من الناس من يقول: ماللقرآن وعلوم الكون، ويؤكد أن كل علم مشار إليه في القرأن الكريم علما دينيا. ولكن حين نستقرئ معاني لفظ العلم في القرآن يتوضح لنا الطريق. فقول الحق تعالى مخاطبا رسوله في سورة طه
.. ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى اليك وحيه وقل رب زدني علما). 114 مقصودا به العلم الآلهي، أما عندما يلفت الخالق المبدع أنظارنا إلى بعض اوجه حكمته في خلق القمر
وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب) يونس5. فالعلم هنا بمعنى مايحصله الإنسان في حياته. ولوتتبعنا الفعل" علم" لوجدناه منوبا الى اللهتعالى، والى الناس فرادى وجماعات وبالتعميم وبالتخصيص وفي أزمنة مختلفة، والى الجنة والى النفس... وليس هذا على سبيل الحصر وإنما للدلالةعلى اتساع معنى اللفظ في اللغة واستعماله في القرآن. والقرآن يحسم هذه القضية اذا احتكمنا إليه . يقول الله تعالى
ألم تر أن الله أنزل منالسماء ماءفأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها، ومن الجبال جدد بيض وحمرمختلف ألوانها وغرابيب سود، ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك، إنما يخشى الله من عباده العلماء ، إنالله عزيز غفور).
فخشية الله هنا أتت بعد ذكرمباحث العلوم والجيولوجياوالبيئة والوراثة والنبات والحيوان والأجناس البشرية . وفي هذا إشارة الى أن معرفة المشتغلين بهذه العلوم لبعض الأسرارالمذهلة وراء هذا التنوع في الخلق، هي التي تبعث الخشية في قلوبهم. إن هذا القول لايؤدي بنا الى كتابة تفسير علمي للقرآن، وليس المقصود منه أن نقحم حقائق العلم على التفسير اقحاما إنما المراد منه الاإستعانة بالمعارفالعلميةالمتاحة في ذات العصر ، فمثلا إذا قرأناقوله تعالى( أفلا ينظرون الى الإبل كيف خلقت) استجبنا الى هذه الدعوة الربانية بما لاينافي الفطرة السليمة أو يعارض تفسيرا تقليديا واظهرناماتزال تكشف الدراسات الحديثة عن معجزات بيولوجيةرائعة في ذلك المخلوق الفريد الذي خص بالذكر من بين مالايحصى من مخلوقات الله نموذجا يتدبر في دراسته المتدبرون وليس كما يقول البعض من أن الإبل ذكرت لمجرد مناسبتها لخطاب البدو والأعراب .