السيدةرقية عليها السّلام باب العروج إلى الله

[شوق الرّوح]

السّيّدة رقيّة عليها السّلام باب العروج إلى الله:


يضفي علينا ذكر السّيّدة رقيّة عليها السّلام وجلالاً وهيبة، كآية ( قل هو الله أحد ) الّتي هي آية صغيرة في القرآن ولكنّها تحمل معانٍ وحقائق كبيرة. وقد شكّلت هذه الآية حرماً لأهل البيت عليهم السّلام والأسارى في كربلاء. وليحفظ الكلام الآتي في الأذهان حتى يكون معراجاً يتم السّير من خلاله.

قال الله تعالى *سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا) ،والسّيّدة رقيّة كانت آية من تلك الآيات التي رآها النّبيّ صلّى الله عليه وآله بمعراجه.

تقضي هذه السّيّدة الكبيرة جميع الحوائج، ولذلك فليطلب كل محتاج حاجته منها من دون الرّجوع إلى أبيها أو جدّها أو جدّتها عليهم السّلام إذ بإمكانها أن تحلّ مشكلته بشكل مباشر ( ولكن لم أقل من دون الرّجوع إلى الله حتّى لا يتمّ تكفيرنا).

ورقيّة هي تلك الحقيقة المرتبطة بالارتقاء التّام في علوّ المسائل الظّاهريّة والباطنيّة للولاية. فإذا أردنا بلوغ ذلك، علينا أن نتعلّق بذيل عباءة هذه السّيّدة الجليلة وأن نعرج من خلالها. إنّها رقيّة، وهذا الاسم يعني الارتقاء إلى المراتب العليا. فليس لدى أهل البيت عليهم السلام صغير ولا كبير، لأنّهم جميعاً متّصلون بحقائق الوحي. وهكذا حال السّيّدة رقيّة، فقد كانت تعرف الأمور والقضايا كما تعرفها عمّتها زينب عليها السّلام.

قال النّبيّ عيسى في المهد،( قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا). ولو كان عيسى بن مريم عليهما السّلام موجوداً في هذا الزّمن، لذهب يومياً وتمسّك بقفص الضّريح المطّهّر للسّيّدة رقيّة عليها السّلام طالباً العون منها. وينطبق الأمر نفسه حتّى على ابراهيم الخليل وموسى عليه السّلام وبقيّة الأنبياء. فأهل هذا البيت عليهم السّلام هم هكذا، وليسوا كما نتخيّلهم أنا وأنت.

ومع ذلك، ثمّة من يقوم بإحضار الألعاب إلى ضريح السّيّدة رقيّة عليها السّلام، فيتّضح أنّ مظلوميّة هذه السّيّدة عليها السّلام تكمن في عدم معرفتها من قبل النّاس. وإذا كان لا بد من تقديم شيء ما لتلعب به، فلتقدّم لها المنظومة الشّمسيّة وكرات عالم الوجود. إنّها رقيّة، رقيّة الّتي ينطلق العروج منها عليها السّلام. فهل ما جرى فعلاً أنّ يزيد انزعج من صوت البكاء الصّادر من الخربة فقرّر إرسال رأس الحسين عليه السّلام إليها؟ لقد حدث كلّ ذلك بإرادة من السّيّدة رقيّة عليها السّلام نفسها، وبإرادتها القطعيّة. فقد ناجت محبوبها ومعشوقها الّذي هو أباها ، فتحقّقت هذه الإرادة وفعلت فعلها. فلا يزيد ولا أيّ ملك آخر باستطاعته فعل أيّ شيء. لقد أرادت أن تزور رأس أبيها، فأحضر الرّأس إليها. وبعد ذلك جرت الأحداث كما هو معلوم. فعندما أحضروا الرّأس، أمسكت السّيّدة زينب عليها السّلام بالطّبق الذي كان يحتويه. وتقدّمت رقيّة عليها السّلام بقامتها الصّغيرة وتعلّقت بالطّبق بكلتا يديها لأنّها كانت تعلم ما بداخله، فوقع على ثوبها وارتبط العاشق بالمعشوق وتحقّق الوصال. وضعت وجنتها على وجنة أبيها ولكنّ قلبها لم يهدأ، فقد كان هذا قليلاً بالنّسبة لها. ثم وضعت وجنتها الأخرى، ولكنّ قلبها بقي مضطّرباً. فقبّلت شفتيه، وفجأة رأوا أنّها سكنت وما عادت تتنّفس، فعرفوا أنّها ماتت وحلّقت روحها إلى الملأ الأعلى.
.
السيد أحمد النجفي -كربلاء الشهود