كل يوم عاشوراء و كل أرضٍ كربلاء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-12-2009, 03:39 PM   #1
شفيعتي فاطمه
♠ فاطمية مبتدئة ♠
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
العمر: 47
المشاركات: 17
معدل تقييم المستوى: 0
شفيعتي فاطمه will become famous soon enough
هام** ماذا بعد عاشوراء الحسين (ع)

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صلي على محمد واله وسلم
السلام على الحسين وعلى علي ابن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين
ماذا بعد عاشوراء الحسين (ع)؟..

إن هنالك سؤالا نطرحه بعد كلِّ موسم، ألا وهو: ماذا بعد عاشوراء الحسين (عليه السلام)؟.. من الطبيعي أن المجالس بعد هذه الأيام وهذه الليالي، لا تقاس بالعشرة الأولى من شهر محرم.. والحال أنَّ مصيبة أهل البيت (ع) تبدأ من هذا اليوم وما بعده، إلى يوم الأربعين.

فإذن، ينبغي أن نحافظ على المجالس، وخاصةً أنه يذكر في هذه المجالس كلمات ومواعظ من الكتاب والسنة، ومن تراث أهل البيت (ع).. فنحن طوال السنة نمضي أوقاتنا في مجالس بعضها جادة، وبعضها لاهية.. ولكن الإنسان عندما يخّير بين ساعة من عمره يصرفها في بيتٍ من بيوت الله -عزّ وجلّ-، أو مأتمٍ من مآتم أهل البيت -عليهم السلام-، أو يجلس مع إنسان لا يفيده لا دين ولا دنيا؛ فمن المؤكد أنه يختار هذه الساعة التي هي أولى له.. فبعد شهري محرم وصفر، هناك فرص كافية للجلوس مع الآخرين.. إن بعض البلدان تتميز بكثرة تواجد العلماء والخطباء، وهذه فرصة يجب أن يغتنمها المؤمن، فينتقل من بستانٍ إلى بستان؛ ليقطف من كلّّّّ بستانٍ زهرة أو ثمرة.

ماذا نعمل بعد أيام عاشوراء؟..

إنَّ من أفضل أنواع الأربعينية، أربعينية ترك المعاصي والذنوب.. كما أنَّ الشيطان يخدع الإنسان، فإنَّه لابدَّ للإنسان أن يخادعه.. الشياطين ذكية، ولكن الإنسان بإمكانه أن يخادع إبليس بفضل الله -عزّ وجلّ- {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}.. فالله -عزّ وجلّ- سيدفع شر الشيطان بفضله، وبالاستعاذة به، والاستجارة به -عزّ وجلّ-.. وللعلم: إنَّ الذي يكثر من الذهاب إلى المساجد، ولا يغيّر من سلوكه، هذا إنسان جعل نفسه في مرمى الشياطين، لأنه فتح عيون الشيطان عليه؛ فهو إنسان غير محصّن.

إن البعض منا -مع الأسف- يعيش في خط التّماس.. هناك البعض من أهل الدنيا مشغولون بالحياة، ولكن لا يجدون حلاوة: لا في المأكل، ولا في المشرب، ولا في المعشر، ولا في الملبس.. المطاطية عند البعض، أن يعمل ما يشاء دون أن يصطدم بحرية الآخرين، حتى هذا لا يعمل به.. إذن هناك أهل دنيا ملتذون بدنياهم، مفتونون بها، {مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ}.. نعم، زهور الأرض زهور جميلة؛ ولكن عمرها قصير.. البعض من الأولياء الصالحين وصلوا إلى مرحلة الاتصال الإلهي، هؤلاء لا يعيشون في الدنيا، إنما هم كما وصفهم أمير المؤمنين (ع): (وصحبوا الدنيا بأبدان، أرواحها معلقة بالمحل الأعلى).. أين لذائد أهل المعنى، وأين لذائد أهل الباطل؟!.. لا قياس بينهما، كما لا قياس بين ربّ الأرباب وبين التراب، أيضاً لا قياس بين الأنس بربّ الأرباب وبين الأنس بالتراب؟!.. وكذلك الجلوس مع العالم، ليس كالجلوس مع المجنون؛ العالم عالم، والمجنون مجنون.. الأنس بربّ العالمين أين، والأنس بامرأة أو بمزرعة وما شابه ذلك أين؟!..

إن مشكلة المؤمنين ذوي الدخل المحدود في عالم المعنى، حيث أنه كما في عالم المادة هناك ذوي الدخل محدود، كذلك في عالم المعنى: لا أثرياء أثرياء، ولا فقراء فقراء.. يوم مقبل ويوم مدبر، يوم سعيد ويوم شقي، يوم مكتئب ويوم فرح، يوم يأكل الحرام ويوم لا.. أي يعيش حياة غير منتظمة، وليست على وتيرة واحدة.. فلو أنَّ أحدنا أراد أن يكمل المسيرة، وهو من ذوي الدخل المحدود في عالم المعنويات؛ ولكن ليس فيها رقي، وليس فيها طموح، وليس فيها جديد، الحياة هي الحياة؛ فإنه يمل!.. بعض كبار السن حين يسأل: ما أمنيتك؟.. يقول: أن يأخذ الله -تعالى- أمانته، تعبتُ من هذه الدنيا، حياة متكررة: كلُّّّّّّّّّّّّّّّّّّ يوم مسجد، وصلاة، وصوم، وحج، وعمرة؛ حياة ليس فيها لذة متنوعة.. إذن، لابدَّ أن نخرجَ من خطّ التّماس، لابدّ من الحسم.. ليس معنى ذلك أن يذهب الإنسان إلى أهل الدنيا ويترك الدين، هو ما دام في الجهة الشرقية وخرج من خط التماس، عليه أن يكمل المسير إلى منطقة آمنة، حيث ما لا عين رأت ولا أذن سمعت.. فاللذائذ المعنوية أرقى من الحور والغلمان والسندس والإستبرق وما شابه ذلك!..

إن عالم المعنى له لذائذه، والإنسان كلما ترقى في العمر؛ ارتفعت دائرة لذائذه.. يذهب أحدنا إلى السوق، ليختار لعبة لطفل عمره ما بين الثالثة والخامسة، فيتحيّر ماذا يختار وما الذي يناسب هذا الطفل، وكلما كبر كلما اتسعت دائرة لذائذه.. وكذلك في عالم المعنى: كلما ترقى الإنسان؛ اتسعت دائرة لذائذه.. البعض يصلي صلاة شكلية، وهذا مثله مثل الإنسان الذي يذهب إلى المطار، ويتجوّل في قاعته، ويركب الطائرة، ويجلس على الكرسي، ويربط الحزام، ثم ينزل قبل أن تقلع الطائرة، فيرجع إلى بيته ويقول: ركبتُ الطائرة -ولله الحمد- رأيتها، وجلستُ فيها.. هو لم يحلق بالطائرة، ولم يسافر إلى جزر الهاواي لينظر إلى الطبيعة الخلابة؛ إنما هو إنسان تشبّه بالمسافرين.. ونحن في مساجدنا نقوم بمثل هذه الحركة، ندخل المسجد، ونجلس على الكرسي، ثم نرجع إلى بيوتنا، ونظنّ أنّه سافرنا، ونحن لازلنا في مكاننا.. الصلاة معراج المؤمن، تعرج بنا إلى عالم الغيب؛ ولكن أين نحن وهذه الصلاة؟.. قالت أم المؤمنين عائشة، وهي تصف صلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (كان يحدثنا ونحدِّثه، ويكلمنا ونكلمه.. فإذا حضرت الصلاة: كأنه لا يعرفنا، ولا نعرفه).. بعض المؤمنين في حال الصلاة، تتغير ملامح وجهه، كأنه غائب عن الوجود متصل بربِّ العالمين، هؤلاء لهم لذائذهم في عالم الغيب.. بعضهم هكذا ديدنه: يضيق صدره للصلاة، فيصلي صلاة مستحبة؛ ليفرّج عن نفسه، ويعبّر عن شوقه لربّه.

ماذا نعمل في هذه الأربعينية؟.. نخادع الشيطان، وقل: يا إبليس ابتعد عني في هذه الأيام: أيام محرم، وصفر أيام الحسين عليه السلام، وبعد ذلك إلعب بي كما تشاء.. الإنسان بطبيعته لا يأنس الحرام، هناك في أيام محرم وصفر ممن يستمعون إلى الغناء، ولكن في شهر سيد الشهداء، يعودون إلى رشدهم.. وكذلك المرأة السافرة، تأتي إلى المجلس وتبكي.. هكذا طبيعة الإنسان، أنه في شهري محرم وصفر، يعيش حالة من الطهارة العامة.

لذا، فإن المؤمن يستغلَّ هذا الجو.. وإن كان يريد أن يفعّل برنامجه بزيارة، أو بتوسل، أو بدعاء؛ فالأمر بيده.. هذا أمر ممكن لا يحتاج إلى مجاهدة كبيرة، ولكن المجاهدة أن يذكر الإنسان الله -عزّ وجلّ- عند المعصية، وعليه أن يقلل من ساعات الغفلة في حياته.. فالمشكلة ليست في الشهوات دائماً، إنما في الغفلات، لدرجة أن الإنسان في صلاته يبيع ويشتري، ويتخيّل الحرام، وهو متوجه للصلاة بين يدي الله عزّ وجلّ.

فإذن، في هذه الأربعينية نعاهد الله -عزّ وجلّ- على ترك الذنوب، ونخادع شيطاننا، ونقول: يكفيك ما فعلته بنا طوال السنة، نحن نريد أن تبتعد عنا أربعين يوما.. نحن نريد أن نعيش حالة النقاء الباطني في هذه الأربعينية، بترك المعاصي والذنوب.. إنّ الله -عزّ وجلّ- أباح للإنسان طيبات الأرض، فليشرب ما يشاء، وليأكل ما يشاء؛ ولكن بشرط الانتباه إلى حلية ذلك الشراب والطعام.. ولكن مشكلة الشباب هي فتنة النساء!.. وهذه مسؤولية الآباء، فالذي تعب على تربية ابنه سنوات طويلة، وإذا به في ليلة حمراء يفقد ذلك الولد، بسبب رفاق السوء، وإذا بتعب ثماني عشرة سنة، يذهب أدراج الرياح.

إن هذه الأيام "أيام سيد الشهداء" وكذلك شهر رمضان، والحج والعمرة، هي بمثابة الرياح التي تدفع بالسفن الشراعية إلى الأمام؛ فلنغتنم الفرصة!.. فنحن سفننا شراعية، ولسنا ذوات محركات ذاتية.. الذي له محرك ذاتي، هو الذي يكون في بلاد الأسكيمو، فيخرج من كوخه الجليدي، ويصلي صلاة الليل.. نحن سفننا إن كانت ساكنة، وليست مثقوبة، ولدينا سفن وبحارة، فنحن شراعيون؛ ننتظر المواسم، عن رسول الله (ص): (إن لربكم في أيام دهركم نفحات، ألا فتعرضوا لها، ولا تعرضوا عنها).. ففي محرم وصفر، نتوجه إلى الله -عزّ وجل- بفضل هذه الرياح الدافعة.

قلنا: أن هذه اتفاقية مع الشيطان، وبعد ذلك ماذا نعمل مع هذا الشيطان، الذي يعود بعد هذه الأربعينية لينتقم منا؟.. الذي يستقيم على جادة الهدى؛ -يقول ربّ العالمين: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.. هذه الآية التي شيبت رسول الله (ص) حيث روي عن أبي علي السري قال: (رأيت النبي، فقلت: يا رسول الله، رُوِيَ عنك أنك قلت: شيبتني هود؟.. قال: نعم، فقلت: ما الذي شيبك فيه: قصص الأنبياء، وهلاك الأمم؟.. قال: لا، ولكن قوله: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ})- بعد فترة تتغير ذائقته، ويتغير مزاجه، ويصبح قوياً!..

إذن، هذه الأربعينية هي أربعينية: ترك المعاصي، والإقبال على الله -عزّ وجلّ- وعلى طاعته، وعلى مدارس أهل البيت، والالتزام بالسلوك القويمحسين (ع)؟..

إن هنالك سؤالا نطرحه بعد كلِّ موسم، ألا وهو: ماذا بعد عاشوراء الحسين (عليه السلام)؟.. من الطبيعي أن المجالس بعد هذه الأيام وهذه الليالي، لا تقاس بالعشرة الأولى من شهر محرم.. والحال أنَّ مصيبة أهل البيت (ع) تبدأ من هذا اليوم وما بعده، إلى يوم الأربعين.

فإذن، ينبغي أن نحافظ على المجالس، وخاصةً أنه يذكر في هذه المجالس كلمات ومواعظ من الكتاب والسنة، ومن تراث أهل البيت (ع).. فنحن طوال السنة نمضي أوقاتنا في مجالس بعضها جادة، وبعضها لاهية.. ولكن الإنسان عندما يخّير بين ساعة من عمره يصرفها في بيتٍ من بيوت الله -عزّ وجلّ-، أو مأتمٍ من مآتم أهل البيت -عليهم السلام-، أو يجلس مع إنسان لا يفيده لا دين ولا دنيا؛ فمن المؤكد أنه يختار هذه الساعة التي هي أولى له.. فبعد شهري محرم وصفر، هناك فرص كافية للجلوس مع الآخرين.. إن بعض البلدان تتميز بكثرة تواجد العلماء والخطباء، وهذه فرصة يجب أن يغتنمها المؤمن، فينتقل من بستانٍ إلى بستان؛ ليقطف من كلّّّّ بستانٍ زهرة أو ثمرة.

ماذا نعمل بعد أيام عاشوراء؟..

إنَّ من أفضل أنواع الأربعينية، أربعينية ترك المعاصي والذنوب.. كما أنَّ الشيطان يخدع الإنسان، فإنَّه لابدَّ للإنسان أن يخادعه.. الشياطين ذكية، ولكن الإنسان بإمكانه أن يخادع إبليس بفضل الله -عزّ وجلّ- {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}.. فالله -عزّ وجلّ- سيدفع شر الشيطان بفضله، وبالاستعاذة به، والاستجارة به -عزّ وجلّ-.. وللعلم: إنَّ الذي يكثر من الذهاب إلى المساجد، ولا يغيّر من سلوكه، هذا إنسان جعل نفسه في مرمى الشياطين، لأنه فتح عيون الشيطان عليه؛ فهو إنسان غير محصّن.

إن البعض منا -مع الأسف- يعيش في خط التّماس.. هناك البعض من أهل الدنيا مشغولون بالحياة، ولكن لا يجدون حلاوة: لا في المأكل، ولا في المشرب، ولا في المعشر، ولا في الملبس.. المطاطية عند البعض، أن يعمل ما يشاء دون أن يصطدم بحرية الآخرين، حتى هذا لا يعمل به.. إذن هناك أهل دنيا ملتذون بدنياهم، مفتونون بها، {مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ}.. نعم، زهور الأرض زهور جميلة؛ ولكن عمرها قصير.. البعض من الأولياء الصالحين وصلوا إلى مرحلة الاتصال الإلهي، هؤلاء لا يعيشون في الدنيا، إنما هم كما وصفهم أمير المؤمنين (ع): (وصحبوا الدنيا بأبدان، أرواحها معلقة بالمحل الأعلى).. أين لذائد أهل المعنى، وأين لذائد أهل الباطل؟!.. لا قياس بينهما، كما لا قياس بين ربّ الأرباب وبين التراب، أيضاً لا قياس بين الأنس بربّ الأرباب وبين الأنس بالتراب؟!.. وكذلك الجلوس مع العالم، ليس كالجلوس مع المجنون؛ العالم عالم، والمجنون مجنون.. الأنس بربّ العالمين أين، والأنس بامرأة أو بمزرعة وما شابه ذلك أين؟!..

إن مشكلة المؤمنين ذوي الدخل المحدود في عالم المعنى، حيث أنه كما في عالم المادة هناك ذوي الدخل محدود، كذلك في عالم المعنى: لا أثرياء أثرياء، ولا فقراء فقراء.. يوم مقبل ويوم مدبر، يوم سعيد ويوم شقي، يوم مكتئب ويوم فرح، يوم يأكل الحرام ويوم لا.. أي يعيش حياة غير منتظمة، وليست على وتيرة واحدة.. فلو أنَّ أحدنا أراد أن يكمل المسيرة، وهو من ذوي الدخل المحدود في عالم المعنويات؛ ولكن ليس فيها رقي، وليس فيها طموح، وليس فيها جديد، الحياة هي الحياة؛ فإنه يمل!.. بعض كبار السن حين يسأل: ما أمنيتك؟.. يقول: أن يأخذ الله -تعالى- أمانته، تعبتُ من هذه الدنيا، حياة متكررة: كلُّّّّّّّّّّّّّّّّّّ يوم مسجد، وصلاة، وصوم، وحج، وعمرة؛ حياة ليس فيها لذة متنوعة.. إذن، لابدَّ أن نخرجَ من خطّ التّماس، لابدّ من الحسم.. ليس معنى ذلك أن يذهب الإنسان إلى أهل الدنيا ويترك الدين، هو ما دام في الجهة الشرقية وخرج من خط التماس، عليه أن يكمل المسير إلى منطقة آمنة، حيث ما لا عين رأت ولا أذن سمعت.. فاللذائذ المعنوية أرقى من الحور والغلمان والسندس والإستبرق وما شابه ذلك!..

إن عالم المعنى له لذائذه، والإنسان كلما ترقى في العمر؛ ارتفعت دائرة لذائذه.. يذهب أحدنا إلى السوق، ليختار لعبة لطفل عمره ما بين الثالثة والخامسة، فيتحيّر ماذا يختار وما الذي يناسب هذا الطفل، وكلما كبر كلما اتسعت دائرة لذائذه.. وكذلك في عالم المعنى: كلما ترقى الإنسان؛ اتسعت دائرة لذائذه.. البعض يصلي صلاة شكلية، وهذا مثله مثل الإنسان الذي يذهب إلى المطار، ويتجوّل في قاعته، ويركب الطائرة، ويجلس على الكرسي، ويربط الحزام، ثم ينزل قبل أن تقلع الطائرة، فيرجع إلى بيته ويقول: ركبتُ الطائرة -ولله الحمد- رأيتها، وجلستُ فيها.. هو لم يحلق بالطائرة، ولم يسافر إلى جزر الهاواي لينظر إلى الطبيعة الخلابة؛ إنما هو إنسان تشبّه بالمسافرين.. ونحن في مساجدنا نقوم بمثل هذه الحركة، ندخل المسجد، ونجلس على الكرسي، ثم نرجع إلى بيوتنا، ونظنّ أنّه سافرنا، ونحن لازلنا في مكاننا.. الصلاة معراج المؤمن، تعرج بنا إلى عالم الغيب؛ ولكن أين نحن وهذه الصلاة؟.. قالت أم المؤمنين عائشة، وهي تصف صلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (كان يحدثنا ونحدِّثه، ويكلمنا ونكلمه.. فإذا حضرت الصلاة: كأنه لا يعرفنا، ولا نعرفه).. بعض المؤمنين في حال الصلاة، تتغير ملامح وجهه، كأنه غائب عن الوجود متصل بربِّ العالمين، هؤلاء لهم لذائذهم في عالم الغيب.. بعضهم هكذا ديدنه: يضيق صدره للصلاة، فيصلي صلاة مستحبة؛ ليفرّج عن نفسه، ويعبّر عن شوقه لربّه.

ماذا نعمل في هذه الأربعينية؟.. نخادع الشيطان، وقل: يا إبليس ابتعد عني في هذه الأيام: أيام محرم، وصفر أيام الحسين عليه السلام، وبعد ذلك إلعب بي كما تشاء.. الإنسان بطبيعته لا يأنس الحرام، هناك في أيام محرم وصفر ممن يستمعون إلى الغناء، ولكن في شهر سيد الشهداء، يعودون إلى رشدهم.. وكذلك المرأة السافرة، تأتي إلى المجلس وتبكي.. هكذا طبيعة الإنسان، أنه في شهري محرم وصفر، يعيش حالة من الطهارة العامة.

لذا، فإن المؤمن يستغلَّ هذا الجو.. وإن كان يريد أن يفعّل برنامجه بزيارة، أو بتوسل، أو بدعاء؛ فالأمر بيده.. هذا أمر ممكن لا يحتاج إلى مجاهدة كبيرة، ولكن المجاهدة أن يذكر الإنسان الله -عزّ وجلّ- عند المعصية، وعليه أن يقلل من ساعات الغفلة في حياته.. فالمشكلة ليست في الشهوات دائماً، إنما في الغفلات، لدرجة أن الإنسان في صلاته يبيع ويشتري، ويتخيّل الحرام، وهو متوجه للصلاة بين يدي الله عزّ وجلّ.

فإذن، في هذه الأربعينية نعاهد الله -عزّ وجلّ- على ترك الذنوب، ونخادع شيطاننا، ونقول: يكفيك ما فعلته بنا طوال السنة، نحن نريد أن تبتعد عنا أربعين يوما.. نحن نريد أن نعيش حالة النقاء الباطني في هذه الأربعينية، بترك المعاصي والذنوب.. إنّ الله -عزّ وجلّ- أباح للإنسان طيبات الأرض، فليشرب ما يشاء، وليأكل ما يشاء؛ ولكن بشرط الانتباه إلى حلية ذلك الشراب والطعام.. ولكن مشكلة الشباب هي فتنة النساء!.. وهذه مسؤولية الآباء، فالذي تعب على تربية ابنه سنوات طويلة، وإذا به في ليلة حمراء يفقد ذلك الولد، بسبب رفاق السوء، وإذا بتعب ثماني عشرة سنة، يذهب أدراج الرياح.

إن هذه الأيام "أيام سيد الشهداء" وكذلك شهر رمضان، والحج والعمرة، هي بمثابة الرياح التي تدفع بالسفن الشراعية إلى الأمام؛ فلنغتنم الفرصة!.. فنحن سفننا شراعية، ولسنا ذوات محركات ذاتية.. الذي له محرك ذاتي، هو الذي يكون في بلاد الأسكيمو، فيخرج من كوخه الجليدي، ويصلي صلاة الليل.. نحن سفننا إن كانت ساكنة، وليست مثقوبة، ولدينا سفن وبحارة، فنحن شراعيون؛ ننتظر المواسم، عن رسول الله (ص): (إن لربكم في أيام دهركم نفحات، ألا فتعرضوا لها، ولا تعرضوا عنها).. ففي محرم وصفر، نتوجه إلى الله -عزّ وجل- بفضل هذه الرياح الدافعة.

قلنا: أن هذه اتفاقية مع الشيطان، وبعد ذلك ماذا نعمل مع هذا الشيطان، الذي يعود بعد هذه الأربعينية لينتقم منا؟.. الذي يستقيم على جادة الهدى؛ -يقول ربّ العالمين: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.. هذه الآية التي شيبت رسول الله (ص) حيث روي عن أبي علي السري قال: (رأيت النبي، فقلت: يا رسول الله، رُوِيَ عنك أنك قلت: شيبتني هود؟.. قال: نعم، فقلت: ما الذي شيبك فيه: قصص الأنبياء، وهلاك الأمم؟.. قال: لا، ولكن قوله: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ})- بعد فترة تتغير ذائقته، ويتغير مزاجه، ويصبح قوياً!..

إذن، هذه الأربعينية هي أربعينية: ترك المعاصي، والإقبال على الله -عزّ وجلّ- وعلى طاعته، وعلى مدارس أهل البيت، والالتزام بالسلوك القويم
شفيعتي فاطمه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-2009, 05:33 PM   #2
نعمة الله
~¤ فاطمية متألقة ¤~
 
الصورة الرمزية نعمة الله
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
الدولة: البحرين
المشاركات: 0
معدل تقييم المستوى: 0
نعمة الله has a brilliant futureنعمة الله has a brilliant futureنعمة الله has a brilliant futureنعمة الله has a brilliant futureنعمة الله has a brilliant futureنعمة الله has a brilliant futureنعمة الله has a brilliant futureنعمة الله has a brilliant futureنعمة الله has a brilliant futureنعمة الله has a brilliant futureنعمة الله has a brilliant future
افتراضي رد: ]ماذا بعد عاشوراء الحسين (ع

الله يجزيك خير الجزاء أختي
ويجعلنا في رضاه وعلى خطى ال بيت رسوله صلى الله عليه واله دوما انشاء الله
__________________





نعمة الله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-2009, 05:45 PM   #3
النور الزينبي
♣ فاطمية فعالة ♣
 
الصورة الرمزية النور الزينبي
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
الدولة: اطےلال كربےلاء
المشاركات: 41
معدل تقييم المستوى: 0
النور الزينبي is on a distinguished road
افتراضي رد: ]ماذا بعد عاشوراء الحسين (ع

اللهم صلي على محمد وآل محمد

عظم الله اجورنا واجوركم بمصاب ابا عبدالله

موفقه غليتي لكل خير
__________________
النور الزينبي
النور الزينبي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-12-2009, 05:11 PM   #4
لؤلؤة الزهراء
~¤ مراقبة سابقة ¤~
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 1,965
معدل تقييم المستوى: 84
لؤلؤة الزهراء has a brilliant futureلؤلؤة الزهراء has a brilliant futureلؤلؤة الزهراء has a brilliant futureلؤلؤة الزهراء has a brilliant futureلؤلؤة الزهراء has a brilliant futureلؤلؤة الزهراء has a brilliant futureلؤلؤة الزهراء has a brilliant futureلؤلؤة الزهراء has a brilliant futureلؤلؤة الزهراء has a brilliant futureلؤلؤة الزهراء has a brilliant futureلؤلؤة الزهراء has a brilliant future
افتراضي رد: ماذا بعد عاشوراء الحسين (ع)

يسلمو خيو ..


الله يعطيك الف الف عافية ..

الف الف شكر لك ..
لؤلؤة الزهراء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الفاطميات الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 (0 فاطمية و 1 زائرة )
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
صلاة الامام الحسين عليه السلام ظهر عاشوراء الصبح تنفس الفقه - مسائل دينية - احكام شرعية - فتاوي عامة .. 23 29-10-2014 01:01 AM
«المرسم الحسيني»... يبدأ بصنع أطول شمعة في عاشوراء الحسين احلى ولاء كل يوم عاشوراء و كل أرضٍ كربلاء 12 26-12-2009 05:52 PM
عاشوراء في كل مكان..صور نور فاطمة صور الدينيـة,صور أسلامية - صور علماء - صور مراقد و أضرحة المعصومين 24 02-11-2009 05:13 PM
انظروا ماذا حدث في عراق الحسين صرخة سكينة صور الدينيـة,صور أسلامية - صور علماء - صور مراقد و أضرحة المعصومين 12 02-11-2009 12:23 AM


الساعة الآن 12:29 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir