الحسد يفني الجسد

[حروف فاطم]

صفة ذميمة تأجج نيران الحقد في نفس من يتصف بها فيكون أسيرا لها وعبدا مطيعا لما تأمره به وتكون النتيجة السقوط في حبائل الشيطان الذي عصى ربه من خلال حسده لآدم عليه السلام حينما أمر والملائكة بالسجود لآدم فتاججت نيران الحقد في نفسه على آدم كيف يسجد لمخلوق يعتقد بأنه الأفضل منه حيث خلق من نار وآدم خلق من الطين ومن هنا صار حاسدا لآدم وبدأ يحيك المؤامرات ضده حتى وسوس إليه بأن يأكل من الشجرة التي نهاه الله عن أكلها لأنها ستكون سببا في إخراجه من الجنة وفعلا أخرج آدم من الجنة وهبط على هذه الأرض وكذلك إبليس عليه لعائن الله الذي آل على نفسه أن يغوي بني آدم حقدا وحسدا باستثناء عباد الله المخلصين فإنه لا سبيل إليه على إغوائهم ، وأول مخلوق بشري تأججت فيه نيران الحسد كان قابيل إبن آدم حيث حسد أخيه هابيل لإخلاصه في تقربه إلى الله تعالى وقبول الخالق جل وعلا للقربان الذي قربه إليه بنية صادقة ولم يتقبل قربانه لعدم إخلاصه لربه فصار أسيرا للشيطان إلى أن أقدم على قتل اخيه وكانت أول جريمة قتل ترتكب على وجه الأرض وسببها الحسد والعياذ بالله .
بماذا يتصف الحاسد ؟
يتصف الحاسد بدناءة النفس فيعرف من خلال نظراته الشيطانية وأقواله التي لا تخلو من الإعتراض على خالق الوجود في تقسيمه للأرزاق وتمنيه زوال نعمة أنعمها الله على غيره حتى لو لم يتحصل عليها وتعليقاتهم الشيطانية بكلماتهم النابية والخالية من ذكر الله العظيم يكون لها أثرا سلبيا على من يوجهوا تعليقاتهم إليه وهذه قصة واقعية شاهدتها بام عيني لأحد هؤلاء الحساد
هبطت طائرة إخلاء طبي في إحدى المستشفيات فكان من ضمن الواقفين لمشاهدة هبوطها هذا أبو لسان لا يعرف لله ذكرا فنادى بأعلى صوته ( ما أكبر هذه الجرادة وما أعلى صوتها والغريب أنها تطير من غير أجنحة ) وما تم كلامه إلا ويهدأ ضجيجها وتتوقف مروحتها وتتعطل عن العمل فجأة فأتوا بالمهندسين وحاولوا تشيغلها فلم يتمكنوا ولم يعرفوا سبب وقوفها وبقيت 3 أيام لا حراك لها وفي اليوم الرابع جيء بالمتسبب في إيقافها وأمر بإعادة تشغيلها كما تسبب في تعطيلها فما كان منه إلا أن بصق بجانبها وإذا بها بإدارة واحدة لمحركها بدأت تعمل وكأنها لم تتعطل من قبل
وهناك من يؤثر بعينيه ومنهم من يحرق نفسه قبل أن يحرق غيره والقصة التي سأذكرها قد تكونوا سمعتموها أو قرأتموها في الكتب
رجلان تجاورا كان أحدهما أنعم الله عليه والآخر في نعيم أقل من جاره فحسده على هذه النعمة وأخذ يفكر كيف يتخلص منه إلى أن حانت له فكرة شيطانية فذهب إلى السوق وأشترى عبدا وحبلا وسكينا وأتى إلى منزله وأخذ يخدم ذلك العبد فاستغرب وخاطبه أنت سيدي والواجب أن أقوم أنا على خدمتك لا أن تكون أنت من يخدمني فأجابه أتريد أن تعرف لم أخدمك ؟
لأني أريد منك مهمة عظيمة تقوم بتنفيذها هذه الليلة إذا نامت العيون وهدأت الأصوات فلما صار الليل جاء بالغلام إلى سور دار جاره حاملا معه الحبل والسكين فأمر عبده أن يتسلق الجدار وتسلق هو من بعده فلما وصلا إلى سطح الدار أمر غلامه أن يربطه جيدا ثم يقوم بحز نحره فاستنكر العبد هذا الفعل فقال له أنا أمرتك وعليك التنفيذ فطلب منه قبل أن ينفذ الجريمة أن يعلمه عن سبب إقدامه على ذلك ولم إختار سطح جاره فقال له لكي يتهم جاري بقتلي فيقتل من بعدي وبذلك أضمن أنه لن يستفيد من أمواله أبدا فقام العبد بتنفيذ ما أمره سيده وبعد لحظات من ذبحة سال الدم من ميزاب السطح فرأى حرس الحي ذلك فهاجموا الدار ووجدوا الغلام بجانب جثة ذلك الرجل وعند التحقيق إعترف بحقيقة أقدامه على القتل فنجا صاحب الدار وذهب ذلك الرجل إلى الجحيم التي أحرقته في الدنيا قبل أن يصل إليها في الآخرة
قال أمير المؤمنين عليه السلام ( الحسد يفني الجسد )
نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من شرور الحاسدين ويرد كيدهم في نحورهم وأن يعيذنا من هذه الصفة التي تكون وبالا على صاحبها قبل الآخرين بذكرنا الدائم لله والرضا بما قسمه الله وأن تكون نظرتنا للمتنعمين بأي نعمة لم تقسم لنا بنظرة الغبطة لذلك المنعم عليه والدعاء له بالزيادة والدعاء لأنفسنا بالمثل لا بتمني زوال النعمة منه
كما ندعوه أن يعيننا على أنفسنا كما يعين الصابرين على أنفسهم ببركة الصلاة على محمد وآله الطاهرين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته