حب الله وأثر ه على النفس البشريه

[عشقي حسيني]

إن حب الله سبحانه وتعالى هو أساس الكمالات ، وهو السبب في السعادة البشرية، وهو المحرك نحو التخلق بالأخلاق الفاضلة، وهو الداعي لنيل الدرجات الأخرويةوالمبادرة الى الطاعات مع اللذة وعدم السأم والملل والتذمر،بل هو أساس التضحيات الحقة من أجل إسعاد البشرية، ألا ترى الامام الحسينعليه السلام والمصائب التي بلي بها والنوازل التي قصمت ظهره الشريف ،

هل هناك شيء أعظم من فقد الأولاد وقتلهم في سبيل الله أمام ناظريه ؟

هل هناك شيء أعظم من فقد العشيرة والإخوان ورؤيتهم بتلك الحال ؟

هل هناك أغلى من النفس ؟ يا ترى مع ماحل به عليه السلام هل تأفف وتأوه وأخذ يتضجر من هذا أو أنه قال مقالته المشهورة بأبي وأمي ( هون مانزل بي أنه بعين الله)أي أن ماحل بي وبأهل بيتي وعشيرتي هين في سبيل ارضاء الله سبحانه وتعالى وما ذلك إلا لحبه عليه السلام لمولاه جل وعلا.

لننظر في بعض مقاطع الدعاء العظيم والمشهور بدعاء الإمام الحسين عليه السلام يوم عرفة ولنجد أثر الحب في إمامنا الحسين عليه السلام : (وأنا أشهد يا الهي بحقيقة ايماني وعقد عزمات يقيني وخالص صريح توحيدي وباطن مكنون ضميري وعلائق مجاري نور بصري …)

إلى أن يقول عليه السلام: وعروقي وجميع جوارحي وما انتسج على ذلك أيامرضاعي وما أقلت الأرض مني ونومي ويقظتي وسكوني وحركات ركوعي وسجودي أن لوحاولت واجتهدت مدى الأعصاروالأحقابلوعمرتها أن أؤدي شكر واحدة من أنعمكمااستطعت ذلك إلا بمنك الموجب علي به شكرك أبدا جديدا وثناء . طارفا عتيدا… إلى آخره من نفائس هذا الدعاء .

هذامافعل الحب بالامام الحسين عليه السلام ولننظر في كلام سيد الموحدينمولانا أمير المؤمنين عليه السلام في الدعاء المشهور الذي علمه كميل بنزياد النخعي وهو من خواص أصحابه بقوله عليه السلام : ( … ياإلهي وربي وسيدي ومولاي ، لأي الأمور إليك أشكو ، ولما منها أضج وأبكي ،لأليم العذاب وشدته أم لطول البلاء ومدته ، فلئن صيرتني للعقوبات معأعدائك ،وجمعت بيني وبين أهل بلائك وفرقت بيني وبين أحبائك وأوليائك ،فهبني ياإلهي وسيدي ومولاي صبرت على عذابك ؛ فكيف أصبر على فراقك …)

[ملاحظة :الأمام أمير المؤمنين عليه السلام عندما يقول هذه العبارات ليس لأنه مذنب سيدخل النار كما قد يتوهم البعضفهو عليه السلام معصوم من الزلل والخطأ لكن لشعوره بالتقصير أمامالله سبحانه وتعالى وأنه مهما فعل من الطاعات والتضحيات فأنه يرى نفسه مقصراولم يفعل شيئا يذكر ؛فهو من باب أن سيئات المقربين حسنات الأبرار؛فهوبأبي وأمي يحترق بنار الحب والشوق ويحس بالآلام نتيجة هذا الحب لأن منبععبادته الحب وليس الطمع في الجنة والخوف من الناربل لأنه وجده أهلاللعبادة فعبده ] .فهو عليه السلام يرىأن الناروحرارتها واحراقها مع أنه لايحتمل ولكن لو فرض هناك طاقةللصبرعليها فان الحب الذي هوأشد حرارة من النار بمراتب لايحتمل ولايطاق .

وأيضا مقولته المشهرة عليه السلاموأنه ما عبد الله خوفا من ناره أو طمعا في جنته بل لإن الله سبحانه وتعالى مستحق للعبادة فعبده .

وإليك بعض الأدعية التي في الصحيفة السجادية [سميت بذلك نسبة ألى الأمام السجاد علي بن الحسين عليهما السلام والتي هيعبارة عن أدعية ذات مضامين عالية في جميع القول التربوية والأخلاقية وغيرها ] . زبور آل محمد صلىالله عليه وآله والتي تضمنت الأدعية الماثورة عن الأمام السجاد عليه السلام ،هاك هذا المقطع من مناجاة المريدين ( ... فيامن هو على المقبلين عليه مقبل ،وبالعطف عليهم عائد مفضل ، وبالغافلينعن ذكره رحيم رؤوف، وبجذبهم إلى بابه ودود عطوف ؛أسألك أن تجعلني من أوفرهمحظا ؛وأعلاهم عندك منزلا ، وأجزلهم وعندك قسما ، وأفضلهم من معرفتك نصيبافقد انقطعت اليك همتي ، وانصرفت نحوك رغبتي فأنت لاغيرك مرادي ، ولكلالسواك سهري وسهادي ، ولقاؤك قرة عيني ، ووصلك منى نفسي ، واليك شوقي وفيمحبتك ولهي ، وإلى هواك صبابتي ، ورضاك بغيتي ، ورؤيتك حاجتي ، وجوارك طلبي، وقربك غاية سؤلي ، وفي مناجاتك روحي وراحتي وعندك دواء علتي ، وشفاءغلتي ، وبرد لوعتي، وكشف كربتي ، فكن أنيسي في وحشتي …إلى أن يقول عليه السلام : (يا دنياي وآخرتي يا أرحم الراحمين ) .

فياترى ماهذا الحب العجيب الذي عليه أئمتنا عليهم السلام ؟

هذا غيض من فيض ونقطة من محيطهم المتدفق الهائج بالحب . ولا أريد أن أطيل والا فالقلم بذكرهم يسيل بلا توقف ؛

والحب لله من قلوبهم لاينضب الأبد .

إذاً ا لنرجع الى أثر الحب على الفرد .

الحبلله يكون سببا للطاعة بلا حدود ويبعد عن المعصية ، فهو درع حصين منالمعاصي وكهف يقي الانسان من الولوغ في المآثم لأن المحب لايغضب حبيبه بليتقرب إليه بشتى الوسائل والطرق بل يرى في الأوامر الإلهية استبشارا وسروراوغبطة ،ألا ترى التلميذ إذا كان محبا لأستاذه يفرح ويسر من طلبالأستاذ بل قد يرى في تكليف الأستاذ لغيره استياءً ، والابن المحب لوالديهيسارع ويتنافس مع إخوته في تلبية رغبة والديه بل في بعض الأحيان يبكي لأجلأن الغير سبقه وحقق هذا الطلب دونه،وإلى ذلك أشارت بعض أدعية رجب المنسوبة إلى الناحية المقدسة بهذا المقطع : ( بسمالله الرحمن الرحيم اللهم اني أسألك بمعاني جميع ما يدعو به ولاة أمرك المأمونون على سرك المتبشرون بأمرك … )

ويكون سبباً للإطاعة لله بجميع أشكالها سواء كانت متعلقة بأمرٍ بين المخلوق وخالقه أو بين الفرد ومجتمعه المسلم والمؤمن،

لأنه يرى العبادة والتذلل للخالق.

وهذه هي العبارة الحقة التي تعني إظهار الافتقار والاحتياج إلى الله سبحانه وتعالى والتي من أجلها خلق الانسان وإليه يشيرالحديث المعروفمن عرف نفسه فقد عرف ربه وايضاً الحب يكون دافعاً للاخلاص في نفس المحبّ لأن غايته ومرادهالله سبحانه فلا يهمهم أمر آخر.

والحب لا يتوقف عند هذا الحد بل يسري الى محبة عبيدالله سبحانه وتعالى فترى حبه للمسلمين فوق التصور لأنهم أحباءالله تعالى والذين يمثلون دعوة السماء والذين يشاركونه الانتماء الى دينالله الحنيف بل يرى محبتهم محبةالله فينطلق في كل معاملاته من هذا المنطلق وتصور ما سيكون ، ستكون التضحيةلإسعادهم والنصيحة لهم والرفق بهم والدفاع عنهم آثار ذلك ، وسيكون الحبوالبغض لله وفي الله .

إذا كان الحب يعطي كل هذه الكمالات أليس من الحري بنا أن نسعى لتحقيقه حتى نحصلها ؟ .

المطلق لاشك ولا ريب أن كل إنسان مهما كانت ديانته ومعتقده ومهما كان جنسه يحبالله بفطرته لأنه محب للكمال إلا أنه يضل الطريق ولا يشخص الهدف فيحسب تارة المال هو الكمال المطلق فيسعى إليه وتارة المرأة الحسناء فيسرع الخطى نحوها وتارة أشياء أخرى .

لكن مايراد تحقيقه هنا هو الحب لله المدرك والواضح –لدى المحب –الذي لا غشاوة معه .

لابد أولا:أن نتعرف على صفاتالله وكمالاته غير المحدودة والتي بالتالي في أنفسنا الانبهار والإعجاب والهيمان به سبحانهلأن الإنسان لايشتاق إلى شىء لايعرفه فلا شوق ولا تحرك إلا عن علم .

ثانيا :أن نصفي باطننا من المآثم حتى تكون هناك أرضية صالحة لهذا الحب لأنالله مكانه القلب المؤمن الطاهر .

رابعا :التضرع والابتهال إليه تعالى ومداومة ذكره ذكرا حقيقيا حتى يحصل التعلق والانجذاب إلى ساحة قربه ويتحقق شرط الفيض .

وأخيرانمد أيدينا متضرعين إلىالله بدعاء سيد الساجدين عليه السلام : "الهي فاجعلنا ممن اصطفيته لقربك وولايتك ، وأخلصته لودك ومحبتك وشوقته إلىلقائك ، ورضيته بقضائك ؛ومنحته بالنظر الى وجهك ، وحبوته برضاك ، وأعذتهمن هجرك وقلاك وبوأته مقعد الصدق في جوارك ، وخصصته بمعرفتك ، وأهلتهلعبادتك ، وهيمت قلبه لإرادتك واجتبيته لمشاهدتك ،وأخليت وجهه لك . وفرغتفؤاده لحبك…

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين .

[همسات من النور]

شكرا لكي
اختي موضوع جميل ورائع
اشكركي على هذا المجهود الرائع

[فاطمة صالح]

بارك الله فيك خيتو وفي ميزان حسسناتك ي ب

[فداء شسع نعل فاطمة]

اللهم صلي على محمد وآل محمد

موضوع في غاية الروعة يحمل في كل سطر من سطوره موعضة ودرس
وهذا ليس بغريب عليكي .. فنحن تعودنا ان نجد التمييز فيما تطرحينه


جزاك الله خير الجزاء
موفقة

[زهرة الياسمين]

طرح رائع وقيم

الله يعطيك العافية

تحياتي