الإيمان بموجود غير محسوس

[حروف فاطم]

من الشبهات البسيطة التي تثار حول الايمان بالله أنه: كيف يمكن الإيمان بموجود لايقبل الإدراك الحسي حيث لايمكن ادراكه بواسطة الحواس؟ وهذه الشبهة تخطر في أذهان السذج والبسطاء ذهنيا، بصورة "الاستبعاد" أو الاستغراب حيث يستبعدون ويستغربون أن يوجد مثل هذا الموجود الذي لاتدركه الحواس، ولكن وجد بعض العلماء الذين اعتمدوا في أساس تفكيرهم على "أصالة الحس" وبذلك أنكروا الموجود غير المحسوس، أو انهم على الأقل ذهبوا إلى عدم قبوله المعرفة اليقينية الجازمة

الجواب :
ان المدركات الحسية إنما تحصل نتيجة لارتباط أعضاء البدن بالأجسام والجسمانيات، وكل حاسة من حواسنا تدرك نوعا من الظواهر المادية، الملائمة بطبيعتها لتلك الحاسة، وفي ظل شروط معينة. وكما لايمكن أن نتوقع للعين أن تدرك الاصوات أو الأذن أن تدرك الألوان، كذلك يلزم علينا أن نفهم أن حواسنا غير قادرة على إدراك الموجودات كلها. وذلك:
أولا: ان هناك بعض الموجودات المادية غير القابلة للإدراك الحسي، فإن حواسنا عاجزة عن إدراك الأشعة فوق البنفسجية أو تحت الحمراء، وأمواج المغناطيسية الكهربائية، وغيرها.
وثانيا: اننا ندرك الكثير من الحقائق من غير طريق الحواس الظاهرية، ونؤمن بها إيمانا جازما، مع أنها غير قابلة للإدراك الحسي، فإننا - مثلا - نشعر بحالة الخوف والحب والارادة فينا، ونعتقد بها اعتقادا يقينيا، مع أنها من الحالات النفسية - كالروح نفسها - غير قابلة للإدراك الحسي، بل ان "الإدراك" نفسه أمر غير مادي وغير محسوس.
اذن فعدم إدراك شئ بواسطة الحواس ليس دليلا على عدم وجوده، بل لاينبغي أن يكون سببا في الاستبعاد والاستغراب أيضا