نفقة الزوجه والاولاد....حقوق وواجبات

[فرقان]

البيت السعيد : (نفقة الزوجة والأولاد .. حقوق وواجبات)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الأطياب الميامين .
من مفاخر المذهب الإمامي ، أنه يمتاز بالفقه عن غيره من المذاهب الفقهية ، بإستيعابه حركة الإنسان المعاصر بعنصري الزمان والمكان في التأثير على موضاعات الحكم الشرعي ، الذي يجد من الفضاء الواسع في حركة التجديد بفتح باب الإجتهاد .
من هنا أصبحت المدرسة الفقهية الإمامية تواكب كل جديد ومستحدث وتستوعب تطورات الحياة المختلفة .
ورغم هذا الإنجاز الكبير تبقى الكثير من المسائل الفقهية المهمة حبيسة في بطون الكتب الإستدلالية ، والموسوعات الفقهية ، كموسوعة الجواهر للشيخ النجفي ، وموسوعة الحدائق الناضرة للعلامة والمحقق البحراني وغيرهما . ـ 1


ومن تلك المسائل الفقهية التي تمس حياة وواقع الإنسان ، والتي وقع فيها إشكالات في الفهم أو مغالطات في النقل ، هي نفقة الزوجة والأولاد ، متى تجب ؟ ومتى تسقط ؟
في السطور التالية ستجد عزيزي القارئ ، أن هناك جهداً في العبور معك في جهات فقهية متعددة وبطريقة مبسطة ، لأجل الوصول للمعلومة وفهمها بطريقة مريحة إن شاء الله تعالى .
قال تعالى في محكم كتابه الكريم ، بسم الله الرحمن الرحيم ، ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة . ـ 2
ورؤتنا لهذه الآية الشريفة ، تتلخص في أن الزواج مقدساً في السماء قبل أن يكون في الأرض ، ثم لأجل الديمومة في هذا الرباط العظيم والمقدس ، نحتاج لـ


1/ المودة ، وهذا تعبير قرآني راقي ، لكلا الزوجين ليحصل بينهما التجاذب والتناغم والحب والعاطفة .


2/ الرحمة ، ويبدوا لي أن الرحمة هنا هو مقوم وعلاج في حال حدوث التنافر وكثرة المشاكل ، وعند غياب المودة تأتي الرحمة كعلاج وحل مشكلاتنا الزوجية ، بأن يرحم بعضنا البعض بالتحمل والصبر برجاء الثواب والرحمة من الله .


وننطلق في البحث بالسؤال التالي المتفرع من شقين :


السؤال : ما هي حقوق الزوج ؟ وما هي حقوق الزوجة ؟
في البدء لا ينبغي أن يكون بين الزوج والزوجة هاجس الحقوق والواجبات ، بقدر ما يكون التركيز والسعي نحو بناء وأسس البيت السعيد .
فالشرع المقدس قرر أن للمرأة وبمجرد الإنتهاء من إجراء العقد الزوجي أن لها مميزات ، كما قرر أن عليها إلتزامات ، وبعض هذه المميزات وكذلك الإلتزامات مشروطة بالدخول ومنها :
1ـ العلقة الزوجية .
2ـ المبيت .
3ـ النفقة .
4ـ التوارث بينهما .


ولكن نجد أن هناك تأكيداً في الروايات وفتاوى الفقهاء رضوان الله عليهم ، بشأن المرأة بعنصرين :
الأول : النفقة .
الثاني : حق الإستمتاع . ـ 3


وهنا ذكر بعض الفقهاء أن حق الزوجة في الاستمتاع ينحصر في جماعها كل أربعة أشهر مرة واحدة ، وخالف آخرون فقالوا بأنه يجب على الزوج أن يستجيب لها بالنحو الذي تحتاجه من هي مثلها عادة ، سواء من حيث الفترة التي تفصل بين مواقعة وأخرى أو من حيث ما هو مألوف من الكيفية المناسبة من الملاعبة والإقبال عليها ونحو ذلك ، حتى لو كانت قادرة على التعفف والصبر عن الحرام عند حرمانها . ـ 4


كما يأتي التأكيد والتشريع للرجل على المرأة الزوجة بعنصرين وهما :
الأول : آداء حق الفراش .
الثاني : وأن لا تخرج من بيته إلا بإذن الزوج . ـ 5


إذن نطرح تساؤل : متى يجب الإنفاق على الرجل ؟
هناك أسباب وأهمها :
السبب الاول : يجب الإنفاق على الزوجة التي تزوجها بالعقد الدائم لا المؤقت . ـ 6
السبب الثاني : التمكين الكامل .


ولكن هل وجوب النفقة على الرجل للزوجة بالمطلق ؟
هناك آراء :
الرأي الأول : المشهور بين العلماء .
تجب النفقة والإنفاق للزوجة إنما إذأ مكنت من نفسها ، بمعنى أن النفقة مشروطة بالتمكين والمعاشرة الزوجية . ـ 7


ولا بأس هنا أنقل لكم إجابة إستفتاء لسماحة آية العظمى السيد السيستاني حفظه الله تعالى من كل مكروه .
السؤال : هل تستحق الزوجة النفقة اذا امتنعت من تمكين الزوج من نفسها مطلقاً ؟
الجواب : إذا امتنعت الزوجة من تمكين الزوج من نفسها مطلقاً لم تستحق النفقة عليه ، سواء خرجت من عنده أم لا على الاَظهر . ـ 8


وكذلك إجابة سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دامت بركاته .
السؤال : شخص ارتبط مع فتاة بعقد الزواج الدائم ولكن يكون زفافه بعد فترة طويلة، فهل في هذه الفترة يجب عليه النفقة تجاه زوجته ؟
الجواب : في مفروض السؤال ـ لا تجب النفقة على الزوج في الفترة التي لا تمكين من الزوجة . ـ 9


وهذا الرأي هو عند أغلب فقهائنا المعاصرين حفظهم الله ، وهو ما يُطلق عليه بالرأي المشهور عند العلماء .
الرأي الثاني : تجب النفقة بالمطلق ، أي بمجرد العلقة الزوجية .
وذهب إليه بعض من علمائنا القدماء قدس سرهم الشريف ، وبه خالف فتوى المشهور كالعلامة ابن ادريس الحلي ، ومال إليه من الناحية النظرية فقط الشهيد الثاني رضوان الله عليهما ، حيث يقول الشهيد أن الدليل يعضد أبن ادريس ولكن ما يمنع أن نقول ما أفتى به ابن ادريس هو رأي المشهور . ـ 10
ومن العلماء المعاصرين نُقل عن المرجع الشيرازي قدس سره ، أنه يرى أن الزوجة تستحق النفقة لمجرد العقد الشرعي ولصدق الزواج وبذلك لا يشترط التمكين . ـ 11



::: مسألة شرعية وطريفة :::
رجل بخيل ولا يخرج الحقوق الشرعية ، ولا يؤدي النفقة الواجبة عليه لزوجته وأولاده . هل يجوز للأبناء و الزوجة أخذ نفقاتهم من ماله بدون علمه ؟
الجواب :


::: جواب مكتب المرجع السيد الخامنئي دام ظله :::


باسمه تعالى
بالنسبة لنفقة الزوجة إذا امتنع الزوج عن دفعها فطالبته بها ولم يمكن إجباره من الحاكم أو عدول المؤمنين أو فساقهم جاز لها الاقتصاص من ماله ولا يتوقف على إذن الحاكم ، وأما الأولاد فيتوقف جواز الاقتصاص على إذن الحاكم .


::: جواب مكتب المرجع السيد السيستاني دام ظله :::


باسمه تعالى
ج : يجوز للزوجة أن تأخذ من ماله بمقدار نفقتها الواجبة عليه إذا كان ممتنعاً من الأداء .


::: جواب مكتب المرجع الشيخ مكارم الشيرازي دام ظله .


بسم الله الرحمن الرحيم
بعد تحية والسلام
جواب : يجوز أخذ حقوقهم وحقوق الشرع من أمواله إذا لم يكن فيه مفسدة .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مكتب سماحة آية الله العظمي مكارم الشيرازي / قسم الاجوبة والاستفتاءات . ـ 12


وفي هذا المورد الشرعي والأخلاقي وأيضاً الفقهي لدي تعليق من جهتين :
الجهة الاولى : كما تتبعنا في الآراء للفقهاء وجواز إقتصاص النفقة للزوجة من دون إذن وعلم الزوج ، لأنه حق لها فرضه الدين لها ، كما يجوز للزوجة إسقاط النفقة عن زوجها وأن تفرغ ذمته ، وبالتالي لا يجب عليه أن يدفع لها النفقة ، مما يعني ليس لها الحق في مطالبته بأدأئها متى أسقطتها .
الجهة الثانية : أن آراء العلماء الأعلام دامت بركاتهم في جواز أن تأخذ الزوجة نفقتها من دون إذنه ، إنما يجوز بشرطين :
الأول / قدرة الزوج على الإنفاق ولكنه يمتنع .
الثاني / الأمن من الأذى الجسدي أو النفسي . ـ 13
أو أن ترفع أمرها للحاكم الشرعي ليجبره على الإنفاق ، كحل وعلاج طارئ .
أما في حال أن كون الزوج عاجزاً عن الإنفاق على الزوجة ، فالرأي الرأجح للمرأة ذاتها ولها ثلاثة طرق كما يقرر العلماء :
الطريق الأول : أن تصبر وتدبر أمر نفقتها بنفسها ، من خلال التكسب اللائق بحالها .
الطريق الثاني : أن تطلب الطلاق والعياذ بالله .
الطريق الثالث : إن أمتنع رفعت أمرها للحاكم الشرعي فيأمره بطلاقها .