اسلاميات - برامج اسلامية, منوعات, دروس ,محاضرات أخلاق آداب إسلامية, مسابقات اسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-04-2013, 02:22 PM   #1
مناهل
♣ فاطمية فعالة ♣
 
الصورة الرمزية مناهل
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 48
معدل تقييم المستوى: 0
مناهل is just really niceمناهل is just really niceمناهل is just really niceمناهل is just really niceمناهل is just really nice
Man اللّهُمَّ وَفِّرْ بِلُطْفِكَ نِيَّتِي

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين بجميع محامده مبداً ومعيدا
اللهم صلِّ على النبي محمد وآله الطيبين الطاهرين الأشراف وعجّل فرجهم ياكريم يارب
السلام عليك سيدي ياأبا صالح ورحمة الله وبركاته
السلام عليك مولاي يا أبا عبد الله ورحمة الجبار وبركاته

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شرح فقرة ( اللَّهُمَّ وَفِّرْ بِلُطْفِكَ نِيَّتِي ) من دعاء مكارم الأخلاق ومرضيّ الأفعال

... توفّر النيّة
مهما أوتي الإنسان من الإحاطة في البلاغة والدراية إلا أنّه يبقى على سواحل بحار معاني كلمات أهل البيت سلام الله عليهم لأنّهم أرومة اللغة وسادات الأدب والبلاغة؛ ومن الأمثلة على ذلك كلمات الإمام السجّاد سلام الله عليه في هذا الدعاء.
ما يبدو لنا في هذا المجال أنّ الإمام السجّاد عليه السلام يمزج المعاني هنا بعضها ببعض ويُشرب بعض الألفاظ بمعاني ألفاظ أخرى؛ هذا الإشراب الأدبي للفظ بمعنى لفظٍ آخر يجعله قالباً وقابلاً للمعنيين معاً.
تستعمل مفردة «وفر» في اللغة تارة متعدية وأخرى لازمة، وكلٌّ بلحاظ يختلف عن الآخر. تقول: (وفُرَ المالُ) أي كثر واتّسع، وتقول (وفِّرِ الشيء) أي كمّله واجعله وافراً. كما يستعمل التوفير بمعنى الصيانة والحفظ أيضاً.
وقد استعمل الإمام هذه الكلمة بشأن النيّة لأنّ ما يطلبه الإمام من الله تعالى هو المراتب العالية من الشيء وليس أصل الشيء كما في طلبنا نحن. فإنّ الإمام يطلب هنا توفير النيّة بمعنى الوصول بها إلى الكمال وثبوتها، لا بمعنى إيجادها في نفسه.
إنّ الثبات على النيّة أصعب شيء على النفس لأنّها متذبذبة بالنسبة إلى النيّة ذبذبة غريبة، ومثاله التذبذب الذي يحصل لنا في الصلاة. فربما تبدلت نيّة بعضنا في الصلاة الواحدة أكثر من عشرين مرة! فقد يبدأ الشخص صلاته بنيّة تنسجم وقول أمير المؤمنين سلام الله عليه ( إلهي ما عبدتُك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنّتك ولكن وجدتُك أهلاً للعبادة فعبدتك)(1) فيبدأ تكبيرته بهذه النيّة، ولكن بمجرّد أن يُتمّ التكبير تهجم على ذهنه الأفكار، فإذا كان خطيباً مثلاً فكّر في المجلس الذي ينتظره، وإذا كان تاجراً فكّر في تجارته وهكذا. فهل هذا هو المراد من التكبير؟! هل كبّر الخطيب ليبدأ الإعداد لمجلسه مثلاً؟ إنّ الإعداد للمجلس أمر حسن ولا بأس به، ولكن ليس أثناء الصلاة.

إنّ مسألة الثبات على النيّة تعتبر بحدّ ذاتها مسألة صعبة جدّاً. فإنّ الإنسان مهما أوتي من توفيق وإخلاص حتى لو استمرّ عليه سبعين سنة فإنّه لا يؤمَن من تزلزل النيّة في نفسه، لأنّ الإنسان ـ كما هو معلوم ـ مكبّل ومشدود بغرائز وأهواء مختلفة. وقد ورد في كثير من الآيات الكريمة والأحاديث القدسية والروايات الشريفة أنّ جمهرة عظيمة وكبيرة من الناس يدخلون جهنم ـ والعياذ بالله ـ لعدم ثبات نياتهم؛ قال تعالى: «مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء»(2).
ولذلك يطلب الإمام من الله تعالى إكمال النيّة وإبعاد النقص فيها، ويطلب کذلك صيانتها، فهي معرّضة للتأثيرات المختلفة، الأمر الذي يجدر بنا بعد انعقاد نوايانا في نفوسنا أن نطلب من الله تعالى توفيرها وصيانتها من أخطار الشيطان والشهوات وتأثيراتها المختلفة.
ولذلك فإنّ الإمام لم يقل ( وفِّر نيّتي ) بل قال ( وَفِّرْ بِلُطْفِكَ نِيَّتِي ) فهذه الباء هي باء السببية ، أي ليتدخّل لطفك يا إلهي في توفّر نيتي وإلاّ فإنّي غير مستحقّ لولا لطفك ورحمتك فما هو المراد من اللطف هنا؟ إنّ كلّ كلمة من كلمات هذا الدعاء يعدّ كتاباً حقّاً، ولو عرضتَ هذا الدعاء وحده على شخص لا يعرف أهل البيت وكان أديباً وعارفاً بالمعاني ومنصفاً مع نفسه لغيّر نظرته وتحوّل إلى أهل البيت عليهم السلام! اللطيف: صفة من صفات الله تعالى وأسمائه وفي اللغة له عدّة معان، ومن تلك المعاني: الرفيق أي صاحب الرفق. ومن معاني اللطف: التوفيق والعصمة (3) وغير مستبعد أن يريد الإمام كلا المعنيَين ، فكأنّ الداعي يقول: يا إلهي أنت رفيق بعبادك (ترفق بهم) فبرفقك يا إلهي وفّر نيتي، ويا الهي أنت الموفّق والعاصم لعبادك توفّق وتعصم وِفْقَ مشيئتك، فبتوفيقك يا إلهي اعصِم نيّتي.

لقد أودع الله تعالى في الإنسان من الطاقات ما هي كفيلة بتصحيح مساره لكنّه ـ الإنسان ـ كثيراً ما يضعف عن صيانة نيّته وحفظها عن الزيغ والتذبذب، فتراه يعجز عن الصعود والارتقاء بها إلى درجات الكمال العليا؛ ولذا يقول الإمام السجّاد عليه السلام ( اللّهُمَّ وَفِّرْ بِلُطْفِكَ نِيَّتِي ) أي يا إلهي خذ بيدي واصعد بنيّتي فلا أستطيع الارتقاء من دون عونك.

...النيّة إطار العمل ومانحة لونه
والنيّة إطار العمل، فالعمل لا لون له، مثل الماء الصافي الذي لم تخالطه أجزاء ترابية أو شوائب أخرى. فلو كان الماء صافياً جداً وصُبّ في إناء زجاجي شفّاف، حينها لا يتمكّن الإنسان أن يبصر حدّ الماء من بعيد بسهولة، خصوصاً إذا كان ساكناً لا تموّج فيه، وذلك لأنّ الماء في الأصل لا لون فيه وإنّما يكتسب لون الإناء الذي يوضع فيه أو لون الشيء الذي يمتزج معه أو غير ذلك فالعمل كالماء بصفائه، وإنّ النيّة هي ذلك الشيء الذي يمنحه لونه.
فمثلاً زيد يدرّس، ولكن المهمّ هو الهدف الذي يدرّس من أجله فإن كان إلهياً قلنا إنّ عمله إلهي، وإلا كان له لون آخر. وهكذا الحال مع كلّ عمل سواء كان تدريساً أو دراسة أو خطابة أو تأليفاً أو بناء مسجد أو أيّ عمل آخر.
• مثال آخر: شخص شتمك ولكنّك حلمت عليه فالحلم شيء صعب وجميل في نفس الوقت، ولكن الأصعب من الحلم تأطيره بنية إلهية. أمّا إذا كان الدافع لاستعمالك الحلم أن تقوّي مكانتك بين الأصدقاء أو يقال عنك حليم، أو تعلن للناس من خلاله أنك قويّ الإرادة، فهذا يختلف عمّن يحلم لعلمه أنّ الله يحبّ الحلم ويدعو إليه، ولكلٍّ حساب.

...لا عمل إلا بنيّة
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال: «لا قول إلا بعمل، ولا قول ولا عمل إلا بنيّة، ولا قول ولا عمل ولا نيّة إلا بإصابة السنّة»(4) وهناك أحاديث كثيرة بهذا المضمون، ذكر بعضها الحرّ العاملي رحمه الله في كتابه(5).
و «لا» هنا نافية للجنس؛ لأنّ اسمها مبنيّ على الفتح، وهي تختلف في أدائها ومدلولها عن «لا» المشبّهة بـ «ليس» في كون النافية للجنس تنفي جنس الشيء وهو العمل في المقام، وهذا معناه أنّ العمل واللاعمل سيّان إن لم يكن العمل مصحوباً بنيّة حسنة، وليس المقصود نفي الحقيقة والواقع الخارجي بل نفي الاعتبار. فمن واصل الدراسة لمدّة عشرين أو ثلاثين سنة حتى بلغ مرحلة الاجتهاد، إنّما يعبّر عن وجود همّةٍ صاحبُها رجل مثابر، إذاً فكيف لا يعدّ كلّ ما بذله من جهد عملاً؟! وهكذا من بذل إطعاماً أو ألقى خطاباً استوجب مدح الناس وإعجابهم، كيف يقال عمّا صدر عنه أنّه لم يكن عملاً؟ لا شكّ أنّ المقصود هو نفي الاعتبار وليس الحقيقة. وتوضيحه بمثال:
لو أنّ شخصاً ألّف كتاباً ضخماً وأتعب نفسه في تأليفه ثمّ قدّمه لعالِم والتمسه أن يكتب له تقريظاً، ولكن العالم اكتشف بعد مطالعته الكتاب أنّه لا قيمة له من الناحية العلمية والموضوعية واعتذر لصاحبه عن كتابة التقريظ قائلاً: إنّ هذا ليس بكتاب أصلاً! فماذا يُفهم؟ هل نفى الواقع المادّي الملموس للكتاب ککتاب مؤلَّف من أوراق كتبت عليها عبارات وخطوط، أم نفى توفّر الكتاب على الشروط التي يستحقّ بها أن يسمّى كتاباً كما ينبغي ، إذاً ما كتبه الكاتب في المثال هو كتاب، وفي الوقت نفسه ليس بكتاب. هو كتاب خارجاً وحقيقة، ولكنّه ليس كتاباً اعتباراً، أي وفق الشروط التي يعتبرها أهل الفنّ ، إذا اتّضح هذا المثال نقول: هكذا يجب أن نفهم مراد الأحاديث الشريفة التي تقول إنّه لا عمل إلا بنيّة.

والخوف كلّ الخوف أن يأتي اليوم الذي ينتشر فيه هذا اللاعمل. فلكلّ فرد منّا مئات الملايين من الأعمال في حياته، لأنّ العمل ليس منبراً أو تأليفاً أو تدريساً أو بناء حسينية فحسب، بل كلّ نظرة وكلّ نفحة، وكلّ تأمّل وتفكّر وكلّ لمسة وهمسة ولمزة وخلسة، وكلّ استماع ونجوى وتعبير، ولابدّ أن تحصى هذه الأعمال كلّها عند الله تعالى وتنشر يوم القيامة، ليکشف عن عدد هائل من اللاعمل بعدد مصاديق الأعمال المجرّدة عن النيّة الحسنة.


...النيّة قبل العمل وحينه وبعده
يظهر من مضمون الأحاديث والروايات أنّ النيّة تؤثّر في العمل سواء كانت قبل العمل أو حينه أو بعده لا فرق، سوى أنّ فسادها بعد العمل يفسده دون أن يبطله والفقهاء رضوان الله عليهم قد فصّلوا الأمر وقالوا: إنّ النيّة إذا كانت فاسدة حين العمل ـ أي كان العمل لغير الله كما لو كان رياءً مثلاً ـ فهذه النية الفاسدة تفسد العمل وتبطله، ولكنّها إن فسدت بعد العمل فهي لا تبطل العمل بل تفسده فقط و لا يتناقض هذا الفهم مع مفهوم الروايات المتقدّمة فضلاً عن منطوقها بل هو فهم يفرّق بين البطلان الذي يعني لزوم إعادة العمل وبين الإفساد الذي يعني عدم القبول.
فلو أنّ شخصاً صدر منه الرياء أثناء الصلاة، فلا شكّ حينئذ بفساد الصلاة وبطلانها في الحالتين، الأمر الذي يستوجب الإعادة في الوقت، والقضاء خارج الوقت إن فاته.
ولكن لو فرضنا أنّ الشخص لم تكن هذه نيّته ولكنّه بعد أن أتمّ الصلاة حدّثته نفسه بالرياء والتظاهر، وعمل بذلك، فتحدّث لغيره عن صلاته وخشوعه فيها فهنا يقول الفقهاء إنّ الصلاة وإن فسدت فهي لا تبطل، ويعنون بذلك عدم بطلانها الظاهري، وهذا المعنى مساوق لعدم وجوب الإعادة أو القضاء.
أمّا الروايات التي تقول باشتراط حسن النيّة حتى بعد العمل فهي ناظرة إلی القبول ولذلك فإنّ هذه الصلاة تساوق العدم من حيث الأجر والقبول وإن لم تستلزم الإعادة في الدنيا لسقوط التكليف بالفراغ منها قبل حصول الخلل في النيّة ، أمّا الخلل الحاصل حين العمل فهو مخلّ بالركنين الصحّة والقبول معاً ولذلك عُدّ من رائی أثناء صلاته كمن صلّى بلا وضوء أو مستدبرَ القبلة أو مع النجاسة غير المعفوّ عنها وما أشبه ومن ثمّ فتجب عليه الإعادة والقضاء إن لم يُعد في الوقت بل تجب على ورثته قضاؤها إن لم يقضها ، على التفصيل المذكور في الكتب الفقهية.


...مثال من واقع الحياة

واشتراط النيّة وصحّتها في قبول العمل من الأمور التي جرت عليها سيرة العقلاء في حياتهم العملية، والأمثلة ليست عزيزة في هذا المجال، فكثيرة هي الأمور التي قد يُتعب الإنسان نفسه عليها، ثمّ يفرّط بها ويتلفها بسهولة وربّما باندفاع لأنّه يرى أنّها كانت عديمة الفائدة وإن شكلت كمّاً ضخماً في الواقع الخارجي.
نقل لي أحد العلماء رحمه الله قال: لقد ألّفت مجموعة من الكتب خلال عشرين سنة ثمّ بدا لي بعد ذلك أنّي غير راغب فيها – من الناحية الدينية طبعاً وليس السياسية – ولا أريد بقاءها عندي، ففكّرت بطريقة للتخلّص منها، لأنّني لا أستطيع إحراقها بسبب وجود أسماء الله تعالى وآيات قرآنية وروايات للمعصومين فيها، يقول: ففکّرت أن أعطيها لشخص لكي يرميها في النهر ولكنّي خشيت أن لا يرميها في الماء أو أن يبقي منها ما قد يدركه أحد ويستخرجه فرأيت أنّ أفضل طريقة هي أن أدفنها في حفرة أحتفرها في داخل بيتي فاستأجرت حفّاراً ليحفر لي بئراً في موضع من البيت وبعد أن حفر مقداراً أعطيته أجرته وطلبت منه أن ينصرف وعندما خرج من البيت أسرعت بوضع الكتب في الحفرة وفتحت عليها الماء ثمّ أهلت التراب حتى اختفت ثمّ سوّيت ما عليها!
هكذا يفعل الله مع أعمالنا الباطلة، يقول تعالى ﴿وَقَدِمْنَا إلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً(6). حقّاً ما آلمه من عذاب، ذلك عذاب اليوم الآخر الذي يهون عنده كلّ أنواع العذاب في دار الدنيا لأنّ الإنسان المؤمن سيرتاح بالموت من عذاب الدنيا وهمومها ولكن لا راحة من العذاب الأخروي لسواه ، سيّان النفسي منه والجسدي.

إنّ المفتاح بيد الإنسان وإن لم يخلُ الأمر من صعوبة ولكنّه ممكن، غايته أنّه يتطلّب إرادة وتوكّلاً على الله تعالى. والنيّة تؤطّر العمل في كلّ حال فهي تؤطّر الخطابة والتدريس والبذل والإطعام، وهي تؤطّر عمل المرجع والمؤلّف والمبلّغ وإمام الجماعة والقاضي، كما تؤطّر العمل في سائر المجالات.

....الخلود بسبب النيّة
يقول العلاّمة المجلسي : ومن هذا يظهر سرّ أنّ أهل الجنّة يخلدون فيها بنيّاتهم لأنّ النيّة الحسنة تستلزم طينة طيّبة وصفات حسنة وملكات جميلة تستحقّ الخلود بذلك ؛ إذ لم يكن مانع العمل من قبله فهو بتلك الحالة مهيّأ للأعمال الحسنة والأفعال الجميلة، والكافر مهيّأ لضدّ ذلك، وبتلك الصفات الخبيثة المستلزمة لتلك النيّة الرديئة استحقّ الخلود في النار(7).
توضيحه: إنّ المؤمن الثابت على الإيمان مهما مدّ الله في عمره أقام على الطاعة فهذه نيّته، والعاصي المصرّ على العصيان مهما عاش في الدنيا استمرّ على عصيانه، وهذا عزمه.


...لابدّ من النيّة والتوكّل معا
إنّ النيّة هي الأساس في العمل وهي إطار العمل كما أسلفنا والاختيار يبقى بيد الإنسان، ولكن بما أنّه مكبّل ومشدود إلى الأرض فهو بحاجة إلى تأييد ربّاني. نضرب لذلك مثلاً:
إنّ الذين يتسلّقون الجبال يمسكون بحبل أحد طرفيه مثبّت في أعلى الجبل، فالمتسلّق منهم وإن تراه يصعد بعزيمته وجهده وفكره وأعصابه إلاّ أنّه مع ذلك لابدّ له من وجود ذلك الحبل لأنّ أدنى زلّة منه قد تودي بحياته أو تهشّم عظامه إذا ما هوى، فلا العزيمة وحدها كافية دون الحبل ولا الحبل وحده كاف دون العزيمة، لأنّ من لا عزيمة وقوّة له لا يستطيع التسلّق وإن كان هناك حبل، كما أنّ الإرادة والعزيمة غير كافيتين دون الحبل لأنّ الطريق صعب ومحفوف بالمخاطر، وأنّ أدنى غفلة أو زلّة تنتهي بصاحبها إلى التحطّم والهلاك.

وهكذا الحال بالنسبة للنيّة ونجاحها، فإنّها تتطلب إرادة وعزيمة وتصميماً من العبد، وتوكّلاً منه على الله تعالى إلى جانب ذلك، فإنّ التوكّل وحده دون إرادة واختيار من العبد لا يكفي، كما أنّ اعتماد العبد على إرادته وحدها دون مدد من الله هو أيضاً غير مضمون النتائج.

وتلك الوسيلة التي تعين العبد على تسلّق درجات المعرفة والكمال والفلاح هي النيّة والتوكّل على الله تعالى.

...لنعمل على توفير النيّة
فلنتجاوز هذه العقبة الكؤود ـ عقبة التذبذب في النية ـ ولنؤطّر أعمالنا بنيّة خالصة مادمنا على الطريق، نؤمن بالله واليوم الآخر، ونؤدّي سائر الفروض والواجبات، وندرس وندرّس العلوم الدينية ونعظ الناس ويؤلّف بعضنا الكتب لهدايتهم أو لبيان معالم الدين، لأنّنا ـ مع الأسف ـ نرى أنّ بعض الناس بعيدون حتى عن أوليات الدين الحنيف، لذا يلزم أن نبذل جهداً متميّزاً في الوصول إلى أحسن النيّات ، غاية الأمر أنّه يحتاج إلى تركيز وتصميم وتوسّل بالله تعالى واستشفاع بأهل البيت سلام الله عليهم.
فإنّ العمل الخالص هو الذي لا تريد أن يمدحك عليه أحد ـ كما أشار إليه الأئمّة المعصومون سلام الله عليهم(8) ـ وإن كان هذا أمراً صعب المنال ولكنّه ممكن.
بعد ساعات أو أيّام أو شهور أو سنين ـ كلٌّ حسب أجله ـ سننتقل إلى الدار الآخرة حينها نتأسف لعدم استثمار حياتنا وأعمارنا في العمل بإخلاص، وأنّ عمدة همّنا كان منصبّاً في التظاهر بأعمالنا وذواتنا.
صحيح أنّه ينبغي في بعض الموارد ـ أو يستحبّ بل قد يجب ـ أن يُظهر الإنسان نفسه، ومثاله: أن تكتب اسمك على الكتاب الذي تؤلّفه ليُعرف أنّه لك فيؤخذ بما فيه إن كنتَ ممن يوثق بكلامه(9). ولكن ليكن كتابة اسمك من أجل التوثيق لا لكي تري نفسك وتظهر ذاتك لأجل التفاخر وما أشبه.

وهذا الأمر يتطلّب انتباهاً مستمرّاً وتوكّلاً على الله تعالى، فربّ غفلة أدّت إلى سقوط مميت! كالذين يقودون سيّاراتهم في طرق ذات منعطفات ومزالق خطيرة تتطلب منهم انتباهاً ويقظة وحذراً لكي لا تؤدّي بهم الغفلة إلى خسارة أعمارهم أو البقاء معوقين طيلة حياتهم!


حفظكم الإله العلي العظيم وسددكم ببركة الصلاة على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف
وصلّ اللهم على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجّل فرجهم ياكريم
.................................................. ................
من محاضرة لسماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيّد صادق الحسيني الشيرازي دام ظلّه
(1) منازل الآخرة: 31.
(2) النساء: 143.
(3) انظر لسان العرب: 9/ 316، مادة لطف.
(4) الکافي: 1/ 70، ح9، کتاب فضل العلم.
(5) وسائل الشيعة: 1/ 33 ـ 54، أبواب مقدّمة العبادات من كتاب الطهارة.
(6) الفرقان: 23 .
(7) بحار الأنوار: 67/ 198، باب 53- النيّة و شرائطها و مراتبها.
(8) روي عن أميرالمؤمنين سلام الله عليه أنّه قال: إتّق الله في نفسك ونازع الشيطان قيادك واصرف الى الآخرة وجهك، واجعل لله جدّك. (غرر الحكم ودررالكلم: 269 رقم 5840).
(9) فلو لم يكن الشيخ الطوسي أو الشيخ المفيد أو المحقق الحلّي مثلاً يذكرون أسماءهم على مؤلّفاتهم وكتبهم فتُعرف أنّها لهم لما اعتُمِد عليها ولا حصل الاطمئنان بها والرجوع إليها.




م/ل

رحم اله من يقرأ الفاتحة تسبقها الصلوات..
مناهل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-04-2013, 02:30 PM   #2
نور الولاية علي
::: لجنة تحفيظ القرآن ::: نائبة المديرة & مشرفة ركن أهل البيت (ع) وعاشوراء ~¤ حياتي مماتي علي ع ¤~
 
الصورة الرمزية نور الولاية علي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2011
الدولة: فى ارض الله الواسعه
المشاركات: 8,327
معدل تقييم المستوى: 20
نور الولاية علي has a reputation beyond reputeنور الولاية علي has a reputation beyond reputeنور الولاية علي has a reputation beyond reputeنور الولاية علي has a reputation beyond reputeنور الولاية علي has a reputation beyond reputeنور الولاية علي has a reputation beyond reputeنور الولاية علي has a reputation beyond reputeنور الولاية علي has a reputation beyond reputeنور الولاية علي has a reputation beyond reputeنور الولاية علي has a reputation beyond reputeنور الولاية علي has a reputation beyond repute
افتراضي رد: اللّهُمَّ وَفِّرْ بِلُطْفِكَ نِيَّتِي

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على
محمد وآل محمد

السلام على الزهراء البتول الطاهره وعلى أبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتة

بارك الله فيك اختي لنقل هذه المحاضره القيمه

يعطيك العافيه

تنقل للقسم المناسب

دمت بالف خير
__________________
"إلاهي كفى بي عزا أن أكون لك عبدا
وكفى بي فخرا أن تكون لي ربا
أنت كما أحب فاجعلني كما تحب"




كلما قلبني الهم ساشكو يا علي
حينما يهزمني الدمع سأبكي يا علي
في قيامي في قعودي سأنادي يا علي
في جهادي وكفاحي أنت درعي يا علي
واذا ما نالني الضعف بدربي سانادي يا علي


نور الولاية علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-04-2013, 02:39 PM   #3
مناهل
♣ فاطمية فعالة ♣
 
الصورة الرمزية مناهل
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 48
معدل تقييم المستوى: 0
مناهل is just really niceمناهل is just really niceمناهل is just really niceمناهل is just really niceمناهل is just really nice
افتراضي رد: اللّهُمَّ وَفِّرْ بِلُطْفِكَ نِيَّتِي

بسمه تعالى

السلام عليكم

أشكركم لنقل ولإنارة الموضوع

وفقتم ..
مناهل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-04-2013, 05:12 PM   #4
تفاحة الجنان
~ مراقبة سابقة ~~●رحمَـ رَبــِـي ــــاكـَ●~
 
الصورة الرمزية تفاحة الجنان
 
تاريخ التسجيل: Sep 2009
الدولة: وُسَطِ آهٌــِاتُ قلبــ♥͡ـي [♥]
المشاركات: 0
معدل تقييم المستوى: 0
تفاحة الجنان has a reputation beyond reputeتفاحة الجنان has a reputation beyond reputeتفاحة الجنان has a reputation beyond reputeتفاحة الجنان has a reputation beyond reputeتفاحة الجنان has a reputation beyond reputeتفاحة الجنان has a reputation beyond reputeتفاحة الجنان has a reputation beyond reputeتفاحة الجنان has a reputation beyond reputeتفاحة الجنان has a reputation beyond reputeتفاحة الجنان has a reputation beyond reputeتفاحة الجنان has a reputation beyond repute
افتراضي رد: اللّهُمَّ وَفِّرْ بِلُطْفِكَ نِيَّتِي

اللهم صل على محمد وآل محمد
مشكوره
تسلم ايدك
وربي يعطيك العافيه
__________________



تفاحة الجنان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-04-2013, 08:47 PM   #5
فداء شسع نعل فاطمة
:: مشرفة سابقة ::ღروحي فداء لفاطمةღ
 
الصورة الرمزية فداء شسع نعل فاطمة
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: العراق
العمر: 33
المشاركات: 369
معدل تقييم المستوى: 624
فداء شسع نعل فاطمة has a reputation beyond reputeفداء شسع نعل فاطمة has a reputation beyond reputeفداء شسع نعل فاطمة has a reputation beyond reputeفداء شسع نعل فاطمة has a reputation beyond reputeفداء شسع نعل فاطمة has a reputation beyond reputeفداء شسع نعل فاطمة has a reputation beyond reputeفداء شسع نعل فاطمة has a reputation beyond reputeفداء شسع نعل فاطمة has a reputation beyond reputeفداء شسع نعل فاطمة has a reputation beyond reputeفداء شسع نعل فاطمة has a reputation beyond reputeفداء شسع نعل فاطمة has a reputation beyond repute
افتراضي رد: اللّهُمَّ وَفِّرْ بِلُطْفِكَ نِيَّتِي

لقد نقلتي لنا محاضرة قيمة عن لسان عالم جليل
فتسطرت امامنا تلك الكلمات لتفسر لنا ماكنا نجهله


جزاك الله خيرا اختي الغالية
اسال الله ان يجعل لك في كل حرف نور




موفقة
__________________
فداء شسع نعل فاطمة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-04-2013, 09:47 AM   #6
مناهل
♣ فاطمية فعالة ♣
 
الصورة الرمزية مناهل
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 48
معدل تقييم المستوى: 0
مناهل is just really niceمناهل is just really niceمناهل is just really niceمناهل is just really niceمناهل is just really nice
افتراضي رد: اللّهُمَّ وَفِّرْ بِلُطْفِكَ نِيَّتِي

بسمه تعالى

اشكركم على تنوير الصفحة

وفقتم لكل خير
مناهل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الفاطميات الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 (0 فاطمية و 1 زائرة )
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:09 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir