خطبته عليه السلام بمني وتنوير الاذهان في زمن معاوية
* وفي كتاب سليم بن قيس :
لمّا مات الحسن بن عليّ عليهما السلام (استشهد الإمام الحسن المجتبي عليه السلام بالسمّ في سنة 49 هجريّة علي يد زوجته جعدة بنت الاشعث بن قيس بإيعاز من معاوية [18] )، لمتزل الفتنة والبلاء يعظمان ويشتدّان (علي الشيعة) ، فلم يبقَ وليّ للّه إلاّ خائفاً علي دمه ، (وفي رواية أُخري : إلاّ خائفاً عليدمه أنّه مقتول)، وإلاّ طريداً وإلاّ شريداً ، ولم يبق عدوّ للّه إلاّ مظهراً حجّته غير مستتر ببدعته وضلالته ؛ فلمّا كان قبل موت معاوية بسنة [19] حجّ الحسينُ بنُ عليّ صلوات الله عليه وعبد الله بن عبّاس وعبد الله بن جعفر معه ، فجمع الحسينُ عليه السلام بني هاشم رجالهم ونساءهم ومواليهم ومن الانصار ممّن يعرفه الحسين عليه السلام وأهل بيته ، ثمّ أرسل رسلاً لاتَدَعوا أحداً ممّن حجّ العام من أصحاب رسول الله صلّي الله عليه وآله المعروفين بالصلاح والنسك إلاّاجمعهم [20] لي ، فاجتمع إليه بمني أكثر من سبعمائة رجل وهم في سرادقه ، عامّتهم من التابعين ونحو منمائتي رجل من أصحاب النبيّ صلّي الله عليه وآله .
فَقَامَ فِيهِمْ خَطِيباً ، فَحَمِدَ اللَهَ وَأَثْنَي عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ :
أَمَّا بَعْدُ ؛ فَإنَّ هَذَا الطَّاغِيَةَ [21] قَدْ فَعَلَ بِنَا وَبِشِيعَتِنَا مَاقَدْ رَأَيْتُمْ وَعَلِمْتُمْ وَشَهِدْتُمْ !
وَإنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكُمْ عَنْ شَيْءٍ ؛ فَإِنْ صَدَقْتُ فَصَدِّقُونِي ، وَإِنْ كَذَبْتُ فَكَذِّبُونِي !
وَأَسْأَلُكُمْ بِحَقِّ اللَهِ عَلَيْكُمْ وَحَقِّ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَقَرَابَتِي مِنْ نَبِيِّكُمْ لَمَّا سَيَّرْتُمْ مَقَامِي هَذَا وَوَصَفْتُمْ مَقَالَتِي ، وَدَعَوْتُمْ أَجْمَعِينَ فِي أَمْصَارِكُمْ مِنْ قَبَائِلِكُمْ مَنْ آمَنْتُمْ مِنَ النَّاسِ (وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَي بَعْدَ قَوْلِهِ : فَكَذِّبُونِي : اسْمَعُوا مَقَالَتِي وَاكْتُبُوا قَوْلِي ، ثُمَّ ارْجِعُوا إلَي أَمْصَارِكُمْ وَقَبَائِلِكُمْ فَمَنْ آمَنْتُمْ مِنَ النَّاسِ) وَوَثِقْتُمْ بِهِ فَادْعُوهُمْ إلَي مَا تَعْلَمُونَ مِنْ حَقِّنَا ؛ فَإِنِّي أَتَخَوَّفُ أَنْ يَدْرُسَ هَذَا الاْمْرُ وَيَذْهَبَ الْحَقُّ وَيُغْلَبَ ؛ ) وَاللَهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكَـ'فِرُونَ ) .
وَمَا تَرَكَ شَيْئاً مِمَّا أَنْزَلَ اللَهُ فِيهِمْ مِنَ الْقُرآنِ إلاَّتَلاَهُ وَفَسَّرَهُ ؛ وَلاَ شَيْئاً مِمَّا قَالَهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي أَبِيهِ وَأَخِيهِ وَأُمِّهِ وَفِي نَفْسِهِ وَأَهْلِبَيْتِهِ إلاَّ رَوَاهُ . وَكُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ أَصْحَابُهُ : اللَهُمَّ نَعَمْ! وَقَدْ سَمِعْنَا وَشَهِدْنَا ؛ وَ يَقُولُ التَّابِعِيُّ : اللَهُمَّ قَدْحَدَّثَنِي بِهِ مَنْ أُصَدِّقُهُ وَأَئْتَمِنُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ .
كتاب لمعان الحسين عليه السلام