سعادة البشرية في فهمها القرآن والعمل به

[زهرة الياسمين]

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

المرجع الشيرازي يؤكّد:
سعادة البشرية في فهمها القرآن والعمل به

قام بزيارة المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله, حجّة الإسلام والمسلمين فضيلة الشيخ محمّد فلك دام عزّه وكيل المرجعية بالبصرة, برفقة جمع من الفضلاء, وجمع من أئمة المساجد من أهل السنّة في مدينة الزبير, وذلك في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة, مساء يوم الاثنين الموافق للتاسع والعشرين من شهر جمادى الآخرة 1433 للهجرة.

بعد أن رحّب المرجع الشيرازي بهم, قدّم الضيوف دعوة رسمية إلى سماحته لحضور ممثل عن سماحته في مؤتمر حول القرآن, الذي سيعقد في الأيام القادمة في مدينة الزبير. فشكرهم سماحته على ذلك, وألقى كلمة قيّمة بهم, تطرّق في بدايتها حول القرآن الكريم, وبلاغته وكراماته, وأهمية عمل المسلمين بالقرآن, خصوصاً في الوقت الراهن, ونشر معارف القرآن للعالمين, ومدى تأثير القرآن الكريم على حياة الناس, سواء على المسلمين وغيرهم, وأن سعادة البشرية في عملها بمضامين وأوامر القرآن الحكيم, واستشهد سماحته خلال حديثه بالرواية الشريفة التالية عن رسول الله صلى الله عليه وآله, وهي: (... فَإِذَا الْتَبَسَتْ عَلَيْكُمُ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ فَعَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ فَإِنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ وَمَاحِلٌ مُصَدَّقٌ, وَمَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ قَادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ, وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إِلَى النَّارِ, وَهُوَ الدَّلِيلُ يَدُلُّ عَلَى خَيْرِ سَبِيلٍ, وَهُوَ كِتَابٌ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَبَيَانٌ وَتَحْصِيلٌ)(1).

وحول مدى تأثير بلاغة القرآن الكريم على الناس, ذكر سماحته القصّة التالية, وقال:

اثنان من الأدباء العرب كان أحدهما مسلماً واﻵخر مسيحياً وكانا صديقين. وفي إحدى جلسات لقائهما قال اﻷديب المسيحي للأديب المسلم: إن كتاب دينكم وهو القرآن كتاب فريد ولا نظير له أبداً، ولكن مع ذلك أنتم المسلمون تغالون في الثناء عليه كثيراً.

قال الأديب المسلم: لا اُوافقك على هذا الكلام، بل نحن لالمسلمين لا نعرف قدر القرآن، فإن القرآن هو أكبر وأعظم مما نقوله نحن ومما سمعته أنت.

قال الأديب المسيحي: أنا ممن له باع في العلم والمعرفة وأعرف ما أقول من دعوى انكم أنتم تغالون في القرآن.

قال الأديب المسلم: لا، نحن مقصّرون بحق القرآن ولم نعلم لحد اﻵن قدر القرآن وعظمته. ثم قال الأديب المسلم للأديب المسيحي: دعني أطلب منك شيئاً. قال المسيحي: تفضل.

قال الأديب المسلم: جئني بعبارة عربية موجزة وفصيحة جداً حول (جهنم بحيث تبيّن أنها كبيرة جداً ولا تمتلئ مهما ألقي فيها من الناس وغيرهم). فأتى المسيحي ـ بعد تأمله وتفكّره ـ بعبارة، فلم يقبل المسلم بها وقال له: جئني بأحسن منها. فأتى المسيحي بعبارة ثانية فلم يقبل بها المسلم أيضاً، وأتى المسيحي بثالثة ورابعة وخامسة وهكذا حتى أتى باثنين وعشرين عبارة فلم يقبل المسلم بشيء منها، فقال المسيحي: لا أعتقد أنه توجد عبارة أبلغ وأجمل من العبارة اﻷخيرة التي ذكرتها لك.

فقال له المسلم: إن كتابنا القرآن الكريم قد أتى بعبارة حول ذلك وهي قوله تعالى: «يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ»(2).

عندما سمع اﻷديب المسيحي هذه الآية الشريفة اندهش كثيراً وتعجّب من بلاغة القرآن وفصاحته، ولشدّة دهشته سقط على الأرض، وبعد أن نهض قال للمسلم: كل ما تقولونه أنتم المسلمون حول القرآن فهو في محلّه وصحيح.

وفي جانب آخر من كلمته القيّمة تطرّق سماحة المرجع الشيرازي إلى المتطلبات الضرورية والمسؤولية المهمة اليوم في العراق الجريح, وقال:

لقد مرّ العراق وأهله الكرام بعقود من الظلم والمظالم, خصوصاً جيل الشباب, ذكوراً وأناثاً, حيث كان معتّم عليه الإسلام. وهذا ما عشتموه أنتم, وعشناه نحن, خصوصاً في بداية حكم حزب البعث. فأنا شخصياً سجنت في عدّة سجون, وذقت بعض الأشد والأقسى مما ذاقه الأبرياء بالسجون.

أما اليوم فهناك نسبة من الحرية في العراق, فيجب استثمارها في تثقيف أهل العراق بالقرآن وبالإسلام, وخصوصاً جيل الشباب.

وأضاف سماحته: عن الحارث بن المغيرة، وهو من أجلاّء وثقات أصحاب الإمام الصادق صلوات الله عليه, يقول: لقيني أبو عبد الله (الصادق) صلوات الله عليه في طريق المدينة فقال:«من ذا، حارث؟» قلت: نعم، قال: «لأحملنّ ذنوب سفهائكم على علمائكم». فأتيته واستأذنت عليه فدخلت فقلت: لقيني من ذلك أمر عظيم؟ فقال الإمام صلوات الله عليه: «ما يمنعكم, إذا بلغكم عن الرجل ماتكرهون، ومايدخل علينا به الأذى, أن تأتوه فتؤنّبوه وتعذلوه تقولوا له قولاً بليغاً؟»(3).

وأوضح سماحته بقوله: إنّ مولانا الإمام الصادق صلوات الله عليه يعلم أحسن من الحارث معنى قوله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر اخرى)(4) فلماذا قال: لأحملنّ ذنوب سفهائكم على علمائكم؟

إنّ الإمام سلام الله عليه قال ذلك, لأن العلماء بما أوتوا من علم, وبما يحملون في نفوسهم من تقوى, وبما يكونون في مكان ومقام يجعل الناس يعتقدون بقولهم وبعملهم, ويكونون اسوة, فإنّهم يستطيعون, كل حسب فهمه وطاقاته, أن يخلقوا ويوجدوا الأجواء الصالحة التي تحول دون فساد وضلال الشباب. وأما إذا لم يصنعوا ذلك فسيحاسبون.

وشدّد سماحته بقوله: إنّ أهل العراق اليوم, وكذلك العالَم كلّه, بحاجة إلى فهم القرآن, قبل كل شيء, بالأخصّ شبابه. فالقرآن فيه السياسة والاقتصاد والاجتماع والعائلة والأخلاق والأحكام. والقرآن هو كتاب السعادة في الدنيا والآخرة.

وأكّد سماحة المرجع الشيرازي دام ظله: إنّ العلماء وأهل العلم هم الذين يجعلون الشباب أن ينشدوا القرآن الكريم ويعملوا بمضامينه, فحسب, لا غيرهم.

نعم هذا الأمر فيه مشاكل ومتاعب كثيرة, ينبغي تحمّلها, ويجب المضي قدماً في هذا المجال, لأن هذا الأمر يعني تهيئة الأجواء للعمل بأحكام الله التي هي أهم شيء وأهم من كل شيء.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ

1) اصول الكافي: ج2, كتاب فضل القرآن, ص598, ح2.
2) سورة ق: الآية 30.
3) أعلام الدين: فيما أنزل الله على عيسى بن مريم, ص236.
4) سورة الأنعام: الآية 164.

منقول

[روحي فداك ياحسين]

اللهم صلي على محمد وال محمد

بارك الله بيج على الطرح الروعه

[تفاحة الجنان]

اللهم صل على محمد وآل محمد
مشكوره
تسلم ايدك
وربي يعطيك العافيه