اسلاميات - برامج اسلامية, منوعات, دروس ,محاضرات أخلاق آداب إسلامية, مسابقات اسلامية |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
28-12-2012, 03:50 PM | #1 |
♠ فاطمية مبتدئة ♠
تاريخ التسجيل: Dec 2012
الدولة: السويد
المشاركات: 10
معدل تقييم المستوى: 0 |
الطريق إلى الله تعالى كيف؟؟؟؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الطريق إلى الله تعالى تعريف بالكتاب والمـؤلف ، فقد ذكر عنه السيد محسن الأمين - قــدس سره - في أعيان الشيعة قائلا: الشيخ حسين بن علي بن صادق البحراني عالمٌ فاضلٌ أخلاقيٌّ من متأخري المتأخرين ، من فقهاء النجف وعلمائها في الحديث والرجال والعرفان ، رأينا له رسالة في الأخلاق - يشير إلى هذا الكتاب - ثم يقول : و إنها رسالةٌ حسنةٌ ، ولم يبق ببالي الآن مشخصاتها ، وقال بعض من رآها : إنها من أحسن ما كتب في هذا الفن ، وبعض قال : إنها رسالةٌ في السلوك على طريقة أهل البيت · أعيان الشيعة : 6/119 الباب الأول في الحاجة إلى تهذيب الأخلاق ، وبيان ثمرته وشدة الاعتناء بشانه اعلم أيدك الله أنّ النبي صلى الله عليه وآله قال: بعثت لأتمم مكارم الأخلاق . البحار : 68/382 ولا التباس في ذلك ، فإنّ أمر المعاد والمعاش لا ينتظم ، ولا يتهنأ طالبه إلا بالخُلق الكريم ، فلا تتوهم أن العمل الصالح الكثير ينفع من دون تهذيب الخلق وتقويمه ، بل يجيئ الخلق السيئ فيُفسد العمل الصالح ، كما يفسد الخلّ العسل [الكافي : 2/321] .. فأي نفع فيما عاقبته الفساد؟. ولا تتوهّم أنّ العلم الكثير ينفع من دون إصلاح الخلق وتهذيبه ، حاشا وكلا ّ، فإنّ أهل البيت عليهم السلام قالوا: لا تكونوا علماء جبّارين ، فيذهب بحقكم باطلُكم . أمالي الصدوق : 9/294 ولا تتوهّم أنّ صاحب الخلق السيئ ، يقدر أن يتهنّأ (1) بمعاشرة والد أو ولد أو زوج أو صديق أو رفيق أو دار أو أستاذ أو تلميذ ..كلا ، بل كلهم يتأذّون منه وينفرون عنه ، وكيف يمكنه اكتساب الكمالات المتفرّقة في الناس ، وأهل الكمال ينفرون منه ويهربون عنه ؟!.. (((1) إنّ هذا المدخل الذي دخل منه المؤلف مدخلٌ مهمٌّ لجذب النفوس التي لا تستجلبها المعاني الإلهية التي تحتاج إلى بلوغ روحي ، كطلب درجة الرضوان الإلهي ، والنظر إلى الوجه الكريم وغير ذلك .. فليس هناك عاقلٌ لا يريد السعادة الإجتماعية والحياة الدنيوية المستقرّة إلى جانب الرغبة في العاقبة الحميدة ، سواء في البرزخ أو القيامة .. وعليه فإنّ سلوك هذا الطريق يضمن الاطمئنان القلبي والاستقرار الاجتماعي ، وهما الضالتان التي فقدهما أهل الدنيا باتباعهم عن نهج السماء .( المحقق ))) واعلم أنّ من نظر إلى طريقة أهل البيت عليهم السلام ، وتتبع في أثارهم وجد هدايتهم للخلق ، وجلبهم للدين ، إنما هو بأخلاقهم الكـريمة ، وبذلك أمروا شيعتهم فقالـوا : كونوا دعاة للنـاس بغير ألسنتكم . الكافي : 2/46.. بل يعنون بأخلاقكم الكريمة ، وأفعالكم الجميلة ، حتى تكونوا قدوة لمن اقتدى ، وأسوة لمن تأسّى. فإذا ظهر أنّ أمر المعاش والمعاد إنما يتمّان بمكارم الأخلاق ، وإنّ إتمام مكارم الأخلاق هو فائدة البعثة ، التي ما صلح الوجود إلا بها ، تبيّن أنّ تهذيب الأخلاق مقدّمٌ على كلّ واجب وأهم من كل لازم ، ومع ذلك هو مفتاح كل خير ، والمنبع لكل حسن ، والجالب لكل ثمرة ، والمبدأ لكل غاية. انظر فيما ورد من أنّ الكفار يثابون على مكارم الأخلاق .. وفي الذي كان دأبه مخالفة النفس فجرّه ذلك إلى الإيمان .. وفي الذي كان سخياً وكان من الأسرى عند النبي صلى الله عليه وآله ، فنزل جبرائيل (ع)من الله عزّ وجلّ بأن : لا تقتلوه لسخائه ، فجرّه ذلك إلى السلامة من القتل في العاجل ، والفوز بالجنة آجلاً . البحار : 68/390. فإذا عرفت هذه المقدمة ، التي يظهر لكل من اختارها وجرّبها صحتها وصدقها ، فاعلم - وفّقك االله وأرشدك - أنّ لأهل البيت (ع) أصولاً في الأخلاق ، وقواعد وضوابط تُعين ملاحظتها على كسب الأخلاق بسهولة ويسر ، لا بتكلف وعسر ، كما يدور عليه كلام علماء الأخلاق. فإنّ النبي (ص) أتانا في علم الشريعة بالشريعة السمحة السهلة ، موافقاً لما أخبرنا به ربه عزّ وجلّ ، من أنه يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر ، وأنه ما جعل علينا في الدين من حرج .. كذلك في علم الطريقة فتح لنا أبواب اليسير ، وسدّ عنا أبواب العسير. فلا يثبطنّك الشيطان عن أخذ نصيبك من علم الأخلاق ، بأن ذلك أمر صعب يتوقف على مجاهدة النفس ، ورياضات بالغة !.. وأين أنت عن ذلك؟!.. فإنا رأينا أهل المجاهدات الشاقة ، والرياضات البالغة ، ما أوصلتهم إلا لمقاصد دنيوية ، ومقامات ردية ، من غير رسوخ لهم بطريقة أهل البيت عليهم السلام ، ولا تشبه لهم في أطوارهم.(2) (2) لقد أشار المصنف هنا إلى ظاهرةٍ خطيرةٍ طالما أوقعت مدّعي السير إلى الله تعالى في الوهم .. فحصروا الطريق بتعذيب النفس بالرياضات التي ما أنزل الله تعالى بها من سلطان ، فخسروا لذّة الدنيا ، ولم يصلوا إلى لذّة الآخرة . والسرّ في ذلك أنهم جعلوا جهاد النفس ذريعةً لحيازة شيء من متاع الدنيـا – ولو كان جلباً للمريدين – لعلمهم أن السيطرة على النفس بقواها المختلفة تجعلها مؤثرة في بعض الأمور ، فأنّ النفس طاقةٌ من طاقات هذا الوجود مليئةٌ بالأسرار المذهلة ، فكما أنّ الطاقات الأرضية تعمـل الأعاجيب في عالم الآفاق ، فكذلك الطاقات النفسية تعمل الغرائب في عالم الأنفس .. ولكن لنتساءل ونقول: هل أننا خلقنا لمثل ذلك ؟!.. وهل طلب منا المجاهدة لنحقق حظاً من حظوظ أنفسنا؟....( المحقق ) يتبع |
28-12-2012, 04:53 PM | #2 |
~ مراقبة سابقة ~~●رحمَـ رَبــِـي ــــاكـَ●~
تاريخ التسجيل: Sep 2009
الدولة: وُسَطِ آهٌــِاتُ قلبــ♥͡ـي [♥]
المشاركات: 0
معدل تقييم المستوى: 0 |
رد: الطريق إلى الله تعالى كيف؟؟؟؟
اللهم صل على محمد وآل محمد
مشكوره تسلم ايدك وربي يعطيك العافيه |
28-12-2012, 07:09 PM | #3 |
موقوف
تاريخ التسجيل: Dec 2012
المشاركات: 0
معدل تقييم المستوى: 0 |
رد: الطريق إلى الله تعالى كيف؟؟؟؟
|
28-12-2012, 11:33 PM | #4 |
♠ فاطمية مبتدئة ♠
تاريخ التسجيل: Dec 2012
الدولة: السويد
المشاركات: 10
معدل تقييم المستوى: 0 |
رد: الطريق إلى الله تعالى كيف؟؟؟؟
السلام عليكم الاخت الكريمة تفاحة الجنان
لكم كل الشكر على مررروكم الجميل..والله يسلمك يارب.... بارك الله فيكم.. تقبلي تحياتي |
28-12-2012, 11:36 PM | #5 |
♠ فاطمية مبتدئة ♠
تاريخ التسجيل: Dec 2012
الدولة: السويد
المشاركات: 10
معدل تقييم المستوى: 0 |
رد: الطريق إلى الله تعالى كيف؟؟؟؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الاخت الكريمة المواليه الحيدريه
لكم جزيل الشكر على ردكم الاروع...وان شاءالله قد استفدتم من هذا الموضوع...بارك الله فيكم تقبلي تحياتي |
28-12-2012, 11:41 PM | #6 |
♠ فاطمية مبتدئة ♠
تاريخ التسجيل: Dec 2012
الدولة: السويد
المشاركات: 10
معدل تقييم المستوى: 0 |
رد: الطريق إلى الله تعالى كيف؟؟؟؟
وأصل هذا المعنى وبيانه: أن تعلم أن الله سبحانه وتعالى بلطف حكمته وجميل صنعته بهر العقول ، وامتحن أهلها ، بأن طلب من الخلق أمورا كلية عظيمة ،
وجعل مفاتيحها امورا جزئية حقيرة ، فمن استعظم الامور الموصلة إليها وتهاون عنها ، فاته ما أريد منه ، وكان ذلك من أعظم الامتحان له ، ومن توسّل بتلك الأمور الجزئية ، أوصلته إلى تلك المطالب النفيسة الكلية ، فهو لم يأت إلا الجزئي الحقير مع أنه أوصله إلى الكلي النفيس الكثير ، وذلك من أعظم السعادات له. فتدبّر هذه الحكمة البالغة ، وأمعن النظر فيها ، يظهر لك كيف أقام الحجة البالغة على هذا الخلق ، وأكمل لهم النعمة السابغة. فيا لها من نعمة!..كيف أوصلهم بهذه الجزئيات إلى هذه المراتب السامية ؟!.. ويا لها من حجةٍ !.. كيف عرّضوا أنفسهم للهلكةالدائمة ، والعقاب الأليم ، وكان يخلّصهم منها الإتيان بجزئيات حقيرة؟!.. فمن تأمّل هذه الحكمة واقتبسها من آثار أهل البيت عليهم السلام ، ظهر له معنى قوله: إنّ من استقلّ قليل الرزق حرم كثيره وأنّ مبدأ كل الشرور والمهلكات هو استقلال القليل ، واستحقار الحقير. كما أن مبدأ الخير نابعٌ من مهفوم هذا الحديث ، فإنّ مَن لم يستقلّ قليل الرزق لم يُحرم كثيره. وبعد تتبعك هذا المعنى تجد شواهده في الحبل المحكم ، والأخبار لا تُحصى ولا تُعد منها قولهم: اتقوا محقرات الذنوب وقولهم: لا تستحقروا طاعة ً، فربما كان رضا الله تعالى فيها .. ولا تستحقروا معصيةً .. فربما كان سخط الله فيها. إلى غير ذلك من أخبارهم عليهم السلام ، فاتضح للمستبصر المسترشد أن طريقة الشرع الشريف المحمدية ، إنما هي مبنية على أمور جزئية سهلة يسيرة بإذن الله موصلة إلى أسنى المطالب وأهنى الرغائب.(3) (3) إنّ هذا الأسلوب من الترغيب مؤثرٌ في النفوس التي تخشى البدء بالحركة بعد مرحلة اليقظة ، ظناً منها بأن طريق الآخرة سالبةٌ لنعيم الدنيا وملذاتها.. وأنّ الأمر يحتاج إلى مجاهداتٍ مرهقةٍ كالتي يتبعها المرتاضون من أهل الفرق المنحرفة بل الكافرة .. وأنّ الغايات لا تُنال إلا بما يلحق بالمعسورات أو المتعذرات وغير ذلك من موجبات الوهن . والحال أنّ الشريعة ما حرّمت حراماً إلا وكان - في الغالب – حـلالاً بجانبـه بدلاً عنه .. ودائرة الإلزاميات – فعلاً وتركاً – أضيق بكثير من دائرة المباحات بما لا يُقاس معه .. فأين التضييق الذي يجعله العبد ذريعةً للركون إلى ما يشبه حياة البهائم التي همّها علفها وشغلها تقممها ؟!..( المحقق ) يتبع |
28-12-2012, 11:44 PM | #7 |
♠ فاطمية مبتدئة ♠
تاريخ التسجيل: Dec 2012
الدولة: السويد
المشاركات: 10
معدل تقييم المستوى: 0 |
رد: الطريق إلى الله تعالى كيف؟؟؟؟
ويزيد هذا المعنى وضوحاً ، التأمل في الحديث القدسي ، حيث يقول رب العزة سبحانه : أن من تقرّب إليّ شبراً أتقرّب إليه ذراعاً
فإذا كان هو سبحانه يدنو إلى من دنا منه ، ويدعو إلى نفسه من أدبر عنه ، فكيف بمن أقبل إليه ، وقرع بابه؟!.. وكفاك قول سيد العابدين في دعاء السحر: وإن الراحل إليك قريب المسافة ، وإنك لا تحتجب عن خلقك إلا أن تحجبهم الآمال دونك ، أو تحجبهم الأعمال السيئة .. في بعض النسخ. فيا أيها الأخ الطالب للإقبال على الله !.. والمتمني لهذه المرتبة السنيّة ، استمع مني مقالة ناصحٍ لك ، مقتبسة من مشكاة أهل البيت عليهم السلام لا سواهم ، لأن من شذّ عنهم شذّ إلى النار وهي: إنك بعد أن علمت أن المطلوب من العبد التخلّق بالأخلاق الكريمة التي بشرفها نسبت إلى الرب ، رب العزة ، فقد ورد عنهم : تخلّقوا بأخلاق الله. شرح الاسماء الحسنى للسبزواري : 2/41 وهي أخلاق محمد (ص) وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وشيعتهم. واعلم أنّ قوام ذلك المعنى ونظامه إنما هو الجلوس على بساط الاستقامة ، ومجانبة الإفراط والتفريط ، فتقرّب إلى الله تعالى بما تيسّر لك من الطاعات ، واجتناب ما يكرهه من السيئات. واجعل بناء أمرك على عدم المسامحة والمماهلة في جزئي ولا كلي ، فكل ما تعلمه راجحاً من الأمور المعلومة الرجحان اجعل همك في فعله ، ولو كان جزئياً حقيراً في نظرك ، وكل ما تعلمه بعدم الرجحان من الأمور فاجعل همك في تركه واجتنابه، وإن كان جزئياً حقيراً في نظرك. ولا تجعل بناء أمرك على التسامح والتساهل لا في جزئي ولا كلي ، بل ليكن أمرك مبنياً على الضبط والاتقان. وإياك أن تتعلق بالإكثار من الأعمال من دون ملاحظة الضبط والإتقان ، فإن ّأمراً واحداً تتقنه وتضبطه وتوقعه على وجهه على وفق الوضع المراد ، ينتج نتيجه الألوف من الأعمال الحسنة ، لا على وجه الضبط والإتقان، بل الآلاف الكثيرة من الأعمال الحسنة غير المتقنة ، لا تنتج نتيجة واحدة من الأعمال المتقنة المضبوطة ، بل لا نسبة بينها عند أهل المعرفة والحكمة.(4) (4) هذه صورةٌ من الواقعية والمنطقية في منهج المؤلف .. فإنه يحاول أن يرفع بمستوى السالك إلى مرتبة الربط دائماً بين الأسباب والنتائج ، وإنّ الفعل لا ينبغي أن يقوم به العبد مبتورة عن الهدف الذي يسعى إليه ، ألا وهو تحقيق العبودية الشاملة لله رب العالمين .. فالفعل الكثير الذي لا يحقق الهدف لا قيمة له ، كما لو كان رياءً ، أو مزاحماً لواجب أهم ، أو موجباً للغرور والعجب ، أو داعياً لنفرة النفس من أصل الطريق .....( المحقق ) لا أقول لك: لا يقع منك الإخلال بجزئي ولا بكلي ، حتى تستعظم هذا المعنى وتقول: إنى لي به ، وأنا أنا. بل أقول لك: لا تجعل بناء أمرك على الإخلال بجزئي مسامحة ومساهلة ، فأما إذا وقع منك الإخلال بأمرٍ لغلبة الهوى ، ومخادعة النفس والشيطان، فذلك أمر آخر ، وذلك من شأن غير المعصوم ، فمقصودنا توطين النفس على عدم المسامحة والمساهلة. فهذه الجزئيات من الشرع عند المواظبة عليها ، وترك التسامح والتساهل فيها ، تفيد الترقّي والوصول إلى المقامات الرفيعة العالية ، فإن الله سبحانه قد جعلها بإذنه مفاتيح تلك الخزائن ، ومن قبض مفاتيح الخزائن بيده استغنى وفاز فوزاً عظيماً. ولولا خشية الإطناب لأوضحت إيضاحاً شافياً ، وأكثرت الشواهد عليه ، وهو حقيق بذلك ، فإنه أتقن وأضبط باب يفتح منه ألف باب من الحكمة الإلهية ، وعسى أن نزيده بياناً في الأبواب الآتية إن شاء الله يتبع |
29-12-2012, 07:17 PM | #8 |
♠ فاطمية مبتدئة ♠
تاريخ التسجيل: Dec 2012
الدولة: السويد
المشاركات: 10
معدل تقييم المستوى: 0 |
رد: الطريق إلى الله تعالى كيف؟؟؟؟
الباب الثاني في رجحان الخوض في علم الأخلاق وصرف برهة من العمر فيه اعلم أنه اشتبه الأمر على جملة من الصلحاء الأبرار ، والأخوان الصافين من الأكدار ، من أهل المجاهدة للنفس الأمّارة بالسوء ، فإنهم لما رآهم الشيطان (لعنه االله) في مقام المجاهدة النفس - الذي هو أفضل الجهاد حتى سماه النبي صلى الله عليه وآله (الجهاد الأكبر) - أراد أن يخدعهم عن ذلك ، فألقى في روعهم شبهة عظيمة من شبهه. وهي: أنّ ملاحظة المواعظ والنصائح والتذاكر بها وطلب العثور عليها والتدبر لها - ما هو قوام علم الأخلاق - أمرٌ لا راجحيّة فيه. فإن مع ما نرى من أنفسنا من العمل بخلاف ما نعلم ، يكون وبالاً وزيادة في إقامة الحجة على العبد ، فيكون التغافل والتناسي مع هذا الحال أحق وأحرى ، فإنّ ذنب العالم ليس كذنب غير العالم ، وأنه كلما قلّ علم الإنسان واطلاعه على التحذيرات ، وأنواع التهديدات يكون أقلّ امتراء ، وأقرب إلى المعذورية ، وأنه ليس من لا يعلم كمن يعلم. وإني لمّا سمعت منهم هذا المعنى ، وعلمت أنه من خدع الشيطان الرجيم (لعنه الله) نبّهتهم على رواية رواها الشيخ الحرّ في - الجواهر السنية في الأحاديث القدسية- وفيها قمع هذه الشبهة من أصلها ، وإبطالها من رأسها. ومعنى الرواية أن الله سبحانه يقول : لا تقولوا : نخاف أن نعلم ولا نعمــل ، ولكن قولوا : نعلم ونرجو أن نعمل ، فإني ما أتيتكم إلا وأنا أريد أن أرحمكم بها. الجواهر السنية - باختلاف وهذا الخطاب الإلهي أقمع هذه الشبهة ، ولولا مخادعة الشيطان لما كان محلاً للاشتباه حتى يحتاج إلي الإزالة ، ولكن كفى بهذا البيان الإلهي قامعاً .. ونزيدك بياناً تعرف به جلية المسألة في العلم والعمل وثمرة كل منهما ، ويتجلّى لك ما وضع لأجله الباب من رجحان هذا العلم وثمراته فنقول: إنه من المعلوم أنه لا نفع للعلم بدون العمل ، كما لا نفع للعمل بدون علم ، ولكن العبد مأمورٌ بكل منهما ، وكل واحد منهما يؤكد صاحبه ويقوّيه. فمن اتخذ العلم لا للعمل بل ليفتخر به ، ويستر بمحاسن العلم وشيوع الجمال وبهائه بين الناس ، قبحَ أفعاله وخصاله القبيحة ، فلا شكّ أن هذا قرين إبليس اللعين ، وعلمه وبالٌ عليه ، وعلى غيره ، وإنّ أهل النار يتأذّون به ، وهو من الذين يحملون أثقالهم ، وأثقالاً مع أثقالهم ، وهو شيطان في صورة إنسان - نعوذ بالله منه -. وكذا من اتخذ العلم عادة اعتادت عليها نفسه (1)..... (1) إشارةً إلى نقطةٍ مهمةٍ لا ينبغي أن يغفل عنها الخواص .. فإنّ العلم ليس إلا انكشافاً للواقع في الذهن في أفضل حالاته .. وإلا فإنّ حالات عدم المطابقة والجهل المركب هو الشائع في كل العلوم .. وعليه فإنّ احتراف تخزين صورة الواقع في الباطن والتلذذ بذلك - كمن يستلذ بجمع الكتب في الظاهر - لا يمكن أن تُعدّ عملية مقدسة توجب بنفسها قرباً للعبد إلى الحق المتعال ، وعليه فإنّ العلم المتراكم بلا عملٍ قد يتحول إلى شغلٍ شاغلٍ تألفه النفس ، فلا يعود العبد يفكّر بعدها للعمل ، شغلاً بما فيه من الإنكشافات الذهنية التي لا قيمة لها في الخارج..( المحقق ) .....ورياء وسمعة بهذه الصورة الممدوحة بين الناس من دون بصيرة ولا معرفة ، فهذا حمار مربوط ملحق بالأول ، وإن كان أقلّ منه ضرراً على العباد. وأما من كان عاقلاً فهماً ، وطلب ما به صلاح نفسه وسعادته في داريه ، وهو المتوجّه إلى الله الطالب ما عند الله ، وهو المقصود بخطابات هذا الفن لتربيته وترقيه فيما هو طالب له ، فليعلم أنه كلما انفتح له باب من العلم سهل له العمل به ، وزاده نشاطاً ورغبةً فيه ، وكلما عمل بما علّمه الله من العلم أورثه ذلك علم ما لم يعلم ، وزاد في علمه ، كما في أخبار أهل البيت عليهم السلام حيث قالوا : إنه من عمل بما علم أورثه علم ما لم يعلم. فيكون في الحقيقة عمله نوعاً من العلم ، حيث إنه مورث له ومحصل له ، فيدخل تحت طلب العلم الذي تواترت الروايات بفضله ومدحه. كما أنّ علمه وتعلمه وتعليمه من أفضل أفراد العلم ، فعند ذلك تتم للعبد السعادة بالعلم الباعث على العمل ، والعمل المنبعث عن العلم ، والسعادة وإن تمت بالمجموع المركب من العلم والعمل ، إلا أن أفضل الجزءين عند الله إنما هو العلم ، وبه يقع التفاضل بين الأولياء. قال مولانا أمير المؤمنين (ع): مسحة من المعرفة خير من كثير من العمل ، وما هما إلا كالنيّة والعمل ، والفضل للنيّة .. وكالروح والجسـد ، والفضل للروح. وفيما ذكرناه كفاية لمن طلب الهداية ، والله ولي التوفيق. يتبع |
29-12-2012, 07:23 PM | #9 |
♠ فاطمية مبتدئة ♠
تاريخ التسجيل: Dec 2012
الدولة: السويد
المشاركات: 10
معدل تقييم المستوى: 0 |
في بيان أن الله خلقنا للسعادة الدائمة ، أعدّها لنا وأعدّنا لها
.الباب الثالث
في بيان أن الله خلقنا للسعادة الدائمة ، أعدّها لنا وأعدّنا لها اعلم أن الإنسان خُلق للحياة الدائمة والعيش السرمدي ، وعمر الآخرة لا نهاية له ، وقد جعل الله هذه الدنيا مزرعةً للآخرة ، ورتّب الجزاء في الآخرة على الأعمال في هذه الدنيا ، فكان تأهل العباد لتلك السعادة الأبدية بهذه الأعمال الدنيوية.(1) (1) ان الالتفات الى قِصَر العمر في الحياة الدنيا لمن دواعي اليقظة والحركة للسالك، فان الإنسان بطبيعته يحب نفسه ويحب لها النفع والخلود وان اشتبه في تشخيص مصاديق النافع والضار ، كما هو الواقع خارجا.. وعليه فإن استيعاب قِصَر الحياة ، وان اللامحدود يتحدد سعادةً وشقاءً بهذا العمر المحدود مما يجعل كل آن فيه يقابل اللامحدود ومن المعلوم أن هذه المقابلة الوجدانية – وهي مدعوته بالشرع والنقل – يحول الإنسان على موجود حريص على كل فترة من حياته أضف إلى حرصه لانتقاء أفضل الأعمال التي يملأ بها هذا الوقت القصير الذي سيحدد مصير الأبد في الجحيم أو النعيم!.( المحقق ) ولا ريب أنّ هذه الأعمار القصيرة ، والمدة القليلة ، لو استغرقت بالعبادة بحيث لم يعص الله فيها طرفة عين ، ولم يصرف مقدار نفس من الأنفاس إلا في طاعة الله ، فهي مع ذلك قاصرة وناقصة بالبداهة والضرورة عن الأهلية للمقابلة ، ومقام المعارضة والمجازاة. فلا بدّ بمقتضى الرأفة الإلهية والرحمة الربانيّة ، أن يفتح لهم أبواباً من أبواب كرمه ، يؤهلّهم بها لمقام الجزاء بما لا انقضاء له ولا فناء ، إذ كل نعمه ابتداء ، وكل إحسانه تفضّل. فأول ما تفضّل به عليهم بجوده وكرمه ، أن جعل أعمالهم غير منقطعة بانقطاع آجالهم ، ولا منتهية بانتهاء مددهم ، بحيث جعلها يمكن أن تكون منطبقة على عمر الدنيا ، ومستغرقة لأيام العمل ووجود العاملين ، وذلك بأن جعل من أحكام دينه التي حكم بها ، أنّ من سنّ سنّة هدى فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، كما أنّ من سنّ سنّة ضلالة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة وكذلك جعل من أحكامه أنّ الوالدين شركاء مع أولادهما فيما يعملون من أعمال الخير ، بمقتضى التسبب والعلية للوجود ، وهذه سلسلة غير منقطعة. وكذلك جعل ثواب بعض الأعمال أن يخلق منها ملائكة يعبدون الله إلى يوم القيامة ، ويكون ثواب عبادتهم لصاحب العمل. وكذلك فتح لهم باب التنزيل ، فنزّل العمل ليلة واحدة بمنزلة العمل في ألف شهر ، بل أخبر الله سبحانه فقال : { ليـلة القدر خير من ألف شهر }. وجعل تفكّر ساعة بمنزلة عبادة ستين سنة(2)، على ما في بعض الروايات. (2) ورد في المصدر (تفكر ساعة خير من عبادة سنة ) .. وأما عبادة ستين سنة فقد روي بالنسبة لمن مرض يوما بمكة ولمن تعلم حديثين اثنين ينفع بهما نفسه أو يعلمهما غيره فينتفع بهما ولمن عدل ساعة ومن مرض ليلة فقبلها بقبولها معنى القبول كما ذكره (ع) : لا يشكو ما أصابه فيها إلى أحد .(المحقق ) وجعل مبيت ليلة عند أمير المؤمنين (ع)، تعدل عبادة سبعمائة سنة. وجعل قضاء حاجة المؤمن يعدل عبادة تسعة آلاف سنة ، صائماً نهارها قائما ليلها وجعل صيام ثلاثة أيام من كل شهر ، قائمة مقام صيام الدهر. كل ذلك تعطفاً منه على عباده المؤمنين ، وتفضلاً ليؤهلهم لأن يوصلوا إلى رتبة استغراق عمر الدنيا بالطاعة ، حتى يكون لهم شوق التأهل بهذه المرتبة النفيسة بجوده وكرمه. ثم ذلك قليل في جنب ما يريد أن يؤهلهم عن استغراق مدة الأمد والسرمد بالعبادة والطاعة له عزّ وجلّ ، فأكمل لهم الامتنان ليتم لهم الأنعام ، بأن فتح لهم باب الجزاء على النية التي هي خير من العمل ، فجعل نيات المؤمنين أن لو خُلّدوا في الدنيا لداموا على طاعتهم لله عزّ وجلّ ، فأثابهم على ذلك ثواب الدائمين على طاعته ، وجعل جزاءهم على هذه النيات الخلود في الجنة. كما أن الكفار بسوء نياتهم ، وأنهم لو داموا لداموا على معصيته ، جعل جزاءهم الخلود في عقابه. فيا أيها الأخ المسترشد !.. اعلم أنّ أعمالك مبنيّة على الدوام لا على الانقطاع ، وإن كنت تراها منقطعة ، ففي بعض الأخبار: أن السعيد من ماتت سيئاته بموته. يعني من سعادته أن لا يُعمل بها بعده ، وإلا فإذا عمل بها اقتداء به واقتداء بمن اقتدى به ، كان عليه وزرها إلى يوم القيامة. فالمعصية والعياذ بالله مقتضاها التسلسل... إلا أن يتعطف الله بمحوها وإزهاقها. فاحذر كل الحذر من المعاصي !.. فقد تؤثر في الأعقاب وفي أعقاب الأعقاب ، وارغب في الطاعات !.. فإنّ ما كان لله ينمو، ومن نموه أن يؤثر بعده إلى آخر الدهر، وفي الأعقاب وأعقاب الأعقاب إلى يوم القيامة ، فتيقّظ ولا تكن من الغافلين(3) (3) إن كتب القوم جميعا لا تخلو من هذه الوصية ، فان العاكف على الذنب ولو كان صغيرا لا إستعداد له للسير في هذا السفر الذي يحتاج في اصله ان يكون المسافر فيه مقبولا لدى مولاه .. فان النجاح في هذا الطريق يتوقف على النفحات الإلهية الآخذة بيد العبد ، وهي لا تتأتّى لمن يتعرض لسخط لمولاه صاحب تلك الفنحات ، ومن المعلوم أن الذنب - وان كان صغيرا - إلا أن من الذي أذنبنا بحقه كبير ، بما يجعل المعصية بين يديه سوء أدبٍ عظيم ، يوجب الخجل والوجل بعد الالتفات إليه.. ومن هنا كان ديدن جميع من سلكوا هذا الطريق هو الاستغفار المتواصل لتجديد العهد بالرب الذي ما عرفناه حق معرفته وما عبدناه حق عبادته .. وأما استغفار الأنبياء والأوصياء (ع) فإنما هو لإظهار التذلل والتعظيم ، بالإضافة إلى تبدل حالاتهم في بعض الأحيان من الأعلى إلى العالي ، وهذا كافٍ لأن يوجب لهم طلب الاستغفار دائما.(المحقق) يتبع |
29-12-2012, 07:27 PM | #10 |
♠ فاطمية مبتدئة ♠
تاريخ التسجيل: Dec 2012
الدولة: السويد
المشاركات: 10
معدل تقييم المستوى: 0 |
فلا تغفل عن أخذ حظك من حسن الظنّ
الباب الرابع
في ذكر بعض الطرق إلى الله تعالى اعلم أنّ الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق (1) ...... (1) هذه من الحقائق التي تزيد العبد بصيرة في سيره إلى الله تعالى ، فليست هنالك معادلة ثابتة في جزئيات السير اليه ، فلكل زمان ، ومكان ، وفرد ، وظرف، موجباته وموانعه ..فلذلك تعددت السبل ، وإن اتحد الصراط ، فجمع الأول وافرد الثاني في القرآن .. ومن هنا لا ينبغي التأسي بخصوصيات السالك الفردية - وإن كان واصلاً - لأن لكل فردٍ ظرفه وتكليفه.. ومعرفة السبيل الأنسب من بين السبل ، شاغل لبال السالكين جميعا.. فليست هناك مشكلة في الحكم الشرعي الالزامي لإمكان معرفة ذلك من خلال ما ورد في الفقه ، وإنما المشكلة كامنة في الاحداث والوقائع الشخصية التي لا دور للفقه فيها كموارد تزاحم الأهم والمهم ، وهنا يحتاج السالك إلى بصيرة نافذه في معرفة السبيل الأقوم في مقابل السبل المستقيمة الأخرى ، وهي إما أن تحصل بالإلقاء في الروع والاحساس اليقيني بذلك ، أو بالتسديد القهري بوضعه على الطريق ولو مع عدم الاحساس بذلك ، او عن طريق اشارات اهل المعرفة الذين فتحت لهم الأبواب ، فناجاهم الله في فكرهم ، وكلمهم في ذات عقولهم فاستصحبوا بنور يقطة في الاسماع والابصار والافئدة وقد قال النبي (ص) اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله.( المحقق ) .......فلكل أحد من الخلق طرق إلى الله بعدد أنفاس كل الخلائق ، والشقي من ضاقت عليه رحمة الله التي وسعت كل شيء. واعلم أنه لا طريق أنجح من حسن الظن بالله ، فإنه في ظنّ عبده المؤمن ، إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر. والناس قد عودوا أنفسهم بمقتضى تسويل النفس والشيطان على سوء الظنّ بربهم ، ومسارعة أذهانهم إلى التفاؤل بالسوء واليأس من الفرج بمجرد مشاهدة آثار الابتلاء ، والتخوّف من شدة البلاء ، متيقنين في ذلك ، فيقعون فيما فرّوا منه ، ويجري عليهم ما تفاءلوا به من البلاء، فإنه والعياذ بالله نوع من سوء الظنّ. وقد عرفت أنه بسوء الظنّ يتأهل العبد لأن يعامل بسوء ظنه ، إلا أن يعفوالله سبحانه. والنبي (ص) كــان يحب التفاؤل بالخير ، ويكــره الطِّيــرة. والطِّيرة على حسب ما يراها صاحبها ، إن رآها شديدة كانت شديدة ، وإن رآهـا خفيفة كانت خفيفة ، وإن لم يـرها شيئاً لـم تك شيئاً فيجب على المؤمن المقتفي آثار أهل البيت ، أن يعوّد نفسه على حسن ظنّه بربه ، فيرجو من الله بالقليل الكثير ، فهو سبحانه الذي يُعطي الكثير بالقليل ، وكلما تؤمله منه وتظنّه به سبحانه وتعالى من أصناف الخير وكرمه فوق ذلك ، وظنّك له نهاية ، وكرمه سبحانه لا نهاية له ، وهو سبحانه قد أخبرك بأنه في ظنّك الحسن ، وعند ظنّك الحسن ، وقد قال مولانا أمير المؤمنين (ع): من ظنّ بك خيراً فصدِّق ظنَّه. فإذا كان حكمه على عباده ، الجاري على لسان أوليائه ، أن يصدقوا ظنّ من ظنّ بهم خيراً ويحققوا ظنّه ، فهو سبحانه عزّ وجلّ أولى بذلك. بل يستفاد من الأخبار وتتبع الآثار ، أن كل من يحسن الظنّ بشيء يصدق الله ظنّه ، ويجري له الأمر على وفق ظنّه الحسن ، وكأنه من أفراد حسن الظنّ بالله ، إذ معنى ظنّ الخير بهذا الشخص يرجع إلى الظنّ بأن الله أودع فيه ذلك الخير للمقدمة المطوية المعلومة من أن كل خير من الله ، فالله سبحانه يصدق هذا الظنّ. وقد جاء خبر صريح بأن من ظنّ بحجرٍ خيراً جعل الله فيه سرّاً ، فقال له الراوي: بحجر!.. فقال له الإمام (ع): أو ما ترى الحجر الأسود(2). (2) لم ار الحديث في المصادر التي كانت متاحة لدي .. والرواية على فرض الصدور ، تريد أن تشير إلى أن عناصر هذا الوجود كلها قابلة لتلقي الفيض الخاص من المولى.. فان الموجودات وان كانت متساوية المثول بين يديه ، إلا أن المبدع لها - ولأمور لا يعلمها إلا هو - يختص بعضها بلطفه كالبقاع الشريفة ، والازمنة المباركة ، فتتحول بعد التشريف الانتسابي إلى شأن من شؤونه ، فتتميز في خواصها واثارها عما يشابهها من الموجودات .. فهذا قميص يوسف يلقى على وجه ابيه فيرتد بصيرا .. وهذا التابوت فيه سكينة من ربهم .. وهذه قبضة من اثر الرسول تعمل الأعاجيب .. وهذا الحجر الأسود – كما في الرواية – جعلها الله تعالى يمينه في الأرض .. هذا كله في عالم الجمادات ، فكيف اذا تحقق الأمر في عالم الناطقات ، وهي النفوس التي استسلمت لربها عن رضىً واختيار كنفوس المعصومين (ع)؟!..( المحقق ) فيستفاد من هذا أنّ الله سبحانه وتعالى ، يصدق الظنون الحسنة من المؤمنين من بعضهم في بعض ، ويحقق لهم ذلك. ومن ذلك تصديق شهادة من يشهدون للميت بأنهم لا يعلمون منه إلا خيرا ً، للتنبيه على حسن الظنّ ، بل على عدم العلم بغير الحسن.. وقد ورد الحديث بأن الله يجيز شهادتهم ، ويغفر لهم وله ما يعلم لما لا يعلمون. فمقتضى حسن الظنّ أن يجريه الله للظانّ ولمن ظنّ به الخير ، إلا أن يمنع مانع قوي من جريانه في من ظنّ به ، فيجريه الله للظانّ. كما في بعض الأخبار أنّ الرجل قد يكرم رجلاً على أنه من أهل الخير ، فيدخله الله بذلك الجنة ، وإن كان في علم الله أن ذلك المكرم من أهل النار ، فهذا مما منع فيه المانع القوي من إجراء الظنّ في من ظنّ به فأجري للظانّ. والحاصل أنّ من امتثل ما أمر به من حسن الظنّ لإخوانه المؤمنين لا يخيب ، إذ هو إما أن يصدق ظنّـه ويقلب الأمر على وفق ظنّه برحمة الله ، أو يجري له ظنّه في حقه ، ولا يضرّه تخلّف ذلك في المظنون به الخير. وهذا باب عظيم في حسن الظنّ بالمؤمنين ، ولعله على هذا ابتني الأمر في قبول صلاة الجماعة ، فإنّ المأمومين أحسنوا الظنّ بالإمام ، وجعلوه واسطة بينهم وبين الله في قبول صلواتهم ، فأعطاهم الله ذلك فقبل صلاة الجميع بحسن الظنّ به. إلى غير ذلك من موارد حسن الظنّ ، كالذي يشرب من سؤر المؤمن تبركاً به ، وكماء زمزم فإنه لِمَا شُرب له ، قال الشهيدان: وقد شربه جملة من الأكابر لمقاصد دينية ودنيوية فنالوها . فلا تغفل عن أخذ حظك من حسن الظنّ. |
مواقع النشر (المفضلة) |
الفاطميات الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 (0 فاطمية و 1 زائرة ) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أريد أن أسير في الطريق إلى الله تعالى، | رمز الهدوء | اسلاميات - برامج اسلامية, منوعات, دروس ,محاضرات أخلاق آداب إسلامية, مسابقات اسلامية | 11 | 06-07-2011 02:23 PM |
الطريق ألى الله تعالى | فاطمة25 | اسلاميات - برامج اسلامية, منوعات, دروس ,محاضرات أخلاق آداب إسلامية, مسابقات اسلامية | 4 | 03-07-2011 10:21 PM |
كيف نسلك الطريق إلى الله ؟ | nono moon | اسلاميات - برامج اسلامية, منوعات, دروس ,محاضرات أخلاق آداب إسلامية, مسابقات اسلامية | 4 | 13-10-2010 11:06 PM |
الطريق إلى الله | جنة المجتبى | أهل البيت (عليهم السلام) سيرة اهل البيت - مكتبة اهل البيت - موسوعة شاملة عن أهل البيت (ع) | 5 | 31-03-2010 03:37 AM |