01-12-2010, 03:46 PM
|
#22
|
~¤ مشرفة سابقة ¤~
تاريخ التسجيل: Feb 2010
الدولة: سيهآآت
العمر: 31
المشاركات: 267
معدل تقييم المستوى: 31
|
رد: ألم ذلك الحسين ,, رواية رآئعة لـ كمال السيد
7
ما بين ((عين التمر)) و((القريات)) ، لاحت من بعيد خيمة وحيدة .. في خارجها رمح مركوز وفرس تحمحم .
وفي داخل الخيمة رجل وحيد .. فرّ من الكوفة .. يريد أن ينأى بنفسه بعيداً عن قدر رهيب .
فجاءه رجل من أقصى الجزيرة يسعى .
-ماذا تريد !!
-إني جئتك بهدية وكرامة . هذا الحسين يدعوك إلى نصرته .
أجاب الرجل الوحيد :
-والله ما خرجت من الكوفة إلا لكي لا أراه .. لعلّك لم تسمع الأخبار .. لقد خذلته شيعته ..
قُتل ((مسلم بن عقيل)) و ((هاني بن عروة)) ورجال آخرون ، ولا أقدر على نصره ..
وأردف وهو يطرق برأسه إلى الأرض :
-ولست أحب أن يراني وأراه .
ولكن الحسين أراد أن يراه فمضى إليه .. ورآى ((الجعفي)) لمّة من الناس تهفو إليه .
رجل ذرّف على الخمسين وحوله رجال وصبية وأطفال قادمين ، فأوسع لهم في المجلس ،
وجلس الجعفي قبال رجل لم يره من قبل .. تموج في جبينه طيوف النبوّات .
أراد أن يكسر حاجز الصمت ، فقال مبتسماً وهو يشير إلى لحية تشبه ليلة غاب فيها القمر :
-أسواد أم خضاب ؟!
-عجّل عليّ الشيب يا ابن الحرّ .
-خضاب إذن !
-يا ابن الحرّ .. ألا تنصر ابن بنت نبيّك وتقاتل معه ؟
-إنّ نفسي لا تسمح بالموت .. ولكن فرسي ((الملحقة)) هذه لك ..
والله ما طلبت عليها شيئاً قط إلا لحقته .. ولا طلبني أحد إلا سبقته .. .
-أما إذا رغبت بنفسك عنّا ، فلا حاجة لنا في فرسك .
ونهض الحسين . كان يريد أن يرفع الرجل .. أن يسمو به ، ولكنه اثّاقل إلى الأرض .
وفي آخر الليل أمر الحسين فتيانه بالاستسقاء والرحيل . ونهضت النوق ..
يمّمت وجوهها نحو الأرض التي بورك فيها للعالمين ..
وكان هناك ألف ذئب تتوهج عيونها غدراً ..
القافلة تسير .. تشقّ طريقها في الظلام .. تتبعها قطعان من الذئاب وهي تعوي في آخر الليل .
لاح راكب من بعيد .. مدجج بالسلاح .
كان رسولاً من ابن زياد إلى ((الحرّ)) يحمل إليه كتاباً خطيراً .
قرأه الحرّ بصوت يسمعه الحسين :
-جعجع بالحسين حين تقرأ كتابي ولا تنزله إلا بالعراء على غير حصن ولا ماء .
قال الحسين :
-دعنا ننزل ((نينوى)) أو ((الغاضريات)) .
-لا أستطيع . فحامل الكتاب عين عليّ .
قال (( زهير بن القين )) ، وكان رجلاً صحب الحسين على قدر :
-يابن رسول الله ! دعنا نقاتلهم ..
إن قتال هؤلاء أهون علينا من قتال من يأتينا بعدهم . فلعمري ليأتينا ما لا قبل لنا به .
-ما كنت أبدأهم بقتال .
-ههنا قرية و((الفرات)) يحدق بها من ثلاث جهات .
-ما اسمها ؟.
-((العقر)) .
-نعوذ بالله من العقر .
والتفت الحسين إلى الحر :
-سر بنا قليلاً .
ومضت القافلة لا تلوي على شيء .. يتبعها ألف ذئب أغبر .
اهتزّت البوصلة .. تعثرت النوق .. ووقف جواد الحسين .. تسمّر في مكانه ..
رفعت النوق رؤوسها .. تلفتت .. لعلّها شمّت رائحة وطن تبحث عنه .
سأل الحسين :
-ما اسم هذه الأرض ؟
-الطّف .
-فهل لها اسم آخر ؟
-كربلاء .
تجمعت الدموع في عينيه كغيوم ممطرة :
-أرض كرب وبلاء ... ههنا محطّ ركابنا وسفْك دمائنا .
بهذا أخبرني جدّي رسول الله .
وفي تلك الليلة ، لاح هلال ((المحرّم)) حزيناً كقارب وحيد .. تائه في بحر الظلمات .
تعالت أصوات رجال يدقّون أوتاد الخيام ، وضحكات بريئة لأطفال يلهون في الرمال ..
ونسائم عذبة تهبّ من ناحية ((الفرات)) ، وكان الحسين واقفاً يتأمّل الأفق البعيد..
يحدّق في آخر الدنيا .
،
__________________
عظم الله لكم الأجر
لكم وحشة فاطميات ..
|
|
|