اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ الْحَياةِ (2)

[مناهل]

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف خلق الله سيد الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم ومنكر فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين
رب انطقني بالهدى والهمني التقوى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى : ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ﴾ (1) صدق الله العلي العظيم.

( اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ في اَرْضِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ اللهِ في خَلْقِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ الَّذي يَهْتَدي بِهِ الْمُهْتَدُونَ وَيُفَرَّجُ بِهِ عَنِ الْمُؤْمِنينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الْمُهَذَّبُ الْخائِفُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الْوَلِيُّ النّاصِحُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا سَفينَةَ النَّجاةِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ الْحَياةِ، اَلسَّلامُ (2)
الحديث عن الحياة حيث أنه هو عين الحياة لا يبدو في ظاهر الأمر أن معنى الحياة شيء يحتاج إلى تعقب وبحث ولكن في تدقيق النظر في معنى الحياة وآثارها ومراتبها تتخذ المسألة بحث أوسع وأكبر من إمكانياتنا وطاقتنا ولكن ما نسعى إليه هو أن نفتح هذه الأبصار وهذه القلوب على هذا النبع والنهر الرباني الذي أمدنا الله به وأمد الوجود به .

الحياة حقيقة سهلة وواضحة وبينة من جهة ولكن في غاية العمق والصعوبة والسرية من جهة أخرى . الإنسان حينما يشاهد الموجودات ويتعامل معها يجد أنها نوعان نوع لا إحساس له لا إدراك له لا إرادة لدية حاله لا يتغير من حيث فقدانه لشيء خلاف واقعه الملموس .

وهناك موجودات أخرى خلف وجودها الملموس شي آخر إذا فقد تتغير الحيوان إذا فقد الحياة مع بقاء كامل وضعه الجسمي والمادي يتغير يفقد شيئا يخسر جزءا من وجوده هذه الموجودات التي لها هذه الرتبة يكون لها حياة الموجودات التي ليس لها رتبة قد يتغير بعض أجزاء جسمها المادي ولكن لا شيء يحدث لها خلاف تغيراتها الجسمية المادية .

ما نسميه حياة ليس درجة واحدة ولا استقرار واحد ولا ذو آثار واحده. ما ندركه من معنى الحياة هو أن المبدأ للإدراك للعلم للقدرة للمشاعر هذا ما نسميه حياة هو الأساس الذي ينبني عليه الإحساس ينبني عليه العلم والمعرفة والإرادة والحب والشعور والأنس وخلافاتها الجهل والبغض وضعف الإرادة والشعور بالكراهية واستقباح الأشياء وهذه الأمور تنشأ من منشأ واحد وهو الحياة فإذا وجدت هذه الأمور وجدت الحياة وإذا فقدت الحياة فقدت هذه الآثار وبصورة مختصرة الحياة هي المنشأ لجميع هذه الحقائق والأمور..

ولو أردنا أن نركز على المنطلقات الأساسية للحياة فلها ركيزتان:
الأولى: هو العلم فالركيزة الأولى لمعنى الحياة هو الإحساس والعلم معرفة وإدراك ما حوله انعكاس ما حلوه على وجوده يشعر بالحر والبرد والحاجة للغذاء فهذه كلها ادراكات وعلوم ومعارف تجتذبها الحياة .
الثانية: هو الجذب في مقابل التلقي والحي هو الذي يتلقى ويدرك ما حوله والحي هو الذي يؤثر فيما حوله فهو لديه محبة وشوق وإرادة وقدرة على التأثير فيما حوله وهاتين الركيزتين التأثر والتأثير أي التأثر الصحيح والإدراك الصحيح لما حوله وبقية الأمور تنطلق وتنبعث من هذين الأمرين فإذا وجد في المخلوق هذين الجانبين التأثر واشرنا إلى التأثر والمعرفة الحقيقية لا الخيالية وكلما كان إدارة لما حوله أتم واشمل كلما كان مستوى الحياة عنده أرقى وكلما كان تأثيره وفعله وإعانته ودفعه للخطر أعلى كلما ترقى مستوى الحياة .
ومراتب الحياة تتكئ على مستوى إدراكه ومعرفته من جهة ومستوى إرادته من جهة أخرى ..
وينطلق تحت هذه العناوين كل عناوين الحياة الرغبة والحب والشوق كلها من آثار ومما يمتد ويستقي من عنوان الحياة فكلما ازدادت الحياة قوة كلما زاد إدراك الإنسان للحقائق وتأثيره في الأمور أكثر وكلما ضعفت الحياة عنده كلما كان إدراكه وتأثيره في الأشياء اضعف وأقل أثرا.

هل نستطيع أن نضع أيدينا وان ترتقي مداركنا إلى معرفة درجات الحياة ؟ هل هذه المدارك مفتوحة أمامنا ؟ كيف نستطيع أن ندرج في الرقي بمعنى الحياة في ذواتنا .. ما هي المراتب التي تنقسم إليها الحياة؟

المرحلة الأولى: الحياة في درجتها الأولى التي يشترك فيها الكثير من الموجودات معنا ، يماثلنا الكثير من الموجودات قال الله تعالى : ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سلالة مِّن طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً في قَرَارٍ مَّكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخالقين..﴾ (3 ) هذه الآية تتحدث عن الأطوار التي يمر بها الإنسان نطفة في مقرها ثم علقة ثم هذه العلقة تتحول إلى مضغة ثم عظام وثم كسونا هذه العظام لحماً وهي درجة من درجات تطور هذا الموجود وترقية ثم يحدث تغير هائل يختلف عن التغير الجسمي والمادي ﴿ ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخالقين﴾ هذا الموجود الذي كان شكلا من أشكال التغير المحصور الذي لا نشعر بوجود حياة فيه ولكن ﴿ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخالقين..﴾ وهذه الدرجة هي منطلق الوجود الحي الذي يصل له الإنسان وبعدها يبدأ يسمع ويبصر ويتأثر ويحزن ويفرح ... يصبح مخلوقا حياً منفعلا وفاعلا ... يولد الطفل ويأخذ في النمو الفكري والنمو الاجتماعي والبدني والإدراكي للأشياء وهذه إلى الآن مرتبة يتفق فيها الإنسان إلى حد كبير مع الحيوانات و لو بقي الإنسان في هذه المرتبة لبقي في المرتبة الحيوانية .

كيف ينتقل الإنسان من هذه المرتبة إلى المرتبة الثانية ؟
قال الله تعالى: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ... وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ... وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ... وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاء وَلا الأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ﴾ (4) لعل هذه الآية تقسم الناس إلى قسمين الأعمى لا يستوي مع البصير والظل لا يستوي مع الحرور والأحياء لا يستوون مع الأموات فمن هذه المخلوقات من سوف يبقى في درجة الحياة الأولى درجة البهيمية ولكن من هذا الذي يبقى في درجة البهيمية؟ ﴿إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ ﴾ (5) الذي لا يستجيب لرسول الله سوف يبقى بهيمة وهذا بحسب بيانات كتاب الله هذا لا زال مثل الميت إذا قورن بالذي آمن برسول الله وآمن بما جاء به رسول الله والأنبياء من الحق هذا الإنسان سوف يبقى في مستوى البهيمية قال تعالى ﴿إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ﴾ (6 ) الإنسان الذي تبقى معرفته في حدود المادة وان اتسعت وفي حدود الملموسات وإن توسعت، كثير من الناس يدرك الأفلاك وعلاقتها والقوانين الفيزيائية ولكن كل هذا يبقى تحت إطار العناصر الملموسة المحسوسة ﴿إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ..﴾ هؤلاء بعدهم لا يزالون في القبور إذا قورنوا بمن في الدرجة الثانية .. بعد اتخاذ الإنسان قراراه بالإيمان أو الكفر فإنه يكون اتخذ قراره بالترقي إلى الدرجة الثانية من درجات الحياة أو الاندكاك والبقاء في الدرجة الأولى من درجات الحياة ..

المرحلة الثانية: قال الله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ ﴾ (7 ) هناك أشخاص آمنوا بالله وضموا إلى الدرجة الأولى من الحياة وقسم آخر وهؤلاء أيضا قسمين قسم بقي على مجرد الإيمان وإدراك الحقائق القرآنية ولكن لم يكن له قدم سبق ولم يكن له قدم ثابتة ولم تنطبع حياته بانطباع هذه الفطرة وربما إذا صح لنا أن نقيم لقلنا أن هذا حال الأغلب والأعظم من الناس ولكن هناك قسم آخر يعبر عنه القرآن ﴿قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ هؤلاء تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا هناك عناية من الله تتولى الملائكة تبشيرهم بها وتدفع الخوف عنهم وتنفتح أمامهم من أشكال وتنوعات الإدراك والمعرفة ما تعجز عن تخيله وإدراكه العقول المحصورة .

قال الله تعالى ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ (8 ) تتحدث عن حياة أخرى كما يذكر ذلك السيد الطبطبائي أن الآية لم تقل فالنجعلنّ حياته طيبة ولكن الآية تقول فَلَنُحْيِيَنَّهُ أي كان فاقدا وجعل له حياة أخرى لم تكن له قبل هذه الاستقامة على العمل الصالح و من استقام على العمل الصالح وهو مؤمن فإن الله يعده أنه سوف يرتقي للمرتبة الثالثة من مراتب الحياة وهذه الحياة صفاتها .. أن الله يسمعهم ﴿إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ..﴾ ومن هنا نعلم أن الإسماع من الله يكون عبر رسوله فمن يستجيب لرسول يصبح يسمع كلام الله نحن حينما نقرأ القران نحن نسمع كلام الله هذه الشريعة هو إسماع لنا .

المرتبة الثالثة: ما هي خصائص هذه المرتبة ؟ الآية وضحت هذه الحياة التي يبعثها الله في حياة الإنسان إن من استقام على إيمانه أي أصبح إيمانه مسلك وطريق له فالله يمن عليه بعطاء آخر وهي المرتبة الثالثة من مراتب الحياة وهذه الحياة وصفتها الآية القرآنية أنها حياة طيبة ، نحن في حياتنا اليومية هناك الكثير من الأمور ليست كما نحب ولذلك حتما حياتنا غير طيبة أما الحياة التي يعطيها الله لهؤلاء فإنها حياة تسير طبق رغباتهم وأمانيهم وما يتمنونه فحياتهم طيبة ليس فيها منقصات .. هذه الحياة منبعها هو سيدنا ومولانا صاحب العصر والزمان.

....................................
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ الْحَياةِ (1)

سماحة الشيخ عبد المحسن الطاهر النمر
(1) سورة الملك 30
(2) مقطع من زيارة الإمام عين الحياة عجّل الله تعالى فرجه الشريف الوالدة في كتاب جمال الاسبوع
(3) سورة المؤمنين 12
(4) سورة فاطر 20
(5) سورة فاطر 22
(6) سورة الفرقان 44
(7) سورة فصلت 30
(8) سورة النحل 97


حفظكم الله وسددكم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف

منقول
رحم الله من قرأ الفاتحة لروح الموتى من المؤمنين والمؤمنات تسبقها الصلوات

[تفاحة الجنان]

اللهم صل على محمد وآل محمد
مشكوره
تسلم ايدك
وربي يعطيك العافيه

["كبرياء زينب"]

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد

بارك الله بكم أختي
العزيزة
وفقتم لما يرضي الباري
يارب

[المواليه الحيدريه]

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرج قائم ال محمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخت الفاضلة
رائع ماسطرت أناملكِ الكريمة
جعل الله كل حروفكِ النورانية المباركة في ميزان حسناتكِ
الله لاحرمنا جديدك القادم
دمت بودي وباقات ورودي

[مناهل]

بسمه تعالى
السلام علييكم

شكرا لكم عزيزاتي


بوركتم