بقلمي...روح وريحان على درب الرحمن في بلاد الكفر والعصيان

[حور عين]

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

الحمد لله الذي هدانا لهذا وماكنا لنهتدي لولا أن هدانا الله
والصلاة والسلام على المُرسل رحمة للعالمين
سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين المطهرين إلى يوم الدين.
أخواتي الطيبات والمباركات ...تحيات زاكيات ودعوات ملؤها الصدق و الأخلاص برضا رب العالمين عنا أجمعين
وجزانا بفضل رضاه
على ذلك بثواب وتوفيق وعزّفي الدارين.

وبعد ياأحبتي...فسنواصل على بركة الله ورعايته فصول الحلقة الأولى من رحلة روح وريحان مع الحجاب.
فبعد مرور أكثر من سنتان على بقاء روح وريحان وعائلتها في
المدينة,
شاءت الأقدارمن أن يتركوها وانتقال للعيش في مدينة أخرى. تركوها بعد أن عاشوا فيها فترة من الزمن وتركت في ذاكرتهم ذكريات جميلة,
وأن كانت و كما ذُكر في الفصل السابق لاتخلوا من عوائق ومطبات حدثت .ولكن بالصبر والقدرة على الموازنة بين مسؤولية حفظ الأمانة في النفس والدين والولد
ومحاولة الأستفادة من أيجابيات المجتمع المحيط
(وأن كان مختلفاً تمام الأختلاف)
في الأمور الحياتية والعامة, فقد أستطاعت روح وريحان وباقي العائلة وبفضل من الله تعالى وبركات ,
من أن يتركوا أثراً مميزّاً وذكرى لاتنسى عند الكثيرين من أهلها, مدرّسين وجيران ومعارف على درب الحياة وبشهادتهم.
وقد يوفقّنا الله العلي القديروفي الفصول القادمة من أن نتطرق إلى بعض من تلك الحوادث,
لما لها من أثر في صقل شخصية روح وريحان وتثبيت لقوة الدين والأيمان.

ولازال الطريق في بداياته ومازالت المهمة التربوية والدينية سائرة على قدم وساق.
وأنتقلت روح وريحان مع عائلتها للمدينة الجديدة
وهي أكبر من سابقتها وفيها نسبة جيدة والحمد لله من المحجبات بالمقارنة مع تلك التي كانوا يسكنوها من قبل.
وأستبشرت العائلة بالأمور خيرًا
وكان للقدر كلمته في أن يكون ذلك الأنتقال
خلال صيف عام٢٠٠٧ فسكنت العائلة وبسبب صعوبة الحصول على الشقة في المدينة الجديدة
(نظراً لحيوية المدينة وأهميتها) في سكن مؤقت وفي قلب المدينة.

فأستغلّت الوالدة فرصة الأجازة الصيفية في تقوية وتعزيزجانب القرآن الكريم والألتزامات الدينية عندها وعند البنات
وبفترات غير متعاقبة,
وذلك من خلال الدروس النظرية في البيت,
وفي العبروالدروس العملية التي كانت تحتك بها
العائلة أثناء تنقلاتهم للنزهة أوالشراء
أو قضاء بعض الأمور الأدارية في الخارج.
وماأكثر الدروس العملية وماأغناها
بسبب الظروف المغايرة للمدينة الجديدة.
فمارأته العائلة من حجاب بعض البنات قد خفى بريقه
أمام أنحلال وتفسّخ وعلى مختلف الأوجه
وخصوصا في فصل الصيف,
مماجعلها تتمسك أكثر بدينها
من خلال حديث الأم المتواصل
والذي كان من مقومّات التربية بنظرها أن صحّ التعبير.

فقد لازمت الوالدة بناتها ملازمة الرمش للعين وكانت ترافقهم وفي كل تحركاتهم وتنقلاتهم وهذا ديدنها في بائ الأمر وفي معظمه فيما بعد.
وأنتهت العطلة الصيفية ولازال الجو فيه بقايا من حرارة الصيف وبدأت روح وريحان وكان عمرها قد قارب العشرة أعوام,
عامها الدراسي في مدرسة بقلب المدينة.وكانت نسبة أطفال البلد في المدرسة تفوق وبكثير نسبة أطفال المغتربين فيها.
فباشرت روح وريحان في الصف الرابع الأبتدائي وكانت برفقتها في المدرسة أختها ...
.وأسمها تبارك وهي أصغر من روح وريحان بحوالي السنتين والنصف.

وتعرف المدارس التي تكون في مركزالمدينة وعلى العموم
بجودة مدرسّيها والغالبية الساحقة
من طلابها هم أولاد الأغنياء.
وأن من أنظمة الدراسة في هذا البلد أن تكون هناك
معلمة واحدة فقط في الصف وهي المسؤولة عن تدريس كل المقررات من الدروس الواجب تدريسها.
فكان اليوم الأول فرافقت الأم بناتها بعد أن تعرّفت في زيارة مسبقة على مديرة المدرسة والمعلمات ومكان فصول الدراسة.
وقد قرأت الأم في نظرات المديرة ,
أستفسارات بقيت في قلبها و لم تسمع الأم منها شيئاً.

وأكتشفت العائلة وفي اليوم الأول حيث يتجّمع كل الآباء والأمهات والأطفال أن روح وريحان هي المحجّبة الوحيدة في المدرسة.
وكانت ملامح من الأستغراب الشديد تعتري
كل نظرات الأطفال ,على وجه الخصوص,
فقالوا لروح وريحان: أنت أول طالبة محجبة تحضر في مدرستنا وتجلس معنا في الصف.
وبعد أقل من أسبوع على دوام روح وريحان في المدرسة بدأت أسئلة من طابع آخرومثال على ذلك,
ألا تختنقين من الحربسب الحجاب,
هل تلبسيه في البيت, وفي الحمام أو عندالنوم ,
هل تقبلين أن تقولي لنا فقط بكلمة: هل هو طويل أم قصير؟
مجعّد كشعر أختك (تبارك) أم سرح؟

ولكن ورغم تلك الأسئلة فقد كانوا أهدأ بكثيرمن أطفال المدينة القديمة
وأستمر أستغرابهم لروح وريحان,
وقد لاحظت المعلمة نظرات الأطفال أثناء الدرس لها
وأستمر الأمر كذلك وبشكل مستمر وخلال الأيام الأولى
فطلبت المعلّمة من روح وريحان أن تعرّفها وباقي طلاب الصف وحسب ماتراه روح وريحان شيئاً عن الحجاب,
وتتحدث للصف لمدة ربع ساعة وهي جالسة على مقعدها في الرحلةالمدرسية .
ومما يوجب ذكره أن عموم المدارس في هذا البلد لم تكن قد جهزت بعد بنظام الأنترنت واللوحة الخاصة بها
كما هو الحال عليه الآن.
فكان المطلوب هو محاضة بصيغة الألقاء الشفوي.

وهنا لابد من الحمد والثناء لرحمة العلي الكريم الذي تفضلّ علينا ومن سابغ نعمه علينا,
بأن يهدي المعلمة لهذا الطلب.
فأخبرت والدتها عند ذهابها في ذلك اليوم إلى البيت,
فسرتّ الوالدة وبدأت تفكر في أستغلال الفرصة لتعريف الأطفال
بمفهوم الأسلام
وأركانه ونبيه المكرّم محمد (ص) والأمام علي(ع).
ولم تكن روح وريحان تجيد المعرفة كما هو الآن عن باقي الأئمة من آل البيت عليهم السلام.
والشرح بصورة مبسطة وبمستوى تصّورالأطفال وبشكل لايثقل الطفلة روح وريحان صعوبة المعنى وأتقان المفردات العربية.

فبدأ التحضير ولم تكن أمام الوالدة وأبنتها سوى بضع ساعات من عصرذلك اليوم وبدأ العمل في ترتيب ذكرالأموروالتأكد من معاني بعض الكلمات ثم في تدريب روح وريحان على الألقاء.
ولكن كيف تجذب الطفلة بكلامها المعلمّة والأطفال لحسن الأصغاء؟
فقررت روح وريحان من أن تقف أمام الصف وتتْحدث,
فهذا أكثر تأثيرا.
وفكرت الوالدة.... فلم تكن أفكارها لتسعفها في أستدراك المزيد.
فقررت الأتصال بمن يقربون لها أو تعرفهم ومن ذوي الحكمة في بلدها الأصلي.

وشاءت الظروف أن يسعفها أحدهم برأي سديد وهو التشهد على المعلمة والأطفال بدينهم وهو الدين المسيحي فيما يخص راهبات الكنائس ومحاولة لتقريب فكرة الحجاب لعقولهم.
فكانت اللحظة ولم تشأ روح وريحان من أن ترافقها والدتها لسماع المحاضرة خوفاً من أضطرابها فقالت:
ماما ..الله يخلّيك لاتجين معي اليوم
الوالدة: حبيبتي ..كوني قوية ولاتخافين ...لن أنظرإليك
روح وريحان: ماما..عندما تحضرين أحس بشئ وابدأ أخربط
لماذا لاتثقين بي ..والله العظيم سأقولها كما
سمعتيها أنت الآن مني
فلم تجد الوالدة بداً ألا القبول بطلب الطفلة وأن المهم ذكر كل ماأتفقنا فيه وتدرّبنا عليه.

وتفاجئت المعلمة وأعجبت كثيراً بشجاعة روح وريحان في الوقوف أمام الصف وألقاءها للمحاضرة. وتكلّمت عن أن الأسلام هو دين محمد (ص) وأن نبي الله أبراهيم هو الذي سماّنا بالمسلمين وحجة محمد (ص) هي القرآن , كتابنا وهو كلام الله وحجة نبيكم عيسى (ع) كانت أحياء الموتى وأركان ديننا هو;

الشهادة بأن لا أله ألا الله ,
وفقط أله واحد لاغير وليس له ولد
وأن محمدا رسول الله وهو الذي عرفنّا الله والدين وهو آخر نبي ولايوجد نبي بعده
لم تعرف عائلة روح وريحان في ذلك اليوم المعنى الدقيق وبالضبط لترجمة كلمة الأمامة
و أشارت بذكرالأمام علي(ع)بأنه هو من يأتي بعد الرسول محمد (ص)
والصلاة وهي أن نبقى على صلة بالله وهي ٣ مرات باليوم
وعدد ركعاتها ١٧ ركعة, الصبح ٢ ركعات ونصلّيها فجراً قبل شروق الشمس,
وصلاة الظهر ٤ ركعات
وصلاةالعصر ٤ ركعات ونصلّيها سويةً وعندالغداء
وصلاة المغرب٣ ركعات والعشاء ٤ ركعات ونصليها عندما تبدأ الشمس بالمغيب.
ثم الصيام وهو شهر رمضان وهو يأتي لمرة واحدة في السنة ومعناه,
عدم الأكل والشرب ...بدأ من منتصف الليل وقبل ظهورالفجروطول اليوم ولحد مغيب الشمس,
وهو لايعني فقط عدم الأكل والشرب
ولكن لنتدربّ على أحساس الجوعى والفقراء ونحمد الله على نعمه علينا
ولنتدرب على عدم الكذب والأستهزاء
والتكبر والكلام من وراء الشخص
وعدم الصراخ والصياح وقول الكلام الغير حلو
وعدم السرقة
لأن من يفعل ذلك فلايُعتبر صائماً

ثم الأساس الآخر في الأسلام وهوالزكاة وتعني أخراج جزء من المال وأعطاءه للفقير,
و الحج وتعني زيارة بيت الله الذي بناه النبي أبراهيم (ع) وهو موجود في مكة في السعودية العربية وهي بلد تقع في الشرق الأوسط قرب العراق ,بلدي.
ومعنى الحج هو لأن نطهر من الذنوب والذي يروح بصدق لبيت الله يجعله الله كالبيبي الصغير , ويمسح كل ذنوبه.
ثم بدأ الحديث عن الحجاب و بدأ شرح الطفلةعلى أنه ليس بغريب وأنتوا تعرفونه ,
فالكنيسة فيها الراهبات وهم يغطّون شعرهم وجسدهم
ونحن في الأسلام عندنا شبيه له وهو الحجاب ويعني حرام علينا وعلى كل مسلمة أن تغري بجسدها والشعر والمكياج وتلبس الملابس المغرية يعني مثل الشورت والمايو,
وليحمي البنت من التعرض للتحرش والأغتصاب( وهو معروف للكل هنا في هذا البلد) (وهنا أستخدمت لغة الأشارة في الوصف) بأن فقط الوجه والكفين مسموح وأخذت معها حجاب أضافي وبدأت بعرض طريقة لف الحجاب على الرأس وفوق حجابها الذي كانت تلبسه .

وأول شئ ذكرته العلمة بعد أداء روح وريحان لواجبها والتصفيق
هوسؤالها للطلاب بالقول التالي:
من منكم بشجاعتها ويستطيع أن يُقدم ويفعل كما فعلت , روح وريحان؟
والجميع ساكت!!!!

ثم بدأت الأسئلة لروح وريحان من قبل المعلّمة والطلاب على حد سواء,
وكانت تقريباَ كلها متوقعّة وهذا ما هيأت الوالدة أبنتها له وعرفتِها الأجابة فيه.
ونبهتها من أن السؤال الذي تحس أنها غير قادرة على أجابته أو تختلط عليها الأمور وقد تنسى,
تعتذروبدون خجل وتقول:
لاأستطيع الأجابة الآن, ولكن أعدك بالجواب غداً بعد أن أتأكد من والدتي.
فهذا أصدق وأسلم وحتى لايزعل منا الله ورسوله والأمام علي لأننا لم نقدّم التعريف بالأسلام والدين بالشكل الصحيح.
وحتى لاينقص من ثوابك عند الله , يوم القيامة؟
لأن كل كلمة نقولها أوننطق بها نجدها في الكتاب ومحاسبين عليها يوم الحساب.
والتتمة بعون الله في المرة القادمة...
ودمتم بألف خير ورضوان من الله ربّ العزة والأكرام

اللهم طهر قلبي من النفاق وعملي من الرياء ولساني من الكذب وعيني من الخيانه .
{إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }

نسألكم الدعاء