أمنياتٌ ... تحت مجهر الاختبار

[عشقي حسيني]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ....

في خضم ذكرى فاجعة الطف الأليمة تلتهب مشاعر المحبين للإمام الحسين وأهل بيته وصحبه الطاهرين ( عليهم السلام) لما أحيا هذا الأب الروحي وأعاد إلى جسد الإسلام رونقه وبهاءه فاخضرّت بدمائه الأديان السماوية ولا سيما دين جده المصطفى محمد (صلى الله عليه واله وسلم) فبعث فيه الأمل بعد الذبول والإشراق بعد الأفول، تلك حقاً عواطف ولائية وهاجة تنبع من أعماق روحية مفعمة بالعشق لهذا الطود العملاق المتمثل بأبي الأحرار (عليه السلام) وأمنيات هذا الزائر فيما لو انه عاش فعلا ً فصول واقعة كربلاء الدامية وشهد الحسين عليه السلام بشخصه وتشرف بنصرته وقاتل وقُتل بين يديه وهذا ما تترجمه العبارة الواردة في زيارة وارث ( فياليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً ) ..
أمنية امتزجت باللوعة والغصة المنبعثة من قلب قد اكتوى بنار الأسى والتأسف لتخلفهم عن الالتحاق بالركب الحسيني الشريف والفوز بالجنان في مقعد صدق عند مليك مقتدر، ولكن ربما يطرح السؤال نفسه هل هذه حقاً أمنية صادقة أم إنها كذلك عند البعض وصعبة التنفيذ عند البعض الآخر؟! أي هل اكتملت في الزائر شروط طلبها؟ فالمستمع للحديث القائل (إن المحب لمن يحب مطيع) ألا يجد نفسه أمام معادلة طردية يجب الالتزام بها، فالمحب للحسين والمؤمن بقضيته العادلة لا يمكن بأي شكل وتحت أي ظرف أن ينحرف عن مبادئ ثورته المحمدية ومقارعته للظلم والاستبداد، ألا يأتي بالحسبان حجم التضحيات التي لا مثيل لها على وجه المعمورة لدماء طاهرة وأجساد قدسية قرابين نُحرت على مذبح الحرية تلك الحرية التي أعادت للإنسان إنسانيته والتي لولاها لتراجع الإسلام القهقرى حيث الجاهلية المقيتة ولاستحكم بنو أمية بسطوتهم زمام البشرية وحكموا بشريعة الغاب بدلا ً من شريعة السماء السمحاء.
فليسأل كل منا نفسه قبل أن نُسأل ماذا قدمنا للحسين عليه السلام عرفاناً وشكراً منا إليه ؟ هل فهمنا قصده عندما أطلق نداءه الخالد ( هل من ناصر ٍ ينصرني) فاخترق صداها الخافقين! وهل نحن فعلا ً مؤمنون لمغزى العبارة ( فياليتنا كنا معكم ...فماذا نسمي إذن تلك المظاهر المخالفة لبنودها، لأجل هذا تحتم علينا أن نُخضع أمنياتنا للاختبار ولنُسلط عليها مجهر الضمير ولنقارنها مع أفعالنا إن كنا صادقين مع خالقنا وإمامنا ولا نسعى إلى المجاملة في الدين فنكون من الظالمين، ولنستحضر بعين البصيرة مفاهيم الثورة الحسينية وجهاد أبطالها لنصرة الحق فهل قُتل سبط الرسول وأخوه أبو الفضل بأبشع الصور إلا لأجل إقامة الصلاة وذكر الله تعالى ورغم ذلك يغفل بعض الزائرين عن أدائها فيسمع صوت الداعي وهو لاهٍ عنها!!. وهل قطعت أجساد شباب بني هاشم كالأكبر والقاسم حتى نرى بعض شبابنا وقد يتظاهرون بمظاهر الغرب المستوردة بفكر ٍ كانت أم فعل وبما ينافي انتمائنا لتلك المدرسة الفكرية الخالدة!!. وهل سُبيت عقيلة الطالبيين وباقي المخدرات وضُربت سكينة عزيزة الحسين حتى نرى بعض نسائنا وبناتنا قد أرخت حجابها وتزينت أو تعطرت بما يغضب الله ورسوله ما يجعلها صيداً سهلا ً لضعاف النفوس!! وحتى الأطفال فلهم نصيبهم في الاقتداء بمسيرة أطفال عاشوراء النبيلة.
وتمر ذكرى أحزان آل محمد سنوياً لتدعونا ككل لنطهر نفوسنا من رواسب الذنوب على أمل إصلاحها وعدم العود إليها فقلما تَضِلُ روح جعلت من الحسين (عليه السلام) نبراساً لها نحو الهدى ولتكون مصداقاً للآية الكريمة ( وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان) فنُحسن لمن أحسن إلينا ولو بالنزر القليل كرامة لنا ولأجيالنا القادمة وتمهيداً لدولة العدل المهدوية الخالدة.

ونسألكم خالص الدعاء