السعادة الزوجية - عالم الحياة الزوجية - الأسرة و العلاقات الاجتماعية |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
11-04-2014, 02:03 PM | #1 |
( мѕнααя αℓкнgℓ) مشرفة قسم السعادة الزوجية
●• فاطمية متميزة •● تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: القطيف الحبيبة
العمر: 36
المشاركات: 130
معدل تقييم المستوى: 509 |
الزواج أساس البناء الاجتماعي
القسم الأول : دور الزواج في إيصال الفرد إلى الكمال .
قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}(الروم:21) صدق الله العلي العظيم . إن من أهم ما يفكر به الإنسان في الحياة الدنيا ,هي مسألة استتباب النظام الاجتماعي من خلال توطيد دعائمه ، ولن يتحقق استتباب هذا النظام إلا باستتباب الأمن في المجتمع ، الذي يتوقف على تلبية ما يحتاجه ، فإذا لم نلبي للمجتمع ما يحتاجه, فإن دعائم الأمن فيه ستنهار . لذا فإن العلماء يقولون إن من دعائم استتباب الأمن الاجتماعي مسألة تأمين الحاجيات الأساسية في الجنس على ضوء القانون والنظام، لأن عدم تلبية ما يحتاجه المجتمع من الناحية الجنسية فإن دعائم ذلك المجتمع ستنهار ، والإنسان عندما يكبر تتضور فيه نيران الشهوة ، ويخيل إليه أن مسألة فتح باب ما يحتاجه لإرواء ظمأه الغريزي هو الذي يحقق له الاطمئنان ، ويكون الإنسان في مرحلة البلوغ كالطفل الذي يريد أن يلعب بكل شيء ، ويريد أن يحقق لنفسه كل ما يصبوا إليه وإن كان يعود عليه بالضرر، ولكنه سرعان ما يكتشف بأن تلك النظم والقوانين الاجتماعية تعود عليه بالخير كفرد ، وأيضاً تعود على المجتمع بأسره لكونه لَبِنَة , تشكل مفردة في بناء هذا الهرم الاجتماعي .لذا ورد عن المصطفى صلى الله عليه وآله الطاهرين، عن علي عليه السلام قال : (إن الرسول صلى الله عليه وآله عندما يتزوج أحد الأشخاص يقول :كَمُلَ إيمانه) وكمال الإيمان يشير به المصطفى صلى الله عليه وآله إلى مجموعة من النواحي ، أولها أن ذلك الفرد قد حقق لنفسه الشخصية المتكاملة التي تسهم في دور العطاء المتزن في المشاركة الجماعية والاجتماعية ، وأما إذا كَبَتَ الفرد غرائزه فإن الضرر سيعود عليه شخصياً , كما وأنه لو أطلق لنفسه العنان في إشباع غرائزه فإن الضرر سيعود على المجتمع ككل. وهذا الإفراط والتفريط يرفضه الإسلام ويستعيض عنه طريقاً وسطاً, وضحه المصطفى صلى الله عليه وآله في الحديث: (ما بُنيَ بناء في الإسلام أحب إلى الله تبارك وتعالى من التزويج) لذا علينا أن نفكر في مجموعة من المحاور: المحور الأول / تثقيف المجتمع بأهمية الزواج المبكر : إن من عوامل الرقي الاجتماعي ,هو إزاحة كل العقبات التي تعوق الزواج, ولا يتم ذلك إلا من خلال التركيز على الثقافة الإسلامية التي تدعو إلى التزويج المبكر، ونحن نعلم بأن العوائق كثيرة ، ولكن المجتمع يستطيع الإسهام بالإعلام الهادف في أن يبين لأولياء أمور الشباب والشابات أهمية الزواج المبكر ، باعتباره يشكل سياجاً أمنياً عن الانحراف . فهذه الشهوة بالنسبة للإنسان كالنار تشتعل في داخله ، فتحرق الأخضر واليابس إذا لم تصب في الأُطُر القانونية التي شرعت من قبل المشرع الحكيم ، فإذاً علينا أولاً أن نثقف مجتمعنا بأهمية الزواج المبكر ، فهو كفيل بالحد من الكثير من الآلام التي تعتري ذلك الشاب وتلك الشابة ، وقد لا يتصور البعض - بالخصوص الذي تتوافر لديه الزوجة الصالحة ويعيش في المسكن الاجتماعي المرفه – ما يعانيه الشاب والشابة من آلام وآمال ، وعلينا أن نسهم في التخفيف عن آلامهما وفي تحقيق ما يصبون إليه من آمال، وهذا لن يتحقق إلا من خلال إيجاد ثقافة تركز أهمية الزواج المبكر. المحور الثاني / الانضباط القانوني للشاب والشابة: علينا أن نزرع في ذهنية الشاب والشابة و نبين لهما على أن مراعاة القانون والانضباط ضمن ذلك الالتزام القانوني سوف يحقق ثلاثة أمور هامة: الأمر الأول : تحقيق الرفاه والاطمئنان لهما ولأسرتيهما ولمجتمعهما، وأن إشباع الغرائز من دون قانون وانضباط - حتى لو حقق رغبة محدودة -فإنه سيعود عليهما بالضرر الفادح والكبير في الزمن القريب غير البعيد . ولذلك نرى أن الكثير من الناس الذين أطلقوا لشهواتهم العنان من دون انضباط ، سببوا لأنفسهم ولأسرهم ولمجتمعهم من الويلات والآلام والمشاكل مالا يعلم به إلا الله تبارك وتعالى. الأمر الثاني : تحقيق السعادة التي يصبوا إليها الإنسان. الأمر الثالث : الإسهام في تحجيم أضرار تلك الشهوة التي تعتري الجانب الفسلجي أو الجانب الجسمي من الإنسان . المحور الثالث / أهمية التسهيل في الزواج : إن الزواج - ولله الحمد - في مجتمعنا الأحسائي، بل في الخليج - عند من ينتمون إلى مدرسة أهل البيت سلام الله عليهم ويستقون من مشربهم - هو سهلٌ وميسرٌ ، إلا أننا بحاجة إلى تسهيل أكبر وأكثر باعتبار أننا نعيش في عالم مفتوح ، فلم يعد هذا الزمن الذي نعيش فيه كالزمن السابق الذي يعيش فيه الشاب دون أن يطلع على مجريات الأمور التي من حوله ، فلقد أصبح الشاب هذا اليوم يعيش العالمية بكل ماتعنيه كلمة العالمية من معاني ،وذلك بواسطة الإنترنت، و الفضائيات ، و المجلات التي تُعنى بمختلف أنواع المعرفة وتحتوي على الكتابات والصور التي تثير شهوة المتقي دون ذلك الإنسان الذي قد لايكون له وازع من التقوى ، فعلينا أيضاً أن نلتفت لهذا الجانب , لأن تسهيل الزواج يسهم إسهاماً كبيراً في تحجيم مايحيط بمجتمعنا من مشاكل وما تخطط له بعض تلك الفضائيات , من خلال إيجاد بعض البرامج الهابطة ، والمسابقات التي تسهم في دفع ذلك الشاب وتلك الشابة إلى السقوط في مهاوي الرذيلة والفساد .من هنا ندرك أهمية التسهيل والتيسير في الزواج , فمن خلال ما ورد عن أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين , نجد تركيزاً خاصاً على أهمية تقليل المهر . قال المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: ( أفضل نساء أمتي أقلهن مهراً ) فالمرأة التي مهرها قليل ، لها أفضلية , على غيرها من النساء اللاتي مهرهن كثير . وما دام الحديث حول الشاب والشابة فهناك نقاط مهمة ينبغي أخذها بعين الاعتبار: النقطة الأولى : إن فكرة الزواج المبكر التي ذكرناها سوف تحل الكثير من المشاكل التي نعيشها , ولكن باعتبار أن الشاب يكون مشغولاً بدراسته الجامعية , فقد لا يستطيع الزواج بمفهومه العام ,ولكن يمكنه أن يرتبط بالشابة في هذه المرحلة برباط وثيق وهو العقد الشرعي , بمعنى أن يعقد على الفتاة وتبقى عند أهلها , وهو أيضاً يبقى عند أهله , ويمكنه أن يزور زوجته في بيت أهلها , أو هي تزوره في بيت أهله إلى أن تنتهي فترة الدراسة الجامعية , فيرتبطان بالزواج وهذه الطريقة لها دور كبير في التخفيف من نار الشهوة , ويحقق اطمئناناً وأمناً نفسياً واجتماعياً , حتى على المستوى الدراسي , فيحقق للشاب والشابة مستويات علمية راقية ونجاحات باهرة , وذلك نتيجة الاستقرار النفسي والتركيز الذهني . النقطة الثانية : لينا أن نراعي الحاجات الأساسية المُلِحة بالنسبة للشباب والشابات ,ونسعى لتحقيقها , ونزيح العوائق التي تقف أمام تحقيق ذلك , فهذا أسلم من أن تنحرف تلك الفتاة فتؤثر على سمعة أهلها , أو ينجرف ذلك الشاب ويؤثر على سمعة أهله . النقطة الثالثة : علينا أن نوضح للشاب والشابة , مايعنيه قوله تعالى في الآية التي استهللنا بها حديثنا فالمودة هي : الحب , والرحمة هي : العطاء بلا حدود . وعندما يفهم ذلك الشاب ثقافة الإسلام , ويقدم كل منهما للآخر عطاءً بلا حدود فإننا نضع سياجاً رائعاً مستقى من خلال ثقافتنا الإسلامية , ومن خلال خُلقنا القويم المأخوذ من القرآن الكريم , ومن أحاديث المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم , والعترة الطاهرة . وبذلك نبني أمتنا على أُسس من الخير ودعائم من الفضيلة . أسال الله تبارك وتعالى - ونحن في مستهل هذا الشهر , وهو شهر ربيع , الذي يكثر فيه التزويج - أن يكون لنا نحوان من الزواج: 1- الزواج الذي يتحقق فعلاً , بمراسيمه الخاصة واجتماع الزوجين معا تحت سقف واحد . 2- الزواج على حد تعبير الفلاسفة والعلماء ,هو زواج بمرتبة القوة ، أي نربط بين أبنائنا وبناتنا برباط العقد الشرعي الذي يسهم في تحجيم الرذيلة . |
11-04-2014, 02:05 PM | #2 |
( мѕнααя αℓкнgℓ) مشرفة قسم السعادة الزوجية
●• فاطمية متميزة •● تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: القطيف الحبيبة
العمر: 36
المشاركات: 130
معدل تقييم المستوى: 509 |
رد: الزواج أساس البناء الاجتماعي
القسم الثاني : اختيار الزوجة وصفاتها. قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)(الروم:21) صدق الله العلي العظيم . استعرضنا وإياكم في الأسبوع الماضي أهمية الزواج في بناء المجتمع الإنساني وفي إيصال الفرد إلى كماله في النواحي المتعددة، في الناحية النفسية والجسدية والروحية، وكذلك في تحقيق الأمن والاستقرار للمجتمع ككل ، وقد وردت روايات متعددة عن النبي صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين ، وأهل البيت سلام الله عليهم أجمعين ،تفصح عن هذه الحقيقة. قال صلى الله عليه وآله: (ما استفاد امرؤ بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة أو أفضل من زوجة صالحة، تسره إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمرها، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله). نجد هنا أن النبي صلى الله عليه وآله الطاهرين يبين هذا المطلب على أن أهم المنجزات والمكتسبات التي يحققها الإنسان في مساره التكاملي هو إناء الأسرة، الذي عبر عنه بالزوجة الصالحة التي تتوافر فيها مجموعة من الصفات: الصفة الأولى : أنها قادرة على إشباع حاجة الزوج وإدخال السرور عليه ، وبالطبع فإن النبي صلى الله عليه وآله عندما يعبر هذا التعبير بالنسبة للرجل، أيضاً يريد به المرأة ، وبالتالي نستطيع أن نعكس هذا الأمر ونقول لها : لا توجد امرأة استفادت فائدة كبرى بعد إسلامها كاستفادتها بكونها زوجة، وفي كونها لبنة في بناء صرح ذلك المجتمع المؤمن والمسلم . الصفة الثانية : قوله: (وتطيعه إذا أمرها) باعتبار وجود قيمومة في الدين الإسلامي للرجل على المرأة. الصفة الثالثة : قوله : (وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله) أيضاً هذه إشارة جميلة منه صلى الله عليه وآله الطاهرين على أهمية الاستقرار والأمانة في الأسرة، لأن الأسرة التي تتوافر فيها الأمانة ويتوافر فيها الاستقرار وتسلك جادة الصواب فهي أسرة ناجحة . هذا المطلب الذي أبانته الروايات عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام، هو أيضاً ما يفصح عنه العلماء في دراساتهم في العصر الحديث، فهناك نظريات كثيرة وكتب تبين ما وصلت إليه الأبحاث الحديثة، وأن ما أبانه الإسلام في بدء الدعوة هو خلاصة لكل التجارب التي توصل إليها البحث العلمي في عصرنا الراهن. فهذا هو أحد أساتذة الجامعات من الباحثين في هذا الشأن يقول: [ إن القضايا الجنسية هي من جملة الأمور التي يتمكن من خلالها الإنسان من إظهار أخلاقه وصفاته ، فعلى سبيل المثال من يبدو في سلوكه الجنسي فارضاً لهيمنته على الآخرين، ومستغلاً لهم، فلا يمكن أن يكون في مراحل حياته الأخرى جديراً بالعدالة ومستعدا ًللمطالبة بها ، كذلك فإن من يعتبر الجنس قذراً فلا يمتلك القدرة الكافية لفهم قيم القضايا ]. وعلى هذا، فهناك أمران ينبغي للشاب أن يعيرهما أهمية كبرى: الأمر الأول : مسألة العدالة في بناء الأسرة الصالحة، فالإنسان يستطيع أن يجسد قيم العدالة من خلال ارتباطه بالزوجة الصالحة ، والكثير من الناس يمارس الظلم والجور ، باعتبار أنه لم يفهم بعد قيم العدالة ، وإن الطريقة المثلى لفهم العدالة تتأتى من خلال بناء الأسرة، فيتعرف الإنسان على مسؤوليته ويقوم بواجباته الملقاة عليه أحسن قيام، وبذلك يفهم حقيقة العدل الذي جاء ت به الشرائع السماوية ، وأفصح عنه في القوانين الوضعية ، كأفضل سمة تحقق للإنسان الخير والرفاهية . هذا المطلب الذي أشارت إليه الأبحاث الحديثة ، ورد في كثير من الروايات بيان له. قال صلى الله عليه وآله: (خير أمتي أولها المتزوجون وآخرها العزاب) أي أن الخير الذي يصل إليه الإنسان يتحقق من خلال الزواج ، وقال صلى الله عليه وآله: (يا شاب تزوج وإياك والزنا، فإنه ينزع الإيمان من قلبك). فالإنسان الذي لم يتزوج فإنه يسلك طريقين كل من هذين الطريقين لاينسجم مع التقدم في الجانب الكمالي للإنسان : الطريق الأول/ هو أن يكبت شهواته، ويعود عليه هذا الكبت والحرمان بمشاكل، ومن أسوأ تلك المشاكل العقد النفسية التي تجعله لا يعيش الطمأنينة والهدوء والاستقرار ، ولا يستطيع أن يتعامل بإيجابية تامة مع الآخرين . الطريق الثاني/ أن يطلق العـنان لشهواته وبالتالي يسلب المجتمع أمنه واستقراره. فلا توجد طريقة مثلى غير ما أشارت له كل الشرائع السماوية ، وبينه الإسلام بأروع ما يكون من تشريع وهو الزواج. فيحسن بنا في هذا اليوم أن نبين مطلباً في غاية الأهمية يتناسب مع وضعنا الراهن، وخصوصاً أننا في شهر ربيعٍ، الذي يكثر فيه الزواج في منطقتنا.فلا توجد طريقة مثلى غير ما أشارت له كل الشرائع السماوية ، وبينه الإسلام بأروع ما يكون من تشريع وهو الزواج. فيحسن بنا في هذا اليوم أن نبين مطلباً في غاية الأهمية يتناسب مع وضعنا الراهن، وخصوصاً أننا في شهر ربيعٍ، الذي يكثر فيه الزواج في منطقتنا. الأمر الثاني : ينبغي للشاب أن يستشير أباه ، وأن يرجع لأمه ، وكذلك يستفيد من ذوي الخبرة والاختصاص قبل أن ينتخب ، وقد ورد في الروايات أهمية الاستشارة، لأنها مطلوبة في كل مايرتبط بشؤون حياتنا ، وبالخصوص في الزواج، قال الإمام علي عليه السلام: (شاور قبل أن تعزم،وفكر قبل أن تقدم) وقال عليه السلام: (من شاور الرجال شاركها في عقولها ). فالإنسان إذا ضم عقول الآخرين وتجاربهم إلى عقله وتجاربه فإنه بالتأكيد قد أثرى الجانب الذي به يستطيع أن يحقق أفضل النتائج التي يطمح أن يصل إليها. من يختار الزوجة أو الزوج ؟ هناك الكثير من الشباب والشابات يشكون من بعض الممارسات التي تفرض عليهم من قبل الأهل، فيقوم الأب مثلاً باختيار الزوجة التي يراها مناسبة لابنه ، من دون أن يكون للابن أي دور في هذا الاختيار ، وكأن الأب هو الذي سيتزوجها وليس الابن ، وهذا من الأخطاء الفادحة التي ينبغي علينا أن نلتفت إليها ، فالذي يريد أن يتزوج هو الشاب أو الشابة وليس الأب أو الأم ، فمحور الاختيار ينبغي أن يكون بيد ذلك الشاب وبيد تلك الشابة. وظيفة الأبوين تجاه الأبناء: إن مهمة الأبوين تجاه أبنائهما هي إسداء النصيحة والتوجيه الذي يصب في مصلحتهم ويتمثل ذلك في عدة نقاط: الأولى : أن يوضحا للشاب أو للشابة كيفية اختيار شريك المستقبل ومواصفاته التي تبنى على أساس الأحاديث الشريفة عن المعصومين عليهم السلام، مثل ما ورد، عن المصطفى صلى الله عليه وآله: (اختاروا لنطفكم فإن العرق دساس). الثانية : ذكر توجيهات العلماء حول كل مايرتبط بالحياة الزوجية. الثالثة : أن يتحدث الأبوان عن تجاربهما كزوج وزوجة. الرابعة : التركيز على الابن في أن يهتم بالدين والخلق في صفات الزوجة ، قال صلى الله عليه وآله: ( عليك بذات الدين تربت يداك ) ، وأن الزوجة ليست بمالها أو بجمالها لأن المال يزول ، والجمال مجرد إرواء لظمأ جنسي في فترة محدودة ، ثم يتلاشى وينتهي ، بينما الذي يبقى هي تلك السمات والصفات والركائز الأساسية التي تتوافر في شخصية تلك المرأة الصالحة والتي تشده وتربطه بها في كل حركة وسكون ، وهذا كله يربط الزوج بها ارتباطاً وثيقاً، لا يمكن أن ينفصل، ولذلك نجد أن بعض الأزواج ، إذا ماتت زوجته يتألم كثيراً، لأنها مثلت له المحور في حياته ، والطمأنينة والهدوء والاستقرار والسكينة والرابطة لإيمانية ، وهذه هي الزوجة التي يريدها الإسلام وتشير إليها الروايات . مشكلة انتخاب الأبوين الزوجة للابن في الروايات عن المعصومين (ع): إن مشكلة اختيار الأبوين للزوجة دون أن يكون للابن أدنى رأي ، ليست من مختصات مجتمعنا الذي نحن في كنفه ، بل كانت لها جذور عميقة ممتدة إلى زمن الأئمة عليهم السلام ، واستُعِرَضت في الروايات: عن أبي يعفور ، ُسئل الإمام الصادق عليه السلام عن مسألة اختيار الأب والأم للزوجة دون جعـل رأس الخيط بيد الشاب، قلت له عليه السلام : ( إني أريد أن أتزوج امرأة وإن أبويَّ أرادا غيرها ، قال تزوج التي هويت). بينما الذي يبقى هي تلك السمات والصفات والركائز الأساسية التي تتوافر في شخصية تلك المرأة الصالحة والتي تشده وتربطه بها في كل حركة وسكون ، وهذا كله يربط الزوج بها ارتباطاً وثيقاً ،لايمكن أن ينفصل، ولذلك نجد أن بعض الأزواج ، إذا ماتت زوجته يتألم كثيراً، لأنها مثلت له المحور في حياته ، والطمأنينة والهدوء والاستقرار والسكينة والرابطة لإيمانية ، وهذه هي الزوجة التي يريدها الإسلام وتشير إليها الروايات . مشكلة انتخاب الأبوين الزوجة للابن في الروايات عن المعصومين عليهم السلام: إن مشكلة اختيار الأبوين للزوجة دون أن يكون للابن أدنى رأي ، ليست من مختصات مجتمعنا الذي نحن في كنفه ، بل كانت لها جذور عميقة ممتدة إلى زمن الأئمة عليهم السلام ، واستُعِرَضت في الروايات: عن أبي يعفور ، ُسئل الإمام الصادق عليه السلام عن مسألة اختيار الأب والأم للزوجة دون جعـل رأس الخيط بيد الشاب، قلت له عليه السلام: ( إني أريد أن أتزوج امرأة وإن أبويَّ أرادا غيرها ، قال تزوج التي هويت ، ودع التي يهوى أبواك ). بمعنى أن يكون محور الاختيار ورأس الخيط في الانتخاب بيد الشاب والشابة، لأن مسألة نزع جانب الحرية منهما ، سيجعل كل المشاكل التي تتحقق في المستقبل ترجع إلى سلب الاختيار منهما ، وبالتالي حتى نتفادى ذلك ، ينبغي أن نعطي الشاب والشابة كامل الحرية في الاختيار ، وبهذا يتحقق بناء العش الزوجي السعيد ، والأسرة الصالحة في المستقبل . وللكلام تتمة ستأتي . |
11-04-2014, 02:07 PM | #3 |
( мѕнααя αℓкнgℓ) مشرفة قسم السعادة الزوجية
●• فاطمية متميزة •● تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: القطيف الحبيبة
العمر: 36
المشاركات: 130
معدل تقييم المستوى: 509 |
رد: الزواج أساس البناء الاجتماعي
القسم الثالث : اختيار الزوجين في أحاديث المعصومين عليهم السلام قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}(الروم:21) صدق الله العلي العظيم. لا زال الكلام موصولاً حول تصحيح وإيضاح بعض المفاهيم المتعلقة بالزواج، واستعرضنا فيما تقدم بعض الأبحاث التي لها أهمية في اختيار الرجل للمرآة التي يريد أن يتزوجها. وكذلك في اختيار المرأة للرجل الذي تريد أن تتزوجه. الزوجة المثالية عند المعصومين عليهم السلام : وهنا نوضح بعض ما جاء من الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله الطاهرين وعن الأئمة من أهل البيت عليهم السلام في مميزات الزوجة المثالية ، و نستعرض باقتضاب أهمها : الأمر الأول : الدين والخلق. إن هذين المحورين هما، الركيزة الأولى التي أكد عليها الإسلام في اختيار المرأة، وذلك لدورهما الكبير في إنجاح الحياة الزوجية، وجعلها حياة سعيدة، أما بقية العوامل الأخرى، فينبغي أن تنصهر فيهما. وهذا لا يعني أن الإنسان ، لا يسعى نحو الجمال أو لا يسعى نحو الأمور الأخرى ، التي أكدت الروايات ، عليها ، ولكن المطلب الرئيس والأساس لمن يبتغي الزواج هو الخلق والدين ، فلا يكون الدين تبعاً للجمال أو تبعاً للمال أو تبعاً للأسرة بل الأمور الأخرى تكون تابعاً للدين أي لو تعارض الدين مع الأسرة فالمرجح هو الدين ، ولو تعارض الدين مع الجمال ، فالمرجح هو الدين ، باعتبار أن جميع العوامل الأخرى ، لن تدوم بل ستبقى فترة مؤقتة ثم تتلاشى منتهية ، أما الخلق والدين فهما عاملان ثابتان بل الدين أكثر من الخلق كما أكدت على ذلك الروايات باعتبار أن حتى الخلق يكون تابعاً للدين. نقرأ بعض الروايات وأقوال العلماء في هذا الشأن . النبي صلى الله عليه وآله الطاهرين يقول: (لا تنكح المرأة لجمالها فلعل جمالها يُرديها ولا لمالها فلعل مالها يُطريها وانكح المرأة لدينها). كما أن بعض الناس ينكح المرأة ويتزوج بها لأجل أنها من أسرة كريمة فقط، ويغفل عن أهمية الخلق والدين، وقد أوضحت الروايات أن هذا الزواج غير مستقر بل مآله إلى الفشل إلا ما شاء الله. يقول النبي صلى الله عليه وآله الطاهرين: (من نكح امرأة حلالاً بمال حلال غير أنه أراد به فخراً ورياءً وسمعة ً لم يزده الله بذلك إلا ذُلاًّ وهوانا). ً والذل والهوان كناية عن عدم الارتياح والاستقرار والطمأنينة والدعة والعيش الرغيد في مسيرة هذا الزواج . هذا المعنى الذي أكدت الروايات أثبتته البحوث العلمية الحديثة ، فالاستبانات والاستقراءات المتعددة أكدت على أهمية الدين والأخلاق في نجاح الزواج . يقول أحد العلماء الذين بحثوا في الشأن واسمه ( هاروي لاك ) في كتابه " توقع التوافق في الحياة الزوجية " إن عدم الاهتمام بالدين له تأثير كبير في إرباك الحياة الزوجية . الأمر الثاني : العقل والأدب. إن مسألة عقل المرأة وحسن تدبيرها في الأمور ، هو غير الخلق والدين ، حيث يرجع إلى حسن تربيتها, واهتمام أهلها بتنشئتها على إدارة المنزل, وطريقة التعامل مع كل الظروف الصعبة, ولذا نجد الإمام الكاظم عليه السلام، عندما يذكر عنده النساء ، يشير إلى أن خيرهم ( ما كان لك فيها هوى، وكان لها عقل وأدب فلست تحتاج إلى أن تأمر ولا تنهى)، فالإمام يؤكد على أن هذا النوع من النساء لا يحتاج إلى الأمر والنهي من الزوج, فهي تعرف دورها ووظيفتها بشكل كامل، وهذا يعبر عن ميزة راقية، في الزوجة . الأمر الثالث : عدم الاكتفاء بجمال المرأة. إنّ الروايات أكدت على أنه لا ينبغي أن تطغى بعض عوامل الإثارة على نوعية انتخاب الرجل للمرأة، خصوصاً فيما يرتبط بشكل المرأة، ولذا نجد أن بعض الشباب يهتم فقط بجمال المرأة، وشكلها الخارجي، من دون الالتفات إلى الأمور الأخرى، وهذا أمر خطر جداً، على الشباب الذين لا يعلمون عواقب هذه الأمور، ولا تتوافر لديهم تجارب كبيرة، في هذا الشأن، والنبي صلى الله عليه وآله الطاهرين أكد على أن هذا العامل لا ينبغي أن يغفل العوامل الأخرى ويجعل عليها ضبابية دون انتباه إلى العواقب الوخيمة المترتبة على ذلك. يقول صلى الله عليه وآله الطاهرين: (إياكم وخضراء الدِّمن ، قيل يا رسول الله وما خضراء الدِّمَن قال: المرأة الحسناء في منبت السوء ). وهذا تشبيه رائع، فهناك بعض الجيف، أشبه بمياه المجاري، تنبت عليها أعشاب جميلة ورائعة، غير أن الأساس لها سيء، وقد يقترن بهاء ذلك المنظر، بالروائح التي تؤذي وتدوم، ولذلك يقول صلى الله عليه وآله : خضراء الدِّمن هي امرأة حسناء ولكن المنبت الذي نبتت فيه هو منبت سيء. الزوج المثالي عند المعصومين عليهم السلام : كما أن من المسائل التي أكدت عليها الروايات على أنه ينبغي لمن أراد أن يتزوج أو بالنسبة للأب وأولياء الأمور الذين يعطون الكريمة لمن خطبها ينبغي أن يراعوا مسألة الاستمرار والديمومة والاستقرار و الهناء في الحياة الزوجية، وأهم هذه المميزات: التدين والأخلاق الحسنة: بمعنى إن هذه المرأة التي أُعطيها للرجل أرى دينه وأخلاقه، والروايات أكدت على هذا المطلب في غاية التأكيد. قال النبي صلى الله عليه وآله: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه، فزوّجوه، إلا تفعلوه، تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، ولذلك حذر صلى الله عليه وآله من الذين لا يتوافر فيهم التدين، يقول النبي صلى الله عليه وآله الطاهرين: (من زوج كريمته من فاسق فقد قطع رحمه). فالنبي صلى الله عليه وآله الطاهرين يقول إن الإنسان الذي يعطي ابنته لرجل فاسق، لأنّ لديه منصباً أو مالاً أو وجاهةً أو أنه من أسرة كريمة، فهو في الحقيقة أودى بابنته إلى حافة الهاوية والسقوط، وقد تصل الأمور إلى ما لا يحمد عقباه، فهو لم ينفعها، بل أضّر بها، وبالتالي قطع رحمه، ولم يصله بما ينفعها. فهذا التأكيد الكبير على أهمية الأخلاق والدين وبالخصوص الدين ، لأن بعض الروايات أكدت على مسألة الدين أكثر من التأكيد على مسألة الخلق، باعتبار أن الخلق يتأتي تبعاً للدين، لكن الدين لا يتأتى تبعاً للخلق. ونحن نعلم أن عند اشتداد الغرائز إذا لم يتوافر الدين للإنسان فإنه ينفلت، بينما تحت وطأة أشد الغرائز، إذا كان الدين متوافراً ومتواجداً لدى الإنسان، فإنه يقي الإنسان من الانزلاق ويحفظ له التوازن ويجعله في المسار السليم والصحيح، ولذا أكدت الروايات على أن الدين يتبعه الخلق إلا ما شاء الله، فهناك نوادر بمعنى أنه قد يتوافر الدين ولكن هناك سوء خلق. لكن في الأعم الأغلب بل من كمال الإيمان أن يتوافر الخلق الجميل والحسن. يقول إمامنا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه في هذا الشأن: (رأس الإيمان حسن الخُلق والتحلي بالصدق). فرأس الإيمان يعني القمة، أن يكون الإنسان إيمانه يدلل عليه ذلك الخلق الكريم. وقد كتب الحسين بن بشار إلى إمامنا الرضا عليه السلام يسأله عن مسألة في هذا الصدد وهذا الشأن فيقول: [ إن لي ذا قرابة وقد خطب إلي وفي خُلقه سوء قال إمامنا الرضا عليه السلام: لا تزوجه إن كان سيء الخُلق ]. ويقول صلى الله عليه وآله الطاهرين في هذا الشأن: ( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً وألطفهم بأهله ). فتجد في تعامله مع زوجه لطيفاً وعنده لين عريكة، وقد أكدت الروايات على هذا الجانب في إبراز حقيقة الإيمان. وفي رواية أخرى يقول المصطفى صلى الله عليه وآله الطاهرين: ( خيركم، خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهله ). فيبين أن هذا الكمال في التعامل باللطف والرحمة والمودة هو الذي يمثل الحسن ومنتهى الكمال، وهو في قمته في شخصه الكريم صلى الله عليه وآله الطاهرين. وقد أبانت الروايات مفصحة على أن من زوج كريمته من لا يوجد لديه دين، فقد جعلها تعيش الظلم طوال حياتها، باعتبار أن الحياة يمر فيها الحلو والمُر كما نعبر، فالحياة فيها من المشاكل وفيها من اللطف والدعة والاستقامة والاستقرار والأشياء الجميلة الكثيرة، ولكن قد يطغى ذلك المُر على تلك الأمور الحسنة والجميلة في الحياة، لذا أكدت الروايات أيضاً على هذا المطلب. فالإمام الحسن عليه السلام عندما سأله رجل قائلاً له: إن لي ابنة فمن ترى أُزوجها ؟ قال صلوات الله وسلامه عليه: ( زوجها ممن يتقي الله عز وجل، فإن أحبها أكرمها وإن أغضبها لم يظلمها). إن كان هناك حب فيوجد الكرم وتعامل بمكارم ومحاسن الأخلاق، وإن كان هناك بغض فالسير على جادة الصواب والاستقامة والقانون الإسلامي، فلا يبخس هذه المرأة حقها، وما ينبغي له أن يتعامل به معها لأنه مؤمن، وهذه الأمور هي الركائز العميقة والمؤثرة في استمرار وديمومة الحياة الزوجية في حُسنٍ وبهاء. عادات غير حسنة: ينبغي أيضاً أن نؤكد على بعض العادات الخاطئة، التي يقوم بها بعض الناس خطأً ثم تنتشر كانتشار النار في الهشيم. فمن هذه العادات الخاطئة، التي كثرت في مجتمعنا: هو أن يدخل أبو البنت أو أبو الزوج في ليلة الزواج عند العروس مع أبنائه! فهذا تصرف غير صحيح وغير محبَّذ، فنحن نعلم أنّ ليلة الزواج ليلة خاصة، تأتي النساء فيها بألبسة وفساتين مختلفة، وقد لا يُراعى الحجاب بشكل كامل، وبالتالي فهو محل فتنة وإثارة ومورد شبهة، فينبغي للإنسان المؤمن أن يبتعد عن مواطن وموارد الشبهة. يقول النبي صلى الله عليه وآله الطاهرين: ( حلال بَيّن وحرام بَيّن وشبهات بين ذلك ). فإن لم يكن ذلك العمل حراماً فعلى أقل تقدير من موارد الشبهات، فينبغي على الإنسان البرِّ التقي الذي يريد أن يسير على خط أهل البيت سلام الله عليهم أجمعين، أن يُجنِّب نفسه موارد ومواطن الشبهة خصوصاً بعض الشبهات التي تكون عواقبها وخيمة، ونُنبه هنا على أن الكثير من الانحرافات كان السبب الرئيس فيها النظرة, فهذه النظرة الحرام، تودي بالإنسان إلى الهلاك، ولذا ورد في الرواية أن النظرة هي سهم الشيطان الذي به يصطاد، فما بالك إن لم تكن نظرة بل عشرات ومئات النظرات، عندما يدخل الإنسان مع أبنائه ليلة الزواج وهم أجانب على أجنبيات، فينبغي أن نحذر وأن نبعد أنفسنا عن هذه العادات الخاطئة. |
11-04-2014, 02:08 PM | #4 |
( мѕнααя αℓкнgℓ) مشرفة قسم السعادة الزوجية
●• فاطمية متميزة •● تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: القطيف الحبيبة
العمر: 36
المشاركات: 130
معدل تقييم المستوى: 509 |
رد: الزواج أساس البناء الاجتماعي
القسم الرابع : الزواج في ظل التناسب العمري والقناعة الذاتية. قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}(الروم:21) صدق الله العلي العظيم. لازال الكلام موصولاً عن الأسس التي استُعرضت في الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة من أهل البيت عليهم السلام للاختيار السليم لكل من الزوجين واختيار شريك حياته. المعيار السابع : التقارب العمري. من المسائل التي أشارت إليها الروايات، ومنحتها أهمية بالغة، التقارب العمري؛ أي التقارب في السن بين الزوجين، وهذا لا يعني أنّ المُشرع يشترط في صحة الزواج أن يكون أحد الزوجين في نفس سن الزوج الآخر، بل، لو كان أحد الزوجين أكبر من الآخر بعشرات السنين، فالزواج صحيح من الناحية الشرعية، إلا أنّ حديثنا يتركز على مسألة الاختيار السليم أو الشراكة المنتجة والناجحة والواصلة في عطائها إلى مرتبة القمة، وأعلى درجات التضحية، ويتحقق ذلك، من خلال التقارب العمري بين الزوجين، وهذا ما أكد عليه الإمام الصادق عليه السلام عندما قال له رجل : إنّا نزوج صبياننا وهم صغار، فقال الإمام عليه السلام: ‹‹إذا زُوجوا وهم صغار لم يكادوا أن يأتلفوا››، والعلماء عندما يصلون إلى قول الإمام عليه السلام: ‹‹لم يكادوا أن يأتلفوا››، يشيرون إلى نقطتين هامتين : الأولى : الحرية في الاختيار بمعنى أنّ القرار لابد أن ينطلق من كل منهما على أساس اختياره التام، فإذا كان أحدهما يكبر الآخر بسنوات عديدة، فإنه في الغالب يوجد ضغط خارجي من خلال الأبوين يؤدي إلى إخضاع إرادة أحد الزوجين لتقبل الآخر، ولذلك لا يحصل الائتلاف؛ كما أشار الإمام الصادق عليه السلام إلى ذلك. الثانية : تحقق الانسجام والتوافق، لأنّ من الصعوبة بمكان أن يصبح بين الزوجين انسجام وتناغم في حال كون الفارق العمري بينهما كبيراً، وهذا يعني عدم وجود لُغة تفاهم مشتركة بينهما، ويصعب حينئذٍ على أحد الشريكين، التعايش مع الآخر والصبر عليه وتحمله، وبالتالي، لا يمكنه أن يُصيّر عدم التلاؤم إلى انسجام وتوافق؛ بينما لو كانا متقاربين في العمر لأمكن أن يتأتى التلاؤم والانسجام بينهما، بالإضافة إلى أنّ هذا التقارب يصبح عاملاً مساعداً في إخضاع العوامل السلبية في حياتهما، وتحويلها إلى إيجابية تصُب في مصلحتهما، وهذا ما أكده الإمام عليه السلام في قوله: ‹‹لم يكادوا أن يأتلفوا››، باعتبار أنّ الائتلاف والانسجام يمنح كُلاً من الزوجين النضج العالي ويُوصلهما إلى مرتبة عالية من السعادة في الحياة الزوجية؛ بيد أنّ هذا التلاؤم والتوافق الزوجي مرهون بمجموعة من العوامل؛ أهمها أمران : الأول : استثمار التقارب العمري بين شريكي الحياة، وتفعيله، وهذا بدوره سوف يُؤثر في جعل مستوى التفكير متقارباً. الثاني : التوافق في محصل العمر، باعتبار أنّ بذل الجهد في الحياة، وتلقي العناء والمرور على الأحداث سيجعل كل من الزوجين يقترب من التلاؤم من الآخر. المعيار الثامن : القناعة الذاتية في الاختيار. من المحاور التي أشارت إليها الروايات في الاختيار السليم، هي أن ينطلق القبول من خلال قناعة ذاتية لكل من الزوجين؛ وقد أومأنا إلى هذه المسألة باقتضاب في الأسابيع الماضية، ولكننا نرغب في أن نُفرِد لها بحثاً مستقلاً، كي نستوفي جميع جوانبها، وبالخصوص، إذا كُنا على معرفة تامة بأنّ الزواج مؤسسة اجتماعية متقومة بطرفين، يعيشان حياة واحدة، وشراكة دائمة في كل ما يرتبط بهما. ولا بد لهذه الشراكة من أن تكون وفق اختيار الرجل لفتاة أحلامه، ومنطلقاً من رضاه الذاتي، وقناعته النفسية التي يحملها بين جنبيه، وهكذا الحال بالنسبة للزوجة، فلا بد أن يكون اختيارها ناشئاً من قناعتها الشخصية. أهمية القناعة الذاتية للفتاة في زواجها من الرجل. ولقد ذكرت الروايات التي صدرت من المشرع المقدس أنه لا يجوز لأحد الأبوين أن يجبر ابنته على قبول الزواج من شخصٍ لا تريده، لأنّ ارتباطها الزوجي لابد أن يكون من خلال قناعتها الذاتية، ورضاها الخاص بها. وإن كان المشرّع الأقدس أباح للوالد أن يشترك مع ابنته في أمرها، وجعل رضاه وإذنه شرطاً في صحة العقد؛ إلا أنه لم يجعل للأب الاستقلالية في الرأي من دون موافقة الفتاة على الزواج، وإنما أكد على أن يكون زواجها منطلقاً من قناعتها الذاتية الصادرة منها. وإذا لم ينطلق الرضا من قِبَلِها فإنّ صحة الزواج محل إشكال لدى الفقهاء، ولذا، أكدوا على أنّ رضا الفتاة من شروط صحة الزواج، وقد أشارت الروايات إلى هذا النحو من الرضا بإشارات وإيماءات بسيطة؛ لأنّ في الغالب، الزوج هو الذي يختار لا المرأة. أهمية القناعة الذاتية للرجل بزواجه من المرأة. إنّ هناك مجموعة من الروايات أكدت على أنّ الرجل لابد أن تكون لديه القناعة التامة بالفتاة التي يتقدم لخطبتها؛ ولا يحق للأبوين إجباره على الفتاة التي لا يرغب فيها، وإن كان الغالب في الإجبار والإكراه على الزواج يكون على الفتاة، ولذا، أُولت الروايات عناية أكبر برضا الفتاة، وأما الرجل فإنّ الروايات ركّزت على عدم تدخل أحد الأبوين أوكلا هما في أمر زواجه، وأنّ له الاختيار الكامل في ذلك، وهذا ما أوضحه الإمام الصادق عليه السلام عندما جاءه رجل، وقال له: إني أريد أن أتزوج امرأة، وأنّ أبويَّ أرادا غيرها، فقال الإمام عليه السلام: ‹‹تَزَوجْ التي هَويتَ ودَعْ التي يَهوى أبواك››، فالاختيار للابن وليس للأبوين، لأنهما-كما أشرت- لن يعيشا مع هذه الزوجة، وإنما الزوج هو الذي سوف يعيش معها طوال حياته، بالإضافة إلى أنّ اختياره إذا كان ينطلق من خلال القناعة الذاتية، فإنه سيثمر نجاحاً متصلاً ووئاماً دائماً، وهذا من الأهمية بمكان، بحيث نجد أنّ هناك تركيزاً كبيراً عليه في الروايات بنحوٍ من الصرامة، كما حدث ذلك من قِبل الإمام عليه السلام عندما قال: ‹‹تزوج التي هويت ودع -اترك- التي يهوى أبواك››، لأنّ هذا الاختيار يعتبر في غاية الأهمية، وهو ما أسميناه بالقناعة الذاتية؛ لأنّ هذه القناعة تولد انسجاماً طبيعياً، يُشعِر الرجل بأنّ زواجه نابع عن إرادته واختياره المستقل، وبالتالي، هو من يتحمل التبعات أو بعض السلبيات الناتجة من سوء اختياره. المعيار التاسع : أن لا يكون الزواج قائماً على التفاخر الأسري. ومن الأمور الهامة، التي لابد أن تُراعى بدقة في الاختيار للمرأة أو الرجل أن لا تُعطى الأهمية الكبرى للزواج من أسرة مشهورة أو ثرية جداً من دون الاهتمام بالمقومات الذاتية الأخرى من الدين والخلق، التي تعتبر من المبادئ الأساسية للزواج السعيد، ولكن البعض من الناس يقع في خطأ فادح أو تَغُرُه بعض الأماني الخادعة، فيُولي أهمية فائقة لاختياره الزوجي على أساس المظهر الخارجي للأسرة، وما تملكه من ثراء اقتصادي كبير، بغض النظر عن المقومات الأخرى، وبالخصوص إذا كان لا يمتلك تجربة، مع العلم بأنّ هذا الاختيار الظاهري من المقومات العارضة، التي سرعان ما يكتشف الزوج أو الزوجة بعد الزواج ضعفها وخوائها وعدم دخالتها في إضفاء السعادة على الحياة الزوجية. وبالرغم من أهمية اختيار الأسرة الكريمة والمعروفة، ولكن لابد من وضع هذا الاختيار في حدوده الطبيعية بحيث إذا لم تتوافر المقومات الذاتية التي ذكرناها في الزوجة فلا يكون هذا المقوم العارض هو الذي ينطلق به الزوج في اختيار زوجته، لأنه سوف يدرك أنّ اختياره ليس بموفق من جهة، وأنه لا يستحق منه هذا الكدح الكبير والإعطاء الجزل دون حساب من جهة أخرى، ولذلك، جاءت الروايات كي تحذر من الوقوع في هذا المنحدر الخطر لمثل هذا الزواج، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله قوله: ‹‹من نكح امرأة حلالاً بمال حلال غير أنه أراد به فخراً ورياءً وسمعة لم يزده الله بذلك إلاّ ذُلاًّ وهواناً››، ولا بد لنا من وقفة تأمل مع هذا الحديث النبوي الشريف، الذي يُوضح وقوع البعض في الخطأ، لأنّ اختياره الزوجي كان على أساس الافتخار على الآخرين باعتباره تزوج من البيت الفلاني، أو يكون لديه الرياء، في جعل الهدف من اختياره والمطمح الأساسي الذي يسعى إليه هو زواجه من تلك الأسرة دون أن يُولي المقومات الذاتية تلك الأهمية الكبرى، وعند ذلك، سوف يتحمل العواقب الوخيمة لهذا الاختيار من الشعور بالذل والهوان في شخصيته، وهذا ما أبانه النبي صلى الله عليه وآله بوضوح وجلاء تامين في الرواية السابقة. ولذا، على الشاب والشابة أن يكون لديهم مراعاة لهذه النقطة كي يتكلل زواجهما بالنجاح. |
11-04-2014, 08:45 PM | #5 |
::: لجنة تحفيظ القرآن ::: مشرفة نور الختمات القرآنية & افتحي قلبك ❤ ¸.الحمد لله على كل حال.¸
تاريخ التسجيل: Sep 2013
الدولة: العراق
العمر: 45
المشاركات: 0
معدل تقييم المستوى: 0 |
رد: الزواج أساس البناء الاجتماعي
مشكورة والله يعطيك الف عافيه على المعلومات الرائعة
لك من قلبي أخلص الدعاء وبكل يوم نور وضياء وأن تملأ حسناتك ما بين الأرض والسماء أسأل الله أن يهبك نعيم الإيمان وعافية الأبدان ورضا الرحمن وأن يسعد أيامك ويبارك في صحتك ويجيب دعواتك....
__________________
G]IMG] |
12-04-2014, 12:13 AM | #6 |
ۉڵآېٺے ڶآڸ ݥݗݦۮ ڪھڤے
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 365
معدل تقييم المستوى: 340 |
رد: الزواج أساس البناء الاجتماعي
أحسنتِ..
الله يعطيكِ العافية يالغلا ع الطرح.. بانتظارالقادم..تحياتي..
__________________
يسلموو دياتكِ حبيبتي احلا قمر ع التصميم الرائع.. |
16-04-2014, 03:06 PM | #7 |
( мѕнααя αℓкнgℓ) مشرفة قسم السعادة الزوجية
●• فاطمية متميزة •● تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: القطيف الحبيبة
العمر: 36
المشاركات: 130
معدل تقييم المستوى: 509 |
رد: الزواج أساس البناء الاجتماعي
اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الراضية مشكورة والله يعطيك الف عافيه على المعلومات الرائعة لك من قلبي أخلص الدعاء وبكل يوم نور وضياء وأن تملأ حسناتك ما بين الأرض والسماء أسأل الله أن يهبك نعيم الإيمان وعافية الأبدان ورضا الرحمن وأن يسعد أيامك ويبارك في صحتك ويجيب دعواتك.... آختي الغآلية الراضية منورةالموضوع بنور توآجدكِ الطيب والرآآئع شآكرة لكِِ توآجدكِ العطر والرآآئع دمتي بحفظ العزيز الرحيم ولآ حرمنا البآري منكِ يآآآرب ( مشآعر الخجل ) мѕнααя αℓкнgℓ اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نــ الشهيد ــور أحسنتِ.. الله يعطيكِ العافية يالغلا ع الطرح.. بانتظارالقادم..تحياتي.. عزيزتي الفاطمية نور الشهيد آنرتي متصفحي بنور مشآركتكِ النيرة شآكرة لكِ هذه الطلة البهية دمتي بحفظ البآري سبحآنه ولآ حرمنا الرحمن منكِ يآآآرب ( مشآعر الخجل ) мѕнααя αℓкнgℓ |
18-04-2014, 04:05 PM | #8 |
彡♥ مشرفة سابقة ♥彡
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 1,454
معدل تقييم المستوى: 1331 |
رد: الزواج أساس البناء الاجتماعي
اللهم صل على محمد وال محمد
بارك الله بك عزيزتي فقد احسنت الاسلوب والاختيار ودقة ماوصفه قلمك يارب بالتوفيق دائما لخدمة المنتدى
__________________
|
24-04-2014, 01:22 PM | #9 |
( мѕнααя αℓкнgℓ) مشرفة قسم السعادة الزوجية
●• فاطمية متميزة •● تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: القطيف الحبيبة
العمر: 36
المشاركات: 130
معدل تقييم المستوى: 509 |
رد: الزواج أساس البناء الاجتماعي
آختي الغآلية جارة الجوادين سررت كثيرآ عند رؤيتي لتوآجدكِ الرآآئع هنآآآ بصفحتي المتوآضعة شآآكرة لكِ هذه الطلة العطرة والجميلة دمتي بحفظ البآري سبحآنه ولآ حرمنا الرحمن منكِ ومن مشآركآتكِ الطيبة دومآآ يآآآآرب ( مشآآآعر الخجل ) мѕнααя αℓкнgℓ |
28-04-2014, 02:08 PM | #10 |
♠ فاطمية مبتدئة ♠
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 12
معدل تقييم المستوى: 0 |
رد: الزواج أساس البناء الاجتماعي
مشكورة ع الموضوع جميل
__________________
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الفاطميات الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 (0 فاطمية و 1 زائرة ) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
التعامل الاجتماعي الناجح | راحلة | السعادة الزوجية - عالم الحياة الزوجية - الأسرة و العلاقات الاجتماعية | 1 | 21-04-2013 02:12 PM |
السقوط الاجتماعي ! | فلة | اسلاميات - برامج اسلامية, منوعات, دروس ,محاضرات أخلاق آداب إسلامية, مسابقات اسلامية | 3 | 11-08-2010 02:22 AM |
«أطباء العائلة» أساس الكشف المبكر لمشكلات النطق واللغة | احلى ولاء | الصحة والطب - مواضيع العلمية,الطبية,الثقافية -تحذيرات ,المخاطر الصحية .. | 2 | 08-05-2010 09:40 AM |
الصوم والمستوى الاجتماعي | ام رقية | الفقه - مسائل دينية - احكام شرعية - فتاوي عامة .. | 1 | 25-04-2009 05:33 PM |