نور الإمام المهدي (عج) , بقية الله , صاحب العصر و الزمان ...

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-05-2014, 09:05 AM   #61
نهجنا الإسلام
●• فاطمية متميزة •●
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 158
نهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond repute
افتراضي انتظار العوام، انتظار العلماء، انتظار العرفاء 32

ذات يوم جاءني شابّ للاستشارة حول العمل الثقافي في الجامعة وقال: أريد أن أعمل عملاً ثقافياً في جامعتنا، فما هو أفضل عمل أقوم به؟
سألته: هر تعرف غسل الثياب؟
قال: نعم، أعرف غسل الثياب، ولكن ما هي علاقته بالعمل الثقافي؟ إني أريد أن أعمل عملاً ثقافياً.
قلت: مستعد بأن تغسل ثياب زميلك في القسم الداخلي؟
قال: كلا، عمل صعب. ثم قال وهو يمزح: نحن لسنا في الحرب حتى نقوم بمثل هذه التضحيات.
قلت: لسنا في الحرب، ولكن زميلك «إنسان». فكم تقيّم إنسانيته؟
قال: قد لا يكون شاباً جيداً.
قلت: لأنه قد لا يكون شاباً جيداً سألتك هذا السؤال. هل قيمة إنسانيته لديك بالحد الذي تقوم بغسل ثيابه عند الحاجة بطيب خاطر ولذة وتقول بأني أغسل ثياب إنسان؟
قال بصدق: كلا، أنا لست كذلك.
قلت بِوِدّ: إن لم يكن الإنسان عندك بهذا المستوى من الأهمية، فلماذا تريد أن تعمل عملاً ثقافياً لهدايته؟ ما هو دخلك بأن تكون قلقاً على جنة الناس ونارهم؟ إنك لا تحب الناس، فما هو شأنك بمصيرهم؟

لابد من الاهتمام بالآخرين

علماً بأن موضوع غسل ثياب الآخرين، ليس إلا أسلوب للتقييم. لا أنه معيارٌ قطعي. وعلى أي حال، يجب أن ينظر الإنسان مدى اهتمامه بالآخرين.
والآن لننظر إلى أسوة وقدوة. فإن لمشاهدة بعض النماذج والأمثلة أحياناً أثر أبلغ بكثير من عشرات النصائح والمواعظ. ومن النماذج التي يمكن الإشارة إليها في مجال محبة الناس هو الشهيد جمران.
ينقل مدير مكتب الشهيد جمران: عندما كان السيد جمران وزير الدفاع، وقف رجل ببابه لشغل له معه وهو من كبار الضباط في عهد النظام الطاغوتي البائد وكان فصله من الوظيفة أمراً مسجّلاً وقد أمضى الدكتور حكم فصله. فقلت للسيد جمران: «هذا الرجل من الذين سيتم فصلهم. فلا حاجة لأن تشغل وقتك معه.» فنهض جمران وأزاحني عن طريقه وذهب لاستقباله؛ وتعامل معه كما يتعامل مع غيره حيث قام بمصافحته واعتناقه بحرارة ثم أدخله إلى غرفته واستمع إليه بصبر وتروّ. وعندما ذهب ذلك الرجل، سألت جمران: «ليس من المقرر أن يبقى هذا الرجل هنا، فلماذا شغلت وقتك معه؟» فقال جمران: «لابد من فصله؟ حسناً، سلّمناه حكم فصله وعليه بالذهاب. ولكنه إنسان وأنا احترمت إنسانيته.»
من كان كذلك، يستطيع أن يكون منتظراً للفرج. وبالطبع ليس المقصود بأن نعطف بهذا المستوى وفي كل موطن على العناصر الجائرة المناهضة للثورة ونُعطيها الفرصة للقضاء علينا (كما أن الشهيد جمران أيضاً لم يتردّد في فصله)، ولكن بشكل عام، فإن هذا الاستعداد لمحبة الخلق أمر قيّم للغاية.
يكتب الشهيد جمران في مناجياته: «تقع على عاتقي مسؤولية تامة بأن أقف بوجه الشدائد والبلايا، وأحتمل كل الآلام، وأتقبّل المحن، وأحترق كالشمع وأضيء الطريق للآخرين، وأنفخ الروح في الأموات، وأروي غليل المتعطشين للحق والحقيقة.»[1]فانظروا إلى حلاوة الجمع بين محبة الحق ومحبة الخلق في هذه المناجاة.

المنتظر يفكّر بهداية جميع الناس

يُنقل أن عارفاً قد استولى عليه البكاء والنحيب في حالة الاحتضار وهو يقول: «كيف أجيب ربي؟» فقالوا له: «مثلك لماذا يتكلم بهذا الكلام؟» فقال: «لو رحلت إلى ذلك العالم، وقال لي ربي: إنك كنت رفيقاً معنا، ولكن هناك في زاوية من العالم شخص بقي على ضلالته، فلماذا لم تهده إلى رفقتنا وصحبتنا، فبماذا أجيب ربي؟»

الشوق إلى الفرج یعني محبة الناس

الشوق إلى الفرج يعني محبة الناس؛ يعني أن يكون الإنسان واسع الصدر بعيد النظر. فالمنتظر يرى العالم في زاوية قلبه وتربطه صلة مع جميع أهل العالم.
وفي دعاء العهد حينما يريد المنتظر أن يصلّي على الإمام المهدي يقول: «اللَّهُمَّ بَلِّغْ مَوْلَانَا الْإِمَامَ الْهَادِيَ الْمَهْدِيَّ الْقَائِمَ بِأَمْرِكَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَعَلَی آبَائِهِ الطَّاهِرِینَ عَنْ جمیعِ الْمُؤْمِنِینَ وَالْمُؤْمِنَاتِ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا سَهْلِهَا وَجَبَلِهَا بَرِّهَا وَبَحْرِهَا وَعَنِّي وَعَنْ وَالِدَيَّ مِنَ الصَّلَوَاتِ....»[2] انظروا إلى هذه السعة في الرؤية حيث أنه إذا أراد أن يسلّم على إمام زمانه لم يسلّم عن نفسه فحسب، بل يسلّم عن جميع أهل العالم، وهذا ناتج من سعة الصدر التي يمتلكها المنتظر.
والآن ضعوا سؤال عمار الساباطي المنطقي نسبياً من الإمام الصادق (ع) إلى جانب كلام سلمان الفارسي والشعور الذي انتابه بالنسبة إلى انتظار الفرج، لتجدوا البون الشاسع.[3]

العلاقة بين الذكر والشوق

في خضمّ تنمية هذا الشوق، نصل إلى مفهوم باسم «الذكر». فحريّ بنا إلى جانب اكتساب جميع الفضائل التي تُنعش الحب والشوق، أن نتعرض إلى الذكر أيضاً. فالكثير يسأل: كيف نُنمّي الشوق إلى الفرج في نفوسنا ونعيش في ذروة الشوق إلى الظهور لندخل في عداد المنتظرين الحقيقيين لصاحب الأمر (عج)؟ الجواب هو أنّ تنمية هذا الشوق، ليس إلّا اكتساب التقوى وأداء العبادات والعمل بالأوامر الإلهية ولاسيما التكاليف الاجتماعية بصحة وإخلاص. وإلى جانب كل هذه المسائل، وبعد اكتساب المعارف الضرورية والعلوم الدقيقة والعميقة، لو أردنا أن نعمل عملاً خاصاً فعلينا التوجّه إلى «الذكر». ومن هنا ينبغي الاهتمام بـ«دعاء الندبة» و«دعاء العهد» و«الدعاء لسلامته (ع)» وسائر الأدعية. فإنّ من يحبّ الإمام وينتظره ألا ينبغي أن يذكره ولو في اليوم مرة على أقل تقدير؟ ألا ينبغي أن يرفع يديه للدعاء بفرجه في قنوت صلواته وفي كل لحظة من لحظات استجابة الدعاء؟

يتبع إن شاء الله...

[1]مصطفی جمران، خدا بود و دیگر هیچ نبود، ص28.
[2]دعاء مروي عن الإمام الصادق (ع): مفاتیح الجنان، دعاء العهد. وكذلك المصباح للکفعمي، ص550.
[3]يروي سلمان الفارسي حديثاً طويلاً عن رسول الله (ص) في أن الأئمة من بعده إثني عشر، ثم بدأ يذكر أسماءهم حتى وصل إلى الإمام الثاني عشر وسكت، فقال سلمان: «يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ لِي بِإِدْرَاكِهِمْ، قَالَ: يَا سَلْمَانُ إِنَّكَ مُدْرِكُهُمْ وَأَمْثَالُكَ وَمَنْ تَوَلَّاهُمْ بِحَقِيقَةِ الْمَعْرِفَةِ. قَالَ سَلْمَانُ: فَشَكَرْتُ اللَّهَ كَثِيراً ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُؤَجَّلٌ فِيَّ إِلَى أَنْ أُدْرِكَهُمْ؟ فَقَالَ: يَا سَلْمَانُ اقْرَأْ ﴿فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ...﴾ قَالَ سَلْمَانُ: فَاشْتَدَّ بُكَائِي وَشَوْقِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِعَهْدٍ مِنْكَ؟ فَقَالَ: إِي وَالَّذِي أَرْسَلَ مُحَمَّداً إِنَّهُ بِعَهْدٍ مِنِّي وَعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَتِسْعَةِ أَئِمَّةٍ... قَالَ سَلْمَانُ: فَقُمْتُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ‏ وَمَا يُبَالِي سَلْمَانُ مَتَى لَقِيَ الْمَوْتَ أَوْ لَقِيَه.» بحار الأنوار، ج25، ص6-8.‏
نهجنا الإسلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-05-2014, 12:43 AM   #62
نــ الشهيد ــور
۝ۉڵآېٺے ڶآڸ ݥݗݦۮ ڪھڤے۝
 
الصورة الرمزية نــ الشهيد ــور
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 365
معدل تقييم المستوى: 340
نــ الشهيد ــور has a reputation beyond reputeنــ الشهيد ــور has a reputation beyond reputeنــ الشهيد ــور has a reputation beyond reputeنــ الشهيد ــور has a reputation beyond reputeنــ الشهيد ــور has a reputation beyond reputeنــ الشهيد ــور has a reputation beyond reputeنــ الشهيد ــور has a reputation beyond reputeنــ الشهيد ــور has a reputation beyond reputeنــ الشهيد ــور has a reputation beyond reputeنــ الشهيد ــور has a reputation beyond reputeنــ الشهيد ــور has a reputation beyond repute
افتراضي رد: انتظار العوام، انتظار العلماء، انتظار العرفاء

اللهم عجل لوليك الفرج..
الله يعطيكِ العافية يالغلا ع الطرح..
تحياتي..


__________________

يسلموو دياتكِ حبيبتي احلا قمر ع التصميم الرائع..
نــ الشهيد ــور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-05-2014, 10:35 AM   #63
نهجنا الإسلام
●• فاطمية متميزة •●
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 158
نهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond repute
افتراضي رد: انتظار العوام، انتظار العلماء، انتظار العرفاء

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نــ الشهيد ــور
اللهم عجل لوليك الفرج..
الله يعطيكِ العافية يالغلا ع الطرح..
تحياتي..


شكرا جزيلا أختي الكريمة على حسن متابعتكم للموضوع
نهجنا الإسلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-05-2014, 10:36 AM   #64
نهجنا الإسلام
●• فاطمية متميزة •●
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 158
نهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond repute
افتراضي انتظار العوام، انتظار العلماء، انتظار العرفاء 33

يعتبر دعاء العهد برنامجاً مستمراً ويشير إلى مفاهيم أساسية وقيمة ويعدّ دعاء ملحمياً ولهذا فإن له مكانة مرموقة بين الأدعية المختصة بالإمام (ع). كان يقول الإمام الخميني (ره): «دعاء العهد مؤثّر في تقدير الإنسان.»[1] وكان سماحته مواظباً على قراءة دعاء العهد واستمر على هذا البرنامج حتى آخر يوم من حياته في المستشفى.[2] وهو الدعاء الذي أوصى عائلته بقراءته في آخر أيام حياته.[3]

لا ينمو الحب من دون الذکر

المسألة المهمة التي لابد من الالتفات إليها هي أنّ «الحب» لا ينمو مع فقدان «الذكر». وهذا هو الحال بالنسبة إلى الدنيا أيضاً. ما هو الشيء الذي ينمّي حب الدنيا في قلوبنا ويجعلها لذيذة في أعيننا؟ الدنيا التي نتذوّقها ونشمّها ونجرّبها وخلاصة الكلام أنها «حاضرة» ويمكننها تجربتها بسهولة، غير أنّ تجربتها لا تأخذ بمجامع قلوبنا بمقدار ذكرنا لها.

لابد من وضع برنامج لذكر الإمام المهدي (عج)

فالدنيا التي هي حاضرة لا تحلّ في قلبك من دون ذكرها كثيراً فكيف يحل الإمام المهدي في قلوبنا من دون ذكر وهو غائب؟ لا تقل: «كلّما ضاق صدري، أتذكّر الإمام (عج).» إذ ينبغي أن تضع لنفسك برنامجاً للذكر. وليكن برنامجك مختصراً حتى لا ينقطع، فالمواظبة على مثل هذه البرامج مهمة للغاية. وعندها سيحلّ الشوق إلى الإمام في قلبك شيئاً فشيئاً. بالإضافة إلى أننا لو ندّعي الشوق إلى فرج الإمام وظهوره لابد وأن يتجلى كلام أمير المؤمنين (ع) في قلوبنا حيث قال: «مَنْ أَحَبَّ شَیْئاً لَهِجَ بِذِکْرِه.»[4]

يتدفق الذکر من علوّ الفكر

علماً بأن الفكر سندٌ للذكر كما أشرنا إليه سابقاً. فالعلم والمعرفة والتفكر بالمعلومات رأسمال الذكر. والذكر أساساً وإن كان يتدفّق من قلب الإنسان إلّا أنه ينبثق من علّو الفكر. فلو قرن الإنسان فكره بالمودة والعاطفة سيكون ذكراً. ومن هنا يتبيّن الفرق بين «الذكر» و«الورد»، فإن الأوراد رغم أهميتها لم تحظ بعناية أولياء الله إن خلت من الفكر والتوجه.

دعاؤنا للفرج مستجاب

إنّ من المسائل المهمة التي يؤدي الالتفات إليها إلى الدخول في عداد أهل الذكر والتي تحثّ الإنسان على الدعاء سيما في قضية الفرج، هي هذه الحقيقة أنّ دعاءنا للفرج دعاء مستجاب وأن الله سبحانه يعتني بآراء عباده في هذا الشأن. فإذا اعتقدنا أن طلبنا وسؤالنا للفرج ليس أمراً شكلياً ومجاملة وإنما هو حقيقة سامية، سنكعف على الدعاء والذكر دون انقطاع. فهذا أمر عامّ لله حيث قال:﴿ادْعُوني‏ أَسْتَجِبْ لَکُمْ﴾[5] وهذا أمر خاص بالإمام المهدي (ع) حيث قال عن طريق سفيره الثاني إسحاق بن یعقوب: «أَكْثِرُوا الدُّعَاءَ بِتَعْجِيلِ الْفَرَجِ فَإِنَّ ذَلِكَ فَرَجُكُمْ.»[6]
لا ننسى بأنه لا يُعرض عن الدعاء بالفرج إلّا من لا يرى الله وفيّاً في العمل بوعوده أو لا يحمل اعتقاداً راسخاً بعناية الله ولطفه في حق عباده؛ وكلاهما مدعاة لسوء الظن بالله الذي نُهينا عنه بشدة.[7]

للشوق إلى الفرج أثر في التقدير الإلهي

يجب أن نعتقد بأن لشعورنا وشوقنا إلى الفرج تأثير في العالم. وأهم أثر يتركه هذا الشوق هو في التقدير الإلهي،[8] سوى الآثار التي يتركها في قلوبنا وفي مجتمعنا وفي عالمنا. فإن الله الذي بيده أمر الفرج، ينظر لاتخاذ القرار في ذلك إلى قلوبنا.[9] فهو الوحيد الذي يستطيع تقييم نسبة معرفتنا ومحبتنا وعلى أساسها يدبّر مقدّراتنا.
يقول الإمام الحسن العسكري (ع) حول دور وأثر «الدعاء بتعجيل فرج ولده (عج)» في نجاة الإنسان: «وَاللَّهِ لَيَغِيبَنَّ غَيْبَةً لَا يَنْجُو فِيهَا مِنَ التَّهْلُكَةِ إِلَّا مَنْ يُثْبِتُهُ اللَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِإِمَامَتِهِ وَوَفَّقَهُ لِلدُّعَاءِ بِتَعْجِيلِ فَرَجِهِ.»[10]
ويقول الإمام الصادق (ع) في كلام مهم له حول أثر الدعاء بالفرج في التقدير الإلهي لـنجاة المجتمع وقرب الظهور: «فَلَمَّا طَالَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ الْعَذَابُ ضَجُّوا وَبَكَوْا إِلَى اللَّهِ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى وَهَارُونَ يُخَلِّصُهُمْ مِنْ فِرْعَوْنَ فَحَطَّ عَنْهُمْ سَبْعِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع): هَكَذَا أَنْتُمْ لَوْ فَعَلْتُمْ لَفَرَّجَ اللَّهُ عَنَّا فَأَمَّا إِذْ لَمْ تَكُونُوا فَإِنَّ الْأَمْرَ يَنْتَهِي إِلَى مُنْتَهَاهُ.»[11]
يقول آية الله الشيخ البهجة (ره) حول التأثير القطعي للدعاء بالفرج: «كم ينبغي أن نفكّر في الإمام الغائب (عج) وأن ندعو بتعجيل فرجه؟! الدعاء بتعجيل فرج الإمام مؤثر لا محالة، ولكن لا بلقلقة اللسان وقول «وعَجِّل فرجه» بصورة جامدة كورد يُقرأ في آخر المنابر على الدوام من أجل أن يقوم الناس. الدعاء بتعجيل الفرج عمل مستحب كصلاة النافلة، أي أن نسأل الله بجدّ وصدق وهمّ وغمّ أن يزيل المسافة التي طالت ألف عام ونيّف بين الناس وبين واسطة الفيض. والدعاء الصادر من الناس لم يتقرن بحالة من الحزن والأسى والتأثر القلبي، وإلّا لتغيّرت الأوضاع لا محالة.»[12]

يتبع إن شاء الله...


[1] تقول فاطمة طباطبائي، زوجة السيد أحمد الخمیني: «من المسائل التي كان يوصيني بها الإمام في أواخر أيام حياته هي قراءة دعاء العهد. وكان يقول: حاولي أن تقرأي دعاء العهد في كل صباح، لأنه يؤثر في مصير الإنسان.» صحيفة اطلاعات، 4/6/1990.
[2]يقول المرحوم آیة ‌الله توسلي: «قالت لي إحدى النساء: اذهب إلى جانب الإمام واقرأ الدعاء. وكان ذلك قبل يوم من وفاة الإمام، فشرعت بقراءة دعاء العديلة. وإذا بي أرى أنّ الإمام قد وضع علامة في موضع من المفاتيح. ففتحته ورأيت أنه دعاء العهد، وبما أن قراءته تستحب أربعين يوماً فقد كتب الإمام على قصاصة بأنه شرع فيه من 8 شوال وقرأه حتى ذلك اليوم.» پابه‌پای آفتاب، ج2، ص102.
ويقول حجة الإسلام والمسلمین آشتیاني: «عندما ارتدى الإمام الثياب المختصة بالمستشفى، كان بيده مفاتيح الجنان وهو يقرأ دعاء العهد بطمأنينة خاصة.» برداشت‌هایی از سیره امام خمینی، ج3، ص43.
[3] برداشت‌هایی از سیره امام خمینی، ج3، ص42. راجع الهامش السابق.
[4]غرر الحکم، ص65، ح859.
[5]سورة غافر، الآیة 60.
[6] کمال الدین وتمام النعمة، ج2، ص483؛ والغیبة للطوسي، ص290.
[7] يقول الإمام الصادق (ع): «إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً بِظَهْرِ قَلْبٍ سَاهٍ فَإِذَا دَعَوْتَ فَأَقْبِلْ بِقَلْبِكَ ثُمَّ اسْتَيْقِنِ الْإِجَابَةَ.» الکافي، ج2، ص473. ويقول النبي (ص): «أكبَرُ الكبائرِ سُوءُ الظَّنِّ بِاللّه.» میزان الحکمة، ح١١٧٢٦، نقلاً عن کنز العمال، ح5849.
[8] يقول الإمام الصادق (ع): «الدُّعَاءُ يَرُدُّ الْقَضَاءَ بَعْدَ مَا أُبْرِمَ إِبْرَاماً فَأَكْثِرْ مِنَ الدُّعَاءِ.» الکافي، ج2، ص470. والدعاء من أهم المعالم والنتائج لاشتياق المؤمن، لأن الاشتياق يجر إلى الدعاء لا محالة ولا يتحقق الدعاء الصادق من دون اشتياق.
[9] قال رسول الله (ص) في وصية له لأبي ذر: «يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَلَا إِلَى أَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ.» الأمالي للطوسي، ص535. وقال أمیر المؤمنین (ع): «عَلَى قَدرِ النِّيَّةِ تَكونُ مِن اللّهِ العَطِيَّةُ.» غرر الحکم، ح6193. وقال الإمام الصادق (ع): «إِنَّمَا قَدَّرَ اللَّهُ عَوْنَ الْعِبَادِ عَلَى قَدْرِ نِيَّاتِهِمْ فَمَنْ صَحَّتْ نِيَّتُهُ تَمَّ عَوْنُ اللَّهِ لَهُ وَمَنْ قَصَرَتْ نِيَّتُهُ قَصَرَ عَنْهُ الْعَوْنُ بِقَدْرِ الَّذِي قَصَرَ» الأمالي للمفید، ص65.
[10] کمال الدین وتمام النعمة، ج2، ص384.
[11] تفسیر العیاشي، ج2، ص154.
[12] در محضر بهجت، ج2، الرقم1116.


نهجنا الإسلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-05-2014, 10:38 AM   #65
نهجنا الإسلام
●• فاطمية متميزة •●
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 158
نهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond repute
افتراضي انتظار العوام، انتظار العلماء، انتظار العرفاء 34

5. العمل من أجل تحقق الوضع المنشود

العمل، دليل على صدق الانتظار وسبب لتعزيزه

العنصر الأخير للانتظار هو «العمل». فالعمل من أجل تحقق الوضع المنشود أو امتلاك الدافع للمبادرة على أقل تقدير، يقوّي دعائم الانتظار في وجود الإنسان. فإن العمل والمبادرة من أجل التمهيد للظهور وتهيئة أرضية الفرج قدر المستطاع دليل على صدق ادّعاء الانتظار وسبب لتعزيزه. فعلى المنتظر أن يكون أهل عمل. وهو أمر ثابت في ثقافة المنتظرين؛ لأن المنتظر لا يكون منتظراً حقيقة إلّا إذا تحرّك نحو الوضع المنشود.

أساساً لا يمكن لأي شعور وإدراك أن يبقى محبوساً إلى الأبد في حصار عدم التجلي في العمل. فلو كان المهدي (عج) محبوباً، وكان ظهوره وتحقّق جميع محاسن حاكمية الدين المطلقة محبوباً، إلى متى يمكن أن تبقى هذه المحبة مخفية؟ فمما لا شك فيه أن هذه المحبة ستُظهر آثارها العميقة في سلوك المجتمع ورؤيته وستُحدث بعض التغييرات فيه شئنا أم أبينا. وكلامنا في هذا الحقل يدور حول تعزيز هذه الآثار وكيف أن العمل بمقتضى المحبة وبمقتضى انتظار الفرج يؤدي إلى إرساء قواعد الانتظار والحدّ من طول فترة الغيبة.

وبطبيعة الحال كلّما تتبلور وتنمو رؤية ونزعة حيال موضوع معيّن، ستترك ظلالها على سلوك الإنسان إلى حدّ ما. وفي هذه الحالة لا يحتاج الإنسان إلى وصية خاصة للعمل على أساس هذه الرؤية والنزعة، سوى أنّ التوجّه إلى العمل ودوره والاهتمام به يوجب استخدام الرؤى والنزعات الموجودة. فلا ينبغي أن ننتظر حتى يطفح كيل معرفتنا ومحبتنا القلبية ثم نصل بشكل طبيعي إلى العمل، بل يجب عبر الوقوف على أهمية العمل أن نكون سبباً في إنعاش الشعور الباطني وازدهاره.



العمل، يحدّ من آفات الانتظار

يمكن النظر إلى أهمية «العمل» عند المنتظر من جانب آخر: فإنّ من الأضرار المهمة للانتظار هو التخيّل الذي يتنافى مع روح العمل، وهذه الآفة تصيب الشباب أكثر من غيرهم. ولو أصابت الإنسان منذ حداثة سنه فستبقى معه حتى الكِبَر. ومن جانب آخر، فإنّ المنتظِر يحبّ اعتناق المنتظَر ويتمنى لحظة الوصال.

بيد أنّ نفس هذا الخيال الجميل لو لم يقترن بالعمل لكان مضرّاً؛ ولو لم تُراقَب هذه الآفة العذبة – وهي خيال لقاء المحبوب -، فستؤدي إلى التنصل من العمل. وهذه الآفة الكبيرة لا تختص بهذا الموضوع، بل يمكن أن تتبلور فيما يرتبط بالله سبحانه وعفوه ورحمته. قال أمير المؤمنين (ع) في إحدى غُرر كلماته القصار في نهج البلاغة: «لَا تَكُنْ مِمَّنْ يَرْجُو الْآخِرَةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ وَيُرَجِّي التَّوْبَةَ بِطُولِ الْأَمَل.»[1]

يتضح من كلام الإمام أن هذه البليّة عامة؛ وملذّات الإنسان بإمكانها أن تسوقه نحو الحركة إلى محبوبهم وبإمكانها أن توقفه عن الحركة. والمنتظر حتى وإن كان منتظراً حقيقياً قد يكفّ عن العمل لوقوعه في ورطة هذه الآفة ويغوص في بحر أوهامه وخيالاته العذبة.

وأحياناً يحول إبليس بين الإنسان وبين حركته ونشاطه عبر هذه الأماني العشقية والعرفانية. يجب أن نرى يده الشرّيرة في إسكار الإنسان بالخيالات؛ وأن نخاف من خيانته المستمرة. ينبغي أن نتذكّر على الدوام بأن العمل أمرّ من الأمل بمعنى الأمنية. فجأة ترى المنتظر المتمنّي، غارقاً في حلاوة أمانيه الجميلة وتاركاً للعمل من أجل الوصول إلى أهدافه المنشودة لمرارته. حاله حال الذي ينتظر امتحان الدخول للجامعة، حيث تراه أحياناً ولساعات مديدة غارقاً في بحر أوهامه يلتذّ بتخيّل جلوسه على كرسيّ الجامعة، ولكنه يتقاعس عن الدرس بشتى الحجج والذرائع لمرارته.



تأثیر «مبادرتنا» في «تحقق الوضع المنشود»

قد يختلج هذا السؤال في أذهان البعض بأن عملنا هل يؤثر حقيقة في الظهور؟ من أجل اجتياز هذا المانع الفكري، علينا أن نجيب أولاً على هذا السؤال الذي ليس له أهمية بالغة وهو أنه هل من الممكن أن يكون لنا دورٌ في الظهور أو أن فرج الإمام وظهوره هل هو أمر خارج عن إرادتنا؟ أحياناً قد تبدو لنا بعض الأمور قدسية وبعيدة عن منال البشرية بحيث نعتبرها خارجة عن دائرة علمنا وعملنا. فالذين لا يرغبون في العمل من أجل التمهيد للظهور لأيّ دليل، يعتبرون الفرج أمراً خارجاً عن نطاق البشرية. في حين أنّ أمر الفرج لا يرتبط بـمعرفة البشر وشعور المنتظرين فحسب، بل له ارتباط تام بعملهم أيضاً.

علماً بأن أيّ عمل وفي أيّ زمن سيؤدي إلى أية نتيجة وأن الفرج سيتحقق على أثر أي نسبة من المعرفة والمحبة والعمل، أمر غير بيّن؛ ولكن نعرف بالإجمال أن لعملنا دور كبير في مسألة الظهور.

سبق وأن تعرضنا إلى أن لإدراكنا وشعورنا تأثير في تهيئة أرضية الفرج. وأما الدليل في أن عملنا يؤثر في مصيرنا فهو سنة إلهية صرّحت بها هذه الآية الشريفة: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا یُغَیِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّی یُغَیِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ.﴾[2]



يتبع إن شاء الله...



[1] نهج البلاغة، الحکمة150

[2] سورة الرعد، الآیة 11


نهجنا الإسلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-05-2014, 09:17 AM   #66
نهجنا الإسلام
●• فاطمية متميزة •●
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 158
نهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond repute
افتراضي انتظار العوام، انتظار العلماء، انتظار العرفاء 35

ما هو الدليل على أن تكون شرائط الظهور خارجة عن هذه السنة الإلهية؟ فإنّ هذا أمر مستمر بأننا ما لم نُحدث تغييراً في أنفسنا وفي أوضاع المجتمع والعالم، لا يغيّر الله أوضاعنا.

النصرة الإلهیة منوطة بعمل الإنسان

ومن جانب آخر، وبالإضافة إلى الاستناد إلى هذه الآية الشريفة والاعتماد على هذه السنة الإلهية، يمكننا الرجوع إلى فلسفة الخلقة وسائر السنن الإلهية وبعثة الأنبياء أيضاً. وعندها سنجد أن الفتح والظفر والنصر الإلهي منوط على الدوام بنصر من قبل العباد: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ یَنْصُرْکُمْ وَیُثَبِّتْ أَقْدامَکُمْ.﴾[1]
ولو أنّ من المقرر أن يكون الدين برنامجاً لاجتياز الناس من أزمات الطبيعة إلى الله، فلا ينبغي طبقاً للقواعد وفي أيّ زمن أن يكون هذا الاجتياز منوطاً بإرادة الله بالكامل وبعيداً عن أهلية عباده وأعمالهم.

عملنا يستنزل النصرة الإلهية

كما أننا لم نُمنع قطّ عن أداء تكاليفنا وإقامة الحق قدر استطاعتنا بذريعة أن الحق لا يتبلور بالكامل إلا في زمن الظهور، ولم يسقط عنا تكليف تطبيق الحق ونصرة المظلومين ومواجهة الظالمين بمقدار وسعنا.[2] وبطبيعة الحال إذا بادرنا إلى العمل حسب طاقتنا فسيؤدي ذلك إلى إيجاد شرائط جديدة في العالم؛ الشرائط التي تتطلب نصرة الله وفق السنن الإلهية، ونصرة الله لا تتجلى في إطار هذا العالم إلا بظهور الإمام المهدي (عج).
في هذا العصر، لا معنى لإنقاذ جمع من المؤمنين من قبضة الظلم دون النظر إلى سائر المجتمعات الإسلامية بل وحتى سائر المجتمعات الإنسانية. إذا ما نظرنا إلى شرائط العالم لشاهدنا الأوضاع بحيث لو وقف شخص بوجه الظلم، سيجابهه الظلم بأسره؛ ولو انتصر في أي مرحلة، ستقترب سلطنة الظلم كلها إلى الزوال. ولا يمكن بعد لأي صراع ونزاع بين الحق والباطل أن يتحدد بزاوية من العالم ويتوقف فيها. وفي مثل هذه الظروف، لا تكون نصرة الله للمظلومين إلا بتحقق الفرج وإقامة حكومة الحق والعدل الشاملة.

انظروا إلى كلام الإمام الخميني (ره) في خصوص تأثير علمنا في تعجيل الفرج:

«أنتم نقطة في العالم والعالم يزخر بالظلم. نحن إن استطعنا الوقوف بوجه الظلم، يجب علينا ذلك وهي وظيفتنا. وقد حتّمت علينا الضرورة الإسلامية والقرآنية أن نقوم بكل هذه الأعمال. ولكن بما أننا لا نستطيع ذلك، لابد من ظهور الإمام والقيام بهذه الأمور. ولكن يجب علينا التمهيد لذلك، وتهيئة الأسباب التي تؤدي إلى تعجيل هذا الأمر، والعمل من أجل أن يستعدّ العالم لمجيء الإمام - سلام الله عليه -.»[3]
«نحن مكلّفون! وانتظارنا للإمام المهدي – سلام الله عليه – لا يعني أن نجلس في بيوتنا ونأخذ السبحة بأيدينا ونقول: «عَجِّل على فرجه». التعجيل لا يتحقق إلّا بعملكم؛ أنتم يجب عليكم تهيئة الأرضية لمجيئه. وتهيئة الأرضية لاجتماع المسملين. اتّحدوا مع بعض، يظهر إن شاء الله.»[4]
«انتظار الفرج، انتظارٌ لقدرة الإسلام، والذي يجب علينا هو السعي لتحقق قدرة الإسلام في العالم، والتمهيد للظهور إن شاء الله.»[5]
«وآخر كلامي معكم هنا هو أن يبقى وفاؤكم حتى الموت بالجمهورية الإسلامية التي هي ثمرة دماء آبائكم؛ ومن خلال استعدادكم وتصدير الثورة وإبلاغ رسالة دماء الشهداء، مهدوا الأرضية لقيام منقذ العالم وخاتم الأوصياء والألياء، بقية الله – روحي فداه –.»[6]

ولولي أمر المسلمين، الإمام الخامنئي أيضاً كلام واضح في هذا الشأن:

«علماً بأن وعد الله حق واستقرار العدل في العالم لا يتحقق إلّا في عصر ظهور بقية الله (أرواحنا له الفداء)؛ ولكن يستطيع أيّ شعب مؤمن ومناضل أن يمهّد لتشكيل تلك الحكومة؛ كما استطاع الشعب الإيراني حتى الآن وتغلّب على الكثير من المشاكل.»[7]
«في زماننا، ظهر وجل واحد وقال: «لو بقيت وحيداً والعالم بأسره أمامي، لما تراجعت عن طريقي.» ذلك الرجل هو الإمام الذي عمل وصدق: ﴿صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَیْهِ.﴾ فكلّنا يمتلك لقلقة اللسان. هل رأيتم ماذا فعل الإنسان الحسيني العاشورائي؟ أجل؛ لو أصبحنا جميعاً عاشورائيين، لتسارعت حركة العالم نحو الصلاح ولتوافرت أرضية ظهور ولي الله المطلق.»[8]
«أنتم أيها الأعزاء ولاسيما أنتم الشباب، كلّما ازداد سعيكم في صلاحكم وفي معرفتكم وأخلاقكم وعملكم واكتساب المؤهلات في أنفسكم، ستُقرّبون هذا المستقبل. فإن ذلك بأيدينا. لو قرّبنا أنفسنا من الصلاح، سيقترب ذلك اليوم؛ كما أن شهداءنا عبر التضحية بأنفسهم قرّبوا ذلك اليوم. وإنّ الجيل الذي قدّم تلك التضحيات من أجل الثورة، قرّب بتضحياته هذه ذلك المستقبل. وكلّما قمنا بفعل الخير والإصلاح الذاتي والسعي لإصلاح المجتمع، سنقرّب ذلك المصير باستمرار.»[9]
«ماذا يعني أن الإمام المهدي يأتي ويعمل؟! ما هو تكليفكم اليوم؟ ماذا يجب عليكم اليوم فعله؟ يجب عليكم تمهيد الأرضية، ليظهر الإمام ويعمل في تلك الأرضية الممهَّدة. فلا يمكن أن نبدأ من الصفر! ولا يتأتى لمجتمع أن يستضيف المهدي الموعود أرواحنا فداه إلّا إذا كان مستعداً مؤهّلا، وإلّا فسيكون حاله حال الأنبياء والأولياء على مرّ التاريخ.

يتبع إن شاء الله...

[1]سورة محمد، الآیة 7.
[2] يقول الإمام الخمیني (ره) في هذا الشأن: «من أجل أيّ شيء يظهر الإمام الحجة؟ من أجل بسط العدل، من أجل تعزيز الحُكم، من أجل القضاء على الفساد. نحن خلافاً للآيات القرآنية الشريفة نكفّ عن النهي عن المنكر، نكفّ عن الأمر بالمعروف ونُوسّع الذنوب من أجل أن يأتي الإمام؟ ماذا سيصنع الإمام إذا ظهر؟ يظهر الإمام ليقوم بهذه الأمور. ولكن ألا يوجد الآن تكليف على عاتقنا؟ ألا يوجد تكليف على عاتق البشر؟ تكليفه هو أن يدعو الناس إلى الفساد؟ ... نحن يجب علينا إن استطعنا وإن كنّا نملك القدرة أن نزيح الظلم والجور بأسره عن العالم. هذه هي وظيفتنا الشرعية، غير أننا لا يسعنا ذلك. الحالة الموجودة هو أنّ الإمام يملأ الأرض عدلاً؛ لا أن تكفّوا عن العمل بتكليفكم، ولا أن يرتفع التكليف عنكم ... نعم، نحن لا نستطيع أن نملأ الأرض عدلاً كما ستُملأ، ولو استطعنا لفعلنا، ولكن لعدم استطاعتنا لابد من أن يظهر الإمام.» صحيفة الإمام، ج‏21، ص14-17.
[3]صحيفة الإمام، ج‏21، ص17.
[4]نفس المصدر، ج18، ص269.
[5]نفس المصدر، ج8، ص374.
[6]نفس المصدر، ج20، ص38.
[7]كلمته في مراسم البيعة مع مختلف الشرائح، 29/06/1989.
[8]كلمته في لقائه العلماء والوعّاظ، على أبواب شهر محرم‏، 24/05/1995.
[9]كلمته بمناسبة مولد الإمام المهدي (عج)، 12/11/2000.


نهجنا الإسلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-05-2014, 02:24 AM   #67
شمعه البتول
مراقبة ♣ في خدمة أهل البيت (ع) ♣
 
الصورة الرمزية شمعه البتول
 
تاريخ التسجيل: Jan 2014
الدولة: القطيف
العمر: 33
المشاركات: 915
معدل تقييم المستوى: 675
شمعه البتول has a reputation beyond reputeشمعه البتول has a reputation beyond reputeشمعه البتول has a reputation beyond reputeشمعه البتول has a reputation beyond reputeشمعه البتول has a reputation beyond reputeشمعه البتول has a reputation beyond reputeشمعه البتول has a reputation beyond reputeشمعه البتول has a reputation beyond reputeشمعه البتول has a reputation beyond reputeشمعه البتول has a reputation beyond reputeشمعه البتول has a reputation beyond repute
افتراضي رد: انتظار العوام، انتظار العلماء، انتظار العرفاء

اللهم صل على محمد وال محمد

مشكوره عالطرح الموضوع والجهود المبذوله

وننتظر منكِ جديدك

اختكم
__________________
شمعه البتول غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-06-2014, 09:57 AM   #68
نهجنا الإسلام
●• فاطمية متميزة •●
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 158
نهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond repute
افتراضي رد: انتظار العوام، انتظار العلماء، انتظار العرفاء

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شمعه البتول
اللهم صل على محمد وال محمد

مشكوره عالطرح الموضوع والجهود المبذوله

وننتظر منكِ جديدك

اختكم


حياك الله وبياك أختنا الفاضلة
وشكرا جزيلا لك على هذه الكلمات الطيبة
وفقك الله لكل خير

نهجنا الإسلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-06-2014, 05:14 PM   #69
نهجنا الإسلام
●• فاطمية متميزة •●
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 158
نهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond repute
افتراضي انتظار العوام، انتظار العلماء، انتظار العرفاء 36

ما هو السبب من أن الكثير من أنبياء أولي العزم العظام جاؤوا ولم يستطيعوا تطهير الأرض وتصفيتها من الخبائث؟ لماذا؟ لأن الأرضية لم تكن متوفرة. لماذا لم يتمكّن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام في عهده من اجتثاث الفساد في تلك الفترة القصيرة من حكومته رغم قدرته الإلهية، وعلمه المتصل بالمعدن الإلهي، وقوة إرادته، وما يحمله في شخصيته العظيمة من بهاء وسناء، ورغم وصايا النبي الأكرم في حقه؟ حتى آل الأمر إلى قتله! ... وحينئذ إذا ظهر الإمام المهدي عليه الصلاة والسلام في عالم من دون استعداد، فستتكرر القضية! لابد من الاستعداد، ولكن كيف يتم هذا الاستعداد؟ ... هذا هو نفس ما تشاهدون بعض مصاديقه في مجتمعكم. حيث توجد اليوم في إيران الإسلامية مسائل معنوية لا توجد في أي بقعة من العالم ...
في أي نقطة من العالم تجدون شباباً يتجنّبون الشهوات والماديات ويتجهون صوب المسائل المعنوية؟ وبالطبع فقد يوجد شاب أو شابان أو إنسان شاذ في زاوية وهذا ما هو موجود في جميع أنحاء العالم، ولكن في أيّ بقعة من العالم تجدون هذا الكم الهائل من الشباب بهذه الحالة؟ لا توجد إلا في هذه البقعة! ... إذن يمكن تهيئة الأرضيات. فإذا اتّسعت مثل هذه الأرضيات إن شاء الله، ستتهيأ أرضية ظهور بقية الله أرواحنا فداه وتتحقق مسألة المهدوية التي هي أمل البشر والمسلمين منذ القِدَم.»[1]
وسنشير في الصفحات التالية إلى بعض كلمات الإمام الخميني (ره) والإمام الخامنئي الأخرى التي تصرّح بتأثير عملنا في تعجيل الفرج.

5.1. الأعمال الفردية

برمجة نشاطات الحياة الرائجة

أقل ما يمكن أن يقوم به المنتظر هو تزكية النفس والتأهّب القلبي لأداء وظائف نصرة الإمام. علماً بأنّ هذا التأهّب لابد وأن يكون متوفراً للعمل بالتكاليف التي تسبق الظهور أيضاً، وذلك لاكتساب القدرة المناسبة من أجل قيام المنتظر بتكاليفه في مسألة التمهيد للظهور. (فإنّ هناك وظائف خطيرة ومتفاوتة ملقاة على عاتق المنتظرين في فترة ما قبل الظهور والتمهيد له ويحتاج العمل بها إلى مزيد من الاستعداد والقدرة. وبالطبع فإن الحديث عن آخر وظائف المنتظر موكول إلى مجال آخر.)
المنتظر يشعر بالمسؤولية تجاه مسألة الظهور. وبالنظر إلى الوظائف الخطيرة الملقاة على عاتقه، يسعى لأن يستعد من أجل العمل بها. واكتساب هذا الاستعداد بحاجة إلى برمجة دقيقة وعمل دؤوب؛ وبهذا تختلف حياة المنتظر عن حياة الآخرين. وكأنّ المنتظر يُبرمج لجميع جوانب حياته. والأجواء السائدة على حياته تشبه حياة مغوار ثوري ومجاهد باسل. فلا يمكن أن يعمد الإنسان إلى تزكية النفس بصفته منتظراً وهو غير ثوري.

برنامج المنتظر: 1. برنامج معنوي 2. برنامج للحياة

وفيما يرتبط بمسألة تزكية النفس، لابد من التعرض لأبعادها المختلفة. فإن محور تزكية النفس وإن كان هو الابتعاد عن «الراحة» و«الغفلة»، بيد أنّ هذه الحركة قد تتعرض لمتابعة البرامج المعنوية وإصلاح الصفات القلبية وقد تتناول تنظيم النشاطات الرائجة في الحياة.
إن المنتظر يُبرمج لطعامه وحتى لنومه ويقظته. فقد ورد في الروايات أنّ أسوء النوم هو نوم ما بين الطلوعين (من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس) .[2] ويعتقد الأطبّاء أن نوم ما بين الطلوعين يسلب قوة الإنسان. حتى الرعاة أيضاً لا يدعون أغنامهم تنام في هذا الوقت؛ لأنهم وجدوا بالتجربة أن الغنم إذا نام ما بين الطلوعين، يُصاب بالكسل إلى آخر ذلك اليوم.
ونوم القيلولة مستحب.[3] يقول الأطباء إنّ النوم قبل الظهر لمدة عشرين دقيقة يعادل نوم عدة ساعات في الليل ويزيل تعب الإنسان. فالمنتظر يُنظّم حياته. ويجعل لنفسه برنامجاً رياضياً وبرنامجاً لتسلّق الجبال. فإنّ حياة المؤمنين دوماً ما هي مقرونة بمثل هذه الصعوبات التي يفرضونها على أنفسهم.
لابد من تغيير برنامج الحياة في مقام العمل. فلا يتأتى الوصول إلى المقصد من دون برنامج وبالركون إلى الدعة. فالمنتظر في مقام العمل كالجندي المترقّب الذي قد شدّ أحزمته، لابد أن يكون متأهّباً للخدمة.
نقل لي أحد أقرباء من كان زميلاً للإمام الخميني (ره) في حجرته عن لسانه «إني لم أَرَ الإمام (ره) قط من دون جورب. عندما أستقيظ وقت السحر، أجد الإمام (ره) قد توضّأ، وما إن يرى أحداً قد استقيظ في الحجرة يلبس جوربه. كان سماحة الإمام (ره) مرتباً باستمرار. ورغم أن في الحجرة لا يوجد سوانا نحن الإنثنين، لم أجده في الحجرة من غير نظم وترتيب قط.» فالمنتظر يُنظّم حياته ويعيش بانتظام.
والمنتظر يهتمّ حتى بخطّه أيضاً ويحاول أن يكتب بخطّ جميل. إن الإمام الخامنئي بدأ بالكتابة بيده اليسرى من الثانية والأربعين من العمر (حيث جُرحت يده اليُمنى إثر انفجار قنبلة في مسجد أبي ذر). علماً بأنّ البدء بالكتابة من هذا العمر ليس بالأمر اليسير. غير أنّ خطّه حالياً أجمل من خطّ الكثير منا، لماذا؟ لأننا لا نهتمّ بخطّنا، ولا نمتلك الصبر والأناة، ونمرّ على كل شيء مرور الكرام، ولا نُصرّ على أن نُحسن أعمالنا. ولا ندقّق في جزئيات حياتنا الدنيوية.

يتبع إن شاء الله...

[1] كلمته في لقائه مختلف الشرائح بمناسبة ميلاد الإمام المهدي (عج)، 16/12/1997.
[2] عن الإمام الصادق (ع): «نَوْمَةُ الْغَدَاةِ مَشُومَةٌ تَطْرُدُ الرِّزْقَ وَتُصَفِّرُ اللَّوْنَ وَتُغَيِّرُهُ وَتُقَبِّحُهُ وَهُوَ نَوْمُ كُلِّ مَشُومٍ. إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُقَسِّمُ الْأَرْزَاقَ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَإِيَّاكُمْ وَتِلْكَ النَّوْمَة.» من لا یحضره الفقیه، ج2، ص502؛ وكذلك راجع: وسائل الشیعة، ج6، ص496، بَابُ كَرَاهَةِ النَّوْمِ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَعَدَمِ تَحْرِيمِهِ.
[3] عن الإمام الباقر (ع): «النَّوْمُ أَوَّلَ النَّهَارِ خُرْقٌ وَالْقَائِلَةُ نِعْمَةٌ وَالنَّوْمُ بَعْدَ الْعَصْرِ حُمْقٌ.» من لا یحضره الفقیه، ج2، ص502. وانظر أيضاً: وسائل الشیعة، ج6، ص501، بَابُ اسْتِحْبَابِ الْقَیْلُولَة. وكذلك مستدرك الوسائل، ج5، ص113، بَابُ اسْتِحْبَابِ الْقَیْلُولَة.


نهجنا الإسلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-06-2014, 06:58 AM   #70
نهجنا الإسلام
●• فاطمية متميزة •●
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 158
نهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond repute
افتراضي انتظار العوام، انتظار العلماء، انتظار العرفاء 37

كان الإمام الخميني (ره) في منزله يكوي حتى ملابسه الداخلية.[1] إلّا أنّ لحظة تواجدنا في المنزل هي لحظة التحرّر والراحة. وكأننا نرى عدم الترتيب والنظم في فضاء البيت أمراً طبيعياً.
قال أحد تلامذة الإمام الخميني (ره) في النجف الأشرف له: «ذهبت إلى الطبيب لمرض ألمّ بي، فقال لي بما أنّ عملكم هو عمل علمي لابد لكم من المشي يومياً لمدة 20 دقيقة. فهل ترغبون في ذلك؟ فقال الإمام: عمل جيد، وكلام الطبيب صحيح، سأمارس الرياضة.» وتكفي هذه الوصية من الطبيب التي نقلها أحد تلامذته له بأن يستمر على المشي يومياً ولم يتركه حتى آخر عمره.[2] فالوصية يكفي إبلاغها مرة واحدة.
فالمنتظر في مقام العمل يُرتّب حياته ويُنظّم أموره. لماذا استأهل الشيخ المفيد لأن يتسلّم كتاباً من قبل الإمام المهدي (عج)؟ حيث جاء فيه: «وَبَعْدُ فَقَدْ كُنَّا نَظَرْنَا مُنَاجَاتَكَ عَصَمَكَ اللَّهُ بِالسَّبَبِ الَّذِي وَهَبَهُ اللَّهُ لَكَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ وَحَرَسَكَ بِهِ مِنْ كَيْدِ أَعْدَائِه.‏»[3]
فوالله صاحب العصر (عج) يعطف علينا ويمسح يد الأبوة على رؤوسنا ويُحبنا ويحزن لحزننا وهو مطّلع على أخبارنا[4]. يفرح إذا رآنا نعمل بحيوية ونشاط ومن دون كسل وملل. وهذا هو جزء من ساحة عملنا.

ب) متابعة البرامج المعنوية وإصلاح الصفات القلبية


لماذا يجب أن تكون حياة المنتظر متفاوتة؟ لأنه في سلوكه المعنوي يعتبر نفسه عدوّاً له ويعلم أنه لا يصل إلى المقصود إلّا عبر مواجهة أنانياته. ونظمه والتزامه الدقيق بآداب حياته الدراسية والشغيلة وليد التقوى التي يتحلى بها. لا أنه يصل إلى الخير والصلاح للنجاح في الحياة المادية فحسب. قال أمير المؤمنين (ع) لولديه الحسن والحسين (ع): «أُوصِيكُمَا وَجَمِيعَ وَلَدِي وَأَهْلِي وَمَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي بِتَقْوَى اللَّهِ وَنَظْمِ أَمْرِكُمْ.»[5] فجعل التقوى أساساً للنظم ووصّى به بعدها. وهذا ما لابد أن يكون مشهوداً في حياة المنتظر.
والاسم الآخر للمنتظر أساساً هو المتقي. ولا يمكنكم مهما اجتهدتم أن تجدوا للمنتظر اسماً آخر بهذا المستوى من التناسب. وليس المراد من قول صاحب العصر صلوات الله عليه: «فَمَا يَحْبِسُنَا عَنْهُمْ إِلَّا مَا يَتَّصِلُ بِنَا مِمَّا نَكْرَهُهُ وَلَا نُؤْثِرُهُ مِنْهُمْ.»[6] سوى ذلك. وللتقوى بعدان: ترك المعصية لله وأداء العبادات والطاعات لله أيضاً. علماً بأنّ: «اجْتِنَابُ السَّيِّئَاتِ أَوْلَى مِنِ اكْتِسَابِ الْحَسَنَاتِ.»[7]

يجب أن نفهم التناسب بين مفهومي التقوى والانتظار

فالمتّقي إذا أراد الابتعاد عن الآخرين من أجل معشوقه تجنّب المعصية، وإذا أراد الاتصال بحبيبه أطاع وعَبَد؛ واحدة ألذّ من الأخرى. يجب أن نفهم التناسب بين مفهومي التقوى والانتظار. ويجب بالطبع أن نُفهم ذلك لأنفسنا وفهمه ليس بالأمر الهيّن. لابد أنّ نفكّر ونُلقّن أنفسنا كثيراً بأنه كيف تكون التقوى من لوازم الانتظار؟ فإن لم نُدرك ذلك سيكون شعاراً ليس إلّا. وكلّنا أيضاً يمتلك المواد اللازمة للتفكّر في هذا المجال. ولكن غالباً ما لا نصرف وقتاً لذلك أو لا نملك الاستعداد لتقين أنفسنا بذلك.
فالتلقين بحاجة إلى استعداد والتفكر إلى فرصة، وإلّا فالكل يعلم تقريباً بأننا «إذا أردنا أن نكون منتظرين، لابد أن نكون من المتقين». نحن بانتظار أيّ شيء؟ أليست حكومة الإمام تأتي ممهّدة لتسهيل الأمر على الناس في التزام التقوى؟ ألم يظهر الإمام ليقف بوجه الاستكبار الذي هو حالة مضخّمة من نفس ذنوبنا اليومية؟ هل من الممكن أن ننتظر الإمام ولنا رغبة في الذنوب ورغبة عن تطهير الروح وتزكية النفس؟
يجب أن ندرك العلاقة بين التقوى والانتظار بعمق ونفكر حولها كثيراً ونُلقّنها لأنفسنا في المواضع الحساسة وبشتى الأساليب. لأنّ النفس فرّارة من الموعظة والنصيحة، ترفض الاستماع إلى الكلام المرّ والإجبار على العمل الشاق. ولهذا لابد أن نلقّن هذه الحقيقة لأنفسنا وللآخرين بأسلوب فني. فما هو الاستدلال الذي يُقنعني كمنتظر بأن يجب أن أكون من المتقين؟ ألم يكفي أن أعرف بأنّ ذنوبي تُؤجّل الظهور؟ لعلّ التصديق بذلك صعب علينا.
المنتظر يسعى ويجتهد بمقدار وسعه. فإن أجهده السعي وانسلخت عنه قوة الكفاح، مدّ يده إلى إمامه الغائب واستمدّ العون منه. وبالطبع فإن الإمام الشاهد عليه سيعينه. ولا تتعجّبوا إن ظهر الإمام له. (علماً بأنكم لا تطّلعون على هذا الظهور الخاص.)[8] فالمنتظر يطلب إصلاح العالم بسبب المحاسن والكمالات التي يعشقها لنفسه حتى الموت ويسعى من أجلها.

يريد المنتظر أن يهب «التقوى» لأهل الأرض

وما أجمل لو وصل السالك في مسير سلوكه إلى الله، إلى انتظار الفرج. فإن ذلك علامة على سلامة حركته إلى الله؛ (لأن حركته لو لم تكن سالمة لما انتهت إلى انتظار الفرج.) ورأسمال لانتظاره الحقيقي. تصوّروا أنّ الغارق في لذة القرب من الله وفي التقوى، يصرّ أن يهب لذة هذا القرب والتقوى لجميع أهل الأرض. وبذلك يكون منتظراً.
والآن تصوّرا أن من لم يحمل صورة واضحة وتجربة لذيذة عن التقوى، كيف يستطيع أن يكون منتظراً للفرج؟ الفرج الذي لا يُراد به سوى بسط التقوى في الأرض. فإن التزكية المعنوية مقدمة ضرورية للانتظار ونتيجة قطعية له أيضاً.

حبّ الإمام أسهل من حبّ التقوى

علماً بأن البعض لا يشرع من التقوى للوصول إلى الانتظار، بل يشرع من محبة الإمام؛ وليس من أهل الادّعاء والخيال أيضاً. فمن الطبيعي أن يصل إلى التقوى. لأنّ حبّ الإمام وإن كان أسهل من حبّ التقوى، ولكن إذا ازدادت هذه المحبة قليلاً ستعرض آثارها الإيجابية. حيث يكفي أن تعرف بأن الإمام لا ينظر إلى من ليس من أهل التقوى، ليسوقك ذلك إلى عدم الانفصال عنها.
ولا يعني ذلك أنّ للإمام ذائقة خاصة وهو محبة المتقين فقط. وحتى لو كان كذلك، فهو ملاك للعاشق الصادق. ولكن يجب أن نعرف أساساً أنّ من لم يكن من أهل التقوى لا يستطيع ذاتياً أن يتقرب من الإمام وأن ينفعه. وحاله حال الكافر الذي يفقد استعداده الذاتي لللقاء بالله، ولابد أن يدخل النار بمقتضى طبيعته.

المذنب يحب هواه أكثر من الإمام

فمن فقد عقله لذنب اقترفه،[9] لا يستطيع إدراك محاسن الإمام؛ ولا يمكنه فهم الإمام؛ ولا تتأتى له نصرته؛ بل وقد لا يستطيع أن يحتمل الإمام أيضاً. فهو يحبّ هواه أكثر. ولا يتسنى له حبّ الإمام إلا عن بعد، ولربّما يُصاب بالملل إذا اقترب منه. ولذا فأن يكون الإنسان فاقداً للتقوى وطالباً للقاء الإمام أمر خطير. وإن كان يحدونا الأمل أن يورث اللقاء بنفسه زيادة في المحبة والطاعة، غير أن القاعدة لا تشير إلى ذلك؛ ولا يتحقق هذا الأمر في الكثير من المواطن. وهذا ما صرّح به الله سبحانه في كتابه الكريم: ﴿ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ.﴾[10]

يتبع إن شاء الله...


[1] برداشت‌هایی از سیره امام خمینی، ج2، ص157.
[2] برداشت‌هایی از سیره امام خمینی، ج2، ص21.
[3] الاحتجاج للطبرسي، ج2، ص498؛ مستدرك الوسائل، الخاتمة ج3، ص227؛ إلزام الناصب، ج1، ص411.
[4] عن الإمام الرضا (ع): «االْإِمَامُ، الْأَنِيسُ الرَّفِيقُ وَالْوَالِدُ الشَّفِيقُ وَالْأَخُ الشَّقِيقُ وَالْأُمُّ الْبَرَّةُ بِالْوَلَدِ الصَّغِير.» الکافي، ج1، ص200؛ الغیبة للنعماني، ص219.
وعنه (ع): « لِلْإِمَامِ عَلَامَاتٌ؛ يَكُونُ ... ويَكُونُ أَشْفَقَ عَلَيْهِمْ مِنْ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ.» من لا یحضره الفقیه، ج4، ص418.
وعن أمیر المؤمنین (ع): «إِنَّا لَنَفْرَحُ لِفَرَحِكُمْ وَنَحْزَنُ لِحُزْنِكُمْ وَنَمْرَضُ لِمَرَضِكُمْ وَنَدْعُو لَكُم‏.» بصائر الدرجات، ج1، ص260.
وعن الإمام الرضا (ع): «إنَّا مَعَاشِرَ الْأَئِمَّةِ تُعْرَضُ عَلَيْنَا أَعْمَالُ شِيعَتِنَا صَبَاحاً وَمَسَاءً، فَمَا كَانَ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي أَعْمَالِهِمْ سَأَلْنَا اللَّهَ تَعَالَى الصَّفْحَ لِصَاحِبِهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْعُلُوِّ سَأَلْنَا اللَّهَ الشُّكْرَ لِصَاحِبِه.» مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب، ج4، ص341.
وعن الإمام المهدي (ع): «فَإِنَّا نُحِيطُ عِلْماً بِأَنْبَائِكُمْ وَلَا يَعْزُبُ عَنَّا شَيْ‏ءٌ مِنْ أَخْبَارِكُم ... إِنَّا غَيْرُ مُهْمِلِينَ لِمُرَاعَاتِكُمْ وَلَا نَاسِينَ لِذِكْرِكُم‏‏.» الاحتجاج للطبرسي، ج2، ص497؛ وإلزام الناصب، ج1، ص410.
[5] نهج البلاغة، الكتاب47.
[6] الاحتجاج للطبرسي، ج2، ص499.
[7] من كلمات أمیر المؤمنین (ع)، غرر الحکم، ح3514.
[8] يقول الإمام الخامنئي: ««قد ينال عيون أو فؤاد إنسان سعيد إمكانية الاكتحال بأنوار ذلك الجمال المبارك، لكن هؤلاء لا يطلقون ادعاءات وأقوالاً ولا يفتحون لأنفسهم دكاكين. الذين يفتحون لأنفسهم دكاكين بهذه الطريقة يمكن للمرء أن يقطع ويتيقّن بأنهم كاذبون مفترون. ينبغي إبعاد هذه العقيدة الواضحة الساطعة عن هذه الآفة.» (كلمته بمناسبة يوم النصف من شعبان؛‏ 17/ 08/ 2008).
[9] عن النبي (ص): «مَن قارَفَ ذَنباً فارَقَهُ عَقلٌ لا يَرجِعُ إلَيهِ أبداً.» میزان الحکمة، ح6751، نقلاً عن المحجة البيضاء، ج8، ص160.
[10] سورة البقرة، الآیة2.


نهجنا الإسلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الفاطميات الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 (0 فاطمية و 1 زائرة )
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فضل انتظار فرجه مهم جدا تغاريد فاطمة نور الإمام المهدي (عج) , بقية الله , صاحب العصر و الزمان ... 3 04-02-2011 08:27 PM
في انتظار ردكم.... طفلة المهدي اسلاميات - برامج اسلامية, منوعات, دروس ,محاضرات أخلاق آداب إسلامية, مسابقات اسلامية 5 31-12-2010 06:55 PM
بقلمي: عصر انتظار النور فداء شسع نعل فاطمة نور الإمام المهدي (عج) , بقية الله , صاحب العصر و الزمان ... 9 08-12-2010 05:12 PM


الساعة الآن 02:00 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir