اسلاميات - برامج اسلامية, منوعات, دروس ,محاضرات أخلاق آداب إسلامية, مسابقات اسلامية ![]() |
![]() |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
![]() |
#1 |
●• فاطمية متميزة •●
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 159 ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() يقضي الله على أنانية الإنسان عبر التقادير والتكاليف
علينا أن نجاهد هوى نفسنا لأن لا يبقى أثر من «الأنا» وهذا هو معنى العشق الذي ما أجمله وما أمتعه وما أكثر الذين طبّلوا وزمّروا باسمه ولم يدركوا شيئا من حقيقته. لا ينبغي أن يبقى أثر من «الأنا» في مقابل المعشوق، وهذا هو الله الذي يسلب أنانية الإنسان عبر تقديراته وتكاليفه. إعطاء البرنامج من شؤون الله والأمر والنهي هما من صميم جهاد النفس. ومن شؤون العبد أن يكون منتظرا لاستلام الأمر متأهّبا لتنفيذه. «جهاد النفس» يعني الالتزام بالأوامر الإلهيّة إذن «جهاد النفس» هو عبارة أخرى للالتزام بالأوامر الإلهية والذي يعبّر عنه القرآن بـ «التقوى». تأكيد القرآن على التقوى هو في الواقع تأكيد على الالتزام بالأوامر الإلهية. وركن التقوى هو جهاد النفس عبر الالتزام بأوامر الله لا العمل على أساس أميال النفس. فإنك إن جاهدت نفسك على أساس الأوامر الإلهية فقد عملت بالتقوى. كما قال أمير المؤمنين(ع): «إنَّما هي نَفسي أروضُها بِالتّقوی»[نهج البلاغة/ الكتاب45] فإذا جاءك الأمر من المقام الأعلى فإنّه ذو أثر آخر، ولا يموت هوى نفس الإنسان إلا باستلام الأمر من المقام الأعلى. يبدو من وجوهكم وأعماركم أنكم لم تكونوا حاضرين في الجبهة. فكم كان لهذا الحديث من طلّاب وشرّاء في جبهات الجهاد. كان بعض المجاهدين عشّاقا للشهادة ومتحمّسين للذهاب إلى الخطّ الأمامي، أما إذا أمرهم القائد أن لا يذهبون إلى الأمام ويبقون في مكانهم، يطيعون ويمتثلون. كنّا نرى هذه الظاهرة في كتيبتنا. وأحيانا كنا نجد بعض المجاهدين الذين كلّ ما يأمره قائد الكتيبة بالبقاء في الخلف، لا يمتثل ولا يطيع. وأكثر هؤلاء المتمرّدين لم ينالوا الشهادة بل قد انحرف بعضهم. كان أحد المجاهدين فنّانا يخطّ ويرسم لوحات ثقافية وشارات. فکان القسم الثقافي في الفيلق يطلب منه أن يبقى في الخلف ليخطّ اللوحات والشارات المطلوبة. فكان يبقى في الخلف دون أن يصرّ على الذهاب إلى الأمام، وكان يضحك ويقول: «متى ما حان الوقت يأتي صاحب البيت ويأخذنا إليه، ولا علينا سوى أن نعمل بالتكليف». في إحدى الحملات جاءوا إليه من الأمام وقالوا له: قد اشتبكت الطرق في الخط الأمامي، فأسرع إلى هناك لكتابة الشارات. فضحك وقال: ألم أقل لكم متى ما حان الوقت يأتون ويأخذوننا. وفعلا ذهب واستشهد في المرّة الأولى. أحد العلماء الكبار والمجتهدين، كان قد ذهب إلى الجبهة، فاغتبط به المجاهدون وطلبوا منه أن يأمّهم في الصلاة. ولكنّه امتنع وقال: أنا لا أتقدم على المجاهدين. فكل ما أصرّوا عليه وقالوا له: أنت شيخ كبير وعالم فقيه وفي هذا العمر قد جئت إلى الجبهة فمن أفضل منك الآن، رفض أن يتقدّم في الصلاة. إلى أن قال: في حال واحد أقبل وهو أن يأمرني قائد الكتيبة بإقامة الصلاة، فعند ذلك يجب عليّ امتثال أمره، إذ أن أمره في امتداد أمر قائد الفيلق وقائد القوّات المسلّحة وبالتالي الإمام الحجة(عج)، فإذا أمرني، يجب عليّ الامتثال شرعا. علاقة التقوى مع جهاد النفس في الروايات يقول أمير المؤمنين: «رأسُ التُّقی مخالِفَة الهَوى»[عيون الحكم/263] وكذلك قال(ع): «من جاهد نَفسه أکملَ التّقی»[غرر الحكم/ الحديث4940] وقال(ع) في حديث آخر: «لَا یُفْسِدُ التَّقْوَى إِلَّا غَلَبَةُ الشَّهْوَةِ»[غرر الحكم/ الحديث6003] وكذلك قال(ع): «طُوبَى لِمَنْ عَصَى فِرْعَوْنَ هَوَاهُ وَ أَطَاعَ مُوسَى تَقْوَاه»[عيون الحكم/5493]. لقد كتب أمير المؤمنين(ع) كتابا إلى معاوية فجاء فيه: «تذْکُرُ التَّقْوَى وَ أَنْتَ عَلَى ضِدِّهَا؛ قَدِ اتَّبَعْتَ هَوَاكَ»[كنز الفوائد/ج2/ص43] وهذا ما يدلّ على تضادّ هوى النفس مع التقوى. وكذلك جاء في حديث طويل عن الإمام الرضا(ع): «لکنَّ الرَّجُل کلُّ الرَّجل، نِعمَ الرَّجل هو الذّی جَعَلَ هَواه تبعاً لِأمر الله» [مجموعة ورّام/ ج2/ص100]. فمن خلال هذه الروايات يمكن فهم الترابط الموجود بين الأمر الإلهي وبين التقوى وجهاد النفس. صلى الله عليك يا أبا عبد الله أحيانا تقتضي التقوى أن تضحّي بأعزّ أعزّائك، وليس شأنك سوى أن تترقّب الأوامر فقط. فلا يكن هدفك أن تصبح إنسانا صالحا، فتفسد بهذا الطريق، بل يجب أن تنفّذ الأوامر. وأحيانا يقتضي امتثال الأمر الإلهي أن تغضّ الطرف عن كثير من القيم والأعمال الصالحة في سبيل أمر أهمّ وأسمى. أنتم تعلمون أيّها الإخوة أن أهل الإنسان وزوجته وأطفاله من أعزّ الناس عليه، كما أن لهم احترامهم وشأنهم ويجب على الإنسان أن يحافظ عليهم ويحميهم من الأخطار. ولذلك أشاروا على الحسين(ع) أن سلّمنا بأنك عازم على الجهاد ومواجهة الظالمين، ولكن لماذا تذهب بأهلك ونسائك وأخواتك وأطفالك وبناتك إلى الحرب. ولم يكن جواب الحسين(ع) إلا أن قال: لقد أمرني رسول الله(ص) بأمر أنا ماض له. نحن لو كنّا في زمن الإمام الحسين(ع) لعلّنا كنّا نقول له: إذهب جعلنا الله فداك وامض إلى امتثال أمر الله عسى أن تختم هذه القصّة بخير كما ختمت قصّة إبراهيم الخليل بخير ولم يسمح له الله بذبح ابنه. اذهب فلعلّ الملائكة تهبط وسط الطريق وتقول: لقد تقبّل الله جهادك وقد نجحت في هذا الامتحان فأرجع زينب، ولكن جاء يوم العاشر ومرّت الساعات ولم يأت خبر من السماء... ألا لعنة الله على القوم الظالمين |
![]() |
![]() |
![]() |
#2 |
●• فاطمية متميزة •●
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 159 ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() إليك ملخّص الجلسة السابعة عشر من سلسلة محاضرات سماحة الشيخ بناهيان في موضوع «الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني» حيث ألقاها في ليالي شهر رمضان المبارك عام 1434هـ. في مسجد الإمام الصادق(ع) في مدينة طهران. نحن مازلنا مضطرين إلى مخالفة بعض أميالنا لقد انتهى بحثنا في الجلسات السابقة إلى أننا مضطرون إلى مخالفة بعض أهوائنا، وأن هذا الاضطرار هو بسبب تركيبة وجود الإنسان وتركيبة الحياة في هذه الدنيا. وقد ذكر في ما يرتبط بتركيبة وجود الإنسان أن الطريق الوحيد لنماء قوى الإنسان الروحيّة وحتّى الجسميّة هو مخالفة بعض الأهواء والرغائب. و أمّا سبب ما تقتضيه تركيبة الحياة من مخالفة الأهواء فهي عوامل شتّى من قبيل استحالة وصول الإنسان إلى جميع آماله، وأن لابدّ للإنسان من هرم ومشيب إذا عمّر في الدنيا، وغيرها من العوامل التي تفرض على الإنسان أن يجاهد نفسه ويخالف بعض أهوائه. يشكّل الإيمان الحافز اللازم لجهاد النفس/ التقوى هي برنامج لجهاد النفس الحافز اللازم لجهاد النفس هو الإيمان، وبرنامجه التقوى. إن دور الإيمان في هذه المعمعة هو أن يحدّد لك الهدف لتقدر على اجتياز هذه الساحة الخطرة بحافز قويّ وشوق بالغ. يعدك الإيمان بوجود عالم آخر أبدي خالد بعد هذه الدنيا، ويشرح لك سبب الآلام والمحن الموجودة في هذه الدنيا لكي تعرف أنها كانت لصالحك، ولتعرف أن الذي جعلك في خضمّ هذه المحن والصعاب لم يتركك سدى بلا برنامج وخارطة الطريق، فثق به واركن إليه. بعد مرحلة الإيمان، يأتي دور اجتياز ساحة الألغام عبر برنامج التقوى. فالإجابة عن كيفية جهاد النفس وما هي الرغبات التي يجب مخالفتها، وأسلوب طيّ هذا الطريق هي تشكّل نقطة الانطلاق في حركة الإنسان الدينيّة. العلاقة بين التقوى والعبودية بعد أن اقتنعنا بضرورة الكفّ عن بعض رغباتنا، يطرح هذا السؤال نفسه، وهو: عن أيّ رغباتنا يجب أن نكفّ؟ فلو سألنا الله سبحانه بهذا السؤال لأجابنا: عليكم أن تغضّوا عن رغباتكم حتى لا يبقى أثر من «الأنا» في داخلكم. لذلك إن خالفت بعض أهوائك ولكنك بقيت محافظا على «أنانيتك» فقد نقضت الغرض ولا فائدة في مثل هذا الجهاد إلّا في الدنيا. إنك إن قمت بتصميم هذا البرنامج بنفسك، ففي الواقع قد أبقيت «الأنا» على حالها، أو لعلّك كبّرتها إذ قد أعددت البرنامج بها وقد أطعتها في كيفيّة مخالفة الهوى. نحن إذا برمجنا بأنفسنا لجهاد النفس، تنتفخ أنانيّتنا، فلا يبقى بدّ سوى أن يبرمج الله لنا، وقد تصدّى سبحانه لهذا الأمر عبر أوامره ونواهيه وحلاله وحرامه وواجباته وعباداته. لقد أعطانا الله برنامجا أدار به عمليّة جهاد النفس وكأنه يقول: «إذا أردت أن أدير حياتك وجهادك فلابدّ لك أن تكون لي عبدا ذليلا». والعبد لا يملك شيئا لنفسه. إن ما أراد الله منّا هو أن نترك اللذات والرغبات ولا نزال كذلك إلى أن لا يبقى شيء من أنانيّتنا ونلتذّ بعد ذلك بالعلاقة مع الله نفسه، وهذا هو معنى العبوديّة. ثم ليس هناك شراكة بيننا وبين الله بحيث يأمر الله تارة ونرتأي نحن تارة أخرى. وكلّما أخفقنا في الطريق يجب أن نتوب وسوف يمهلنا ربّنا، فإن الله أرحم الراحمين وليس بشديد على المؤمنين. ولكن بعد ما أصبحنا عبادا للّه، فكلّما حدثت منّا مخالفة للأوامر الإلهيّة يجب أن نستغفر ونعترف بالذنب. التقوى هو البرنامج الوحيد الذي يضمن القضاء على أنانيتك أنت بحاجة إلى برنامج يعينك على إزالة أنانيّتك، لتصبح بعد ذلك عبدا ذليلا لله وتحظى بلذّة العبوديّة. ومن لوازم القضاء على هذه «الأنا»، هو العمل ببرنامج لا دور لك فيه. ولذلك عندما كان يُسأل الشيخ بهجت(ره) عن برنامج للسير والسلوك أو يسأل عن كتاب مفيد في هذا المجال، كان يقول: «حسبكم هذه الرسالة العمليّة». يعني برنامج طي هذا الطريق والسير والسلوك هو العمل بهذه الرسائل العمليّة. ولعلمكم كان المجاهدون في أيّام الدفاع المقدّس يعشقون الرسائل العمليّة، إذ كانوا قد بلغوا درجة الاستعداد للتضحية، فأيقض الله في قلوبهم شوقَ عبادته فأصبحوا يوّدون أن يسمعوا أوامر الله ليمتثلوها، فكانت الرسائل العملية دواء قلوبهم. حتى أن بعض المجاهدين كانوا قد حفظوا رسالة الإمام الخميني(ره) من قبيل «الشهيد أحمد نيكجو» الذي استشهد في عمليات كربلاء خمسة، فقد نقل عنه أنه كان قد حفظ رسالة الإمام. إن برنامج جهاد النفس هذا، يرقّينا إلى درجة العبوديّة إذا أدرنا عمليّة جهاد النفس بأنفسنا، فلا فائدة فيها ولا تزال تسمّى «عبادة النفس» لا «عبادة الله»، ولا نفرق حينئذ عن أولئك الذين يتحملّون الكبد والعناء ولكنّهم لا يتطوّرون. فإنْ تحمّل المعاناة أحد من الناس ولم يتنوّر قلبه فليعرف أن قد عانى وكابد بغير صواب، يعني أنه جاهد نفسه وعانى ما عانى ولكنّه لم يسيطر على هوى نفسه بعد. مضافا إلى أن المعاناة أمر لابدّ منه في هذه الدنيا، فإن لم يعان الإنسان في سبيل الله، فسوف يعاني لا محالة في سبيل نفسه. إن جهاد النفس يصيّرنا عبادا لله، إذ أن العبد الحقیقي، هو من كان على استعداد من امتثال أمر مولاه والتحرّك ضمن برنامج مولاه، كالعبيد حين يمتثلون أوامر أسيادهم. إن علاقتنا مع الله تختلف كثيرا عن علاقتنا مع شرطيّ المرور. إذ تهدف أوامر شرطي المرور إلى تنظيم السياقة والمرور في المدينة على أساس قوانين المرور، ولا دخل له بحديثنا داخل السيّارة مثلا. ولكن علاقتنا مع ربّ العالمين ليست هكذا. إنه يصدر مجموعة من الأوامر، ثم ينظر إلينا فردا فردا ليرى هل بقى شيء من أنانيتنا أم لا، حتى إذا وجد لها أثرا يقضي عليها عبر الامتحانات ومحن الحياة. طبعا يفعل الله ذلك بمنتهى الرحمة والصبر والصفح، فإنه يرضى بالقليل من أعمالنا ويصفح عن كثير. فلابدّ أن نرى جميع صفات الله ولا نؤكّد على جانب منها فقط. فإنّ الله يحاول أن يقضي على هوى نفسنا في هذه الدنيا ولكن بمنتهى الرأفة. يتبع إن شاء الله... |
![]() |
![]() |
![]() |
#3 |
●• فاطمية متميزة •●
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 159 ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() التقوى هي جهاد النفس ولكن بشرطين...
يجب علينا أن ندع بعض اللذات جانبا في سبيل أن نحظى بلذة لقاء الله ونذوق طعم هذا اللقاء. ينبغي لنا بحكم العقل أن نتغاضى عن بعض اللذات طمعا باللذات الأفضل. في مثل هذه الليالي يجب أن نتوب من ذنب غفلتنا عن أعظم لذّة في العالم. فقد جعل الله شهر رمضان في سبيل أن نشتغل به. فلا نجد بدّا سوى أن نسلّم أنفسنا إلى الله ونقول له: ربّنا نظّم حياتنا بنفسك. فيقول الله بلسان حاله: «نعم لابدّ من ذلك! وإلى من أكلك؟ فإلى أي أحد أكلك صرت عبده ولن تصل إليّ بعد. بينما يجب أن تكون عبدي وأن تفني نفسك في سبيلي، ويجب أن تفقد نفسك لتنال لذّة لقائي. إذن فيجب أن أديرك بنفسي فأسمّيك عبدا. فبعدما قبلت أن تكون لي عبدا يجب عليك أن تمتثل أوامري. وليَكُن شأنك الوحيد هو اتباع أوامري وأحكامي بلا فرق بين التقديرية منها وبين التكليفيّة». بعدما قبلنا أصل العناء والكبد، لابد أن نلتفت إلى «البرنامج» ونسعى للتحلّي بالرضا بالمصاعب في هذا الطريق. عندما يعطينا الله سبحانه وتعالى برنامجه في جهاد النفس، لا يستخدم عبارة جهاد النفس، بل يتحدث عن «التقوى». التقوى هي ليست جهادا للنفس وحسب، بل هي جهاد للنفس مع خصيصتين: 1ـ تشتمل على صبغة إلهية فإنك وعبر لزوم التقوى لا تجاهد نفسك في سبيل الدنيا فقط، بل تجاهدها لتنال لقاء الله سبحانه. إذن التقوى هي جهاد النفس بعينه، ولكن في سبيل الله. 2ـ التقوى هي جهاد النفس ولكن عبر البرنامج الإلهي. لقد جعل الله عقبة في طريق عبادته إذا استطاع الإنسان أن يدع رغباته امتثالا لأوامر الله وفي سبيل أن ينال لقاء الله ويحظى بلذّة قربه، وراح يطبّق البرنامج الإلهي بحذافيره حتى صار عبدا مطيعا، لا يدلّ ذلك على زوال أنانيّته، بل لا تزال نفسه قادرة على خداعه. يعني حتى لو امتثلنا جميع أوامر الله سبحانه، قد تكون «نفس» الإنسان باقية على قوّتها. إلهنا! لقد سلّمنا لك أنفسنا ورضينا بأن تكون أنت صاحب القرار في التكليف والتقدير ونحن راضون بذلك وقد أصبحنا عبادا لك، فأي مرض يبقى بعد هذا؟ هنا يجیبك الله قائلا: «يبدو أنك شعرت بالقرب مني ولعلك لم تشعر بالبون الشاسع بيني وبينك وهذا ما يدلّ على بقاء أنانيّتك بعد». ففي سبيل فرز أولي النفوس المتكبّرة من غيرهم، قد جعل الله عقبة في طريق عبادته وهي قبول «الولاية». فإن كان لابدّ لنا من تلقّي أوامر الله، فالنبيّ هو الذي يبلغنا أمره. فمن أراد أن يستلم أوامر الله مباشرة بدون واسطة النبي، فهو متكبّر. هذا هو قانون الله وهذه هي شريعته. فبمقتضاها لا تكفي إطاعة الله وحسب وإنك لم تكن قاضيا على أنانيتك وهوى نفسك بمجرّد إطاعة أوامر الله، بل يجب أن تمتثل أوامر الإنسان الذي أمر الله بطاعته. وإطاعة من أمر الله بطاعته هي ما نسمّيها بالولاية بمعناها الخاصّ. الولاية هي المرحلة القصوى الدالة على طهارة الإنسان. الولاية هي تلك المرحلة التي عجز إبليس عن اجتيازها واتضح بعد ستة آلاف سنة أنه كافر كذاب ولم تزل أنانيّته مستفحلة في ذاته. الولاية هي المحك الأخير لاختبار زوال أنانية الإنسان تَرَدَّد على بيوت أهل البيت(ع) ولا سيما أمير المؤمنين(ع) وافحص قلبك وانظر هل تشعر بالتواضع الكبير تجاه عظمة أمير المؤمنين(ع) أم لا؟ إنك لم تكن قادرا على رفض عبوديتك للّه، ولكن هل تعتقد بأفضليّة أمير المؤمنين(ع) عليك أو أنك تحسده؟! وعندما تقف بين يدي أمير المؤمنين(ع) هل تخشع له وتتهافت أم يبقى لك شيء من الكبر والاستعلاء؟ إن كنت عبدا لله تقل: «إلهي! دلّني على أحبائك وأعزائك لأكون خادما لهم». وهذا هو الفارق بين العبد الحقيقي والعبد المزيّف. وهذا هو الفارق بين المسلم والمؤمن. الهدف الذي قدّره الله لنا في هذه الدنيا هو أن نقضي على أنانيّتنا عبر أوامره ونواهيه ونستعين على ذلك بالتقوى. ولابدّ أن نخضع لذلك لنتّسم بالعبوديّة ونتّصف بالتقوى. ولكن في سبيل أن يتضح الأمر حقيقة وأن هل قد زالت أنانيّتنا حقّا أم لا، لابدّ أن نخضع لامتحان الولاية. يجب أن لا يثقل عليك امتثال أمر من أوجب الله طاعته. لقد قال الله سبحانه وتعالى للنبي في القرآن: (فَلا وَ رَبِّكَ لا یُؤْمِنُونَ حَتَّى یُحَکِّمُوكَ فیما شَجَرَ بَیْنَهُمْ ثُمَّ لا یَجِدُوا فی أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَیْتَ وَ یُسَلِّمُوا تَسْلیماً)[النساء/65] لماذا يغفر الله لأهل الولاية؟ إذا نجح امرء في امتحان الولاية، فقد أحرز عبوديّته. فإنه إن عثر بزلّة أو ذنب يغفر الله له بسهولة. بينما إذا كان الإنسان قد عبد الله سنين طويلة وقام بأعمال حسنة كثيرة، ولكن لم يطو عقبة الولاية بنجاح فهو مريض، وحتى باقي أعماله الصالحة فهي خداع وقد قام بها لإسكات ضميره لا طاعةً لأمر مولاه. إنّ مثل هذا الإنسان في الواقع عابد لنفسه غاصٌّ في خيالاته وأوهامه. النزاع الرئيس في العالم قائم بين عبادة الله وعبادة النفس، وأقصى مراحل عبادة الله هي أن لا تمتثل أوامر الله وحسب، بل تخضع للولي الذي يؤمّره عليك وتمتثل أوامره. أحد أفضل عباد الله في زمن النبي(ص) سلمان الفارسي. فقد سئل الإمام الصادق(ع) عن سبب ما كان يكثر من ذكر سلمان الفارسي ومدحه، إذ قال له الراوي: «مَا أَکْثَرَ مَا أَسْمَعُ مِنْكَ یَا سَیِّدِي ذِکْرَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِ! فَقَالَ: لَا تَقُلِ الْفَارِسِيَّ، وَ لَکِنْ قُلْ سَلْمَانَ الْمُحَمَّدِيَّ، أَ تَدْرِی مَا کَثْرَةُ ذِکْرِي لَهُ قُلْتُ: لَا. قَالَ: لِثَلَاثِ خِلَالٍ: أَحَدُهَا: إِیثَارُهُ هَوَى أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ (عَلَیْهِ السَّلَامُ) عَلَى هَوَى نَفْسِهِ، وَ الثَّانِیَةُ: حُبُّهُ لِلْفُقَرَاءِ وَ اخْتِيَارُهُ إِيَّاهُمْ عَلَى أَهْلِ الثَّرْوَةِ وَ الْعَدَدِ، وَ الثَّالِثَةُ: حُبُّهُ لِلْعِلْمِ وَ الْعُلَمَاءِ. إِنَّ سَلْمَانَ كَانَ عَبْداً صَالِحاً حَنِيفاً مُسْلِماً وَ ما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ». [أمالي الشیخ الطوسي/ ص133] لعل ولاية الفقيه أيضا محل امتحان هوى نفس الإنسان إن موضوع هوى النفس قد جرّنا من العبودية والتقوى إلى الولاية. فهل قد بقي شيء من هوى النفس بعد أم لا؟ كم لولاية الفقيه من علاقة مع ولاية علي بن أبي طالب(ع)؟ لعلّ ولاية الفقيه أيضا هي محل امتحان هوى نفس الإنسان. قد يسأل سائل وهل الولي الفقيه معصوم؟! فأقول له: وهل كان سلمان الفارسي معصوما؟! فإنك إن لم تتولّ سلمان الفارسي فقد خرجت من ولاية أهل البيت(ع). يقول الإمام الباقر(ع): «الْوَلَایَةُ لِلْمُؤْمِنِینَ الَّذِینَ لَمْ یُغَیِّرُوا وَ لَمْ یُبَدِّلُوا بَعْدَ نَبِیِّهِمْ ص وَاجِبَةً مِثْلِ سَلْمَانَ الْفَارِسِیِّ وَ أَبِی ذَرٍّ الْغِفَارِیِّ وَ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ الْکِنْدِیِّ وَ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ وَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیِّ وَ حُذَیْفَةَ بْنِ الْیَمَانِ وَ أَبِی الْهَیْثَمِ بْنِ التَّیِّهَانِ وَ سَهْلِ بْنِ حُنَیْفٍ وَ أَبِی أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیِّ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ وَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَ خُزَیْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ ذِی الشَّهَادَتَیْنِ وَ أبو [أَبِی] سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ وَ مَنْ نَحَا نَحْوَهُمْ وَ فَعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِمْ» [خصال الصدوق/2/607] فإذا قال قائل، أنا خادم المعصومين الأربعة عشر فقط، وأتواضع لهم فقط، فنقول له: إنك إن لم تتواضع لخدمة أهل البيت(ع) وتتجاسر على أحد خدّامهم تخرج من ولاية أهل البيت(ع). فيجب عليك أن تتواضع لهم جميعا. كان بإمكان الله أن يعطينا برنامج جهاد النفس مباشرة، أو يخاطبنا بالآيات القرآنية ليكون شأن النبي(ص) إيصال أوامر الله إلى الناس، ولكن أحيانا كان يخاطب النبي ويأمره بإبلاغ الناس فلم يتحدث مع الناس مباشرة. ومن جملة أهمّ مصاديق هذه الحالات هي واقعة الغدير؛ (أَیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَیْكَ مِنْ رَبِّك). وكلّما دعا الله في القرآن إلى طاعته، أمر بإطاعة الرسول كذلك. مثل قوله تعالى: (أَطیعُوا اللَّهَ وَ أَطیعُوا الرَّسُول) أو ما نقله عن معظم أنبيائه الذين ذكر قصتهم في القرآن إذ قالوا لأقوامهم: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطیعُونِ). ولعلّ الله قد تحدّث عن طاعته بلا أن يذكر طاعة الرسول في آية واحدة فقط. يقول أمير المؤمنين(ع): «وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّکُمْ إِذَا اتَّقَیْتُمُ اللَّهَ وَ حَفِظْتُمْ نَبِیَّکُمْ فِی أَهْلِهِ فَقَدْ عَبَدْتُمُوهُ بِأَفْضَلِ عِبَادَتِهِ وَ ذَکَرْتُمُوهُ بِأَفْضَلِ مَا ذُکِرَ وَ شَکَرْتُمُوهُ بِأَفْضَلِ مَا شُکِرَ»[تحف العقول/ص178] كلّ من كان في قلبه حقد لوليّ الله، تسنّى له أن يجسّده في كربلاء ما حدث في كربلاء؟ أما في مخيّم الأولياء، فكان قد جاء الإمام الحسين(ع) متيّما بحبّ الله قائلا: «تركت الخلق طرّا في هواكا/ وأيتمت العيال لكي أراكا/ فإن قطّعتني في الحبّ إربا/ لما مال الفؤاد إلى سواكا». وأما من كان في مخيّم الأشقياء؟ لقد شاء الله أن يَحدُث أمران في كربلاء: 1ـ أن يجسّد العشّاق عشقهم 2ـ أن تتاح الفرصة لكل من كان في قلبه كبر تجاه ولي الله أن يظهر ويجسّد رذالته وقذارته. وفي كربلاء نحن نستطيع أن نرى مدى رذالة أولئك القوم الذين تكبّروا على الولاية. وكلّ من كان في قلبه حقد على ولي الله أتيحت له الفرصة أن يجسّدها في كربلاء... صلى الله عليك يا أبا عبد الله |
![]() |
![]() |
![]() |
#4 |
●• فاطمية متميزة •●
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 159 ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() إليك ملخّص الجلسة الثامنة عشر من سلسلة محاضرات سماحة الشيخ بناهيان في موضوع «الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني» حيث ألقاها في ليالي شهر رمضان المبارك عام 1434هـ. في مسجد الإمام الصادق(ع) في مدينة طهران.
لقد خلقنا في سبيل إنتاج القيمة المضافة عبر اجتياز بعض الموانع/ يتحقق «جهاد النفس» بالعبور عن النزعات الرخيصة لقد انتهى حديثنا في هوى النفس إلى أنّنا قد خلقنا في سبيل إنتاج القيمة المضافة، وهناك موانع في هذا الطريق وهي النزعات التافهة والرخيصة التي تشكّل حجر عثرة في طريقنا هذا، فباجتيازها والكفّ عنها ينفتح الطريق علينا نحو الرقيّ والكمال. تنطلق الحياة من الاحتياجات القليلة والنازلة بطبيعة الحال، بعد ذلك ومن خلال المرور من هذه الأميال والنزعات غير السامية، يخوض الإنسان شيئا فشيئا في معمعة جهاد النفس. إن جهاد النفس تشكّل حركتنا الرئيسة التي لا تنفكّ عنّا في هذه الدنيا مدى الحياة. وحتّى أولياء الله معنيّون بجهاد النفس أيضا. جهاد النفس هو في الواقع مواجهة «الأنا» التي هي في مقابل «المعبود» لا ينفكّ طريق جهاد النفس عن العناء، فلابدّ أن نحلّ قضية العناء لأنفسنا بادئ ذي بدء. إن من لوازم جهاد النفس هي أن يتصدّى الله سبحانه لبرمجة عمليّات جهاد النفس. وقدّ أعدّ الله هذا البرنامج فعلا على مستوى التكليف والتقدير. في سبيل أن تكون قد جاهدت أنانيّتك، لابدّ أن يكون الله قد أعطاك البرنامج، ولذلك فإن جهاد النفس في الواقع هو مواجهة «الأنا» التي في مقابل «المعبود». لقد خلق الإنسان من أجل لقاء ربّ العالمين، ولا معنى للارتقاء بغير الاتصال بالمعبود. فمن أجل نيل هذا اللقاء لابدّ لك من اجتياز الأنا وأهواء النفس. إن أنواع الطاعات وشتّى العبادات هي من أجل تضعيف «الأنا». فإن كانت العبادة للأنا غير جائزه، كذلك أصل التديّن يجب أن يكون من أجل الله وفي سبيل تضعيف النفس والأنا. فإن كان التديّن لغير الله وكان من أجل توفير حفنة من الجاه فهو رياء. في سبيل الارتقاء، لابدّ أن نعمل على خلاف الأهواء من أجل السير نحو الرقيّ والكمال، لابدّ لنا من العمل على خلاف الأهواء. ومعنى الكمال هنا هو الاستعداد الأكثر والأفضل للقاء الله سبحانه. ففي سبيل لقاء الله، لا يكفينا ترك المشتهيات فحسب، بل لابدّ من ترك الأنا أيضا. أمّا برنامج هذا الطريق فهو التقوى، والحافز لطيّ الطريق هو الإيمان بلقاء الله عز وجل. لقد قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: (وَاسْتَعینُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ)[البقرة/45]. الصبر هو نموذج ممتاز لردّ فعلنا تجاه المشاكل التقديرية، وأمّا الصلاة فتمثّل نموذجا بارزا لتقبّل التكليف وامتثال الأوامر. ثم قال سبحانه في تكملة الآية: (وَ إِنَّها لَکَبیرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخاشِعینَ)[المصدر نفسه]. أمّا من هم الخاشعون؟ لقد أجاب الله عن هذا السؤال في الآية التالية: (الَّذِینَ یَظُنُّونَ أَنهَّم مُّلَاقُواْ رَبهِّمْ وَ أَنهَّمْ إِلَیْهِ رَاجِعُون)[البقرة/ 46]. يبلّغ الله أوامره عن طريق خليفة الله لا يكفي الإيمان والتقوى وحدهما، إذ حتى مع وجودهما لا تزال «الأنا» قائمة على حالها. فقد ركّب الله وجود الإنسان من أبعاد معقّدة جدّا وليس الصبر والصلاة يكفيان للبتّ في أنّ الإنسان الصابر والمصلّي قد واجه نفسه حقيقة. فمن أجل أن يتّضح كم أنك قد سحقت نفسك، يبلّغ الله أوامره عن طريق خليفته. فهذا الذي لم يتغلّب على نفسه بعد، سوف يحقد على وليّ الله. من أبرز مصاديق الحقد على ولي الله، هو ما حدث في عيد الغدير، إذ اعترض الحارث بن النعمان الفهري على رسول الله(ص) بعد أن بلّغ ولاية أمير المؤمنين(ع)؛ «لَمَّا کَانَ یَوْمُ غَدِیرِ خُمٍّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ص خَطِیباً فَأَوْجَزَ فِی خُطْبَتِهِ ثُمَّ دَعَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ع فَأَخَذَ بِضَبْعِهِ ثُمَّ رَفَعَ بِیَدِهِ حَتَّى رُئِیَ بَیَاضُ إِبْطَیْهِمَا ... فَبَلَغَ ذَلِکَ الْحَارِثَ بْنَ النُّعْمَانِ الْفِهْرِيَّ فَرَحَلَ رَاحِلَتَهُ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَیْهَا وَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذْ ذَاكَ بِمَکَّةَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْأَبْطَحِ فَأَنَاخَ نَاقَتَهُ ثُمَّ عَقَلَهَا ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِیِّ [ص]... وَ إِنَّهُ لَمُغْضَبٌ وَ إِنَّهُ لَیَقُولُ اللَّهُمَّ إِنْ کَانَ مَا قَالَ مُحَمَّدٌ حَقّاً فَأَمْطِرْ عَلَیْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ تَکُونُ نَقِمَةً فِي أَوَّلِنَا وَ آیَةً فِی آخِرِنَا ... فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْأَبْطَحِ رَمَاهُ اللَّهُ بِحَجَرٍ مِنَ السَّمَاءِ فَسَقَطَ عَلَى رَأْسِهِ وَ خَرَجَ مِنْ دُبُرِهِ وَ سَقَطَ مَیِّتاً فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِیهِ سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ»[تفسير الفرات/ص 504] إذن لا يَصلُح الإنسان بالصوم والصلاة فقط، بل لابد أن يطهُر قلبه من لوث الحسد والكبر على أمير المؤمنين(ع). فأولئك الذين أسلموا ولكن أبت قلوبهم حبّ أمير المؤمنين(ع)، فإنهم في الواقع لم يتركوا أنانيّتهم. يتبع إن شاء الله... |
![]() |
![]() |
![]() |
#5 |
●• فاطمية متميزة •●
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 159 ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() تنتهي أقصى مراحل العرفان إلى الولاية
إن موضوع الولاية موضوع عرفاني للغاية. إذ تنتهي أقصى مراحل العرفان إلى الولاية. ومعنى الفناء في الله هو هذه العبارة التي نقرأها في زيارة الجامعة: «بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي وَ نَفْسِي وَ مَالِي وَ وُلْدِي»[تهذيب الأحکام/ج6/ص61] يقول الإمام محمّد الباقر(ع): «تَمَامُ الْحَجِ لِقَاءُ الْإِمَام»[الکافي/ج4/ص549] و «إِنَّمَا أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يأْتُوا هذِهِ الْأَحْجَارَ، فَيطُوفُوا بِهَا، ثُمَّ يأْتُونَا، فَيخْبِرُونَا بِوَلَايتِهِمْ، وَ يعْرِضُوا عَلَينَا نَصْرَهُمْ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ثُمَّ أَوْمَأَ بِيدِهِ إِلَى صَدْرِهِ إِلَى وَلَايتِنَا» [کافي/ج4/ص549] وعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ يحْکِي قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ (رَبَّنا إِنِّي أَسْکَنْتُ مِنْ ذُرِّيتي بِوادٍ غَيرِ ذي زَرْعٍ عِنْدَ بَيتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيقيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوي إِلَيهِمْ وَ ارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يشْکُرُونَ) فَقَالَ ع: «مَا قَالَ إِلَيهِ يعْنِي الْبَيتَ مَا قَالَ إِلَّا إِلَيهِمْ أَ فَتَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيکُمْ إِتْيانَ هَذِهِ الْأَحْجَارِ وَ التَّمَسُّحَ بِهَا وَ لَمْ يفْرُضْ عَلَيکُمْ إِتْيانَنَا وَ سُؤَالَنَا وَ حُبَّنَا أَهْلَ الْبَيتِ وَ اللَّهِ مَا فَرَضَ عَلَيکُمْ غَيرَهُ» [تفسير فرات/224] الولاية هي شرط قبول الأعمال الصلاة التي هي شرط قبول الأعمال، لا تقبل بدون الولاية؛ قَالَ الصَّادِقُ ع «إِنَ أَوَّلَ مَا يسْأَلُ عَنْهُ الْعَبْدُ إِذَا وَقَفَ بَينَ يدَيِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ الصَّلَوَاتُ الْمَفْرُوضَاتِ وَ عَنِ الزَّکَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَ عَنِ الصِّيامِ الْمَفْرُوضِ وَ عَنِ الْحَجِّ الْمَفْرُوضِ وَ عَنْ وَلَايتِنَا أَهْلَ الْبَيتِ فَإِنْ أَقَرَّ بِوَلَايتِنَا ثُمَّ مَاتَ عَلَيهَا قُبِلَتْ مِنْهُ صَلَاتُهُ وَ صَوْمُهُ وَ زَکَاتُهُ وَ حَجُّهُ وَ إِنْ لَمْ يقِرَّ بِوَلَايتِنَا بَينَ يدَيِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ لَمْ يقْبَلِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهُ شَيئاً مِنْ أَعْمَالِهِ» [أمالي الشيخ الصدوق/256] وقال الإمام الباقر(ع) في رواية أخرى: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ عَلَى الصَّلَاةِ وَ الزَّکَاةِ وَ الصَّوْمِ وَ الْحَجِّ وَ الْوَلَايةِ وَ لَمْ ينَادَ بِشَيءٍ کَمَا نُودِيَ بِالْوَلَايةِ»[الكافي/ج2/ص18] ما الفائدة في صلاتك وعبادتك إن كنت قد حافظت على أنانيتك؟ لقد خلّف إبليس تاريخا زاهرا في الصلاة والعبادة المقبولة ولمدّة ستة آلاف سنة. حتى وصل به الأمر أن يكلّم الله ويكلّمه الله، ولكن بعد ما أبى أن يسجد لوليّ الله، أنكر الله إيمانه وقال: (أَبى وَ اسْتَكْبَرَ وَ كانَ مِنَ الْكافِرين) [البقرة/34]. لماذا يا إلهنا قد أنكرت إيمان إبليس من الأساس؟ ولماذا لم تقل: «وکان ضعيف الإيمان»، بل قلت: (وَ كانَ مِنَ الْكافِرين)؟! من لم يتولّ ولي الله فليس بمؤمن لقد صرّح القرآن بهذه الحقيقة في سورة النساء إذ قال الله سبحانه: (فلا وَ رَبِّكَ لا يؤْمِنُونَ حَتَّى يحَکِّمُوكَ فيما شَجَرَ بَينَهُمْ ثُمَّ لا يجِدُوا في أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيتَ وَ يسَلِّمُوا تَسْليماً) [النساء/65]. إن جهاد النفس من أجل سحق أنانيتك، أمّا إنك إن أبقيت أنانيتك على قوّتها وضخامتها فسوف تقع في مشكلة مع الولاية. قال الإمام الرضا(ع) في رواية سلسلة الذهب المعروفة: «حَدَّثَنِي أَبِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عن ... عن الحسن بن علي قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَلِي بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حِصْنِي فَمَنْ دَخَلَ حِصْنِي أَمِنَ مِنْ عَذَابِي» فَلَمَّا مَرَّتِ الرَّاحِلَةُ نَادَي: «بِشُرُوطِهَا وَ أَنَا مِنْ شُرُوطِهَا»[عيون أخبار الرضا ع/ج2/ص135] نكران الذات وسحق «الأنا» في مقابل الله مرهون بالخضوع لولاية ولي الله لقد خرجنا بهذه النتيجة بعد أن طوينا مقدمات عديدة وهي أن الإنسان وفي سبيل أن يلقى الله عز وجل، لابدّ أن يخالف نفسه ويجتاز أنانيته. إن اجتياز الأهواء والرغبات يشكّل المرحلة الأولى للاستعداد للقاء الله، ولكن أهمّ خطوة هي الإقلاع عن «الأنا» أمام الله سبحانه، وليس المقصود من الإقلاع عن الأنا هو أن تطيع الله وتمتثل أوامره، بل المقصود هو أن تمتثل أوامر خليفة الله ووليّه. طبعا قد يتجسّد الخضوع للولاية في مصاديق أخرى. مثل ما إذا كنت مشغولا في تعقيبات الصلاة، وفي هذه الأثناء دعاك أحد والديك لأمر ما، هنا يقتضي جهاد النفس أن تترك التعقيبات وتلبي له؛ يعني يجب الخضوع لولاية الأب بقدرها ونطاقها ولابدّ أن نقدّمها على المستحبّات. هذا هو سرّ عمل أويس القرني، فإنه فرّط في لقاء النبي الأعظم(ص) امتثالا لأمر والدته. امتحان الولاية امتحان مهمّ وحاسم على المتديّنين بعد أن انخرط أحد من الناس في سلك المتدينين، يمتحنه الله ليفحص مدى كبره على ولي الله. وعندما يسقط المتدينون في الامتحان، يصبحون ألدّ الخصام للولاية. فعلى سبيل المثل انظروا إلى قاتل أمير المؤمنين(ع). إن استشهاد أمير المؤمنين(ع) باعتبار الشخص الذي باشر بجريمة قتله، لا يقلّ أهمية عن ميلاده(ع) في الكعبة. لم يكن «ابن ملجم» إنسانا بلا دين ولا إيمان، بل كان من طبقة المتديّنين. ولكنّه كان قد أضمر في قلبه شيئا تجاه الولاية بلا أن يعالجه. كان ابن ملجم ممن اختاره أهل اليمن من زمرة خِيارهم وأرسلوه إلى أمير المؤمنين(ع). بعد أن أرسل أمير المؤمنين(ع) كتابا إلى والي اليمن أن أرسل إليّ عشرة من خيار أهل اليمن، قام أهل اليمن بفرز مئة رجل من خيارهم، ثم فرزوا منهم سبعين رجلا، ثم فرزوا من السبعين ثلاثين، وفي النهاية اختاروا منهم عشرة وأرسلوهم إلى أمير المؤمنين(ع)... «فَلَمَّا أَتَوْهُ ع سَلَّمُوا عَلَيْهِ وَ هَنَّئُوهُ بِالْخِلَافَةِ فَرَدَّ عَلَيْهِمُ السَّلَامَ وَ رَحَّبَ بِهِمْ فَتَقَدَّمَ ابْنُ مُلْجَمٍ وَ قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَ الْبَدْرُ التَّمَامُ... فَاسْتَحْسَنَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع كَلَامَهُ مِنْ بَيْنِ الْوَفْدِ فَقَالَ لَهُ مَا اسْمُكَ يَا غُلَامُ قَالَ اسْمِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ ابْنُ مَنْ قَالَ ابْنُ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيِّ قَالَ لَهُ أَ مُرَادِيٌ أَنْتَ قَالَ نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ ع إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ» [بحار الأنوار/ ج42/ص260]. أحد طرق سحق الأنا هو ذكر مصيبة سيد الشهداء والبراءة من أعداء أهل البيت(ع) أحد طرق سحق الأنا هو ذكر مصيبة سيد الشهداء(ع) والبراءة من أعداء أهل البيت(ع). إن مصائب أهل البيت(ع) وسيد الشهداء(ع) من شأنها أن تؤسّر نفس الإنسان ولها أثر مباشر على تضعيف أنانيّته. فإن لم يتعالج الإنسان في مجالس عزاء الحسين(ع) وفي حفرة مقتل سيد الشهداء، فلا يبحث عن مكان آخر. وإن لم يجث على ركبتيه عند استماع مصائب أهل البيت(ع)، فهو ليس بجاث لأوامرهم وفضائلهم وعدلهم. صلى الله عليك يا أبا عبد الله |
![]() |
![]() |
![]() |
#6 |
●• فاطمية متميزة •●
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 159 ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() إليك ملخّص الجلسة التاسعة عشر من سلسلة محاضرات سماحة الشيخ بناهيان في موضوع «الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني» حيث ألقاها في ليالي شهر رمضان المبارك عام 1434هـ. في مسجد الإمام الصادق(ع) في مدينة طهران. إن أوامر الله تفضّل منه علينا/ لو لم يأمرنا الله لحرنا في أمرنا النقطة المقابلة لعبادة الله هي عبادة الهوى. أمّا الذي أبى أن يخضع لأوامر الله فبإمكاننا أن نجسّد مدى قبح عمله المتمثل بعبادة الهوى بطريق آخر. بإمكاننا أن نقول: إن الله قد تفضل علينا حين ما أصدر أوامره إلينا. فلو لم يأمرنا الله لتهنا في حيرة عمياء. لقد علم الله أنّنا عاجزون عن تصميم برنامج يزيدنا قيمة، ولكن عبر امتثال الأمر الذي جاء من الأعلى يتسنّى لنا الارتقاء والازدياد قيمةً. ولذلك فإنّ اللّه قد تفضّل علينا وأمرنا لكي ينفتح أمامنا طريق التكامل ونصبح أناسا أولي قيمة. العصيان هو إساءة لله الذي تفضّل علينا وكأنه قد تنازل عن مقامه الرفيع فأمرنا لعلّ الله قد تنازل حين أَمَرَنا، إذ كان يعلم أن كثيرا من عباده سوف يعصونه إذا أمرهم ولا يكترثون بأحكامه، ولكن مع ذلك أمرنا تفضّلا ولطفا منه. وهناك بعض الشواهد في القرآن قد تشير إلى هذه الحقيقة. فعلى سبيل المثال عندما ينظر الله إلى شأنه وعظمته، ينهى النبي الأكرم(ص) عن إنذار بعض الكفّار والمشركين الذين لا يستحقّون الإنذار. فقال لهم: (إِنَّ الَّذينَ کَفَرُوا سَواءٌ عَلَيهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يؤْمِنُونَ)[البقرة/6] وكذلك قال: (ذَرْهُمْ يأْکُلُوا وَ يتَمَتَّعُوا وَ يلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يعْلَمُون)[الحجر/3] لماذا العصيان وعدم امتثال أمر الله قبيح إلى هذا الحدّ؟ لأنه إساءة إلى الله الذي تنازل عن مقامه الرفيع الأعلى إذ خاطبك وأمرك. فبالرغم من أن الله تنازل وتفضّل علينا وأمرنا، وإذا بالعبد الضعيف الحقير الذي لا يحسب بشيء في مقابل الله عز وجل، يتكبّر على الله ويتمرّد عليه!!! فإنها لإساءة حقّا إلى الله وعمل قبيح جدّا. التوبة الحقيقيّة لمن يرى أوامر الله إليه محبّة من الله لا يمكن التوبة إلى الله من أعماق قلوبنا، إلّا بعد أن رأينا أوامر الله لطفا وتفضّلا من الله إلينا. عند ذلك ندرك أن كل أمر تركناه من أوامر الله، فإنه في الواقع إهمال وعدم اكتراث بمحبّة الله ولطفه على عبده. إن التوبة الحقيقيّة خاصة بهؤلاء. وأمّا التوبة الأقل درجة من هذه فهي لأولئك الذين يتصوّرون عذاب جهنّم. والدرجة التي بعدها فلأولئك الذين يتصوّرون القبر، أي لمن يجسّد في ذهنه لحظة نزع الروح والنزول في القبر فيقول: كل الأعمال السيئة التي ارتكبتها لا تسوى ذاك العذاب. والمرحلة الأنزل هي لمن يدرك ليلة القدر، فيقول: إذا أراد الله أن يقدّر مستقبلي في العام القادم على أساس ما أسلفته في الأعوام الماضية فويل لي. ولكن من أروع أنواع التوبة هي أن تقارن بين إطاعة الله، وإطاعة النفس، ثم تشعر بمدى قبح إطاعة النفس، فيضيق صدرك حسرة لما تركت من أوامر الله جفاءً ثم أطعت نفسك. إذا أردت أن تعيش حالة التوبة، فانظر من عصيت ومن أطعت إذا أردت أن تعيش حالة التوبة، فلابدّ لك أن ترى من عصيت، ومن أطعت في مقابله. إنك قد تركت الله وأطعت نفسك! (أَفَرَأَيتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواه)[الجاثية/23]. إن بعض الناس قد اتخذوا أنفسهم آلهة ولا يزالون يسجدون لها. هذا الإنسان الذي يكتئب ويحزن على ما أساء في اختياره ويلوم نفسه أن لماذا ترك عبادة الله وعبد نفسه بدلا عن الله، يستطيع أن يتوب توبة حقيقية. إن عبادة النفس عمل قبيح جدّا، ولابدّ أن نعي قبحها مقابل جمال عبادة الله. يا ليتنا لا ننفك عن اجتناب الذنب حتى نعي هذه الحقيقة ونعيش جمالها. إن إدراك جمال الإيمان وإطاعة الله وكذلك فهم قبح معصية أمر الله أمر ممكن. فقد قال الله سبحانه وتعالى: (وَ لکِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيکُمُ الْإيمانَ وَ زَينَهُ في قُلُوبِکُمْ وَ کَرَّهَ إِلَيکُمُ الْکُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيان)[الحجرات/7] نحن غير مبتلين بالكفر والفسوق بحمد الله، ولكن يجب أن نسعى لكره العصيان أيضا. إن ولي الله واسطة بينك وبين ربّ العالمين، لتقدر على التغلّب على هوى النفس وتذوق حلاوة لقاء الله أحد الطرق التي يعيننا على إدراك هذا المفهوم، هو الاستعانة بأهل البيت(ع). فكما مرّ في موضوع هوى النفس، في سبيل أن تقضي على هوى النفس بأمر الله، لابدّ أن يتوسّط وليّ الله في إبلاغ أوامر الله. إن ولي الله واسطة بينك وبين ربّ العالمين، لتقوى على غلبة هوى النفس وأن تذوق حلاوة لقاء الله. إذا کان إهمال أمر الله إلى هذا الحدّ من القبح، فكذلك من القبح بمكان أن أضع كلام أمير المؤمنين(ع) على جانب، ثم أطيع نفسي. لقد كان القرار أن أرتقي وأسير نحو الكمال بأمر المولى، فما تقصير مولاي في هذا البين حتى أسيئ إليه وأتجاهل شأنه وحرمته؟ لذلك فإنك إن تستغفر ربك، لم يرض عليك ربك ما لم يرض عليك إمام زمانك، وكذلك الحال في باقي الأشخاص الذين لهم ولاية عليك. فإنك إن كنت قد آذيت والديك وكسرت قلبهما، كيف تقدر على كسب رضا الله سبحانه؟ والأهم من أمّك وأبيك إمام زمانك(عج). الذي يكتفي بمناجاة الله ولا علاقة له بوليّ الله، فإنه قد أخطأ طريق التوبة نقول في زيارة الجامعة الكبيرة: «يا وَلِيَّ اللَّه إِنَّ بَينِي وَ بَينَ اللَّهِ ذُنُوباً لَا يأْتِي عَلَيهَا إِلَّا رِضَاکُمْ»[من لا يحضره الفقيه/ج2/ص616]. إن هذا، هو الشعور الذي يجب أن يخامر قلب الشيعي. أمّا هذا الذي قد سار في طريق عبادة الله، بيد أنه قد اكتفى بمناجاة الله ولا علاقة له بوليّ الله، فقد أخطأ طريق التوبة ولم يحظ برؤية صائبة. إنه لا يريد أن يستعين بإمام الزمان(عج) ليغفر له الله، في حين أنه قد عصى إمام زمانه(عج) بمعصيته وذنوبه. قَالَ أمير المؤمنين(ع): سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ: أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِأَكْيَسِ الْكَيِّسِينَ وَ أَحْمَقِ الْحَمْقَى قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: أَكْيَسُ الْكَيِّسِينَ مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ، وَ عَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَ إِنَّ أَحْمَقَ الْحَمْقَى مَنِ اتَّبَعَ نَفْسُهُ هَوَاهَا، وَ تَمَنَّى عَلَى اللَّهِ تَعَالَى الْأَمَانِيَّ. فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ كَيْفَ يُحَاسِبُ الرَّجُلُ نَفْسَهُ قَالَ: إِذَا أَصْبَحَ ثُمَّ أَمْسَى رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ- فَقَالَ: يَا نَفْسِ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ مَضَى عَلَيْكِ لَا يَعُودُ إِلَيْكِ أَبَداً، وَ اللَّهُ تَعَالَى يَسْأَلُكِ عَنْهُ فِيمَا أَفْنَيْتِيهِ- فَمَا الَّذِي عَمِلْتِ فِيهِ أَ ذَكَرْتِ اللَّهَ أَمْ حَمِدْتِيهِ أَ قَضَيْتِ حَوَائِجَ مُؤْمِنٍ أَ نَفَّسْتِ عَنْهُ كُرْبَةً أَ حَفِظْتِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ فِي أَهْلِهِ وَ وُلْدِهِ أَ حَفِظْتِيهِ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي مُخَلَّفِيهِ أَ كَفَفْتِ عَنْ غِيبَةِ أَخٍ مُؤْمِنٍ بِفَضْلِ جَاهِكِ أَ أَعَنْتِ مُسْلِماً مَا الَّذِي صَنَعْتِ فِيهِ فَيَذْكُرُ مَا كَانَ مِنْهُ. فَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ جَرَى مِنْهُ خَيْرٌ، حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى، وَ كَبَّرَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ، وَ إِنْ ذَكَرَ مَعْصِيَةً أَوْ تَقْصِيراً، اسْتَغْفَرَ اللَّهَ تَعَالَى، وَ عَزَمَ عَلَى تَرْكِ مُعَاوَدَتِهِ، وَ مَحَا ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ بِتَجْدِيدِ الصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ، وَ عَرَضَ بَيْعَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ ع عَلَى نَفْسِهِ، وَ قَبُولَهُ لَهَا، وَ إِعَادَةَ لَعْنِ أَعْدَائِهِ وَ شَانِئِيهِ وَ دَافِعِيهِ عَنْ حَقِّهِ. فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: لَسْتُ أُنَاقِشُكَ فِي شَيْءٍ مِنَ الذُّنُوبِ- مَعَ مُوَالاتِكَ أَوْلِيَائِي، وَ مُعَادَاتِكَ أَعْدَائِي. [التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري/ ص38] فيا ترى ماذا يريد الله أن يقول لنا عن أمير المؤمنين(ع) في ليلة القدر هذه؟ لعلّه يريد أن يقول أحبّوا مولاكم أمير المؤمنين(ع) وجدّدوا له البيعة... صلى الله عليك يا أمير المؤمنين |
![]() |
![]() |
![]() |
#7 |
●• فاطمية متميزة •●
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 159 ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() إليك ملخّص الجلسة العشرين من سلسلة محاضرات سماحة الشيخ بناهيان في موضوع «الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني» حيث ألقاها في ليالي شهر رمضان المبارك عام 1434هـ. في مسجد الإمام الصادق(ع) في مدينة طهران. التصديق بخلود بعض الناس في عذاب جهنّم أمر عصيب/ فلنؤمن برذالة الأعداء من العقائد المهمّة جدّا، هي التصديق والإيمان بنار جهنّم. فإن بعض الناس لا يكاد أن يستطيع التصديق بالعذاب العسير الإلهي. إن التصديق بالخلود في نار جهنم وما فيها من عذاب عسير أبديّ أمر غير هيّن. إذ يتساءل الناس يا ترى كم قد تمادى هذا الإنسان في الرذالة والشقاء حتى استحق الخلود في نار جهنّم؟ يجب علينا أن نصدّق بأن بعض الناس قد بلغوا الذروة في الرذالة والشقاء ومن شأنهم أن يمكثوا في العذاب إلى أبد الآبدين. لقد قال الله سبحانه وتعالى في حقّ بعض الأشقياء: (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى یُؤْفَکُونَ» [المنافقون/4]. لابدّ للمتديّنين والصالحین أن يصدّقوا بإمكان وصول بعض الناس إلى هذا المستوى من الرذالة والشقاء. إن بعض المتديّنين الذين لم يتبرأوا من أعداء أهل البيت(ع)، قد يكون بسبب أنهم لم يصدّقوا شدّة رجس هؤلاء وما أعد لهم الله من عذاب شديد. ومن منطلق هذه السذاجة نفسها تجد أن بعض الناس لم يعوا حقيقة هذه الظاهرة المشؤومة المتمثلة بإسرائيل. ولكن يجب أن نؤمن بحقيقة العدو ونصدّق برجسه ورذالته. إن التصديق بوجود العدو وكذلك الاعتقاد بشقاء بعض الناس وشدّة رذالتهم أمر عسير، في حين أن في سبيل تحقيق مجتمع سليم بعد ظهور الإمام الحجة(عج)، لابدّ لنا أن نتحلّى بهذا التصديق واليقين. فإنك أن لم تصدّق برجس بعض الناس، ينفسح المجال لهؤلاء أن يرتكبوا أبشع الجرائم أمامك حتى تصدّق. إن الجرائم التي بدأت تشيع في بلدان هذه المنطقة، لهي نماذج تدلّ على وجود أناس أرجاس أشقياء. أمّا الطريق الأفضل هو أن تستعين على الإيمان بشقاء بعض الناس ورجسهم واستحقاقهم الخلود في العذاب، بمعرفتك ونور قلبك. إن كلمات الإمام الخميني(ره) رائعة لفهم دناءة العدو. لقد كان الإمام الخميني(ره) يستخدم أشدّ التعابير وأغلظها للتنديد ببعض المتديّنين الذين كانوا يعبّدون الطريق للأعداء ولم يؤمنوا برجسهم ودناءتهم. كيف نقنع بخلود بعض الناس في جهنّم؟ إن الطريق للاقتناع بخلود العذاب في جهنّم، هو الإيمان بمدى انحطاط بعض الناس. وطريق الإيمان برجس هؤلاء وانحطاطهم هو أن تدرك مدى سهولة الخضوع لولاية أولياء الله، بيد أن هؤلاء الأرجاس قد أبوا الخضوع لهذه الولاية. لا سبيل إلى تنفيذ أوامر الله بصدق، إلّا عن طريق امتثال أوامر الولي. والجدير بالذكر أن استلام الأوامر عن طريق الولاية قد سهّل الأمر ويسّر الطريق. فإنك إذا عرفت سهولة الخضوع للولاية وامتثال أوامرها، سوف تؤمن برجس المخالفين الذين وقفوا منها وقفة المخالف اللدود. إنّ من يستنكف عن طيّ طريق الولاية مع سهولته وجماله، فهو إنسان منحطّ جدّا. إذ أن تقبّل حديث أولياء الله هو مخالفة لأهواء النفس بحدّ ذاته ولكنّها مخالفة سهلة. فباعتبار يسر هذا الطريق وسهولته، لابدّ أن نقول: تعسا لأولئك الذين رفضوا الولاية ولهم الويل وعذاب الخلد بما كانوا يتمرّدون. إن الخضوع للولاية لأمر يسير إلاّ على مرضى القلوب والمتكبّرين. فلننظر إلى حديث الإمام الصادق(ع) لكي نؤمن باستحقاق منكري الولاية الخلودَ في نار جهنّم، وأن لا نصيب لهم من الإيمان. فقد قال(ع): «ثَلَاثَةٌ لا یُکَلِّمُهُمُ اللَّهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَ لا یُزَکِّیهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ مَنِ ادَّعَى إِمَامَةً مِنَ اللَّهِ لَیْسَتْ لَهُ وَ مَنْ جَحَدَ إِمَاماً مِنَ اللَّهِ وَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ لَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ نَصِیباً» [الكافي/ج1/ص373] بعد ما تنتهي حركة جهاد النفس إلى الولاية، تخفّ المعاناة کلّ المعاناة التي أشير إليها في الجلسات الماضية، هي معاناة في مسار جهاد النفس، ولكن بعد ما تنتهي حركة جهاد النفس إلى موضوع الولاية، تخفّ المعاناة وتسهل. فهنا يهون الأمر ويزول عناء الجهاد. إن عناء طاعة الله وأداء تكاليفه والرضا بقَدَره يزول بتقبّل الولاية. لقد أعدّ الله الوليّ لأولي النفوس السليمة لكي يسهّل عليهم هذا الطريق الصعب والطويل، فيلعن الله من أعرض عن هذا الطريق بعد ما سهل وهانت معاناته. لقد جعل الله أمير المؤمنين(ع) وليّا لتسهيل هذا الدين. إذ أن الإنسان الضعيف الذي لم يتلوّت بأمراض القلب، إذا رأى وليّ الله، ينبهر بحسنه ويشعر بسهولة الأمر بعد لقائه! فهو يقول: لقد ابتعدت عن ديني لكوني لم أرك يا مولاي، أمّا الآن وبعد ما رأيتك فقد عشقتك وعشقت الدين الذي تدعو إليه، فها أنا ألتزم بديني بعد. إن الولاية تيسّر عملية جهاد النفس. لا نريد أن نحكم على جميع الناس عبر هذه القاعدة، إذ أن الجاهلين والمستضعفين خارجون عنها، ولكن من رأى نور أمير المؤمنين(ع) ثم أنكر ولايته، فهو في غاية الرجس والشقاء. من لم يصدّق رذالة منكري ولاية أمير المؤمنين(ع) فلينظر إلى كربلاء من لم يصدّق رذالة منكري ولاية أمير المؤمنين(ع) فلينظر إلى كربلاء. فكلّ أولئك الذين ملأوا قلب أمير المؤمنين(ع) قيحا وشحنوا صدره غيظا، قد جسّدوا رذالتهم وشقاءهم في كربلاء. فيا ترى في أي حرب قد ارتكبوا الجرائم التي ارتكبوها في كربلاء؟! من هنا نعرف أن كربلاء ليست بمعركة بسيطة، إنّها محلّ أخذ أعلى المعارف وأسماها. نحن إن لم ندرك حقيقة ابن ملجم، فلنبحث عن حقيقته في كربلاء. فيا ترى أين كانوا قد أخفوا أضغانهم؟ وليت شعري ما الفائدة التي كان يحصل عليها العدو برضّ الأجساد بحوافر الخيل؟! وما كان الهدف من قرع رؤوس أطفال الإمام الحسين(ع) بالرماح؟ كل ما جرى في كربلاء يدلّ على أن كره أمير المؤمنين(ع) ليس بأمر بسيط. وكذلك ليس بأمر بسيط أن يقوم قوم بقتل الحسين(ع) بغضا لأمير المؤمنين(ع). الإمام، يسهّل العبوديّة وعملية جهاد النفس إن كانت مراحل جهاد النفس السابقة صعبة، فإنها تسهل وتهون عند ولاية أمير المؤمنين(ع). الإمام يسهّل العبودية وعملية جهاد النفس. ومن هنا تستفحل ظاهرة العداء لأولياء الله بين مرضى القلوب. كل الحديث الذي جرى حول الكبد والعناء في مسار جهاد النفس، متعلق بالمراحل الابتدائية، أمّا بمجرّد أن نصل إلى موضوع الولاية، تخفّ المعاناة. لقد روي عن الإمام الحسن العسكري(ع) حديث مشهور؛ «فَأَمَّا مَنْ کَانَ مِنَ الْفُقَهَاءِ صَائِناً لِنَفْسِهِ، حَافِظاً لِدِینِهِ، مُخَالِفاً لِهَوَاهُ، مُطِیعاً لِأَمْرِ مَوْلَاهُ فَلِلْعَوَامِّ أَنْ یُقَلِّدُوه» [وسائل الشيعة/ج27/ص131] فلابدّ أن ننظر «إلى إطاعة أمر المولى» كأمر في امتداد «مخالفة الهوى». فإن هذين العنصرين هما في امتداد واحد. يتبع إن شاء الله... |
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الفاطميات الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 (0 فاطمية و 1 زائرة ) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
المثلث الذهبي للمحبة، للأستاذ بناهيان | نهجنا الإسلام | السعادة الزوجية - عالم الحياة الزوجية - الأسرة و العلاقات الاجتماعية | 16 | 05-11-2013 05:32 AM |
دور العبادة في أسلوب الحياة، للأستاذ بناهيان، الجلسة4 | نهجنا الإسلام | اسلاميات - برامج اسلامية, منوعات, دروس ,محاضرات أخلاق آداب إسلامية, مسابقات اسلامية | 12 | 29-08-2013 09:25 AM |
دور العبادة في أسلوب الحياة، للأستاذ بناهيان، الجلسة3 | نهجنا الإسلام | اسلاميات - برامج اسلامية, منوعات, دروس ,محاضرات أخلاق آداب إسلامية, مسابقات اسلامية | 6 | 14-08-2013 11:43 AM |
دور العبادة في أسلوب الحياة، للأستاذ بناهيان، الجلسة2 | نهجنا الإسلام | اسلاميات - برامج اسلامية, منوعات, دروس ,محاضرات أخلاق آداب إسلامية, مسابقات اسلامية | 8 | 03-08-2013 03:38 PM |
شرح خطبة المتقين للأستاذ بناهيان | نهجنا الإسلام | اسلاميات - برامج اسلامية, منوعات, دروس ,محاضرات أخلاق آداب إسلامية, مسابقات اسلامية | 11 | 25-06-2013 08:42 AM |