مكتبة الصغير تعني له الكثير

[زهرة الياسمين]

بِسْم الْلَّه الْرَّحْمَن الْرَّحِيْم
الْلَّهُم صَل عَلَى مُحَمَّد وَآَل مُحَمَّد الْطَّيِّبِين الْطَّاهِرِيْن
الْسَّلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الْلَّه وَبَرَكَاتُه

مكتبة الصغير تعني له الكثير

* عبدالله محمد عبدالمعطى



إنّ الطفل بطبيعته يميل إلى الجمع والادخار، ويرغب في التملُّك والإقتناء، ولكي نحسن توجيه وتوظيف هذا الميل وهذه الرغبة؛ فإن علينا أن نشجِّع أطفالنا – بل ونساعدهم – على إمتلاك الكتب واقتنائها، حتى يكون لكل طفل مكتبته الخاصّة به، وبهذه الطريقة نغرس في نفس الطفل حبّ الكتاب وإحترامه؛ فيحافظ عليه وعلى نظافته، ويعمل على وقايته من الضياع أو عبث الغير، وقبل هذا كلّه يتعلّم أن إمتلاك كتاب خير من إمتلاك توافه الأغراض فينفق ماله – مستقبلاً – في تحصيل الزاد الذي يرضي عنه ربّ العباد. فليبدأ أطفالنا – من هذه اللحظة – في تكوين مكتباتهم الخاصّة، والتي ستبدأ في نظرنا هزيلة، ولكنّها ستكوّن عندهم الرغبة في بناء المكتبة والإرتفاع بقدرها، ولا تهولنك فكرة (مكتبة الطفل الخاصّة) فتتصوّر من ورائها تكلفة مادية تدفعه للنجار، وزحمة جديدة في البيت، فكم من مكتبة بدأت في صندوق فارغ، أو علبة كرتونية بسيطة، أو درج بالبيت، ثمّ أصبحت بعد ذلك شيئاً مذكوراً، وعلى قدر طاقتك أنفق والله يخلف عليك بالخير والبركة والأجر الجزيل...

وتكوين مكتبة الصغير يبدأ قبل أن يبلغ من العمر ستة أشهر، لأن ارتباطه بالكتب وتعلّمه للقراءة يبدأ من سن ستة أشهر، وهذا ما أشار إليه الطبيب "ميخائيل ميقار لادو" في مجلة "فوكس أون هيلث" في أحد أعدادها تحت عنوان "كيف تربط أبناءك بالكتاب"، والذي أشار فيه إلى أن تعليم الأطفال للقراءة وربطهم بالكتب يبدأ منذ بلوغ الطفل ستة أشهر. ولقد استفادت بعض دور النشر من تقنيات الكمبيوتر لتطوير شكل الكتاب، فكما تستطيع أن تضغط على أيقونة (قطة مثلاً) على جهاز الكمبيوتر لتحصل على معلومات عن عالم القطط على سبيل المثال، هناك أنواع من الكتب تستخدم طريقة شبيهة، فهناك كتب تصدر صوت الكائن الحي إذا ضغط على صورته، وهناك أنواع تطلق رائحة الزهرة إذا كان الكتاب يتحدّث عنها. لم يعد الطفل يستخدم عينه فقط في القراءة، بل أنفه ويده وأذنه خاصّة في الكتب التي تقدّم لمرحلة من سن 3 أشهر إلى 6 أشهر، ونجد أيضاً كتباً مصنوعة من القماش، وأخرى من الخشب، وثالثة من مادة الفوم التي لا تؤذِّي الطفل وغير قابلة للقطع، وأشكالاً كثيرة من الكتب المجسمة، وكلّها تقنيات جعلت الكتاب في متناول الطفل الصغير جداً...

أيُّها المربّي الكريم؛ عليك مراعاة ذوق طفلك في الكتب التي تشتريها أو تقرؤها له؛ فبعض الأطفال – خاصّة الذكور – يحبون الكتب وقصص المغامرات التي يواجه الخير فيها الشر، بينما يحب آخرون – خاصّة البنات – الكتب التي تبحث في العلاقة الإنسانية والصداقات والقصص الرقيقة ذات الأحداث والنهايات اللطيفة، إن كل كتاب ينسجم مع إهتمامات طفلك هو كتاب جيِّد؛ فكن مثابراً وصبوراً عند إختيار ما يحبّه أبناؤك من كتب، ابحث في قسم الألعاب والهوايات في محلّات بيع الكتب، واختر كتاباً عن الأشغال اليدوية إذا كانت طفلتك تقضي وقتاً طويلاً في صنع أشياء مفيدة، وإذا كان طفلك يحب ألعاب الفك والتركيب فاشتر له كتباً تتحدّث عن كيفية صنع الأشياء، وابحث عن كتب الفنون والرسم إذا كان طفلك ممّن لديهم هواية الرسم، واشتر كتباً تتحدّث عن الأسماك وطرق صيدها إذا كان ابنك يهوى الصيد، وإذا كانت طفلتك تحب الحيوانات فأنت محظوظ؛ لأن هناك المئات من كتب الأطفال عن الحيوانات، ولم يكتب الكتاب عن إهتمام آخر للأطفال بمثل هذا الكم، ولكن هناك كتب عن الرياضة بأنواعها، وكتب أخرى عن الصيد والنزهات، فإن لم تعثر على كتب مناسبة لهوايات طفلك فابحث عن مجلات ودوريات وإشترك له فيها، واعلم أيّها الوالد الكريم أنّ مجرّد الإعجاب بكتاب واحد أو اثنين في البداية يمكن أن يمتد ليصبح حبّاً للقراءة بشكل عام؛ لذا عليك توفير هذه الكتب التي يحبّها طفلك...

وننصحك قبل أن تهدي الكتاب لطفلك أو تشتريه له أن تقرأه جيِّداً وتراعي فيه ما يلي: أن يكون مكتوباً بلغة مناسبة لمرحلة ابنك العمرية؛ ويراعي ألا تزيد الكلمات الجديدة في الصفحة الواحدة عن كلمتين؛ فكثرة الكلمات الجديدة أو المعقّدة تصيب الطفل بالملل وقد تنفره من القراءة، وبه العديد من الصور والرسومات التوضيحية، ونوعية الورق (أو الخامة) المصنوع منها الكتاب جيِّدة ومتينة، والطباعة واضحة وجذابة.


اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

منقووووول