط، بل كذلك أيضاً من يصبر على أبنائه وما يصدر من سُوء خُلق منهم تجاهه فإنّ الله تعالى يعطيه ثواب الشاكرين، أي أنّ المِلاك والمصلحة موجودة في هذه الرواية بالنسبة للزوجة، وكذلك الأبناء، وهذا يسميه العلماء بتنقيح المناط، فالإنسان يصبر لأنه يحقق الخير والوئام والحب والاستمرار في محيط هذه الأسرة التي تتكون من زوجة وأبناء، وهذا الحب سوف ينعكس على أفراد هذه الأسرة، فيعيشون مبدأ المسؤولية ويصبحون لبَنِاَتٍ في بناء الواقع الاجتماعي في محيطهم.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل الأُسر التي ننتمي إليها تعيش روح الوئام والمحبة والمسؤولية والتغاضي عن الأخطاء.


__________________






تسلم الآنامل حبيبتي محبة الزهرآء

آهآت زينبية فاطمية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-04-2014, 02:06 PM   #4
آهآت زينبية فاطمية
( мѕнααя αℓкнgℓ) مشرفة قسم السعادة الزوجية
●• فاطمية متميزة •●

 
الصورة الرمزية آهآت زينبية فاطمية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: القطيف الحبيبة
العمر: 36
المشاركات: 130
معدل تقييم المستوى: 509
آهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond repute
افتراضي رد: دور الأسرة في بناء المجتمع الفاضل



القسم الرابع : أهمية الجود والكرم في استقامة الأسرة.
قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً } صدق الله العليُّ العظيم.

أهمية الجود والكرم في البعد المادي.
استعرضنا في البحوث السابقة بعض العوامل والمبادئ الهامة الموجبة للتقدم والعيش الرغيد في الحياة الأسرية، وسنواصل بحثنا أيضاً حول هذا الموضوع، لما له من أهمية كبيرة، بل نجد أنّ بعض المبادئ هي عوامل فائقة التأثير، ولعل من أهم ما أكدنا عليه الحب والتسامح اللذين لهما تأثير كبير في تقدم الأسرة ونموها المطرد. كما أنّ الجود والكرم من العوامل المؤثرة في نطاق الأسرة.
الجود والكرم له جنبتان مادية ومعنوية، ولا نريد أن نستعرض الجود والكرم من الناحية المعنوية بشيء من التفصيل والإسهاب وإنما نريد أن نمحور الحديث حول الجود والكرم من الناحية المادية في تعامل رب الأسرة مع زوجه وأفراد أسرته. وحتى يتضح لنا دور الجود والكرم في استقامة الأسرة وفي نموها المطرد لابد أن نستعرض مقدمة لها دخل في البحث.
إنّ الله تبارك وتعالى أوجد الإنسان فقيراً ومحتاجاً لا يستغني عن خدمات أبعد الناس إليه فضلاً عن أقربهم إليه، الذين لهم تأثير على مسار حياته، هذا الاحتياج قد يرتبط بالحاجات الطبيعية، التي لا تفتقر إلى تنظيرها بحاجة الإنسان إلى الأوكسجين أو الطعام، ولكن الذي بحاجة إلى تنظير - وقد يفوت رب الأسرة - هو أن يولي عناية بالحاجات الطبيعية المادية التي لها الأثر البالغ في استقامة الأسرة، وذلك كالحاجة إلى اللباس والتجمل والزينة ووسيلة النقل المناسبة.

أثر الغفلة عن تأمين الحاجات الطبيعية:

بعض الأسر تغفل عن الحاجات الطبيعية من الناحية المادية لأفراد الأسرة بمعنى أنها تجعل ذلك الولد لا يعيش الحالة الطبيعية التي تؤمن له احتياجاته المادية، فإذا كان يحتاج الملابس بطبع يتلاءم مع المحيط الذي يعيش في كنفه، قد لا يجد تأمين تلك الحاجة وإن كانت هذه الظاهرة ليست مطردة ومستشرية، وإنما أشير إلى أنّ لها وجوداً في كل المجتمعات ومنها المجتمع الذي نعيش في وسطه، وهنا يأتي دور الأب كي يلتفت إلى الحاجات الطبيعية التي يحتاج إليها أبناؤه.

عدم الالتفات والغفلة يجر هؤلاء الأبناء إلى مشاكل أخلاقية كبيرة من ناحيتين:
الأولى :
الناحية المعنوية : فقد يصاب الإنسان بعقدة الحقارة في ذاته نتيجة أنه يرى نقصاً لا يستطيع أن يسده.
الثانية :
الناحية المادية : التي قد توصله إلى أن يعتدي على حقوق الآخرين و يسلب ما لديهم من مال، فيسرق أو يختلس أو يجري صفقات تجارية وهمية أو غير قانونية، وما إلى ذلك من الأمور نتيجة للعوز والحاجة. وهذان الأمران في غاية الأهمية وينبغي على رب الأسرة أن يُركز عليهما، لئلا يُصاب بعض أبنائه أو بناته بهذه المشاكل الأخلاقية، والمسألة الأخطر إذا كان العوز عند الزوجة التي قد تصاب - والعياذ بالله - بالانحراف في عفتها حينما لا تجد ما تسد به حاجاتها الضرورية وتجد نفسها في ضيق من العيش، فقد تؤمن ما تحتاجه بأمور خلاف الشرع أي تنحرف في سلوكها. ومن هنا تقع على رب الأسرة مسؤولية جسيمة في الالتفات إلى أهمية سد ذلك النقص ورفع ذلك العوز لئلا يؤدي الخلل إلى ما لا يحمد عقباه.

دور التعامل المتوازن في استقامة الأسرة:
هناك بعض الآباء لا يلتفت إلى أهمية الجلوس مع أبنائه، يعني قد يغدق عليهم في كرم العطاء المادي ولكنه لا يغدق عليهم من حنانه وعطفه وجلوسه معهم بإسداء النصيحة إليهم وتعليم أولئك الأبناء أو تلك البنات كيفية التعامل مع الآخرين والأسلوب الأمثل في تخطي العقبات الكأداء التي تعترض طريق حياتهم، حتى أن بعض العلماء والمفكرين يجعل هذا الجانب من الجود والكرم أعظم من الجانب المادي أي يقول: إنّ الجود لا ينحصر في الجنبة المادية فحسب، بل إنّ الجود يتحقق أيضاً بإعطاء الأبناء دروساً وتوجيهات نظرية وعملية في مكارم الخلق والتعامل الفذ في وسط المجتمع، بل إنّ هذا الجود هو أولى وأفضل من الجود في الجانب المادي، ولكن بعض الناس قد يولي اهتماماً بالجانب المادي و يُهمل الجانب المعنوي، وبعض الناس بالعكس يركز على الجانب المعنوي ولكنه يقصر في الجانب المادي. والتوازن في التعامل مع الزوجة والأبناء والبنات هو الذي يحافظ على استقامة الأسرة واطراد نموها وتماسكها .

أثر البخل والتقتير:
هناك نماذج في كل المجتمعات يبرز فيها- بشكل واضح - بخل رب الأسرة، الذي يتنعم في بحبوحة من العيش والثراء الكبير، ولكنه يُقتر تقتيراً كبيراً على أفراد أسرته مما يؤدي إلى معاناتهم ووقوعهم في المشاكل الأخلاقية من الناحيتين المادية والمعنوية، وبالتالي إصابتهم بالعقد النفسية أو الاعتداء على الآخرين في الجانب السلوكي بارتكاب بعض الجُنح. فالبخل له آثار سيئة تنعكس سلباً على أفراد الأسرة، وقد يصاب البعض بالذهول والتعجب إذا اطلع على بعض الأرقام الموجودة في المجتمعات ومنها المجتمع الذي نعيش فيه، ومن تلك الأمور أنّ بعض الأفراد على وظيفة كبيرة ولديه رصيد ضخم، ولكنّ أبناءه لا يستطيعون أن يحصلوا على ما يُؤمن حاجاتهم الضرورية، فضلاً عن الرفاه في الأسرة، بل قد تؤمن لهم من خلال العطايا أو الصدقات العامة أو التبرعات من بعض أقاربهم، وأما الأب الذي هو المسؤول عن أفراد أسرته فيكدّس ويجمع ذلك المال كرصيد في حسابه دون أن ينفق منه على أبنائه وبالتالي يجعل أبناءه يعيشون الضيق والضنك والألم الشديد دون أن يلتفت إلى أن مآله إلى الموت وسيخلّف هذا المال لأفراد أسرته.
دور الإنفاق في استقامة الأسرة:

من هنا نجد أنّ الروايات الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة من أهل البيت عليهم السلام أوضحت بشيء من التفصيل دور الإنفاق في استقامة الأسرة، وفي نموها ونشاطها، بحيث تستطيع أن تشارك بفاعلية في أداء دورها الاجتماعي دون اضطراب، أما إذا قَتّر وبخل الأب على أبنائه فإن المصير السيئ الذي ينتظرهم هو إصابتهم بأمراض أخلاقية تستشري فيهم، وعند ذلك يصعب على رب الأسرة أن يعالجهم ويخلصهم من محنتهم، حتى لو أسدى لهم النصائح والتوجيهات التي لا توجد قاعدة ترتكز على أساسها، وبالتالي تفقد تأثيرها.

الاستطاعة في الإنفاق:
ورد عن إمامنا الصادق عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ((إن المؤمن يأخذ بآداب الله، إذا وسع عليه اتسع، وإذا أمسك عنه أمسك))، إنّ بعض الناس قد يصاب بظروف مادية صعبة، ولذا، فعليه أن يوازن في إنفاقه مع واقعه المعيشي، فلا يضغط على نفسه ويرهقها بالإنفاق، لأنه معذور فيما بينه وبين الله تبارك وتعالى، ولكن إذا وسع الله تعالى على الإنسان فلابد أن يُوسع على عياله .

السعة في الإنفاق:
ورد عن أحد أئمة أهل البيت عليهم السلام
يقول: ((عيال الرجل أُسراؤه، فمن أنعم الله عليه بنعمة فليوسِّع على أسرائه، فإن لم يفعل أوشك أن تزول تلك النعمة))، فالأولاد والزوجة بمثابة الأسارى لدى الأب فإذا الله تعالى أنعم عليه فعليه أن ينعم وينفق على أبنائه وزوجته حتى يعيشوا الرفاهية، وأما إذا أنعم الله عليه وهو يُقَتّر على أبنائه كما يحصل لدى بعض الناس فسوف يوصل أفراد أسرته إلى حافة الهاوية والسقوط في مستنقع الرذيلة. وينبغي أن يلتفت إلى أنّ كلمة أُسراء التي تشير إلى أنّ هؤلاء الأبناء والبنات لا دخل لهم يستطيعون من خلاله تأمين حاجاتهم ومصدر الدخل الوحيد لهم من الناحية المادية ينحصر في الأب، وإذا كان الأب بإمكانه أن يسد ذلك العوز ولكنه يُقَتّر على أبنائه فكأنه مارس التعذيب ضد أسرائه.

الإسباغ والاعتدال في الإنفاق:
ورد عن إمامنا زين العابدين عليه السلام: ((أرضاكم عند الله أسبغكم على عياله))، فإذا أراد الإنسان أن يصل إلى مرتبة الرضا عند الله، فيتحقق له ذلك بأن يرضى عنه فيرضيه، فهناك تبادل في علاقة العبد مع ربه، فإذا رضي الله عنه فإن الله يتكفل بإرضائه، فالشخص المرضي عنه عند الله هو ذلك الشخص الذي يُسبغ على عياله مما آتاه الله من تلك النعم. كما أننا نجد أنّ الأئمة من أهل البيت عليهم السلام فسروا قوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}، بأنّ الأسير في الآية ليس منحصراً في الأسير الذي يؤسر في سُوح الوغى والحرب، بل إنّ من مصاديقه - أيضاً - الأولاد والبنات والزوجة الذين يعيشون تحت رحمة ذلك الأب، فإذا تمكن مالياً ولكنه لم يُسبغ عليهم فقد عامل أُسراءه بسوء من المعاملة، ولذا، يقول الإمام في تفسير قوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} ((أن من جملة الأسير عيال الرجل فينبغي إذا زيد في النعمة أن يزيد عليهم في السعة)).

الإنفاق في تأمين الاحتياج:
كما أنّ هناك رواية في هذا المجال، وهي في غاية الأهمية من ناحية الراوي ومن ناحية مضمونها، فالراوي هو محمد بن مسلم الثقفي الطائي - من كُبَّار فقهاء مدرسة أهل البيت عليهم السلام
وكان من العامة ثم استبصر - هذه الرواية عن إمامنا الباقر عليه السلام يقول محمد بن مسلم: "أنّ رجلاً جاء إلى الإمام الباقر، فقال له : إنّ لي ضيعة (بستان في جبل) دَخْلُ هذه الضيعة ثلاثة آلاف درهم فأنفق على عيالي منها ألفي درهم وأتصدق منها بألف درهم" قال له الإمام الباقر عليه السلام: ((إذا كانت الألفان تكفيهم جميع ما يحتاجون إليه لنفقتهم فقد نظرت إلى نفسك، ووفقت لرشدك، وأجريت نفسك في حياتك بمنزلة ما يوصي به الحي عند موته))، بمعنى حتى الإنفاق في سبيل الله لا يكون إلا بعد تأمين الرفاه والعيش الرغيد للأسرة، لأنّ ذلك له مردود إيجابي بحيث لا يُوصل الأسرة إلى درجة الطغيان، ولا يجعلها تحتاج وتفتقر وتفقد استقامتها. والإنسان على بصيرة من نفسه ومقدار حاجته وما يكفيه، والالتفات إلى أهمية المعاش في الحياة الدنيا تؤثر على عالم الآخرة الذي ينتظر الإنسان . وبالتالي يعيش الإنسان على درجة عالية من الاستقامة كالشخص الذي أصبح يفكر في انتقاله إلى عالم الآخرة، فأراد أن يضع وصية لنفسه يحدد فيها ما ينبغي للوصي أن يقوم به بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى، ولذا الإمام ي عليه السلام يقول: ((وأجريت نفسك في حياتك بمنزلة ما يوصي به الحي عند موته)).
الأولوية في الإنفاق:

وورد عن الإمام الصادق عليه السلام: ((اليد العليا خير من اليد السفلى، فابدأ بمن تعول))، فالإمام يحدد مبدأ الأولوية بمعنى أنّ الإنسان أشبه ما يكون عنده أجندة يسجل فيها كيفية إنفاق أمواله وطريقة صرف وقته والتحرك في مسار حياته، يقول الإمام عليه السلام: ((فابدأ بمن تعول))، اجعل أولويات حياتك لأسرتك لأنهم الأقرب من الناس إليك والذين يمثلون الديمومة والاستمرار لوجودك، ونحن عندما نتحدث عن شخص مات وكان لديه أولاد صالحون فنقول أنه لم يمت، فإذا كان استمرار وجود الإنسان في عياله فليجعل همه وقدراته تتركز أولاً وبالذات على هؤلاء الذين هم أقرب الناس إليه ومن ثَمّ بعدُ يولي اهتمامه بالآخرين. ومن هنا تكمن الأهمية الفائقة لمسألة الجود والكرم في الإنفاق المادي على الأسرة والأقربين وجعل الأولوية لهم على غيرهم، كما جاء في هذه الطائفة من الروايات التي أوردناها عن أئمة أهل البيت عليهم السلام.


__________________






تسلم الآنامل حبيبتي محبة الزهرآء

آهآت زينبية فاطمية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-04-2014, 02:07 PM   #5
آهآت زينبية فاطمية
( мѕнααя αℓкнgℓ) مشرفة قسم السعادة الزوجية
●• فاطمية متميزة •●

 
الصورة الرمزية آهآت زينبية فاطمية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: القطيف الحبيبة
العمر: 36
المشاركات: 130
معدل تقييم المستوى: 509
آهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond repute
افتراضي رد: دور الأسرة في بناء المجتمع الفاضل



القسم الخامس : أهمية الاحترام المتبادل بين أفراد الأسرة.

قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم:
{وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، وقال الله تبارك وتعالى: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً}، صدق الله العليُّ العظيم.

دور الاحترام في نمو شخصية الفرد:
لازال الكلام موصولاً حول بعض المبادئ الهامة التي يجب أن تُراعَى في النظام الأسري كي تكون الأسرة مثالاً لما يريده الإسلام، واستعرضنا فيما مضى بعض المبادئ الذي إذا توافرت أدت إلى النجاح في تماسك الأسرة، ولعل من أهم هذه العوامل -كما يُؤكد عليه العلماء- هو عامل الاحترام في وسط الأسرة بين الزوج وزوجته وبين الأب وأبنائه وكذلك أيضاً بين الأم وأبنائها. هذا الاحترام بين أفراد الأسرة ينطلق من مبدأ الكرامة الذي يشير إليه قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ }
، فالله تبارك وتعالى خلق الإنسان كريماً، أي جعله مفطوراً على الكرامة، فإذا كان المحيط الأسري قائماً على مبدأ الكرامة في التعامل من خلال تنشئة ذلك البرعم الصغير على إبداء الاحترام لشخصه من لدُن أفراد أسرته فإنّ النتيجة المؤكدة هي تفتح هذا البرعم عن الورد والندى، بينما إذا وجد الطفل عدم الاحترام والامتهان لكرامته فإنّ النتيجة الطبيعية التي سوف يحصدها الأبوان أولاً والمجتمع ثانياً هي الشوك الذي سيكون عائقاً في تقدم المجتمع.
إذاً مراعاة القواعد العامة لاحترام الأفراد في الأسرة في غاية الأهمية ليس فقط في المحيط الأسري وحده بل حتى في تعامل الإنسان مع أخيه الإنسان. ولذا نجد أنّ النبي صلى الله عليه وآله والأئمة من أهل البيت عليهم السلام
كانوا في غاية الرعاية والتجسيد الكامل لمبدأ الاحترام ليس فقط لمن يتعاملون معهم في كنف ووسط المحيط الأسري بل مع مختلف الناس.

دور الاحترام في تشكل شخصية الإنسان:
انطلاقاً من الآية المباركة التي أوردناها، وهي قوله تعالى: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، نجد أنها تُؤكد على مبدأ الكرامة الفطري في كُنْهِ وجود الإنسان وفي دخيلة نفسه من خلال عدم الاكتفاء بقول الحسن وإنما يتحرى الإنسان الأحسن ، فإذا سار على وفق هذه الطريقة المثلى في محيطه الأسري فإنّ وجدانه سوف يتشكل على احترام الغير، وبالتالي سوف يتعامل مع أي فرد من الأفراد بل حتى مع ألدِّ أعدائه من خلال مبدأ الاحترام والكرامة الإنسانية، وبالعكس من ذلك إذا امتُهِنَت كرامة الإنسان فإنّ ما يصدر من أقوال وأفعال ينم عن دخيلة وكُنْهٍ لوجود نفسي قد تشكل على الامتهان وعدم الاحترام لتلك الكرامة الذاتية، وبالتالي يترتب على ذلك آثار سلبية لا حد لها بحيث يصبح الإنسان وحشاً كاسراً في تعامله مع أفراد مجتمعه بل حتى في تعامله مع محيطه الأسري، ولذا يشير العلماء إلى أنه كلما رُوعيت كرامة الإنسان واُحترمت كلما قَويت واشتدت جذور الخير والصلاح في ذاته وانعكست على سلوكه .

الاحترام خُلق النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام:
وهذا الأمر الذي أكدناه ندركه من خلال التقاطع والتلاقي بين المجتمع والأسرة، إذ أنّ الأسرة هي الركيزة الأولى لتشكل ذلك الواقع الاجتماعي، الذي يتجلى بوضوح في أقوال وأفعال النبي صلى الله عليه وآله والأئمة من أهل البيت عليهم السلام
في تعاملهم مع الآخرين، وذلك في اتجاهين :

الأول : التعامل مع الأسرة.
فقد نقل المحدثون أنّ النبي صلى الله عليه وآله كان يتعامل بالاحترام الفذ مع ابنته الصديقة الزهراء ومع سبطيه الحسن والحسين، وهذا وإن كان له ربط بالجانب الغيبي في شخصيات هؤلاء العظماء، ولكن النبي صلى الله عليه وآله كان يُريد أن يُعلّم أمته الطريقة المثلى في التعامل مع البنت والأولاد بذلك الاحترام الجم وذلك السلوك السوي والتقدير الفائق.

الثاني : التعامل مع المجتمع .
وهذا نجده جلياً في تعامل النبي صلى الله عليه وآله والأئمة من أهل البيت عليهم السلام
مع الناس.

الأول : سلوك النبي صلى الله عليه وآله مع الناس.
إنّ النبي صلى الله عليه وآله لا يحترم فقط أبناءه والمقربين لديه، بل نجد أنّ فائق الاحترام انعكس بشكل كبير من شخصيته صلى الله عليه وآله على كل فرد من أفراد المجتمع، ولذلك أصبح ذلك الاحترام مصدراً للجذب في شخصيته صلى الله عليه وآله. وهذا ما أكده المحدثون عندما ذكروا عدة مواقف :
الأول :
أنّ النبي صلى الله عليه وآله كان يُكرم من يدخل عليه ويُؤْثره بالوسادة، أي إذا كان متكئاً على وسادة ودخل عليه شخص قدَّم له ذلك المتكأ، كي يعطي أعظم الدروس في احترام الآخرين .
الثاني :
دخل أحد الأشخاص على النبي صلى الله عليه وآله في مسجده وكان المسجد خالٍ (فيه متسع) فتزحزح النبي صلى الله عليه وآله عن مكانه، فالتفت ذلك الداخل عليه وقال له: "يا رسول الله إنّ في المكان لمتسع" فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وآله وقال: (( إن حق المسلم على المسلم إذا رآه يريد الجلوس أن يتزحزح له))، أي يشعره بعناية واحترام وتقدير لشخصه، وبالتالي إذا تم تبادل هذا الاحترام بين الناس أصبحت مكارم الخُلق هي التي تسود علاقات المجتمع وأفراده.
الثالث :
قضية توزيع غنائم حنين، فعندما قَسّم النبي صلى الله عليه وآله تلك الغنائم على زعماء قريش الذين دخلوا الإسلام حديثاً، ولم يُعطِ الأنصار شيئاً، فتأثروا من ذلك، لكونهم قدّموا الكثير للنبي صلى الله عليه وآله ولم يحصلوا على شيء. فهذا الموقف الذي اتخذه النبي صلى الله عليه وآله تجلَّى فيه حقيقة الاحترام لبعض الأفراد الذين يشعرون من خلال بعض المواقف عدم الاحترام لشخصياتهم، ولعل في ذلك الموقف عبرة ودرس عملي لمن أراد أن يتعامل مع أفراد المجتمع وفئات الناس المتعددة والمختلفة في طرق تفكيرهم، فقد كان النبي صلى الله عليه وآله يريد أن يجلب وُدَّ زعماء قريش الذين أسلموا حديثاً ، ومع أنّ الأنصار قد تلقوا عناية وتربية من لدُن النبي صلى الله عليه وآله ، إلا أنّ بعضهم رأى أنّ ذلك السلوك لا يتلاءم مع ما عوّدهم عليه النبي صلى الله عليه وآله ، فتصوروا أنه صلى الله عليه وآله يمارس العنصرية تجاههم فصدرت منهم كلمات لا تتناسب مع مقام النبي صلى الله عليه وآله ، فوقف صلى الله عليه وآله ، وبيّن لهم ما أسداه إليهم من الخدمات الكبيرة ثم قال: ((أما أنكم لو شئتم لقلتم مثل ما قُلت أيضاً بينتم إليّ ما أسدتموه من العطاء الكبير والفعل الجميل ولكنكم سكتم))، أي أنّ النبي لا يكتفي ببيان الخدمات التي أسداها لهم، بل دافع عن شخصياتهم وعوضهم عن ذلك العطاء المادي ثم قال لهم: ((ألا ترضون أن أفراد الناس يسيرون من عندي بالشاه والبعير وتسيرون أنتم بي))، أي جعل جزاءهم وجوده المقدس صلى الله عليه وآله حتى هَمِلَت عيونهم وذرفت دموعهم وتأثروا تأثراً بالغاً، وهذا ينم عن الاحترام الكبير لشخصيات الأنصار من قِبَلِه صلى الله عليه وآله.

الثاني : سلوك الأئمة
عليهم السلام مع الناس.
وهكذا سار الأئمة من أهل البيت
عليهم السلام
على الاحترام الفذ والكبير لشخصيات الناس انطلاقاً من مبدأ الكرامة الذي شرحناه آنفاً. ففي إحدى الأيام كان الإمام علي عليه السلام مسافراً، وفي الطريق كان برفقته أحد النصارى، فسأل الإمام عليه السلام قائلاً : أين تذهب ؟ قال عليه السلام: أريد أن أذهب إلى الكوفة. فعندما وصل عليه السلام مع النصراني إلى مفترق طرق، رأى النصراني أنّ الإمام لم يتجه نحو الكوفة وإنما سار معه، فالتفت إليه ذلك النصراني قائلاً له: ألم تقل لي إنك تريد الكوفة ؟ قال الإمام عليه السلام ((بلى ولكن من حق الصاحب في الطريق أن يشيع احتراماً لشخصه))، فكان هذا السلوك الكريم من لدُن الإمام عليه السلام قد أحدث تأثيراً كبيراً في شخصية ذلك النصراني، فما كان منه إلا أن دخل في الإسلام.

قواعد الاحترام في التعامل مع الأبناء:
من هنا أيضاً نجد أنّ النبي صلى الله عليه وآله يُعطينا قواعد في الاحترام والسلوك السوي على مستوى المحيط الأسري في تعامل الأب والأم مع أبنائهما وأفراد أسرتهما. فالنبي صلى الله عليه وآله يوضح هذه القواعد في تعامل الأب مع أبنائه بقوله (( ولا يُرهقه ولا يخرق به))، وهاتان قاعدتان عظيمتان يحتاجان للتوضيح:
الأولى :
(( ولا يُرهقه))، أي إذا كنت تتعامل مع ابنك لا تحاول أن تُثقل عليه بحيث ترهقه وتُحمِّله عبئاً ثقيلاً لا يستطيع أن يتحمله، بل تحاول أن تخفف عليه حتى تجعله يعتاد تحمل الأعباء الكبيرة بشكل تدريجي.
الثانية : ((ولا يَخرق به))، أي لا يتهمه بالخرق والسفاهة والجنون وبعدم الإدراك أو بعدم العقل، بل حتى إذا صدرت من الابن بعض الأفعال غير الطبيعية وغير المنسجمة مع السلوك السوي ينبغي أن يتحمل الأب الكثير، وأيضاً لابد أن يُبين للابن في بعض الأحيان خطأ أفعاله ولكن بشكل تدريجي ينسجم مع الاحترام والتقدير لشخصه، أما إذا سُفّهت آراؤه في كل حين فإنك بهذا تركز في شخصيته وفي عمق نفسه بأنه لا كرامة لذاته، وبالتالي سوف تكون الأعمال التي تصدر منه بشكل طبعي تتلاءم مع ما ركّزه الأب في شخصه. لذا علينا من خلال التعاليم الفذة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وآله وعن الأئمة من أهل البيت عليهم السلام
أن نتعامل أولاً مع الزوجة بالاحترام الفذ والفائق لأنها مصدر ينعكس على الأبناء في تربيتها لهم، فإذا امتهن الزوج كرامة زوجه فإنّ تلك الكرامة الممتهنة تنعكس سلباً على الأبناء، وكذلك أيضاً في تعامل الزوجة مع زوجها، فإذا امتهنت الزوجة كرامة زوجها فإنه ينعكس هذا الامتهان للكرامة على الأبناء بشكل سلبي.
لذا، علينا أن نتعامل مع الأبناء من خلال هاتين القاعدتين اللتين رسمهما المصطفى صلى الله عليه وآله حتى نغرس في المجتمع نبتة صالحة يكون لها أبلغ الأثر في تقدم المجتمع المُطرد.


__________________






تسلم الآنامل حبيبتي محبة الزهرآء

آهآت زينبية فاطمية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-04-2014, 02:08 PM   #6
آهآت زينبية فاطمية
( мѕнααя αℓкнgℓ) مشرفة قسم السعادة الزوجية
●• فاطمية متميزة •●

 
الصورة الرمزية آهآت زينبية فاطمية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: القطيف الحبيبة
العمر: 36
المشاركات: 130
معدل تقييم المستوى: 509
آهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond repute
افتراضي رد: دور الأسرة في بناء المجتمع الفاضل



القسم السادس : إشباع الجانب الإنساني طريق لاستقامة الأسرة.

قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} صدق الله العليُّ العظيم.

الفارق بين الإنسان والحيوان:
استعرضنا وإياكم بعض العوامل المؤثرة في السلوك السوي في تربية الأسرة لأبنائها في البحوث السابقة، واليوم نشير إلى عامل آخر مؤثر في استقامة الأسرة وسلوكها السوي، وهذا العامل يرتبط بإبراز الفارق الأساسي بين الإنسان والحيوان، وحتى تتضح هذه النقطة بجلاء، لابد أن نُؤكد على أنّ الكثير من الناس عندما يتحرك في مجالات الحياة المختلفة يكون الدافع لحركته هو إشباع الجانب الغريزي في وجوده، أي يُشبع ظمأ الجانب الحيواني من شخصيته ويتناسى ذلك الظمأ الآخر الموجود في حقيقة وجوده ألا وهو الجانب الإنساني في شخصيته، ولذا، تقع المسؤولية على رب الأسرة في إلفات نظر الطفل منذ نعومة أظفاره على الاهتمام بهذا الجانب.

مسؤولية الأب والأم في إبراز دور العقل:
إذا لم يقم الأب والأم بالتركيز على أهمية الجانب الإنساني في شخصية الأبناء، فلن يستطيعا أن يجعلا السلوك الصادر منهم سلوكاً سوياً ومستقيماً ومنسجماً مع عالم القيم والمثل، لأنّ الدافعية والمحركية الأولى لدى الإنسان والتي تجعله ينسجم معها - بادئ ذي بدأ - هي التي تحركه نحو إشباع الجانب الحيواني في شخصيته الذي يُؤدي إلى نسيانه للجانب المعنوي. والذي يُذكره بهذه الجنبة المعنوية في شخصيته هو الفكر الذي يستند إلى العقل، والعقل يحتاج إلى العلم. إذاً الفكر كمبدأ أولي يحتاج رب الأسرة وكذلك الأم أن يُؤكدا عليه دائماً وأبداً، ولذا، نجد تركيزاً في بعض كلمات الأئمة من أهل البيت عليهم السلام على هذه الجنبة وإلفات نظر بعض أصحابهم لها، وسأُشير إلى مثال في غاية الوضوح، فعندما ننظر إلى عالم الحيوان ونرى الأحقاب التاريخية البعيدة لا نجد تقدماً يذكر لعالم الحيوان، فالله تعالى يقول :{وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ}، فهذا التقدم الهائل والكبير في عالم النحل أو في عالم النمل إنما يستند إلى الغريزة فقط، وليس هناك قدرة عقلية توجب لهذا الحيوان الإبداع والتقدم إلى الأمام، بينما نجد أنّ الإنسان في كل حُقبة زمنية تمر عليه يزداد في معارفه وفي قوة إدراكه وفي الطرق التي بها يستطيع أن يُسخّر وسائل الحياة المختلفة في تقدمه ورفاهيته، وهذه القوة والقدرة الفائقة لا وجود لها في عالم الحيوان.
وقد أشار إمامنا الصادق
عليه السلام
في حديثه إلى المفضل بن عمر إلى الفارق بين الحيوان والقرد بالرغم من أنّ القرد كثير الشبه بالإنسان، ولكنه لا يستطيع أن يتقدم هذا التقدم الكبير والهائل الموجود لدى الإنسان. فالتقدم الإنساني -كما ذكرتُ- يستند إلى الفكر، والفكر يستند إلى العقل، فالأب والأم في الأسرة بحاجة مستمرة إلى التأكيد على هذه القوة الهائلة المودعة في الإنسان وهي العقل.

دور العقل في استقامة سلوك الإنسان:
إنّ للعقل أهمية بالغة في نطاق الأسرة على مختلف الأصعدة ، ولذا، ينبغي على الأب والأم التأكيد على دور العقل ومساره الجوهري في حياة ذلك الولد أو في حياة تلك البنت، بمعنى أن يتحدث الأبوان لأبنائهما عن الدور الكبير للعقل في كبح جماح الشهوة وترويض الجانب الحيواني بحيث يستقيم مع ما أمر الله تبارك وتعالى به. ولذا، لا بد من التأكيد على أنّ العقل هو من أهم قوى الردع في الإنسان التي تحمي الأسرة من الوقوع في الانحراف حتى أنّ بعض اللغويين يشير إلى أنّ تسمية العقل ناشئة من عَقَلَ الشيء بمعنى ربطه، فالعقل يستطيع أن يربط الإنسان على مبدأ الاستقامة والثبات. وكي لا يقع العقل تحت سيطرة الجهل والخمول فلابد من تنشيط العقل من خلال عاملين هامين:
الأول: العلم
أي أنّ الأب والأم مسؤولان عن التأكيد على جانب العلم في شخصية الطفل والبنت كي يُتاح لهذا الولد ولتلك البنت أن يُنمِيا من قدرة تلك القوة المودعة والهائلة التي يستطيعان الاستناد عليها في كل مراحل الحياة المختلفة.
الثاني: التفكير
إنّ تفكير الإنسان وتأمله في وجه المقارنة بين نفسه والحيوان من جهة أو بينه وبين أخيه الإنسان غير المكتمل عقلياً أي المصاب بالتخلف العقلي من جهة أخرى، يجعله يشعر بالفارق الكبير بينه وبين ذلك الإنسان غير المكتمل عقلياً، وعندها سوف يعلم القيمة الحقيقية لنعمة العقل التي منحه الله إياها، كما أنه عندما يرى في المجتمع بعض الأشخاص الذين تقدم به السن حتى أصبحوا فاقدي الوعي والإدراك أو غير قادرين على التفكير والتركيز بشكل صحيح فسوف يستشعر حقيقة نعمة التفكير التي ترسم شخصية الإنسان وطريقة وأسلوب تفكيره.

دور العقل في توجيه القدرات الإنسانية:
من هنا يأتي دور العقل بهذا التأمل والتفكير الدقيق لاستخدام قدرات الإنسان فيما يريده الله تبارك وتعالى، ولذا، نجد أنّ الجنوح إلى الانحراف عند بعض الأبناء يتأتى من خلال عدم الوعي بأهمية العقل المودع لديه من قبل الله، فلا يوجد لديه احترام وتقدير لذاته وشخصه، وأحياناً يتعامل مع نفسه كحيوان، وبذلك يُعطّل تلك القدرة الهائلة والكبيرة المودعة فيه من لدُن الله تعالى، والتي يتميز بها عن عالم الحيوان، الذي لا يعي ولا يستطيع أن يتقدم ولا يمكنه أن يُسخّر قُدراته في طُرقٍ تُوجب له التقدم. وهناك نقطتان هامتان أريد أن أُركز عليهما :
أولاً: الربط بواسطة العقل بين عالمي المادة والمعنى ، بمعنى أنّ على الأب والأم أن يُوضحا لأبنائهما الفارق بين العالم المرئي المحسوس الذي يُتعَامَل معه وبين العالم غير المرئي وغير المحسوس، أي عالم المجرد، وبالتالي يُؤكدان على تلك الجنبة غير المرئية في وجود الإنسان بواسطة العقل شيئاً فشيئاً، وبهذه الطريقة سوف يجعلان ذلك الولد وتلك البنت أكثر إدراكاً لأهمية ذلك العالم غير المرئي من خلال الاستناد إلى قوة وقدرة العقل لديهما.
ثانياً: الربط الوثيق بين عالمي الدنيا والآخرة، الذي يتأتى من خلال قيام الأب أو الأم بالمقارنة لأبنائهما بين ذلك الإنسان الذي استطاع أن يستفيد من الحياة في تحقيق أهدافه وطموحاته قبل أن ينتقل إلى العالم الآخر وبين ذلك الإنسان الذي لم يستفد من الحياة ولم يسعَ فيها لتحقيق أهدافه وطموحاته قيل أن يرحل عنها، وهذا النوع من المقارنة يُعطي درساً عظيماً في أنّ ذلك الإنسان الذي كان يُشاركك في الوجود وفي القدرات وفي الكثير من المواهب والصفات قد انتهى دوره في هذه الحياة، فله ما حقق من انجاز في عالم المعنى، وعلى رب الأسرة أن يُؤكد على أهمية ذلك الإنجاز في حياته الأخروية التي هي الحياة الحقيقية كما يشير إلى ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}، يعني هذه الحياة الدنيا التي نعيشها ليست هي الحياة الحقيقية لأنه مهما يحصل للإنسان من مكاسب في عالم الدنيا فهو مشوب بالكدر والألم، ولا يستطيع الإنسان مهما أوتي من قوة وقدرة في كل جوانب الحياة أن يعيش من دون ألم أو تعب، فلا يمكن لأي إنسان أن يعيش الرغد الكامل الذي يشير إليه قوله تعالى: {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}، لذلك نجد في حديث أئمتنا عليهم السلام في كلمة رائعة لإمامنا أمير المؤمنين عليه السلام يقول لأحد أبنائه: ((واعلم يا بنيَّ إنك لن تنال لذَّة إلا بفقد أخرى))، أي لن تستطيع في هذا العالم المادي أن تحقق جميع ما تصبو إلى تحقيقه من لذات دون أن تفقد لذة أخرى في قبالها، فإذا أراد الإنسان أن يصل إلى أعلى مراتب العلم فيحتاج أن يستفرغ الوسع ويبذل الجهد الكبير، كما أنه إذا أراد أن يتقدم اقتصادياً فيحتاج أيضاً إلى بذل الجهد والعمل الدؤوب كي يتحقق طموحه، وهذا التقدم يسلب الإنسان الكثير من الراحة، فلا تُوجد لذة من اللذات في هذا العالم المادي الذي نعيشه دون أن نفقد لذة أخرى في قبالها، لكن عالم الآخرة كما يشير القرآن الكريم لا وجود فيه للنصب والتعب، ولذته دائمة، ولا يفقد معها الإنسان أي لذة أخرى.

أهمية المقارنة في إحداث التفكير المتوازن:
من خلال هذه المقارنات الدقيقة التي تعتمد كلها على أهمية العقل والإدراك السليم في وجود الإنسان، يستطيع الأب أن يبني ذلك الولد وتلك البنت منذ البدايات الأولى على الارتباط بعالم القيم، بحيث يدفع ذلك الولد إلى التفكير بتوازن، فلا ينجرف في عالم الشهوة، ولا ينجر إلى عالم الحيوانية المحضة كما يحصل لبعض الأبناء، وإنما يعلمه الطريقة الصحيحة للتفكير إلى أن يتأصل هذا الجانب العقلي في شخصه، فيبدأ يُثمر ويُعطي عطاءً مباركاً في سلوكه من خلال قدرته على تقييد ولَجم زمام شهواته بما ينسجم مع المبدأ الإلهي، وهذا الأسلوب هو الذي يضمن تقويم سلوكه واستقامته في سيره التكاملي نحو الله تبارك وتعالى. ومبدأ التفكير أكدت عليه الروايات الواردة من أهل البيت عليهم السلام عبر العقل تارة وعبر تنمية العقل تارة أخرى، فنجد في كلمات علي عليه السلام القصار قوله: ((لا عبادة كالتفكر لله عز وجل))، بشرط أن يكون هذا التفكر لهدف وغاية، وهي وصول الإنسان بهذا التفكر لله عز وجل، وبعض الكلمات الأُخرى يقول: (( لا عبادة كالتفكر في أمر الله)) أو ((في ما خلق الله))، يعني في عالم الملك والملكوت اللذين خلقهما الله، فهذا النوع من التفكير سوف يهدي الإنسان إلى طريق الخير ويأخذ به إلى الرشد والسداد.


__________________






تسلم الآنامل حبيبتي محبة الزهرآء

آهآت زينبية فاطمية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-04-2014, 02:09 PM   #7
آهآت زينبية فاطمية
( мѕнααя αℓкнgℓ) مشرفة قسم السعادة الزوجية
●• فاطمية متميزة •●

 
الصورة الرمزية آهآت زينبية فاطمية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: القطيف الحبيبة
العمر: 36
المشاركات: 130
معدل تقييم المستوى: 509
آهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond repute
افتراضي رد: دور الأسرة في بناء المجتمع الفاضل



القسم السابع : أهمية العلم في استقامة الأسرة.
قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}
صدق الله العليُّ العظيم.

دور العلم في استقامة الفرد:
من المهام الرئيسة التي يجب أن يُوليها الأب والأم عنايةً كبيرةً في مستقبل الولد والبنت هي مسألة التعليم، التي لها أهمية كبيرة في حياة الفرد، وبمقدار ما يحصل عليه الفرد من علم نافع بمقدار ما يُؤمن له من مستقبلٍ باهرٍ قائم ٍعلى دعائم قوية ومتينة، وكلما أولى الأبوان العناية الفائقة بالعلم في تنشئة وتربية الولد كلما استقام في طريق التربية السليمة والصالحة والبناءة، وهذا يتطلب من الأبوين التشجيع الدائم والمستمر على تحصيل العلم، وحتى يتضح دور العلم في حياة الفرد وفي حياة المجتمع نحن بحاجة أن نُقدم مقدمة هامة يتجلى فيها هذا الدور.

دور العلم في بناء شخصية الفرد:
من الطبيعي أنّ الأب والأم يهتمان بالحاجات الفسيولوجية للولد ومن أهم تلك الحاجات الحاجة المادية في إشباعه من ناحية الغذاء، وبالتأكيد أن التأمين الغذائي للأبناء يُسهم في اكتفاء الولد من الناحية المادية وعدم حاجته للآخرين من جهة ، وينعكس إيجابياً على الجانب المعنوي والروحي من جهة أخرى ، إذاً الغذاء له دور في بناء الجانب الفيزيائي من الشخصية أي الوجود المادي، أما الجانب المعنوي من الشخصية فهناك دعائم لبنائه، من أهمها، الاستقامة والسلوك السوي، فتقوى الله تعالى والمعرفة العقدية تُشكلان ركيزتان رئيسيتان يستند إليهما ذلك الولد في أحلك الظروف التي تمر به، وهذا ما نجده في القصص القرآني عند ذكر إلقاء الصِّديق يوسف عليه السلام في غيابت الجب، الذي يُعتبر بلاءً عظيماً ،لو حدث لشخصٍ آخر غير الصِّديق يوسف لأُصيب بحالة من الهستيريا قد تُؤدي إلى فقدان عقله، وبالخصوص إذا كان هذا الإنسان في المراحل الأولى من طفولته، ولكنّ هذا الولد بالإضافة إلى ارتباطه بالسماء نُشِّئ تنشئةً صالحةً تُعمق فيه وتُقوي هذا الارتباط الإلهي، فالاستناد إلى القوة المطلقة لله تعالى تجعل ذلك الولد قوياً صامداً لا يتأثر بأي شيء يُصاب به. والعلم هو الذي يُدعِّم مسألة الارتباط بالله تعالى، فيجعل المسار المادي في الطريق السوي من جهة، كما أنه يجعل الشخصية - على كل الأصعدة - تسير في الاتجاه السليم . وبهذا يتضح أهمية العلم الكبيرة في حياة الإنسان، والتي أبان وأفصح عنها الأئمة من أهل البيت عليهم السلام وأوضحوا دورها في حياة الإنسان المادية والمعنوية، ولذا، يقول الإمام علي عليه السلام في حكمه القصيرة ((اكتسبوا العلم يكسبكم الحياة))
، فاكتساب العلم يجعل الإنسان يحيا الحياة السليمة والسعيدة من ناحيتين:

الأولى :
الجُنبة المعنوية ، التي تعتمد على ثلاث دعائم رئيسية هي : البناء العقدي والبناء الفقهي الذي يرتبط بالسلوك السوي من ناحية القانون، والبناء الأخلاقي الذي يحتاج إليه الإنسان في التعرف على أُسس ومبادئ الأخلاق في شخصيته، والعلم هو الذي تعتمد عليه هذه الأنحاء الثلاثة في الجنبة المعنوية .

الثانية :
الجُنبة المادية ، التي يعتمد عليها الفرد في العيش سوياً مستقيماً مطمئناً محققاً لذاته ولحاجاته المادية، وهي أيضاً ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالعلم.

دوافع تحصيل العلم عند علماء النفس:
إنّ رب الأسرة بحاجة ماسة إلى العلم، سواءً كان رب الأسرة هو الأب أو الأم في بعض الأحايين النادرة، وبالتأكيد أنّ دور الأم قد يكون أكبر من دور الأب، وذلك لاهتمام الأم بالجوانب التربوية التي تُشكل شخصية الولد أو البنت من خلال احتضانها الطفل في المراحل الأولى، الذي يتطلب كماً كبيراً من الحنان والرعاية الخاصة التي تُؤثر في شخصية الطفل، إذاً رب الأسرة بحاجة للتأكيد على أهمية العلم في بناء شخصية ذلك الولد. والذي يُجَذِّر مسألة العلم هي مجموعة من الدوافع والمحفزات التي يُؤكد عليها علماء النفس بحيث تجعل ذلك الولد يسير سيراً حثيثاً نحو تحصيل العلم:

الأول: المثير والاستجابة
يؤكد علماء النفس على أنّ الإشباع الذي تتلوه استجابة يُؤدي إلى تعلم هذه الاستجابة وتقويتها، ومن أهم ما يرتبط بهذا المبدأ مسألة الحاجة، أي أُعَلِّم ولدي وابنتي بالحاجة الماسة لتحقيق ذاته ووجوده واستمراره في هذه الحياة، من خلال العلم، الذي له أهمية كبيرة في تحقيق الحاجة التي يصبو ذلك الولد للوصول إليها.

الثاني: المعرفة
إنّ المعرفة ترتبط بمبدأ وجود إرادة لدى الإنسان،و تنطلق هذه الإرادة من خلال العقل، فالإنسان يتمتع بعقل وإرادة، لهما الدور الفاعل في شخصية الإنسان، وتعتمد هذه النظرية على تركيز ظاهرة حب الاستطلاع، التي تدفع الإنسان للمعرفة والعلم، فكلما اطلع على شيء كلما وجد نفسه بحاجة إلى اطلاع أكبر ومعرفة أكثر، وبالتالي يجد نفسه جاهلاً، لأنّ العلم لا ينتهي. ورب الأسرة مَعنيٌ بغرس حُبّ الاطلاع وتركيز هذه الغريزة الفطرية في شخصية الولد التي تُنْمي وتُجَذر فيه حُبّ العلم، يعني يجعل حب العلم كحب بعض الهوايات لدى الناس، فنجد أنّ بعض الأُسر إذا كانت لديها هواية خاصة تنتشر بين جميع أفراد تلك الأسرة، وكذلك، إنّ تركيز الأب أو الأم على حُبّ الاطلاع والمعرفة في شخصية الولد أو البنت يُعطي هذا الحب تأثيراً كبيراً في بناء الشخصية.

الثالث: البعد الإنساني
وهذا الدافع من الأهمية بمكان، لأنه يرتبط بالنظرية الإنسانية، أي كيف يُحقق الإنسان إنسانيته كفرد؟ وكيف يُحقق استقامة المجتمع والمطالبة بحقوقه والحفاظ على كرامته؟ وهذا يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعلم. فالمجتمعات التي تمتلك العلم والمعرفة تُحقق لنفسها قوة، وأنتم تجدون في العصر الحديث أنّ التقدم لدى المجتمعات يُقاس بما تملكه من الكم الهائل من المعلومات، أي أنّ العلم يُحقق لهذا المجتمع الرفاه والتقدم هذا من الناحية المادية، وأيضاً الكرامة والعزة من الناحية المعنوية، فإذا أردنا للفرد الكرامة والعزة وتأمين ما يحتاجه علينا أن نُؤكد على العلم .
وهنا طبعاً عقبات كبيرة تقف دون حُبّ العلم، أهمها :

1)
عدم احترام العلم:
إذا عاش ذلك الولد في محيط لا يحترم ولا يُقدس العلم،كما هو الحاصل عند بعض الناس الذي تقول له مثلاً : إنّ هذه الأيام هي أيام امتحان وأيام قطف الثمار في السنة الدراسية، فيردد هذه العبارات، وماذا عسى أن أكون وماذا سيتحقق لي؟! فلا يُعطي أهمية للعلم، بل البعض يُبدي اللامبالاة، وعدم الاكتراث بالعواقب الوخيمة التي تترتب على إخفاقه في الامتحانات بشكل متكرر، من ضياع مستقبله وتدهور حياته.

2) تأثير الإعلام المضاد:
كما أنّ هناك بعض الناس يُردد هذه المقولة الخاطئة وهي، أنّ الذي تخرج من الجامعة وحصل على الشهادة لم يستفد منها ولم يحقق ذلك المستقبل الذي يطمح في الوصول إليه، وهذا طبعاً من الخطأ الكبير الذي يجب على الأب والأم معالجته، لأنّ العلم لا يرتبط فقط بالوظيفة، ولكنه يرتبط بثقافة وكرامة وتقدم الإنسان وكذلك بوجوده المعنوي، بينما تُشكل الوظيفة ناحية خاصة لدى الإنسان، ولا تمثل كل وجوده. وهذه الشائعات والمقولات الخاطئة بمثابة الإعلام المضاد الذي يُؤثر على طموح الشباب والطلاب، وينفرهم من العلم، ويقتل آمالهم .

3) الجهل بآليات رفع المستوى الدراسي:
إنّ الخطأ الذي يقع فيه الكثير من الأبناء هو عدم التعرف على الوسائل والآليات التي ترفع مستواه وتحصيله الدراسي، فمثلاً لا يعلم بأهمية تكرار المعلومة وتأثير التكرار في رفع مستواه إلى درجة الامتياز، ولا يعلم بأهمية التباحث والمناقشة في الدرس، ولا يعلم بدور كتابة الدرس وتلخيصه في تركيز المعلومة، ولا يعلم تأثير الجد والصبر في رفع المستوى العلمي والدراسي، فكل هذه الأمور بحاجة ماسة إلى التأكيد عليها من لدُن الأبوين من أجل بناء شخصية الطفل على حُبّ العلم كما يحب أفضل الأشياء لديه مثل الغذاء، فنجد بعض الأطفال يتعلق بنوع خاص من الغذاء ويُحبه حباً كبيراً، فيجعل الأب العلم بالنسبة للولد بمثابة ذلك الغذاء المحبب إلى نفسه ويزيل العقبات التي تُبغضه منه .

أهمية ضرب الأمثلة في تجذير حب العلم :
ولعل من الأمور التي تسهم في تجذير حب العلم في شخصية الولد وفي تحريكه وتحفيزه هو ضرب الأمثلة المتعددة، التي لها أبلغ التأثير الفاعل، ولذا، مارس القرآن الكريم هذا الأسلوب في إيصال الإنسان إلى القيم بل وتجذيرها في شخصيته، فمثلاً، نُركز على إعطاء نماذج من حياة بعض العلماء والفقهاء الذين لم يكن لديهم في بداية تحصيلهم العلمي تلك القدرات الكبيرة ولكن بالمثابرة والصبر والاستمرار وصلوا إلى مراتب عالية، وذلك مثل شخصية السيد الطباطبائي (صاحب الميزان)، الذي كان في بداية تحصيله الدراسي شخصية عادية، ولكن أصبح فيما بعد نجماً متألقاً، وذلك عندما صبر وثابر، فوصل إلى ذلك المستوى العلمي الراقي. وأيضاً إعطاء نماذج من الشخصيات العلمية غير الدينية التي أثرت تأثيراً كبيراً بالرغم من أنّ البدايات الأولى لتلك الشخصيات كانت على مستوى أقل من المستوى العادي، كما نلحظ في شخصية آينشتاين (صاحب النظرية النسبية)، الذي كان تحصيله العلمي أقل من الجيد، ولكنه عندما صبر وثابر وحاول أن لا يتردد في مساره وصل إلى مستوى مرموق وأثّرت نظريته النسبية في الكثير من العلوم التي أوجبت تقدماً للبشرية، فإعطاء هذه الأمثلة وتكرارها نستطيع أن نُجَذِّر حب العلم في شخصية الولد.


ماذا نحقق من هذا التجذير؟
أولاً:
تأمين مستقبل الولد وشخصيته بنسبة كبيرة، لأنّ العلماء يُشيرون إلى أهمية دور العلم في بناء الشخصية على جميع الأصعدة، فحُبّ العلم يُهيأ الأرضية في تأمين المستقبل المادي والمعنوي لذلك الولد .
ثانياً:
الإسهام في بناء وتقدم المجتمع، لأنّ تقدم المجتمعات في العصر الحديث يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعلم، فكلما تحققت الحقول العلمية المؤثرة في مستقبل هذا المجتمع -كحقول الطب والهندسة والرياضيات والفيزياء وعلوم اللغة وعلوم الإنسانيات وغير ذلك -كلما أصبح هذا المجتمع يمتلك الوسائل التي بها يستطيع أن يؤمن لنفسه ما يحتاج إليه ويسهم في تقدم نفسه. وصدق الله العظيم حيث يقول: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}.

وختاماً نحن الآن في نهاية السنة الدراسية وعلى الأبوين أن يبذلا قصارى جهدهما في هذه الآونة الأخيرة من أجل قطف الثمار اليانعة لأبنائهم.


__________________






تسلم الآنامل حبيبتي محبة الزهرآء

آهآت زينبية فاطمية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-04-2014, 02:10 PM   #8
آهآت زينبية فاطمية
( мѕнααя αℓкнgℓ) مشرفة قسم السعادة الزوجية
●• فاطمية متميزة •●

 
الصورة الرمزية آهآت زينبية فاطمية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: القطيف الحبيبة
العمر: 36
المشاركات: 130
معدل تقييم المستوى: 509
آهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond repute
افتراضي رد: دور الأسرة في بناء المجتمع الفاضل




القسم الثامن : أسس وقواعد في تربية الأبناء.

قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم:{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً }صدق الله العليُّ العظيم.

لازال الكلام موصولاً حول بعض الأسس والقواعد التي أولاها الإسلام عناية فائقة، لما لها من تأثير في السلوك التربوي على الأبناء، والمربي أو الوالدان إذا لم يتوجها لأهمية هذه القواعد فإنّ التربية قد تُصاب بإخفاق كبير، وبالتالي لا تستطيع تلك الأم وذلك الأب أن يحصدا تلك الثمار الطيبة من الجهد في التربية . ومن هذه القواعد التي ينبغي أن يلحظها المربي:

الأولى : حب الذات
حب الذات أمر فطري للإنسان، ينبثق منه الاعتماد على النفس، وهذا الحب للذات الذي غرسه الباري تبارك وتعالى بيد قدرته في كنه وجود الإنسان له جنبتان:
جنبة إيجابية : تعود على الإنسان بالنفع والخير العميمين.
جنبة سلبية : تُؤثر سلباً في سلوك الإنسان نحو الكمال.

وعلى المربي الناجح أن يرعى ذلك الجانب الإيجابي من حب الذات باعتبار - كما أشرنا آنفاً - أنّ خصال الخير الحميدة وبالذات فن الاعتماد على النفس ينبثق من حب الإنسان لذاته، وحتى ندرك أهمية حب الإنسان لذاته لابد أن نزيد هذا المطلب إيضاحاً، وذلك بأنّ نُؤكد على أنّ الإنسان يرى بوجدانه الحب والمودة لمن يُحسن إليه، كما أنّ من يسيء إليه يعتبره عدواً له، أي يبغض من يسيء إليه ويُحبُّ من يُحسن إليه، وهذا مبدأ عام، ينبثق أيضاً من قاعدة يشير إليها الفلاسفة والعلماء من المسلمين وغير المسلمين، وحتى أنّ الفيلسوف الكبير (
جون ديوي) أشار لهذه القاعدة عندما قال: ((أنّ مسألة الحيازة على الاهتمام هي أهم محرك ودافع يدفع الإنسان إلى التألق والوصول إلى الكمال)) فهذا الفيلسوف يشير إلى أنّ الإنسان عالم عظيم ينطوي على الأهمية من خلال مسألة الحيازة، التي تساوق وتساوي حب الذات.

الثانية : أهمية مبدأ الإحسان إلى الآخرين
الإحسان قانون عام يتمثل في العطاء والتشجيع للإيصال إلى الكمال من غير أن يكون هذا العطاء مشوباً بالمن أو الإيذاء.ولذا، نجد أنّ الأئمة من أهل البيت عليهم السلام أبانوا مفصحين عن أهمية الإحسان غير المشوب بالمن والأذى، فالإمام الصادق عليه السلام يُبلور هذا المفهوم في طائفة من الأحاديث الواردة عنه التي يقول فيها ((جُبلت القلوبُ على حُب من نفعها وبُغض من ضرها))، وعنه عليه السلام: ((طُبعت القلوبُ على حُب من أحسن إليها وبُغض من أساء إليها)) وهكذا يُفصِّل الأئمة من أهل البيت عليهم السلام في طائفة من الأحاديث أهمية التعامل الإيجابي الذي يحصل عليه المربي من خلال العطاء وإضفاء الاحترام والتقدير على الغير، باعتبار أنّ ذلك الغير سيتولد في وجوده الحب الذي يبادلك به المشاعر والعواطف والأحاسيس، التي بدورها تجعل ذلك الولد كالأرض الصالحة القابلة لإنبات البذور الطيبة، وعلى العكس تماماً، إذا أساء الإنسان إلى الغير - وبالخصوص ذلك الولد أو تلك البنت – فإنه من المؤكد سوف يمس ذاته بأذى، وسيتولد من هذا المِساس بالإيذاء أو الامتهان للكرامة علاقة تبادلية، أي أنه في الأعم الأغلب من يُسيء إلى ذلك الولد فسوف يجد عدم الاحترام من قِبَله، طبعاً هذا في علاقاته العامة وينعكس هذا الأمر بنسبة أقل بين الابن وأبويه. من هنا يواجه الآباء مشكلة كبيرة، وبالخصوص الذين لديهم أولاد متعددون، يختلفون في المواهب والقدرات ونمط التفكير. فالقلوب جُبِلت على حُب من أحسن إليها، لذا، نجد بعض الأبناء يحسن لأبويه، لوجود علاقة تبادلية تجعل ذلك الحب المتدفق من الأبوين تجاه ذلك الابن البَّار والمُحْسن بشكل أكبر وأعظم، وبالتالي إذا ظهر ذلك الحب تجاه ذلك الابن سيولد مزيداً من التعنت لدى الابن الآخر الذي لا يُحسن لوالديه، لأنه يرى أنه لا يُبَادَل المشاعر والأحاسيس.
والروايات الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام بالإضافة إلى القواعد في هذا المجال - التي أولتها الدراسات الحديثة في علم التربية والنفس عنايةً فائقة - تدعو المربي أن يتأمل ملياً لوضع الدواء في المكان المناسب.

الثالثة : مبدأ التسوية والعدل بين الأولاد
إنّ مبدأ العدل والإحسان بشكل متساوٍ بين الأولاد ذو أهمية كبيرة في التعامل مع الأبناء، ولذا، ينبغي على الوالد الحكيم أن يُخفي ما يدعوه أن يُحسن كثيراً لأحد الأبناء دون الآخر- حتى إذا كان ذلك ناشئاً من بعض الميزات أو البِّر من قِبَل ذلك الابن – كي يساوي في تعامله بين أبنائه بما لا يعود بالضرر عليه أوعليهم. ولذا، نجد القرآن الكريم يُؤكد على أنّ تعامل الإنسان مع أخيه الإنسان يتم على أساس قواعد العدل والإحسان، وبغض النظر عن الانتماء الديني، قال تعالى :{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ}، وكذلك النبي صلى الله عليه وآله ركّز على هذا المبدأ في مواقف متعددة، فنجده صلى الله عليه وآله - عندما رأى ذلك الرجل الذي قام بتقبيل أحد أولاده وترك الآخر- لم يرضَه هذا التصرف، وقال للأب ((فَهلّاَ ساويت بينهما؟))، ويقول صلى الله عليه وآله أيضاً في موقفٍ آخر: (( اعدلوا بين أولادكم كما تُحبون أن يعدلوا بينكم)) أو ((إليكم)).
فمن أهم طرق التعامل الإيجابي بين الأولاد هو التسوية بينهم في الحنان وتوزيع النظرات والابتسامات، ولذلك نجد أنّ الأئمة من أهل البيت عليهم السلام أبانوا بأنّ سورة يوسف ما جاءت إلا مِِثَالاً لتقويم السلوك التربوي والسير به في المسار الصحيح.
فالنتيجة التي نصل إليها هي أنّ الأضرار التي تترتب على عدم التسوية بين الأولاد ليس مقتصرة على البغضاء فقط، وإنما تُؤدي إلى عُقدة الحقارة والنقص كما يقول العلماء، فهذا الابن إذا لم يُبغض أبويه فإنه لن يصل إلى ما يصبو إليه ذلك الأب أو تطمح إليه تلك الأم من وصول ذلك الولد إلى الدرجة المثلى والمرتبة العالية .

طرق علاج سلوك الأبناء في مدرسة الأئمة عليهم السلام
إذا تتبعنا الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام في طرق العلاج الناجعة والسليمة للأبناء نصل إلى الطرق والأساليب التالية :

الأول: المصانعة والمدارة .
يقول الباقر عليه السلام: ((والله لأُصانع بعضَ ولدي، وأُجلِسُهُ على فخذي، وأُ كثر له المحبة، وأُ كثر له الشكر، وإنّ الحقَ لغيره من ولدي، ولكن محافظةً عليه مِنه ومِن غيره، لئلا يصنع به ما فَعل بيوسف إخوتُه)) فبعض الأولاد لا يستحق المصانعة نتيجةً لاعوجاج سلوكه ولكن يضطر المربي الناجح لمصانعته، وإعطائه مزيداً من الحنان والمحبة، لئلا تتكرر في بيته قصة يوسف، بأن يكيدوا له إخوتَه وإما أن يكيد لهم، ولذلك، يقول الإمام عليه السلام: (( وأُ كثر له الشكر وإنّ الحقَ لغيره من ولدي، ولكن محافظةً عليه منه (من نفسه)))، فهو عليه السلام يُؤكد خوفه من حسد غيره من الأولاد الذين هم أولى منه، مع كونهم أكثر استحقاقاً منه للعناية والاهتمام، ولكنه يُحسن لهذا الولد كي لا يُسيء لإخوانه الذين يستحقون الإحسان. (( محافظة عليه منه ومن غيره لئلا يصنع به ما فعل بيوسف إخوته))، ثم يقول عليه السلام: ((وما أُنزلت سورة يوسف إلا أمثالاً لكي لا يحسد بعضنا بعضاً كما حسد يوسفَ إخوتُه، وبغوا عليه))، وهذا من روائع الأحاديث التي يشرحها أهل البيت عليهم السلام في كيفية التعامل بشكل حكيم ومدروس من لدن الأب أو الأم، أو حتى المربي الآخر الذي يتولى أيتاماً فيريد أن يُسبغ عليهم حناناً أو عاطفةً أو عطاءً مادياً، فيحاول أن يعدل في إسباغه لتلك النعم المادية والمعنوية على من يتولى رعايتهم.

الثاني : التصابي ومراعاة مستوى الابن
وهي من القواعد المهمة التي أولاها الأئمة من أهل البيت عليهم السلام عناية كبيرة، وتتجلى أهميتها في السلوك التربوي لانعكاس أثرها الطيب على نفسية الابن، والمقصود من التصابي هو أنّ الصبي ليس بمستوى الإدراك والعلم والثقافة والفهم والقدرات كما هو عليه الأب أو الأم، وبعض الناس يريد أن يتعامل مع أبنائه على حد تعامله مع الكبار، الذين طورتهم التجارب وأنمت خبراتهم بينما الطفل ليس كذلك، فتحتاج أن تنزل إلى مستواه كي يُتاح له أن يرتقي بشكل تدريجي إلى نوع من المستوى الذي يُؤهله لتعلم ما لديك.
وهذه قاعدة أشارت إليها الروايات بعنوان التصابي، أي أن تخفض مستواك لتجعل مستواك الثقافي والعلمي وخبراتك كأنك معه سيان، حتى ينفتح عليك وتنفتح عليه وشيئاً فشيئاً ترفع من مستواه. ولنلحظ ما ورد من الروايات في هذا المجال، يقول النبي صلى الله عليه وآله : ((
من كان عنده صبيٌ فليتصابى له))، أي، إذا كان عندك ولد فاجعل نفسك بمستواه. وبعض العلماء تصور أنّ كلمة ((فليتصابى له))، تعني، فقط مسألة اللعب معه، بينما المسألة ليست في مقام اللعب مع الطفل، وإنما ترتبط بتنزيل مستوى القدرات التي وصل إليها ذلك الأب أو المربي إلى المستوى الذي عليه الولد، كي يُتاح له أن يوصل أفكاره وأخلاقه إلى سلوك ذلك الولد، وهذا الأسلوب الرائع له أهميته الفائقة في رفع مستوى الابن الإدراكي والعلمي والثقافي، ويقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: ((من كان له ولدٌ صَبَا))، يعني ليكن في مستواه، أي يكون صبياً كابنه.

الثالث : التآلف والتأديب
إنّ الولد في - الأعم الأغلب - لا ينسجم إلا مع من يماثله ومن هو على شاكلته، وبالخصوص إذا تفتَّحت مداركه، فيحتاج إلى أسلوب كي تجذبه إليك، أي إعمال بعض قواعد الإثارة وممارسة دوراً إعلامياً في جذبه إليك، وذلك من خلال التودد إليه وتقديم الهدايا وإعطاء بعض المعلومات المؤثرة التي يحبها، وبالتالي يبدأ في عملية تلاحم وتلاقي مع فكرك وهذا ما تشير إليه كلمة التآلف، الواردة في حديث النبي صلى الله عليه وآله عندما قال: ((رحم الله عبداً أعان ولده على برِّه بالإحسان إليه، والتآلف له، وتعليمه وتأديبه))، كما أنّ التأديب في الحديث لا يعني أن تجعله مؤدباً وتُسدي إليه النصيحة، وإنما التأديب في اللغة مثل الترويض وممارسة الرياضة، فالإنسان إذا أراد أن يتعلم فناً من فنون الرياضة فهو يحتاج إلى الممارسة المتكررة، والتأديب بنفس المعنى، أي تحاول أن تغرس ما تريد إيصال ذلك الولد أو تلك البنت إليه من خلال التكرار. فالنبي صلى الله عليه وآله لا يريد منا أن نُعلمه فقط وإنما يريد أن نُؤدبه بمعنى أن نُروض ذلك الولد كي يصل لتلك الدرجة التي نطمح الوصول إليها.

الرابع : إدخال السرور والفرح إلى الابناء
إنّ هناك رواية عن النبي صلى الله عليه وآله أشارت إلى معاني في غاية الدقة والأهمية للمربي وللأب والأم من أجل إيصال الأبناء إلى درجات من الكمال العلمي والسلوكي، يقول صلى الله عليه وآله : ((من فرَّح ابنته فكأنما أعتق رقبة من ولد إسماعيل، ومن أقرَّ عين ابنٍ له فكأنما بكى من خشية الله))، فهذه الرواية تشير إلى نقطتين هامتين تتعلقان بالبنت والابن:

الأولى : هي إدخال الفرح على البنت بالذات، باعتبارها مجموعة من المشاعر والأحاسيس التي قد تُصاب بضغوط طبيعية في الحياة، وتحتاج إلى من يمارس عملية التنفيس عن هذه الضغوط كي لا ترتد عكسياً على شخصية الفتاة، وللأب والأم الدور الأكبر في ذلك، ولذا، نجد النبي صلى الله عليه وآله يشرح عظمة هذا الدور عندما يَقرنُهُ بثواب عتق شخص من ولد إسماعيل، أي عندما تُدخل الفرح والبهجة على قلب تلك الفتاة فكأنك أعتقت أحد أولاد الأنبياء.
الثانية : هي جعل الابن قرير العين، أي تجعله مرتاح البال، هادئ النفس، مطمئناً في خطواته ولديه استقرار نفساني، هذا العمل الذي تقوم به تجاه ابنك يشير النبي صلى الله عليه وآله أنه يُوصلك إلى قمة العبودية وأعلى مراتب السلوك العرفاني، الذي يُحققه البكاء من خشية الله، فكما أنّ الخشية من الله والبكاء خوفاً منه وشوقاً إليه تجعل الإنسان في أعلى درجات الكمال العبودي كذلك إقرار عين الابن بهذه المثابة.
وهذه القواعد السلوكية التي أفصح عنها النبي صلى الله عليه وآله والأئمة من أهل البيت عليهم السلام تجعل الإنسان يدرك أنّ سيره في الاتجاه الصحيح الموصل للولد والبنت إلى الرقي والتقدم والمستقبل الباهر.


__________________






تسلم الآنامل حبيبتي محبة الزهرآء

آهآت زينبية فاطمية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-04-2014, 02:11 PM   #9
آهآت زينبية فاطمية
( мѕнααя αℓкнgℓ) مشرفة قسم السعادة الزوجية
●• فاطمية متميزة •●

 
الصورة الرمزية آهآت زينبية فاطمية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: القطيف الحبيبة
العمر: 36
المشاركات: 130
معدل تقييم المستوى: 509
آهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond repute
افتراضي رد: دور الأسرة في بناء المجتمع الفاضل



القسم التاسع : دور العبادة في بناء شخصية الأبناء.

قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} صدق الله العليُّ العظيم.

أهمية الارتباط بالعبادة منذ الصغر.
من المحاور الهامة والأسس والدعائم التربوية في شخصية الابن مسألة الارتباط بالعبادة ودورها في حياة ذلك الولد وهو في ريعان الصبا, وهذا الأمر في غاية الأهمية، لذا، تحدثت في محاضرات سابقة على أنّ العبادة تمثل الغذاء الروحاني للإنسان، فكما أنّ الجسد في الجنبة المادية يحتاج إلى غذاء، فكذلك في الجنبة المعنوية يحتاج الإنسان إلى غذاء، وإذا لم يتناول ذلك الشاب الغذاء الروحاني فإنّ النتيجة التي تنتظره الضعف في شخصيته، وعدم الاستقامة في سلوكه، لذا أكدت الروايات الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة من أهل البيت عليهم السلام على أهمية إشراب روح العبودية في الإنسان بعد أن يتم له خمس من السنين، فيُعلَّم الارتباط بالله تعالى عبر الركوع والسجود والذكر والطهارة وما إلى ذلك من الأمور. ولكننا نجد تفكيكاً - كما سوف أشير - في الروايات لأجزاء العبادة، وذلك لبيان التدرج في الأسلوب التربوي والارتباط للعبد مع الله تعالى في صغره، فنجد أنّ بعض الروايات تُؤكد على أنّ الأبوين إذا أرادا ربط ذلك الولد أو تلك البنت بالله تعالى فالشيء الأول الذي ينبغي أن يركزا عليه هو أن يعلماه السجود لله تعالى.

دور العبادة في شخصية الطفل.
وحتى يتضح دور الارتباط العبادي في شخصية الطفل سوف نستعرض مقدمة يتبين بها ومن خلالها هذا الدور في شخصية الشاب والولد، يقول إمامنا أمير المؤمنين عليه السلام: {إن الإيمانَ ليبدو لمعةً بيضاء فإذا عَمِل العبدُ الصالحات نما وزاد حتى يَبْيَضّ القلب كله}، هذه الرواية تشير إلى معنيين هامين:
الأول : ما نُعبر عنه بالجنبة التكاملية في شخصية الإنسان المعنوية، فالإنسان لا يصل إلى الكمال إلا عبر الطريق الطويل والذي يتدرج فيه الإنسان إلى أن يتسلق ذُرى المجد ويصل إلى قمة ذلك الكمال. بمعنى أنّ الإنسان يحتاج إلى أن يَسقي ذلك الفسيل الإيماني شيئاً فشيئاً إلى أن ينمو ويترعرع فيصبح باسقاً مثمراً يانعاً في ثمره، وهذا بالتأكيد لا يتأتى للإنسان في بُرهة زمنية محدودة وإنما يحتاج إلى مدة طويلة. وهذا ما يشير إليه الإمام عليه السلام باعتبار أنّ الإيمان يبدأ صغيراً كاللمعة البيضاء أشبه بالنور الخافت ثم يَقوَّى هذا النور بشكل تدريجي إلى أن يبيّض القلب كله فيصبح ذلك النور مُتلألئاًً يُضيء كل وجود الإنسان المعنوي والمادي معاً.
الثاني : إنّ الإنسان ومنذ صغره يرتكب بعض الأخطاء، التي لا تُكتب عليه إذا لم يبلُغ ولكن تُؤثر في وجدانه الخُلُقي، وتُؤثر في الجانب المعنوي من شخصيته، فالكذب ومساوئ الخلق يُؤثران تأثيراً كبيراً على الإنسان البالغ المكلف ويترتب على ذلك أنّ الله يُؤاخذه ويُحاسبه عليها، بينما الإنسان غير البالغ إذا اقترف معصيةً فهي تُؤثر تأثيراً محدوداً، يشتمل على نحوٍ من الضلالة إلا أنه لا يجري عليه قلم التكليف ولا يحاسب عليها ما دام لم يبلغ الحُلم، كما تشير إلي ذلك الروايات الواردة و كما يُفتي به الفقهاء، ولكن يحتاج أن يتدارك ذلك العمل السيء بعملٍ صالحٍ وعبادةٍ حسنة تمحو ذلك السوء الصادر من الولد، بمعنى أنه لو اقترف ذلك الولد الصبي أو تلك الفتاة الصغيرة خطئاً كالكذب مثلاً فينبغي أن يتعود منذ نعومة أظفاره على أن يجد الملجأ الذي يُغير به ذلك السلوك غير الحميد، بمعنى أنه سوف يستشعر غفران الله تعالى لكل ما ألَمَّ به من خطأ، وما صدر منه من سوء إذا التجأ إلى الله تعالى عبر الدعاء، أو عبر السجود، أو عبر الذكر، وهذا ما يشير إليه هذا الحديث (( ليبدو لمعةً بيضاءَ فإذا عَمِل العبدُ الصالحاتِ نما))، أي أنه قد يصبح الإنسان صغيراً ويصدر منه ما يتنافى مع الأوامر الصادرة من لدُن الله تعالى، ولكن إذا سعى في إنماء الجانب العبودي في شخصيته ومنذ صغر سنه كَبُرَ ذلك النور حتى يُضيء كل وجوده.

أهمية الجانب العبادي في شخصية الإنسان.
إنّ لدينا كماً هائلاً من الروايات تشير إلى تأثير العبادات في شخصية الإنسان سواءً كان كبيراً أو صغيراً، أي وردت بشكل عام، ولكن لدينا طائفة أُخرى من الروايات تُؤكد على أهمية الجانب العبودي في شخصية الإنسان في صغر سنه، وتأثيرها الكبير والعظيم في سيره التكاملي . وسوف أعرض بعض الروايات في هذا المجال:ورد عن الإمام الصادق عليه السلام عندما سُئِل في كم يُؤخذ الصبي بالصلاة ؟ قال عليه السلام: ((فيما بين ست وسبع سنين))، أي يُعلم ويُمرن على العبادة وبالخصوص الصلاة منذ ست سنوات، فيُتدرج معه في هذا الأمر إلى أن يصل إلى عشر سنوات كما تشير بعض الروايات، وعندها يحاسب على تركه للصلاة، وورد هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وآله في قوله صلى الله عليه وآله: ((مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعاً))، أي إذا بلغ الصبي سبع سنوات لابد أن تأمره بالصلاة، طبعاً الفقهاء يقولون إنّ هذه العبادات تمرينية، ويترتب عليها الثواب الذي لا يرجع إلى الصبي، وإنما يرجع إلى المربي، ولكن هناك نظرية فقهية أخرى تقول أنّ عبادات الصبي يرجع ثوابها له وهذا هو الرأي الأصح. فالصبي الذي لم يبلغ الحُلم لا يُؤاخذ بما صدر منه من ذنب في صِغَر سِنه، ولكن يُعامل بمزيد من الكرم والجود الإلهي إذا أتى بالطاعات فيحصل على نتيجة العبادات الصادرة منه. وهذا الأمر يرتبط بما يشير إليه الذكر الحكيم في قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}، فالآية تطرح أمرين:
الأول : مسألة الإيمان والذي استعرضناه في بحث سابق.
الثاني : مسألة تقوية الإيمان عبر الارتباط بذكر الله تبارك وتعالى، الذي يُنمي ذلك الإيمان ويُجذِّره في شخصية ذلك الولد أو تلك البنت.

تأثير المعارف المعنوية في شخصية الطفل:
بل نجد في بعض الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت أمراً آخر ليس مسألة الست أو السبع السنين أو العشر من السنوات التي يبلغها ذلك الولد. وإنما هناك نقاط هامة ترتبط بالجانب المعنوي هي :
أولاً :التدرج في إعطاء المعارف المعنوية.
هناك رواية عن إمامنا الباقر عليه السلام يُبين فيها كيفية التعامل التدرجي في إعطاء المعارف المعنوية لذلك الطفل، يقول الإمام عليه السلام: (( إن الطفل يُعلَّم التوحيد لثلاث سنوات))، أي تبدأ معه في شرح مفردات التوحيد منذ بلوغه الثلاث سنوات، ثم يقول الإمام عليه السلام: ((إنه يُؤمر بالسجود لله تبارك وتعالى إذا بلغ أربع سنوات))، فمجرد أنه يسجد لله تعالى فهذا نوع من الارتباط بالله، أي يتعلم كيفية الخضوع للمبدأ المتعال. هذا النحو من الروايات يشير إلى المعنى الأول ـ الذي أشرت إليه في صدر حديثي ـ وهو أننا لا نُعَلِّم ذلك الولد أو تلك البنت بشكل مفاجئ، فلا نبدأ معه التعليم عندما يبلغ العشر سنوات وإنما نبدأ معه ذلك منذ السنوات الأولى بشكل تدريجي، فالإمام عليه السلام يقول: (( يُؤمر بالسجود لله تبارك وتعالى إذا بلغ أربع سنوات ))، أي، تطلب منه أن يسجد لله، وتُبين له أهمية السجود لله تبارك وتعالى.
ثانياً : بيان الحكمة من التشريع.
هناك أيضاً مطلب آخر فائق الأهمية أُريد أن أنوه به وأنبه عليه، وهو أنّ التعامل مع الولد أو البنت ليس فقط عبر الأوامر دون تبيان الحكمة مما يترتب على ذلك الأمر، فالمربي قد لا يسطيع أن يشرح للأبناء فلسفة التشريع وإنما في إمكانه أن يشرح الحكمة المترتبة على التشريع. فمثلاً إذا أردنا أن نُرّغب ذلك الولد أو تلك البنت في مأكولات معينة نذكر ما يترتب على هذه الأغذية الصحية من فوائد، وإذا أردنا أن نمنعه من بعض المأكولات نذكر الأضرار الصحية التي تترتب على تناولها. وكذلك الأمر في العبادات التي يأتي بها ذلك الولد، فإذا شرح الأب لابنه ما يترتب على السجود والدعاء وقراءة القرآن من فوائد، وأكد على الجانب المعنوي الذي تُحدثه العبادة أو ذكر الله تعالى في حياة الإنسان، وأبان الفارق الكبير بين الفوائد الجمة التي تترتب على الجانب المعنوي من العبادة والذكر وبين الفوائد المحدودة التي يجنيها الإنسان من الجانب المادي الذي يرتبط بالأكل والشرب وغيره، فعند ذلك بالتأكيد سوف يجعل الولد يرتبط ارتباطاً كبيراً بالجانب المعنوي، كما أنك لو ذكرت لولدك تأثير كلمة التوحيد في نفس الإنسان وصقل روحه، وما يترتب على تكرار كلمة (لا إله إلا الله) من آثار عظيمة في الدنيا والآخرة أبانتها روايات النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام
، وأهم هذه الآثار:
أولاً :
الأمن من العذاب الإلهي.
ثانياً :
كلمة التوحيد تُشكل حصانة للإنسان إذا أدرك معناها كي لا ينزلق إلى مهاوي الرذيلة .
وكذلك أيضاً هناك بعض الأذكار الواردة التي من آثارها نفي الفقر عن الإنسان، بحيث يعيش حياة هانئة لا يحتاج فيها أن يمد يده إلى الناس، والله تعالى يتكفل برزقه، فقد جاءت بعض الأذكار التي تُبين للإنسان كيف يُحقق الاكتفاء في رزقه إذا داوم على تلك الأذكار وبالتأكيد، فإنّ هذا الولد إذا أراد أن يُصبح غنياً أو مُكتفٍ، فإنه سوف يُداوم على قراءة تلك الأذكار، وأيضاً إذا بينت للولد ما يترتب على قراءة بعض سور القرآن والأدعية التي يُداوم عليها كدعاء كميل الذي نقرأه في كل ليلة جمعة، فهذا كله يُشكل حافزاً ودافعاً يربط الإنسان ربطاً وثيقاً بالمحافظة على تلك الأذكار، بحيث يتربى عليها وتصبح جزءاً من شخصيته فلا يستطيع أن يُفارقها، وتمتزج ليس فقط بوجدانه، بل أيضاً بلحمه ودمه وعظامه، وهذا ما أكدته الروايات عبر بيانات مختلفة .
ثالثاً :
المداومة على الأعمال.
إنّ قطف الثمار المترتبة على هذه الأعمال العبادية هو بالمداومة عليها حتى ورد في بعض الروايات أنّ الإنسان لا يحصل على الفوائد الكبيرة لهذه الأعمال إذا لم يُداوم عليها لمدة سنة على الأقل.



__________________






تسلم الآنامل حبيبتي محبة الزهرآء

آهآت زينبية فاطمية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-04-2014, 02:12 PM   #10
آهآت زينبية فاطمية
( мѕнααя αℓкнgℓ) مشرفة قسم السعادة الزوجية
●• فاطمية متميزة •●

 
الصورة الرمزية آهآت زينبية فاطمية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: القطيف الحبيبة
العمر: 36
المشاركات: 130
معدل تقييم المستوى: 509
آهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond reputeآهآت زينبية فاطمية has a reputation beyond repute
افتراضي رد: دور الأسرة في بناء المجتمع الفاضل



القسم العاشر : أهمية الوقت في حياة الإنسان.
قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} صدق الله العليُّ العظيم.

الوقت والإنسان في القرآن .
سوف نستعرض وإياكم في هذا اليوم إيضاحاً لبعض المفاهيم العامة التي لها التأثير الإيجابي لبناء الأسرة بناءً سليماً، ترتقي بها إلى درجات سامية من الفضيلة والكمال.
إنّ مما لاشك فيه، أنّ الأبوين يُناط بهما ممارسة التثقيف للأبناء، الذي يتطلب بلورة مفاهيم معينة كي تتجذر في نفوس هؤلاء الأبناء، وذلك من خلال الإيضاح والتكرار لتلكم المفاهيم، ولعل ما ورد في القرآن الكريم من التوكيد المتكرر على أهمية التذكرة يشير ضمن إيحاءاته الكبيرة إلى هذه النقطة التي ذكرتها، وفي مقدمة المفاهيم التي نحتاج إيضاحها إلى أبنائنا هو الفهم السليم والصحيح لدور الوقت والزمن في حياة الإنسان. لأنه إذا لم يُدرك دور الوقت في حياته فلن يستطيع أن يتقدم إلى الأمام بخطى ثابتة، والله تعالى في القرآن الكريم أبان أهمية الوقت، وهذه الآية التي استهللت بها حديثي تبين ذلك : {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا}، فالآية تشير إلى أنّ كُلاً من الوقتين يخَلُف الوقت الآخر، ليستطيع الإنسان أن يتلافى ما أضاعه ليلاً في النهار، وأن يعوض لما أضاعه نهاراً في الليل. والقرآن أكد على دور الوقت في سياق مجموعة من الآيات الكريمة وذلك عندما أقسم به في سور عديدة كقوله تعالى: {وَالْفَجْرِ*وَلَيَالٍ عَشْرٍ}، {وَالْعَصْرِ*إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ}، {وَالضُّحَى*وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}، وما إلى ذلك من الآيات المباركة التي تُبين للإنسان أهمية الوقت في حياته.

الوقت والإنسان في الروايات.
كذلك ورد عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة من أهل البيت عليهم السلام إلفات نظر الإنسان وبالخصوص الشاب إلى أهمية اغتنام الوقت، قال صلى الله عليه وآله: (( لن تزول قَدَمَا عَبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع خصال، عن عُمرِه فيما أفناه))، هذا الوقت أو الزمن الذي يُعبر عن عمر الإنسان سوف يسأل يوم القيامة عنه، وقد جاء في بعض الروايات التأكيد على هذه النقطة بالذات من خلال الإشارة إلى أنّ ساعات الإنسان في يومه تكون صناديق مقفلة يُفتح له في يوم القيامة كل ساعة صندوقاً، ساعةً تلو الساعة الأخرى، فإن رأى أنه مَلأ ذلك الصندوق بالعمل الصالح والخير استبشر، وإذا رأى ذلك الصندوق خالٍ اغتم ورأى نفسه مغبوناً، وإذا رأى أنه ملأ ذلك الصندوق بالعمل السيء -والعياذ بالله- أصبح في حالة يُرثى لها من الندم والأسف ولكن دون جدوى كما تشير إلى ذلك نفس الرواية بعد ذلك (( وعن شبابه فيما أبلاه))، لاحظوا هنا، هذا من عطف الخاص على العام كما يقول علماء النحو، أي إنّ فترة الشباب بالرغم من أنها بُرهة زمنية من العمر ولكننا نجد الحديث يُؤكد عليها غاية التوكيد، باعتبارها مليئة بالزخم والحيوية والنشاط والفاعلية التي لا تتوافر للإنسان في بقية أزمنة عمره، فإذاً قوله صلى الله عليه وآله: ((وعن شبابه فيما أبلاه))، هو سؤال عن العمر بأكمله ولكنّ هذه البرهة الزمنية المحددة المسماة بفترة الشباب هناك سؤال من قِبَلِ الله تعالى خاص بها يختلف عن ذلك السؤال الذي يوجه بشكل عام لكل عمر الإنسان، ثم تتابع الرواية: ((وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به))، كما أنّ هناك عدة روايات تبلور هذا المفهوم وتُؤكد عليه.

خصائص الوقت:
إنّ على الأبوين أن يُوضحا لأبنائهما الخصائص الخاصة بالوقت، التي إذا أدركها الإنسان استطاع أن يغتنم ذلك الوقت، وهذه الخصائص ينبغي للإنسان أن يُبلورها لأحبائه وذويه وبالخصوص لأبنائه وبناته والتي أهمها :
الأولى : سرعة انقضاء الوقت.
إنّ الوقت يمر أسرع من مر السحاب، أي ينقضي بسرعة هائلة، وقد أشار الذكر الحكيم إلى هذه الخصيصة في بعض آياته الكريمة: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا}، فالوقت يمضي بسرعة فائقة، فإذا عَلّمَ الإنسان ولده وابنته أهمية ذلك السير السريع للوقت استطاع أن يلتفت ويدرك أهمية ذلك الوقت الذي يمر عليه. وذلك بالمبادرة والعمل في نفس اللحظة والوقت دون تسويف أو تأجيل، ولا بد للأبوين أن يُركزا على هذه النقطة الهامة التي أفصحت عنها آيات الذكر الحكيم، كقوله تعالى: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْض ُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}، كما أنّ القرآن الكريم ذكر أنّ من سمات وخصائص الأنبياء والرسل المبادرة والاغتنام السريع للوقت، قال الله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}، وأيضاً أبان القرآن سمات الصالحين السائرين على نهج الرسل في اغتنام الوقت، وذلك في قوله تعالى : {يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ}.

الثانية : صعوبة تلافي الوقت المنصرم.
إنما ينقضي من الوقت لا يستطيع الإنسان أن يتلافاه إلا بجهد كبير وتعب شديد، لا يتاح لكل إنسان تحقيق ذلك بسهولة ويسر، وإنما يحتاج إلى دأب في العمل وجهد في بذل قدراته لتلافي ما انقضى من الوقت، ففي كثير من الأحيان لا يستطيع الإنسان أن يعوض ما فاته من ذلك الوقت الذي يندم على إضاعته، ولذلك ترون الشعراء والأدباء يرددون:

ألا ليتَ الشبابَ يعودُ يوماً فأُخبرَهُ بما فَعــلَ المشيبُ

لأنّ الإنسان إذا مرت عليه تلك الأوقات التي كان يتمتع فيها بكامل قدراته ثم انقضت، لا يستطيع أن يعوض تلك الفُرص التي هي أغلى من الألماس في زمن شيبته وهرم جسده .

الثالثة :
الوقت هو الحياة .
كذلك من خصائص الوقت إنه هو الحياة، فينبغي أن ننبه أبناءنا إلى ذلك، باعتبار أنّ الزمن الذي يعيشه الإنسان هو الحياة، التي يُعَرّفُها العلماء بالحس والحركة، التي كلما ازدادت قوةً وبشكل أكبر كلما استمتع الإنسان بحياته بشكل أفضل، فإذا كان ذلك الظرف الذي يستوعب الحياة هو حقيقة حسه وحركته، يعني إذا انقضى زمنه انقضت حياته حيث لا يستطيع أن يُدرك ما يُريد أن يُدركه، وأن يحقق ما كان يصبو إلى تحقيقه، وبالتالي لن يستطيع أن يصل إلى مراده، فالوقت هو حياتنا، ولذلك لا ينبغي للإنسان أن يفرط في حياته. وقد أكد القرآن على هذه الحقيقة في قوله تعالى :{وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَاتَعْمَلُونَ}. وكذلك وردت الكثير من الروايات وأقوال العلماء والصالحين التي تؤكد أنّ الوقت يساوي الحياة .

كيفية الاستفادة من الوقت:
إنّ على الأبوين أن يُبينا لأبنائهما وبناتهما كيفية الاستفادة من الوقت وبالخصوص أننا نعيش في أيام العطلة الصيفية التي هي من الأهمية بمكان، فبعض الناس يظن أنّ الوقت الذي يمر في أيام العطلة لا ينبغي أن يُستفاد منه، لأنه وقت يُملأ باللعب وهذا خطأ، فاللعب له وقت محدد وللعمل الجاد والدؤوب وقته الآخر المحدد، ولا ينبغي للإنسان أن يمضي كل وقته في اللعب واللهو، لأنّ هذا غير سائغ من الناحية الشرعية و من الناحية العقلائية، بل على الإنسان أن يستثمر وقته في أيام العطلة الصيفية بما يعود عليه بالإيجابية، نعم عليه أن يستجم قواه ويلهو ويلعب ويمرح بنحو يعود عليه بالفاعلية والنشاط ولكن دون أن يقضي جُلّ وقته دون نفع، هذا في الثقافة الإسلامية غير محمود، بل إنّ الأحاديث الواردة تُندد بضياع الوقت بأكمله في اللعب واللهو.وسأشير إلى بعض النقاط الرئيسة والهامة في كيفية الاستفادة من الوقت بالنسبة للأبناء:
أولاً : تدوين الأهداف المراد تحقيقها.
تدوين الأهداف التي يريد أن يحققها الولد أو تلك البنت مع الأب في هذه العطلة الصيفية، مثل تلافي ذلك الضعف الذي مر على الابن أو البنت في بعض المواد الدراسية، أو رفع الثقافة الدينية، أو التغلب على بعض المشكلات، وعندما يكتب ذلك الهدف بوضوح ويسعى لتحقيقه منذ بداية العطلة الصيفية فإنه بالتأكيد مع المراجعة المتكررة نحو ذلك الهدف سوف يحقق للإنسان فاعلية ونشاطاً للتقدم بخطوات سريعة لتحقيق هدفه.
ثانياً : تقسيم الأهداف حسب الأولوية.
على الإنسان أن لا يضع أهدافاً كثيرةً بحيث يقع في إرباك في الوصول إليها، وبالخصوص الأب الذي يطلب من أبنائه وبناته أن يحققوا كل تلك الأهداف، فينبغي له أن يُقسم الأهداف الكبيرة إلى نقاط بسيطة كي يستطيع ذلك الابن أو تلك البنت أن يجد سهولة في التقدم والسير نحو تحقيق ذلك الهدف، ولا يشعر أنّ الهدف شبح كبير ومرعب لا يمكن التقدم نحوه لتحقيق ما يُريد ه، فإذاً تقسيم الأهداف من الثقافة الهامة التي على الأبوين أن يُبلوراها في ذهن الأبناء .
ثالثاً : الترفيه.
وكما قلتُ، فإن الإسلام شجّع على الترفيه، لأهميته القصوى، ولكنه مع ذلك ينبذ إشغال الوقت بأكمله في الترفيه، لأنه غير سائغ في الثقافة الإسلامية. وأما الترفيه فقد وردت بعض الروايات والكلمات عن أئمة أهل البيت عليهم السلام وعن النبي صلى الله عليه وآله تُبين أهميته للإنسان، قال إمامنا أمير المؤمنين عليه السلام: (( رَوُّحوا القلوبَ ساعةً بعد ساعة))، الساعة يُراد بها الفترة الزمنية التي مملوءة بالعمل، ويحتاج الإنسان إلى مُتسع من الوقت ليُروّح قلبه، بمعنى أنه يلهو ويمرح في ساعة ليستجم نشاطه مرة أخرى، يقول أمير المؤمنين عليه السلام: (( فإنّ القلبَ إذا أكره بشكل مستمر عَمِيَ ))، أي إنّ الإنسان الذي يعمل بشكل مستمر لا يستطيع أن يحُقق إنجازاً، وهذه المسألة لا بد من توضيحها للأبناء.
رابعاً : حقيقة الوقت.
لقد أشرت إلى هذه النقطة ، وأُكررها لأهميتها، وهي التأكيد لأبنائنا وبناتنا أنّ الوقت هو الحياة، والإنسان الذي لا يستفيد من وقته فإنه لن يستفيد من حياته.

خامساً: القراءة الجادة للزمن الماضي.
بمعنى أن يعود مرة تلو الأخرى لينظر فيما حققه من أهداف في الزمن الذي مضى وانقضى، ويحاول أن يتلمس أخطاءه في الزمن الماضي كي لا يقع فيها مستقبلاً، وذلك بتدوين الملاحظات، يقول إمامنا الصادق عليه السلام: ((ما كُتِبَ قَرضٌ وما حُفِظَ فَرضٌ))، فالإنسان الذي يعتمد على ذاكرته فقط دون أن يُدون أخطاءه التي مرت عليه ويحاول أن يستفيد منها في مستقبله فإنه يحقق إنجازات بسيطة، بينما الإنسان الذي يدون ملاحظاته ويحاول أن يستفيد منها بجدية ونشاط دائبين فإنه بالتأكيد سوف يستفيد منها الاستفادة الكاملة في مستقبله، ولعل الآية التي بدأنا بها هي من غُرَر آيات القرآن التي تشير إلى كل هذه النقاط التي ذكرناها وهي قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا}.


__________________






تسلم الآنامل حبيبتي محبة الزهرآء

آهآت زينبية فاطمية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الفاطميات الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 (0 فاطمية و 1 زائرة )
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أهميّة بناء الأسرة آهآت زينبية فاطمية السعادة الزوجية - عالم الحياة الزوجية - الأسرة و العلاقات الاجتماعية 10 26-04-2014 11:03 PM
[شرح] مشكلة الأسرة المعاصرة حجابي زينبي*حوراء* السعادة الزوجية - عالم الحياة الزوجية - الأسرة و العلاقات الاجتماعية 6 24-11-2013 04:13 PM
صور سماحة مولانا الفاضل الرضا عند حرم الامامين الكاظمين طبيب جروحي الامام علي(ع) صور الدينيـة,صور أسلامية - صور علماء - صور مراقد و أضرحة المعصومين 11 04-10-2011 12:54 PM
التلاحم الاسري واهميته في بناء المجتمع تفاحة الجنان السعادة الزوجية - عالم الحياة الزوجية - الأسرة و العلاقات الاجتماعية 3 19-06-2011 06:35 PM
الأسرة والأب الغائب جنة لبنان السعادة الزوجية - عالم الحياة الزوجية - الأسرة و العلاقات الاجتماعية 3 07-05-2011 09:04 PM


الساعة الآن 09:36 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir