اختبار (( حاسبي نفسك ))

[الاء الرحمن]

بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الاختبار منقول من كتاب للشيخ حيدر اليعقوبي
1- هذا الاختبار أولي أو إجمالي، بمعنى انه مُعد للتنبيه وإلفات النظر، وإعطاء فكرة عامـة، لان التفاصيل كثيــرة، بل لعلها غير متناهية بمعنى من المعاني، اذا لاحظنا مجموع المكلفين وأحوالهم المتصورة..

واما النتيجة الواقعية فهي محفوظة عند رب العالمين، في سجل اعمال العباد، وهو تعالى العالم بها.

2- يجب ان يكون الفرد صادقاً مع نفسه، ومع الله تعالى، اذا أراد الاستفادة من هذا الاختبار.

3 - الإختبار عبارة عن خمسين سؤالاً، وأجوبـة هذا الاختبار تكون كالتالي :

أ- اذا كان الجواب بكلمة نعم (أو ان شاء الله تعالى لمن يتواضع عن قول نعم)، فله درجتان.

ب - اذا كان الجواب بكلمــة أحياناً (أو وسط) أو نـحـو ذلك، فله درجة واحدة.

ج - اذا كان الجواب بكلمة (لا)، فدرجته صفر..

ويحسب مجموع الدرجات، ويكون الناتج من (100).

4- المقصود بالنجاح هنا هو النجاح الحقيقي أو المعنوي، الذي يحتاجه الفرد في علاقته مع خالقه عز وجل، وفي علاقته مع نفسه، وفي علاقته مع الآخرين، وهو نـجـاح دنيوي وأخروي على حد سواء..

5- يـمكن ان يستفاد من تفاصيل هذا الاختبار، في تـمـييز من هو من المقربين، وفي تـمييز من هو من أصحاب اليمين أو من أصحاب الشمال، أو من هو من الأخيــار أو من الأشـرار، أو من هو من الأبرار أو من الفجار، أو من هو من المؤمنين أو من الفاسقين.

6- ينبغي للفرد اذا فشل في هذا الاختبار ان يتدارك نفسه، ولا ييأس ولا يقنط، فان الله تعالى يقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات، وقد وسعت رحمته كل شيء، وهو القائل عز وجل : ( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ)هود- 114

7- كذلك ينبغي للعبد اذا نـجح في هذا الاختبار، ان لايعجب بنفسه ولا يغتر ولا يفتر ولا ينسب الفضل لنفسه، فانما هو فضل الله وتوفيقه وحسن رعايته، وقد قال الله تعالى:

( قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) يونس-58

وفي الخبر ما مضمونه ان أحد العباد أُمر به إلى الجنة، فدخله العجب والفخر بإعماله، فاستوقفه الله تعالى واخذ يحصي نعمه عليه، ويبين تقصيره وقصوره أمام هذه النعم، فعلم العبد ان أمره قد انتهى، ولم يبقَ له شيء فنادى : برحمتك يا رب، فقيل له الآن تدخل الجنة برحمة الله تعالى.

8- المفروض ان يكرر هذا الاختبار بين مدة وأخرى، فان الإنسان قد يتغير أو يغير نفسه، وقد يكون التغير أو التغيير نحو الأحسن أو نحـو الأسوأ والعياذ بالله تعالى، ومن هنا تأتي أهمية تكرار مثل هذا الاختبار.

9- توجد أمور من الثوابت والمباديء، بمعنى ان الإنسان لاينجح واقعاً بدونها، من قبيل الإيـمان بالله تعالى وبأصول الدين، وحب أهل البيت (ع)، ونحو ذلك مما هو مفصل في محله، فينبغي الالتفات إلى ذلك.
يقول الله تعالى
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ، وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) الحشر- 18

( اقْرَأْ كَتَابَكَ.. كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) الإسراء- 14

( بَلِ الإنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ، وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) القيامة (14- 15)

( وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) القيامة- 2

( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ) البقرة- 44

وفي الحديث عن النبي (ص) : ( حاسبوا أنفسكم قبل ان تحـاسبوا، وزنـوها قبل ان توزنوا).

وعنه (ص) أيضاً : ( الكيّس من دان نفسه، وعمل لما بعــد الموت).

وعن أبي ذر عن النبي (ص) : ( على العاقل مالم يكن مغلوباً ان تكون له ساعات، ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يتفكــر فيها صنع الله إليه، وساعة يخلو فيها بحظ نفسه من الحلال، فان هذه الساعة عون لتلك الساعات، واستجمام للقلوب وتفريغ لها).

وفي الوسائل ذكر عن النبي (ص) : ( حاسبوا أنفسكم قبل ان تحاسبوا، وزنوها قبل ان توزنوا، وتجهزوا للعرض الأكبـر).

وعنه (ص) أيضاً : ( لا يكون العبد مؤمناً حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك شريكه، والسيد عبده).

وفي وصية النبي (ص) انه قال : ( يا أبا ذر حاسب نفسك قبل ان تحاسب فانه أهون لحسابك غداً، وزن نفسك قبل أن توزن، وتجهز للعرض الأكبر يوم تعرض لا تخفى على الله خافية..

(إلى أن قال).. ياأبا ذر لايكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك شريكه، فيعلم من أين مطعمه، ومن أين مشربه، ومن أين ملبسه، أمن حلال أومن حرام.. يا أبا ذر من لم يبال من أين اكتسب المـال، لم يبـــال الله من أين أدخله النار).

وفي تفسير الإمام الحسن بن علي العسكري (ع)، عن آبائـــه (ع)، عن علي (ع)، عن النبي (ص) قال : أكيس الكيسين من حاسب نفسه، وعمل لما بعد الموت، فقال رجل : ياأمير المؤمنين كيف يحاسب نفســه ؟ قال : إذا أصبح ثم أمسى رجع إلى نفسه، وقال : يانفسي إن هذا يوم مضى عليك لايعود إليك أبداً، والله يسألك عنه بما أفنيتــه، فما الذي عملت فيــه، أذكرت الله أم حمدته، أقضيت حوائج مؤمن فيه، أنـّفست عنه كربـة، أحفظته في أهله وولده، أحفظته بعد الموت في مخلفيــه، أكففــت عن غيبة أخ مؤمـن، أأعنت مسلماً، مالذي صنعت فيه ؟.. فيذكر ما كان منه، فان ذكر انه جرى منه خير، حمد الله وكبّــــره على توفيقــه، وإن ذكر معصية أو تقصيراً استغفر الله وعزم على ترك معاودته.

ومما ورد عن الإمام علي (ع) : ( من حاسب نفسه ربح، ومن غفل عنها خسر، ومن خاف أمن، ومن اعتبر أبصر، ومن أبصر فهم، ومن فهم علم).

وورد عن الإمام السجاد (ع) : ( انك لاتزال بخيـر، ما كان لك واعــظ مــن نفسك، وما كانت المحاسبة من همك، وما كان الخوف لك شعاراً، والحزن لك دثاراً).

وفي الحديث عن الإمام الكاظم (ع) : ( ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم، فان عمل حسناً إستزاد الله، وان عمل سيئاً استغفر الله منه وتاب إليه).

ثم انه ينبغي ان تكون هذه المحاسبة شاملة وصادقــة في الوقت نفسه، وان تكون ايجابيــة بمعنى انها تقدم الفرد نحو الأمام..