كل يوم عاشوراء و كل أرضٍ كربلاء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-01-2014, 10:19 AM   #1
نهجنا الإسلام
●• فاطمية متميزة •●
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 159
نهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond repute
افتراضي حب الحسين وعلاقته بالفطرة 5

إليك ملخص الجلسة الثانية من سلسلة محاضرات «حب الحسين وعلاقته بالفطرة» لسماحة الأستاذ بناهيان:




لقد أقبل الزمان يعود إلى الفطرة/ لابدّ أن نمهد للظهور عبر ثقافة عاشوراء

نحن نعتبر أحد أهم فوائد هذه المجالس الدينية هو تشخيص ما له الأولوية من بين مختلف المعارف الدينية. ولهذا يحقّ لنا أن نسمي هذه المجالس بمجالس إحياء أمر أهل البيت(ع)، كما عبّر عنها الإمام الرضا(ع). فإن إقامة العزاء في الواقع يعني إقامة الحق، فتارة نتحدث عن الصلاة وتارة نقيم الصلاة وشتان ما بينهما. إن المحاضرات الدراسية في الصفوف ومطالعة الكتب في المكتبات هي كلام وحديث عن الحق، بيد أن أمثال هذه المجالس تهدف إلى إقامة الحق ولا الحديث عنه فحسب. أو على الأقل توفّر أحد أهمّ مقدمات إقامة الحق وهو الحديث عن أهمّ الأولويّات والضروريّات في زماننا وعصرنا هذا. فلم يعد من الفنّ بعد أن لا نتحدث غير الصواب، بل ما نعانيه في هذا الزمان هو عدم تشخيص ما له الأولوية من المواضيع والأحاديث. ولا يخفى أن ضرورة هذا التشخيص لا ترتبط بالقضايا الاجتماعية والدولية أو الإقليمية، بل حتى في مسار حركتنا في السير والسلوك نحو الكمال والقرب الإلهي أيضا نحن معنيون في تشخيص الأولويات.
إنّ ما له الأولوية اليوم هو أن نعود لمعرفة عاشوراء من جديد. لابدّ لنا من العود إلى أبي عبد الله الحسين(ع) وأن نقوم بتعريف عاشوراء لنا من جديد. لابد أن نستوعب أسرار عاشوراء ونجعل سلوكنا على أساس هذه الأسرار ثم نمهّد للظهور على أساس الأحكام والأوامر التي توجهه لنا واقعة عاشوراء. لابدّ أن نجعل من أسرار عاشوراء رمزا لحركتنا الفردية والاجتماعية في سبيل نيل القرب الإلهي وتحقيق ظهور الإمام(عج).
أما لماذا أصبح عصرنا اليوم بحاجة إلى الحسين(ع) ولماذا حان وقت عود المجتمع البشري إلى أبي عبد الله(ع)؟ وبعد أن أخذ يعود الإنسان إلى فطرته لماذا لابدّ أن يرجع إلى الحسين الفطري من بين مختلف نزعاته الفطرية؟ فجواب كلا هذين السؤالين هو الحديث النبوي الشريف حيث قد اعتبر حبّ الحسين(ع) وحرقة القلب من أجله أمرا فطريا. وذلك قوله: «إِنَّ لِقَتْلِ الْحُسَیْنِ‏ حَرَارَةً فِی‏ قُلُوبِ‏ الْمُؤْمِنِینَ‏ لَا تَبْرُدُ أَبَداً»[مستدرك الوسائل/ج10/ص318] فكأن قلب المؤمن يبتغي حِجة ليذكر عنده اسم الحسين(ع) لتنهمر دموعه قبل أن يسمع عنه شيئا، وبعد ذلك يتساءل كما تساءل أبوه آدم(ع) عن الحسين(ع) أن يا ترى من هو الحسين(ع) الذي ملأ قلبي حرارة وحرقة؟! ثم بعد ذلك يأتي دور ذكر مصائب الحسين(ع)، من بعده يروى له ما جرى في التاريخ. لماذا قال النبي(ص): «... لا تبرد أبدا»؟ لأن النزعات الفطرية هكذا خالدة لا تبرد ولا تزول، ولكنها مزدهرة وفعّالة في قلب المؤمن دون غيره.
ولكن في سبيل أن يتضح الموضوع أكثر، لابدّ لي من الإشارة إلى أمرين؛ أحدهما هو علاقة الزمان بالفطرة، والآخر هو علاقة الفطرة بأبي عبد الله الحسين(ع). وهناك موضوع آخر لن نتطرق إليه وهو علاقة أنفسنا بأبي عبد الله الحسين(ع)، إذ أنتم الآن تعيشون هذه الحقيقة ولكم بها علم حضوري، فلا داعي لأن نتحدث ونبرهن لبديهيات.
لعلك تسألني كيف أحب الحسين(ع) ويحترق قلبي من أجله فطريا؟ فحسبك أن تتأمل في نفسك كي تجد هذه الحقيقة. حيث إنك لا تبكي على أي مظلوم حتى وإن قطّع جسده مثل ما تبكي على الحسين(ع). حتى قد يعترض البعض ويقول لماذا لا نقيم العزاء على باقي أئتمنا(ع) الذين استشهدوا ظلما وعدوانا مثل ما نقيم العزاء على الحسين(ع). والجواب هو أن هذه الظاهرة تعود لحقيقة فطرية مختصّة بالحسين(ع) دون غيره من أولياء الله. إنها معجزة إلهية تعيشها بكل وجودك ولا داعي للحديث عنها كثيرا. فلنتحدث عن الفطرة وأن هل قد حان في هذا العصر وقت عودة الناس إلى الفطرة؟ وإذا كانت فطرة الإنسان تنطوي على شتى المعارف والنزعات لماذا لابدّ لهذا العصر حين عودته ورجعته إلى الفطرة أن يعود إلى الحسين الفطري؟!
أحد المواطن التي تجعل الإنسان يعود إلى فطرته هو مواطن الفشل والخيبة والانتهاء إلى طريق مسدود. وأساسا يبتلي الله عباده ويصبّ عليهم البلايا والرزايا لعلهم يرجعون إلى فطرتهم. فقد قال الله سبحانه وتعالى: (وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى‏ أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ)[الأنعام/42]. وهذا هو التضرع الذي يأخذ بيد الإنسان إلى الخلوص.

وكذا المجتمع البشري شأنه كشأن الفرد الواحد عندما ينتهي إلى طريق مسدود يعود إلى فطرته/ وقد حان وقت عود المجتمع البشري إلى فطرته

يقال في البراهين الفطرية لإثبات الله سبحانه: عندما تتنقطع بك جميع السبل تبقى تبحث عمّن يأخذ بيدك وينقذك من ورطتك وهذا هو الله الرحيم. كما عندما تنقطع السبل بالإنسان وتغلق بوجهه الأبواب ويقنط عن كلّ شيء حينئذ يرجع إلى فطرته، كذلك المجتمع البشري عندما ينتهي إلى طريق مسدود، يعود إلى فطرته. إن أصل العودة إلى الفطرة عند انقطاع السبل سواء بين الفرد والمجتمع، ولكن يمكن أن يحصل هذا في أيّ وقت لأفراد الناس، بينما لا يحصل للمجتمع إلا بعد دهر طويل من حياة وحركة وتطوّر، وقد حان اليوم وقت هذه العودة إلى الفطرة للمجتمع البشري.
إن فلسفة البلايا والرزايا هي شروق الفطرة في قلب الإنسان المظلم. إن الطرق المسدودة وحالات الخيبة والكآبة تُرجِع الإنسان إلى فطرته، وحسب الإنسان في هذا الوقت شيء يسير من الهداية والتوعية والإرشاد. لقد حان اليوم للبشريّة أن يعودوا إلى فطرتهم وإنّ الجمهورية الإسلامية المقدسة وهذه الثورة العظيمة إنما هي من أجل الأخذ بيد الناس لإرجاعهم إلى فطرتهم وبعبارة أخرى إنما دورها هي «بناء الإنسان». لقد قال الإمام الخميني(ره): «... إن لثورتنا الإسلامية أبعادا مختلفة: هي ثورة من أجل الإطاحة بالنظام الفاسد، وثورة من أجل إقامة نظام حق، ونأمل أن تكون ثورة لبناء الإنسان وبناء حكومة إنسانية».[صحيفة الإمام(الفارسية)/ج8/ص317].

يتبع إن شاء الله...
نهجنا الإسلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-01-2014, 08:05 AM   #2
نهجنا الإسلام
●• فاطمية متميزة •●
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 159
نهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond repute
افتراضي حب الحسين وعلاقته بالفطرة 6

إن أسوأ المفاسد في التاريخ البشري متمخضة عن الديمقراطية والليبرالية

لقد انتهى المجتمع البشري إلى طريق مسدود فلا أحد يدلّه على طريق جديد. ولو لايزال بعض الجهلة منبهرين بالديمقراطية ولم يكفّوا عنها، حتى بعد ما شاهدوا تجربتها الفاشلة في العالم. ولكن من المؤكد أن هذه الحركة البشرية العظيمة لن تتوقف بجهل بعض من سجن نفسه في ألفاظ الكتب الغبراء التي فات شوطها.
الواقع هو أن أسوأ المفاسد في التاريخ البشري متمخضة عن الديمقراطية والليبرالية الذين هما يمثلان آخر وصفة لإنقاذ البشر، وبعد مرور سنين من طرح هاتين الوصفتين لم يأت أحد بمشروع جديد لإنقاذ العالم. وهذا هو ما وعدت به الأخبار وهو أن قُبَيل الظهور يحدث فراغ نظري في العالم ويتّضح بطلان دعوى كلّ من يدعي شيئا لإدارة المجتمع البشري، فيظهر الإمام الحجة(عج) في هذا الفراغ النظري. إن هذه من القواعد الرئيسة والقطعية في أمر الظهور.
يقول الإمام الصادق(ع): «مَا یَکُونُ هَذَا الْأَمْرُ حَتَّى لَا یَبْقَى صِنْفٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا و قَدْ وُلُّوا عَلَى النَّاسِ حَتَّى لَا یَقُولَ قَائِلٌ إِنَّا لَوْ وُلِّینَا لَعَدَلْنَا ثُمَّ یَقُومُ الْقَائِمُ بِالْحَقِّ وَ الْعَدْلِ»(الغيبة للنعماني/274) وكذلك قال الإمام الباقر(ع): «دَوْلَتُنَا آخِرُ الدُّوَلِ وَ لَنْ یَبْقَى أَهْلُ بَیْتٍ لَهُمْ دَوْلَةٌ إِلَّا مَلَکُوا قَبْلَنَا لِئَلَّا یَقُولُوا إِذَا رَأَوْا سِیرَتَنَا «إِذَا مَلِکْنَا سِرْنَا مِثْلَ سِیرَةِ هَؤُلَاءِ» وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ»(الغيبة للطوسي/ص472)

لماذا لا يصوّر الإعلاميون لنا ولأهل العالم «حيرة الإنسان في الغرب»؟

إن الفراغ النظريّ الذي حدث اليوم في العالم ليس بفراغ نظري وحسب، بل إن المآزق الخارجية التي لم تعد تهتدي الشعوب إلى منجى منها قد وثّقت هذا الفراغ النظري. فأين يلجأ هذا الإنسان الخائب والمسكين الذي لم يعد يمكن خداعه ولا يمكن إلهائه بالتوافه أو إغراؤه بالشهوات.
فهذا من عدم دراية رجال السينما والإعلام أن لا يعكسوا لنا ولأهل العالم حيرة الإنسان في الغرب. لابدّ لهم أن يذهبوا إلى تلك الديار ويعكسوا لنا ظاهرة اليأس والخيبة والإحباط المتفشية هناك. إن اصطياد ظواهر الكآبة هذه التي أصابت نفوس أبناء المجتمع البشري هو من شؤون رجال الإعلام فإن كانوا يحظون بالعقل والذكاء والدراية والتوفيق يقدروا عندئذ على اصطياد هذه اللقطات وعرضها للمشاهد.
يحتاج الإنسان إلى ذكاء وبصيرة حتى يصطاد هذه اللقطات بكامرته أو بعينه ويتنبأ المستقبل. فإن العالم بأسره في مختلف أرجائه يتجه نحو زوال قدرة هذه الأنظمة والأفكار الفاسدة وازدهار وانتصار المعنوية والولاية والدين. وأنا كنت أتحدث بهذه المفاهيم وأتنبأ انتشار المدّ المعنوي والديني لدى شباب إيران في أوج أيام الإصلاحات التي كان يتنبّأ مفكّروها آنذاك بزوال الدين والموج الديني من شباب إيران. في تلك الأيام التي كان يطبّل ويزمّر البعض بزوال القيم من هذا المجتمع وأن البنات السافرات سيكتسحن أجواء البلد ويجعلن فكرهنّ وظاهرتهنّ هي الغالبة في المستقبل، في تلك الأيام أخذت بيد بعض المحقّقين الذين كانوا قد جاءوا من أمريكا لإجراء بعض الدراسات العلمية إلى أحد أسوأ الأقسام الداخلية لأحدى الجامعات والتي كان مستوى الحجاب فيها سيئ جدا، فأجريت مسابقة هناك وقلت لهم: أبدوا مشاعركم تجاه فاطمة الزهراء(س). وما أجمل العبارات التي ذكرنها نفس هؤلاء البنات غير المحجبات. فالتفتّ لهذا الوفد وقلت أن المستقبل لهذه العبارات؛ لا لهذه التسريحة الظاهرة من إيشابها. فقال أحدهم متسائلا: هل تعتقد أن سوف تحيى هذه القيم؟ قلت: نعم بالتأكيد وسوف تتدفّق من قلوب هؤلاء الناس.
كما كنت في جلسة مع مجموعة من مخالفي ومعارضة الثورة الإسلامية في كندا وحاولت كثيرا أن أفهّمهم هذه الحقيقة، وهي أن قد نرى مظاهر كثيرة حولنا ولكن لابدّ أن نشخّص أي ظاهرة سوف تسود في المستقبل وتكتسح العالم.
إذا أردتم أن تطالعوا أكثر في هذا المجال أعرفكم على مصدر باسم سورة محمد(ص)، حيث قد بيّن الله فيها أنه يبطل أثر أعمال بعض الناس، كما قد بيّن فيها أنه سوف يحافظ على أثر عمل الشهداء. ونحن قد قدمنا شهداء في حركتنا. إذن لابدّ من الانتصار لا محالة. (وَ الَّذينَ قُتِلُوا في‏ سَبيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُم‏)[محمد/4] ولكن (الَّذينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُم‏)[محمد/1] فلا أثر لأعمالهم في العالم مهما سعوا وكادوا وخططوا ونحن أصبحنا نشاهد بطلان مخططاتهم ومؤامراتهم. فكل ما يعملون وينهبون ويسرقون ويقمعون يزدادون ضعفا وعجزا.

يتبع إن شاء الله...

نهجنا الإسلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-01-2014, 08:48 AM   #3
نهجنا الإسلام
●• فاطمية متميزة •●
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 159
نهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond repute
افتراضي حب الحسين وعلاقته بالفطرة 7

أولئك الذين لا يرون معجزة «انحطاط أمريكا» و«تطوّر إيران» ولا يؤمنون بهذه الحقيقة، لهم قلوب سوداء أعاقتهم عن الوعي

لابدّ من مشاهدة هذه المآزق ومن الذي لا يرى هذه الحقائق في العالم؟! ولو هناك بعض الناس الذين لا تترك هذه الحقائق البينة من أثر في قلوبهم السوداء. كما في زمن رسول الله(ص) كان هناك بعض الأنذال الذين طالبوا الرسول بمعاجز غريبة، فنفذ الرسول(ص) تلك المعجزة ولكنهم لم يؤمنوا به وقالوا ساحر وكذاب عجيب السحر! لقد روى هذه القصة أمير المؤمنين(ع) وقال: «َ لَقَدْ كُنْتُ مَعَهُ ص لَمَّا أَتَاهُ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالُوا لَهُ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ قَدِ ادَّعَيْتَ عَظِيماً لَمْ يَدَّعِهِ آبَاؤُكَ وَ لَا أَحَدٌ مِنْ بَيْتِكَ وَ نَحْنُ نَسْأَلُكَ أَمْراً إِنْ أَنْتَ أَجَبْتَنَا إِلَيْهِ وَ أَرَيْتَنَاهُ عَلِمْنَا أَنَّكَ نَبِيٌّ وَ رَسُولٌ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ عَلِمْنَا أَنَّكَ سَاحِرٌ كَذَّابٌ فَقَالَ ص وَ مَا تَسْأَلُونَ قَالُوا تَدْعُو لَنَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ حَتَّى تَنْقَلِعَ بِعُرُوقِهَا وَ تَقِفَ بَيْنَ يَدَيْكَ فَقَالَ ص إِنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ فَإِنْ فَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ ذَلِكَ أَ تُؤْمِنُونَ وَ تَشْهَدُونَ بِالْحَقِّ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَإِنِّي سَأُرِيكُمْ مَا تَطْلُبُونَ وَ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكُمْ لَا تَفِيئُونَ إِلَى خَيْرٍ وَإِنَّ فِيكُمْ مَنْ يُطْرَحُ فِي الْقَلِيبِ وَ مَنْ يُحَزِّبُ الْأَحْزَابَ ثُمَّ قَالَ ص يَا أَيَّتُهَا الشَّجَرَةُ إِنْ‏ كُنْتِ‏ تُؤْمِنِينَ‏ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ تَعْلَمِينَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَانْقَلِعِي بِعُرُوقِكِ حَتَّى تَقِفِي بَيْنَ يَدَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ- [وَ الَّذِي‏] فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَانْقَلَعَتْ‏ بِعُرُوقِهَا وَ جَاءَتْ وَ لَهَا دَوِيٌّ شَدِيدٌ وَ قَصْفٌ‏ كَقَصْفِ أَجْنِحَةِ الطَّيْرِ حَتَّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ص مُرَفْرِفَةً وَ أَلْقَتْ بِغُصْنِهَا الْأَعْلَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ بِبَعْضِ أَغْصَانِهَا عَلَى مَنْكِبِي وَ كُنْتُ عَنْ يَمِينِهِ ص فَلَمَّا نَظَرَ الْقَوْمُ إِلَى ذَلِكَ قَالُوا عُلُوّاً وَ اسْتِكْبَاراً فَمُرْهَا فَلْيَأْتِكَ نِصْفُهَا وَ يَبْقَى نِصْفُهَا فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ نِصْفُهَا كَأَعْجَبِ إِقْبَالٍ وَ أَشَدِّهِ دَوِيّاً فَكَادَتْ تَلْتَفُّ بِرَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالُوا كُفْراً وَ عُتُوّاً فَمُرْ هَذَا النِّصْفَ فَلْيَرْجِعْ إِلَى نِصْفِهِ كَمَا كَانَ فَأَمَرَهُ ص فَرَجَعَ فَقُلْتُ أَنَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِنِّي أَوَّلُ مُؤْمِنٍ بِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ أَوَّلُ مَنْ أَقَرَّ بِأَنَّ الشَّجَرَةَ فَعَلَتْ مَا فَعَلَتْ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى تَصْدِيقاً بِنُبُوَّتِكَ وَ إِجْلَالًا لِكَلِمَتِكَ فَقَالَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ بَلْ‏ ساحِرٌ كَذَّابٌ‏ عَجِيبُ السِّحْرِ خَفِيفٌ فِيه‏»(نهج البلاغة/خ192)
لم يكن هؤلاء الكفّار من الجهلة والحمقى بل كانوا أنذالا ومرضاء القلب إلى أقصى حدّ. ولا زال أمثال هؤلاء الأنذال موجودين في عصرنا، إذ مع أنّهم يشاهدون الحقائق بأعينهم ولكنهم لا يؤمنون بأحقية هذه الثورة. إنهم يشاهدون بأم عينهم أن الإدارة العامّة لهذا المجتمع قد استطاعت أن تتحدى في هذه العقود الثلاثة أنواع الضغوط والحصار التي فرضت على هذا المجتمع وأن تقدّمه إلى الأمام، حيث إنها بلغت بهذا المجتمع إلى مستوى عالٍ من التنمية والتطور، وهذا ما قد أقرّ به الجميع. بينما نجد الإدارة العامة في أحدث المجتمعات الغربية وأسبقها تطوّرا أي أمريكا قد تراجعت وتخلفت في هذه الثلاثين سنة بالرغم من نهب العالم كلّه. فلابدّ لهم أن يعوا أن إدارتنا العامّة في مجتمعنا أنجح وأكفأ من الإدارة العامّة في أمريكا، ولكنّ هؤلاء المتخلفين فكريّا لا يستوعبون مثل هذه المعادلة البسيطة ولا يعون هذه المعجزة الإلهية.

لماذا انحطّت أمريكا بعد ثلاثة عقود بالرغم من تطاولها على جميع ثروات العالم

ما لهؤلاء الأمريكان الذين تطاولوا على ثروات العالم نراهم قد أفلت قوّتهم وأخذت تنحدر شمس شموخهم إلى مغربها؟ إلا اللهم أن يأتينا جاهل أحمق في البين ويقول إن واقع الأمر هو أن الأمريكان كانوا قد رغبوا بالإسفاف والانحطاط! وإلا فإنها قضية في غاية الوضوح وتنسجم تماما مع السنن الإلهية القطعية.
أولئك الذين يرون هذه المعجزة ولا يؤمنون بها فلهم قلوب سوداء أعاقتهم عن الوعي. فقد قال الله سبحانه وتعالى في حق هؤلاء: (لهَُمْ قُلُوبٌ لَّا یَفْقَهُونَ بهَِا وَ لهَُمْ أَعْینُ‏ٌ لَّا یُبْصِرُونَ بهَِا وَ لهَُمْ ءَاذَانٌ لَّا یَسْمَعُونَ بهَِا)(الأعراف/179)

إن المشروع الإلهي من أجل حركة الإنسان الاختيارية هي: النزعات «الأقوى والكامنة» بدلا عن «الأضعف والبيّنة»

وأما ما هي الفطرة؟ لقد خلق الله الإنسان كأشرف المخلوفات وخلقه يتحرك باتجاه الله عن اختيار وعن وعي وحرية. فقد كانت هناك كائنات أخرى تتحرك باتجاه الله بلا إرادة واختيار، أما الكائن الذي يتحرك نحو الله باختياره فهو أشرف وأكثر قيمة.
فإذا كان هذا المخلوق الجديد أي الإنسان لا ينطوي إلا على النزعة إلى الخير، فلا يبقى حينئذ شيء من الاختيار في حركته إلى الله سبحانه. وإذا لم يعط سوى النزعة إلى الشرّ فلا سبيل له حينئذ إلى الله عز وجل؛ إذ لم يحظ بنزعة إلى الخير. إذن لابدّ من أن تدمج كلا النزعتين في وجود الإنسان. فمن هذا المنطلق قامت الأطروحة الإلهية على أساس أن يُدمج كلا النزعتين إلى الخير والشرّ في وجود الإنسان كي يتسنّى له السير إليه، ولكنّه جعل النزعة إلى الخير «أقوى» ولكن «كامنة» وجعل النزعة إلى الشر «أضعف» ولكن «بيّنة».
فعلى أساس هذه الأطروحة، أوّل ما يواجهه الإنسان من نزعاته هي تلك النزعات السطحية البيّنة التي من شأنها أن تجرّه إلى الشرّ. طبعا لا يخفى أن هذه النزعات السطحية ليست بسيئة من الأول، ولكن بإمكانها أن تجرّ الإنسان إلى السيئات. فالإنسان بطبيعة حاله يعيش هذه النزعات السطحية في أوائل حركته ولكن بعد ذلك ينبغي له أن يرتفع عن النزعات السلبيّة ويتوجّه إلى نزعاته الحسنة.

يتبع إن شاء الله...

نهجنا الإسلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الفاطميات الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 (0 فاطمية و 1 زائرة )
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المثلث الذهبي للمحبة، للأستاذ بناهيان نهجنا الإسلام السعادة الزوجية - عالم الحياة الزوجية - الأسرة و العلاقات الاجتماعية 16 05-11-2013 05:32 AM
دور العبادة في أسلوب الحياة، للأستاذ بناهيان، الجلسة 8 نهجنا الإسلام اسلاميات - برامج اسلامية, منوعات, دروس ,محاضرات أخلاق آداب إسلامية, مسابقات اسلامية 11 01-10-2013 09:59 AM
دور العبادة في أسلوب الحياة، للأستاذ بناهيان، الجلسة 7 نهجنا الإسلام اسلاميات - برامج اسلامية, منوعات, دروس ,محاضرات أخلاق آداب إسلامية, مسابقات اسلامية 7 29-09-2013 09:28 AM
دور العبادة في أسلوب الحياة، للأستاذ بناهيان، الجلسة 6 نهجنا الإسلام اسلاميات - برامج اسلامية, منوعات, دروس ,محاضرات أخلاق آداب إسلامية, مسابقات اسلامية 6 17-09-2013 09:27 AM
‎شرح خطبة المتقين للأستاذ بناهيان نهجنا الإسلام اسلاميات - برامج اسلامية, منوعات, دروس ,محاضرات أخلاق آداب إسلامية, مسابقات اسلامية 11 25-06-2013 08:42 AM


الساعة الآن 10:07 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir