رحمة الله للعالمين

[العُروَة الوُثْقَى]

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
أخواتي: لا تلوموني ولا تعتبوا على هزالة مقالتي وانكسار كلماتي وتشتت حروفي ، فالفكر ضئيل والحديث هزيل في ذكر الأب الرحيم ومن أرسله الله رحمة للعالمين سيد الأنام وخير المرسلين
نعم أيها السادة أيتها السيدات: قد ترون اليوم حبر قلمي باهتاً وخطوطه متشابكة لا يُعلم منها الفاعل من المفعول والساكن من المجرور ، وقد لا يستشف من سطوري المعنى المطلوب ، فالأمر طبيعي ولا يدعو للإنبهار ، فالخطب جلل والمصاب عظيم أفزع ساكني الجنان وغير مسرى الكون ، فالفضاء اليوم مليء بملائكة الله المُقربين منهم من هو صاعد إلى السماء ومنهم من هو نازل إلى الأرض ، تعظيماً وتكريماً وتشريفاً لاستقبال روح حبيب الله وزفها إلى رضوان الله في مستقر رحمة الله ليخلد منعماً في الفردوس الأعلى من جنات الله ..
أتعلمون أحبتي اني قد مزجت حبر قلمي بدوع عيني ولونته بدماء قلبي ، لأسطر الحدث الذي ضجت له الأكوان بالبكاء والنحيب ..
أوما سمعتم عن ذلك اليوم الذي مات فيه رسول الله ، أوما جاءتكم الأخبار أن ذلك اليوم قد تزلزل فيه العرش وناحت فيه الخلائق بأجمعها جماداً ونباتاً وحيواناً وإنساناً ..
بالأمس وحينما بكيت الحسين عليه السلام وقف من وقف لائماً واعترض من اعترض ناقماً ، لكن ما عذر من يلومني اليوم وأنا أبكي من قال فيه العزيز الحكيم وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ 108 الأنبياء ذلك النبي الكريم ذوالخلق العظيم المبلغ عن الله ومُبشر المؤمنين بجنات الله ومنذر الكافرين بعذابٍ أليم ، الذي دلنا على الصراط المستقيم ووضع أقدامنا على الطريق القويم وأمرنا بأن نسلكه لنصل به إلى الخلود في نعيم الله مستقرين في رحمة الله هانئين بمجاورة أنبياء وأولياء الله ، وأنذر المنحرف منا عنه إلى طريق الشيطان الموصل إلى الهاوية ليكون من الجحيم ..
إنه الرءوف الرحيم الذي يعز عليه أن يرى إنساناً مُنغمساً في الرذيلة وغارقاً في الضلال ومُعرضاً عن الهدى ومائلاً عن الدين القويم وقد أكد على ذلك الرب الكريم في قوله تعالى لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ 128 التوبة فهو رحمة الله الواسعة على هذه الأرض ببركاته الظاهرة على العباد ، فقبل أن يُبعث إلينا كنا أمماً وفُرقاً غارقين في الجهل وعبادة الأوثان كما قالت بضعته الزهراء عليها السلام لما رأى الله جل وعلا الأمم فرقا في أديانها عكفا على نيرانها عابدة لأوثانها منكرة لله مع عرفانها فأنار الله بأبي محمد صلى الله عليه وآله ظلمها وكشف عن القلوب بهمها وجلى عن الأبصار غممها وقام في الناس بالهداية فأنقذهم من الغواية وبصرهم من العماية وهداهم إلى الدين القويم ودعاهم إلى الطريق المستقيم - فبلغ الرسالة صادعا بالنذارة مائلا عن مدرجة المشركين ضاربا ثبجهم آخذا بأكظامهم داعيا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة يجف الأصنام وينكث الهام حتى انهزم الجمع وولوا الدبر حتى تفرى الليل عن صبحه وأسفر الحق عنمحضه ونطق زعيم الدين وخرست شقاشق الشياطين وطاح وشيظ النفاق وانحلت عقد الكفر والشقاق وفهتم بكلمة الإخلاص في نفر من البيض الخماص وكنتم على شفا حفرة من النارمذقة الشارب ونهزة الطامع وقبسة العجلان وموطئ الأقدام تشربون الطرق وتقتاتون القد الورق أذلة خاسئين تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم فأنقذكم الله تبارك وتعالى بأبي محمد صلى الله عليه وآله بعد اللتياوالتي وبعد أن مني ببهم الرجال وذؤبان العرب ومردة أهل الكتاب كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله فكيف لي أن أحيط بنفس أول من خلقه الله وأول من سجد لله وأول من عرف الله كما قالت الزهراء عليها السلام وأشهد أن أبي محمدا عبده ورسوله اختاره قبل أن أرسله وسماه قبل أن اجتباه واصطفاه قبل أن ابتعثه إذ الخلائق بالغيب مكنونة وبستر الأهاويل مصونة وبنهاية العدم مقرونة علما من الله تعالى بمآيل الأمور وإحاطة بحوادث الدهور ومعرفة بمواقع الأمور ابتعثه الله إتماما لأمره وعزيمة علىإمضاء حكمه وإنفاذا لمقادير رحمته وأنى لي أن أصف ذلك العظيم الذي قال فيه العظيم وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ 4 القلم لذا أطلب العذر منكم أيها المؤمنون إن قرأتم موضوعي ورأيتموه باهتاً وخالياً من المعنى الذي يتناسب وعظمة نور الله الذي وإن غاب عن ناظرينا إلا أنه يشع في القلوب من خلال رسالته الخالدة ودستوره العظيم الذي فيه تبيان لكل شيء مقروناً بترجمانه ومفسر ظواهره ومأول بواطنه كما أخبرت بذلك الزهراء عليها السلام بقولها زعيم حق له فيكم وعهد قدمه إليكم وبقية استخلفها عليكم كتاب الله الناطق والقرآن الصادق والنور الساطع والضياء اللامع بينة بصائره منكشفة سرائره منجلية ظواهره مغتبطة به أشياعه قائدا إلى الرضوان اتباعه مؤد إلى النجاة استماعهبه تنال حجج الله المنورة وعزائمه المفسرة ومحارمه المحذرة وبيناته الجالية وبراهينه الكافية وفضائله المندوبة ورخصه الموهوبة وشرائعه المكتوبة فمحمد صلى الله عليه وآله عظيم فلا يحيط بمعرفته إلا العظيم ، أما أنا ومن على شاكلتي فما له إلا أن ينهل من منبع علمه ويأخذ من عظيم خلقه ويتعطر بأريج نفسه الزكية الطاهرة ، راجياً بذلك سروره وطامعاً في شفاعته وراغباً في الخلود في مستقر رحمة الله بجواره ..
هذا ما دعاني إلى أن أدون وأسطر وأخط هذا الكلام القليل بل القليل القليل في حق هذا العظيم في يوم استشهاده ، مُعزياً فيه حفيده ومظهر دينه الإمام الثاني عشر القائم بالعدل والعامل بالحق والقاضي على الفساد الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف ، وأمير المؤمنين نفسه ووزيره وبضعته الزهراء وسبطيه الحسن والحسين ومن جاء بعد الحسين من الأئمة الهادين المهديين مُوصلاً عزاي لكم أيها الكرام ، سائلاً المولى القدير أن يحشركم في زمرته ويسعدكم بشفاعته وينعم عليكم بمجاورته وأهل بيته في جنات الخلد آمين آمين رب العالمين بجاهه وبركاته وعظيم ما جاء به وبجاه عترته الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين

[تفاحة الجنان]

اللهم صل على محمد وآل محمد
مشكوره
تسلم ايدك
وربي يعطيك العافيه

[العُروَة الوُثْقَى]

اللهم صل على محمد وال محمد

أسعدني تواجدكم في صفحتي
مشكوووووورين ع المرور والرد
ولا تحرموونا من طلاااتكم