اذا ظهر المهدي عليه السلام 5

[الاء الرحمن]

بسم الله الرحمن الرحيم
.لا يربح المؤمن على المؤمن
إذا ظهر المهدي (عليه السلام) لا يعمل المؤمن العمل من أجل الربح المادي بل يبيع بنفس السعر الذي اشترى به البضاعة وينتظر الأجر الأخروي على عمله، فإن الإنسان عظيم جداً عند الله ولا يريده أن ينفق من عمره وفرصته في الدنيا من أجل المال، وقد تكفل له بالرزق فلا يريد له أن ينشغل بالهم به أو يحرم من التكامل انشغالاً بتوفير لقمة العيش.
فإن المال يكثر في زمان المهدي حتى يهمّ الرجل من يقبض صدقته منه، وإذا جاء سائل للإمام المهدي يسأل مالاً فإنه (عليه السلام) يحثو له المال حثواً ولا يعده.
ولا تجد هناك من يربح على أخيه المؤمن ففي رواية الشيخ الطوسي بسنده عن سالم قال: (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الخبر الذي روي أن من كان الرهن أوثق منه بأخيه المؤمن فأنا منه بريء(1)، فقال: ذلك اذا ظهر الحق وقام قائمنا أهل البيت، قلت فالخبر الذي روي عن ربح المؤمن على المؤمن ربا ما هو؟ قال: ذاك إذا ظهر الحق وقام قائمنا أهل البيت وأما اليوم فلا بأس أن يبيع من الأخ المؤمن ويربح عليه)(2).
ومعنى الحديث أننا في أزمان الغيبة مأذون لنا بالربح على المؤمنين بأن نبيع لهم ونربح منهم لأننا في زمان صعب والحياة فيه قاسية، أما في عصر الظهور فإن ربح المؤمن على المؤمن ربا والربا محرم.
وهذا النمط من الحياة يحتاج إلى شيئين مهمين:
الأول: تربية نفسية عالية تجعل الإنسان يؤثر غيره على نفسه ويعمل لأجل الآخرين، وثقة بالله تعالى أنه سيوفيه أجره، وهمة في العمل فلا يتكاسل الشخص حين يرى كل شيء موفراً له فلا يعمل.
الثاني: نظام اقتصادي يضمن التوازن والرفاء، ويوفر للمؤمن الحاجات الأساسية لمعيشته.
وقد طرح منظرو الشيوعية فكرة المجتمع الذي ينكر الإنسان فيه ذاته أمام المجتمع فيعمل من أجل الآخرين ويجد حاجاته موفرة في الطور الأخير من التأريخ طور المشاعة، ولكنهم لم يطرحوا منهجاً للتربية يجعل الإنسان يترك حب الذات ويؤثر على نفسه، ولا نظاماً يعوض الإنسان على جهده الزائد فلا يتواكل على الآخرين، بل تحول قادة الشيوعية أنفسهم إلى خزنة للأموال ودكتاتوريات على حساب الفقراء والعمال، بخلاف الرؤية الإسلامية التي تجعل كل عمل يقوم به الإنسان محسوباً له في الآخرة ويكون ربحه في ذلك العالم بالعملة التي لا تزول والأجر الثابت، فرفع الإسلام قيمة عمل الإنسان ووقته عن أن يقاس بالربح المادي اليسير أو مجرد قضاء حوائجه التي لا قيمة لها أمام خيرات الأرض التي ستظهر في دولة العدل الإلهية على يدي المهدي (عليه السلام) في آخر الزمان.
ورغم أن النظام الذي يعمل به المؤمن من أجل الأجر الأخروي ولا يتربح على إخوته المؤمنين نظام مستقبلي له ما يساعده إلا أننا وجدنا بعض المؤمنين اليوم لا يربح على إخوته المؤمنين ويأنف من أن يؤثر نفسه عليهم ويتقرب إلى الله بخدمتهم انتظاراً للأجر الأخروي ومحبة وموالاة لأئمته، وهذه من بشائر الظهور المبارك.
هامش
=====
(1) الرهن المقصود هو أن يقرضك الشخص ديناً أو يعيرك شيئاً ويأخذ منك رهان ليضمن وفاءك بالدين أو إعادتك للشيء.
(2) من لا يحضره الفقيه ج3 ص313.
الاستاذ عماد علي الهلالي