ربيع الارواح
ربيع الأرواح..
إن الكثيرين هذه الأيام يفكرون في الاستجمام، لإراحة البدن من تعب الحياة اليومية.. والأرواح كالأبدان تحتاج إلى الاستجمام بل هي الأولى به؛ لأن الأبدان مآلها إلى الفناء، أما الأرواح فهي باقية ببقاء الله -عز وجل-: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ}.. فكما أن هناك في عالم الطبيعة ثلاثة أشهر هي فصل الربيع، كذلك أيضاً بالنسبة لعالم الأرواح؛ فإن ربيعها هذه الأشهر المباركة الثلاثة: رجب شهر الله -عز وجل-، وشعبان شهر نبيه (ص)، وشهر رمضان شهر أمته.. فرب العالمين جعل لنا شهرين للتهيئة، لعقد الصفقة الكبرى في ليلة القدر؛ إذ أنه من الملاحظ في هذه الأشهر كثرة العبادة، والذكر صباحاً ومساءً، وإحياء المناسبات الكبرى.. حيث أن هذين الشهرين يمتازان بكثرة مواليد أهل البيت -عليهم السلام-: ميلادُ أمير المؤمنين (ع)، والمبعث النبوي الشريف، وميلاد سيد الشهداء (ع)، وأخيهِ العباس، وولدهِ زين العابدين (ع)، وقمة الأفراح بميلاد الإمام المهدي (عج)، وميلاد الإمام الحسن (ع) في منتصفِ شهرِ رمضان المبارك؛ كلها مناسبات فرح وسرور.. ومن المعروف أنه في مناسبات الفرح والسرور تؤخذ الجوائز والعطايا، فما المانع أن يطلب الإنسان في كل مناسبة منها عطية من العطايا الكبار، من والد صاحب المناسبة أو ولده؟!..
فإذن، إن هذين الشهرين بالإضافة إلى العشرين ليلة الأولى من شهر رمضان المبارك؛ هي أيام حاسمة لنيل ليلة قدر متميزة.. تلك الليلة التي عندما أراد رب العالمين الإشارة إليها قال: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ}، وكذلك عندما أراد أن يعبّر عن يوم القيامة قال: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ}، فاستخدم نفس اللحن؛ ليبين لنا أن عقولنا قاصرة عن فهم حقيقة هذه الليلة.. فمن يشتكي خلال السنة: سقماً في بدنه، أو قطيعةً في رزقه، أو اضطراباً في قلبه، أو مشكلة في أسرته؛ فكل ذلك كُتب في ليلة القدر، ولو أنه أتقن ليلة القدر الماضية لما أصيب بذلك.. من منا يدّعي أنهُ في ليلة القدر الماضية بذَلَ قُصارى جهده؟!..
__________________
|