حوار بين أم وأبنتها

[مجلة الصديقة]

وردة 30أُريد أن أكون حُرّةًأُمي العزيزة أرجو أن لا تُسيئي فهمي فأنا لطالما أُفَكِر وأتساءل لماذا وضع الإسلام كثيرا من القيود ولا سيّما على المرأة ؟ لماذا أَجِدُ قيوداً وحواجز أمام كلِّ سلوك وتَصَرُف ورغبة فهذا حرام وذاك مكروه وهذا أولى ألخ ؟! لماذا لا أكون حُرّة في سلوكي هذا السؤال كثيراً ما يتبادر إلى ذهني ولا سيّما عندما أُشاهِد المسلسلات الأجنبية ، إذ أرى أنّ الفتاة حُرّة بالكامل تتصرف كما تشاء ، وتخرج متى ما تشاء ، وتلبس ما تشاء ، وتُصادِق من تشاء ، لهذا تكون مُنطَلِقة وسعيدة وهذا أبعد ما يكون عن العُقَد والأمراض النفسية والشعور بالكبت أو التناقض والإزدواج .
وكم أتمنى يا أُمي يوماً أن أخرج من دون إعتراض منكِ أو من أخي ، وكم أتمنى أن ألبس ما أحب من دون مُناكدة أو تعليق ، وكم أتمنى أن أكون أنا من دون أن أضطر إلى المُراوغة أو الكَذِب من أجل الحصول على أشياء هي في الأصل من حقِّّي وليس لأحد أن يتدخل فيها أنا لا أعترض على الإلتزام بالدِّين ولكن أعترض على ما يُقَيد سلوكي ، فلا بأس بأن أُصلي وأصوم وأَجتنب الكَذِب والغيبة وغيرها من المُحَرَّمات ، على أن تُمنَح لي حُرِّيتي واختياري في كلِّ التفاصيل الصغيرة التي أرغب بها سواء كانت تلك القيود من الدّين أو من صُنع عائلتي أو مِنَ المُجتمع حولي فإنّي أرغب صادِقَة في التخلُّص منها كي أشعر بحُرِّيتي وكرامتي . التوقيع / فتاة تستفهم ابنتي الحبيبة :ـ
لليس هناك ما هو أجمل من الحُريّة فهي هدف كلِّ مخلوق حي فكما تتوق الطيور إلى الإنطلاق في الفضاء الواسع من دون قيود كذلك يتوق الإنسان إلى الإنطلاق في حياته من دون رقيب أو مُحاسب .
لكن ماذا تفهمين من الحُريّة أيّتُها العزيزة ؟!!
هل هي الإندفاع وراء كلِّ فكرة وخاطرة تمرُّ في ذهن الإنسان ؟
هل هي السير في الحياة من دون قيود ورادع ؟
هل هي الإمعان في النظر إلى الذات ونسيان الآخر !! أقصد أن يُمارس الشخص كلِّ ما يحلو له وأن تَعارض ذلك مع رغبات وحاجات الآخرين ؟!!
أبدأ معكِ من السؤال ما هو التعريف المقبول لديك عن مصطلح الحُريّة ؟ يُمكننا ياعزيزتي أن ننظر إلى طبيعة الحياة التي يعيشها أفراد يُنَفِذون كلِّ ما يخطر في أذهانهم ، أو كلِّ ما يحسبوه صحيحاً من دون مُراعاة لحاجات ورغبات الآخرين ، وكذا من دون وضع حد لسلوكهم . من المؤكد أنّهم سوف يندفعون وراء أهوائهم ورغباتهم ومصالحهم ، فالتاجر سيعمل من دون قيود ليحتكر الربح ويجني المال وإن كان على حساب الآخرين ، والسائق سيندفع في سرعته من دون مراعاة للقواعد والأنظمة لأنّها سوف تُعَطِله وتُخالف رغبته ، والفتاة المُنطلقة من دون قيود سوف ترغب في التجمل والإمعان لأطول مدَّة ممكنة أمام المرأة من أجل أن تزين نفسها ، كما سترغب في سماع المديح و الكلمات المعسولة من قِبَل الجنس الآخر ، ثمّ تلي ذلك رغبات ورغبات ، كما هو حال الفتيات في الدول التي لا تلتزم بأحكام الإسلام .
وهكذا يتحوّل المجتمع إلى غابة تتصادم فيها الرغبات فكلِّ شخص يرغب في أن يحصل على الأفضل و الأجمل والأكثر ، وكلِّ شخص يُدافع عن رغباته على أنّها حقّ خالص له ، فيقع الصراع الذي قد يُؤدي إلى كلِّ أنواع المفاسد والمظالم . لذلك لابدّ من وجود قانون أو نظام أو تشريع يسير على وفقه المجتمع ، فالإنسان هو حرّ ولكن ضمن التشريع والقانون الذي يُنَظِم حياته ، وذلك من أجل وضع حد للرغبات غير المشروعة التي تُؤدي إلى إفساد المجتمع . وأنتِ يا حبيبتي فتاة رقيقة وناعمة ، يحفظك الحجاب عن عيون التهمة المبتذلة ويحفظك عدم الإختلاط عن العبث بمشاعرك وحياءك وطهرك ، ويحفظك تشديد الأهل ومتابعتهم عن الإندفاع والسير وراء شهواتك . وهذه القيود أيّتها العزيزة لا تعني بتاتاً عدم الحُريّة ، فهي قيود حين تُحاولين التمرد عليها وعدم فهم مغزاها ولكن عندما تعملين بها بقناعة واختيار , فإنّها ستُصْبِح من أعمق معاني الحُريّة . نعم ما تُسمِيه قيوداً سيكون حُريّة حقّاً ، ذلك أنّ متابعة الأهواء و السعي لكلّ ما ترغب به النفس أمرٌ سهل ومُحَبب إلى كلِّ شخص ، يفعله الكبير والصغير والعاقل وغيره ، أمّا أن يختار الإنسان فعلاً ما يُخالف به أهواءه ، لأنّ العقل والشرع يقولان أنّه الأفضل فهذه هي القوّة ، وهذا هو التحرر من ضغط الشهوات .
فالإنسان الذي يفعل ما يحلو له يكون ضعيفاً لا يستطيع مقاومة رغبته ، ذليلاً لها تابعاً لسطوتها , وهو عبد لا يملك الحُريّة التي يهفو إليها .
وخير مثال على ذلك مُدمن الغناء والتلفاز والأكثر منه مُدمن السكائر والمخدرات و الخمر ، فهو كلَّّما بذل جُهداً للتخلُُّّص من الإدمان ، ازداد لهفة وتَهُافتاً عليه ، وهو قد وقع في العبودية المَحِضَة لرغبته في عين الوقت الذي تَصَور أنّه مارس حُرِّيته . أمّا من نظاماً وتشريعاً يُحدد له الصواب من الخطأ ، والصالح من الطالح ، فإنّه يملك إرادة الإختيار وحُريّة التسامي على الرغبات و الشهوات .
أرجو أن يكون كلامي مُقنعاً لك أيتّها العزيزة وأن تختاري قيُوداً لرغباتك كي تَشعري بالحُريّة الحقَّّة التي تجعلك قويَّة صلبة لا تخضعك لسطوة أحد ، ولا تُذللكِ حاجة أو رغبة ، فأنت قد اخترت قانوناً يُنَظِم حياتك ويمُدك بالقوّة .
وحين تكونين قوِّية ، لن تجدي منّي أو من أي أحد من العائلة عائِقاً أمام اختيارك ، سواء لنوع الملبس أو للجهة التي تُحبين التوجه لها ، فعلاقاتنا ستكون مَبنية على الثِقة بإختيارك وبقُدرتك وإيمانك . قال أمير المؤمنين (ع) : ( لا تكن عبد غيرك ، وقد خلقك الله حُرّاً ).
وقال إفلاطون : ( الحُريّة هو وجود الخير ، والحُر من يتوجه فعله نحو الخير ) . وقال أرسطو : ( الحُريّة هي الإختيار ، و الإختيار هو اجتماع العقل مع الإرادة ) . فالحُريّة يا عزيزتي هي الإلتزام بالقانون والنظام ، وليس القانون قيداً بل هو اختيار . وأخيراً دُمتِ لأُمكِ أيّتُها الغالية .

[عبير الزهــــــــراء]

اللهم صلي على محمد وال محمد

شكرا جزيلا لك

ننتظر جديدك

[تغاريد فاطمة]

اللهم صلي على محمد وال محمد
جزاك الله خيرا
مشكورة
موفقة يارب

[البسمات الفاطميه]

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلآم عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرآ لكِ جزيلآ آوخيتي
يعطيك العافيه على الطرح الهادف
نترقب قادمكِ المفعم بالتميز
دمتي بهذا العطاء الكبير

[محبة لاهل البيت]

شكرا جزيلا لك

ننتظر جديدك