الطوفان الجازف لجيش الفسق

[مواليه لامير المومنين ع]

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
مولاي أبا الفضل: ماذا عساي أن اقول فيك وأنت الموج المتلاطم والطوفان الجارف لجحافل الظالمين
سيدي: ألتمس العذر منك فسطوري في حقك باهتة وحروفي مبعثرة وفكري عاجز ..
كيف لي أن أصفك وأنت البطل الذي أرعب قلوب الطغاة والسيف الذي فصل الرءوس عن الأبدان وأنت الأبي الذي لا يُضام
أنت للتضحيات عنواناً وللمواساة مثلاً وللتألق في ساحات الوغى رمزاً ، وأنت للثوار قدوة وللأحرار سيداً ، وأنت خير من حمل الروح على الكف فداءاً لولي الله ونصرة لدين الله
يا بن بطل الإسلام: كيف لي أن أتحدث عنك وأنت ابن أسد الله المُفدي لرسول الله والمحامي عن دين الله والمُنكس لأعلام الباطل والمُكسرلأوثان الشرك ، والناشر لراية الحق ، ومُعين المختار في نشر رسالته الخالدة ، قد ابتاع نفسه لله واشترى بها مرضاة الله قاتل مرحب سيف اليهود وعمرو بن عبد ود سيف العرب وساحق لأعداء الله
أنت الشبل الذي نشأ في أحضان الأسد الضرغام وأنت الشعاع لنور علي الكرار ، وأنت القمر العاكس لشعاع شمس الإسلام ، فلا غرابة أن أراك في كربلاء بشعاعك الخاطف قد غشيت عيون الفجار وبسيفك القاطع قد فتحت ثغرات في جحافل جيش الضلال وشتت جمع ألوفهم حتى كشفتهم عن المشرعة وامتلكت رغماً عنهم ماء الفرات
سيدي: يا صاحب النُبل وسيد الخُلق وطَيب النفس ليس لي سبيل في وصفك ولا في تقييم موقف واحد من مواقفك العظيمة التي بها سموت وبها ارتقيت وبها نلت أعلى الدرجات فأنت للحسين خير أخٍ ولإمام الحق خير مدافع ولدين الله خير ناصر ، يكفيني أن أذكر من مواقفك ذلك الموقف النبيل والذي تجلى ناصعاً كالشمس في رابعة السماء أنك حينما امتلكت المشرعة لم تُعطِ لنفسك مجالاً أن تتلذذ بماء الحياة مع أنك في أمس الحاجة لقطرةٍ منه تطفئ بها لهيب قلبك وتبلل بها عروق جسمك ، أردتَ بذلك أن تواسي أخاك سيد الشهداء ، فتركتَ شرب الماء وملأت القربة هدفك أن توصلها لفسطاط النساء لتُبرد بمائها قلوب الأطفال وتسر بها نفس الحوراء التي تترقب رجوعك لتُزيل عنها هم صيحات النساء والأطفال ، وأن أذكر موقفك مع أبي الأحرار حينما صُرعت بعمد الحديد حيث ناديت بصوت خافت على أخيك الحسين فجاءك مُنكسر الظهر وجلس بجانبك وأخذ رأسك في حجره فتجلى منك الوفاء ونصعت من جنبات نفسك المواساة عندما أبيت إلا أن رميت رأسك في التراب وكررت ذلك ثلاثاً فلما سألك إمام الحق عن سبب ذلك أجبته بخير جواب سررت به قلب الزهراء وطيبت به نفس النبي المختارونفس أبيك الكرار بذلك الجواب الخالد لتُسمعه الأجيال على مر العصور والأزمان قلت فيه لأخيك عليه وعليك السلام ( أخي أنت الآن تضع رأسي في حجرك لكن بعد هنيئة من يحمل رأسك ويضعه في حجره ) لتقضي راحلاً عن هذه الحياة راضياً مرضياً بنفسٍ مطمئنة إلى حياة الخلود مُستقراً في رحمة الله ومُتنعماً بجوار نبي الله ووصي رسول الله تستقبلك الزهراء بفخرٍ ويحتضنك الحسن بشوق لتُشيع بصحبتهم إلى نعيم الجنان ، فطبت حياً وطبت ميتاً وطابت لاستشهادك نفس أمك التي ربتك على طيب الولاء وعلمتك الفضيلة كنت بها للحسين خادماً وله عضداً ولدين الله محامياً ولإمام الحق ناصراً فسلامي عليك أقرنه بالسلام عليها وعشقي إليك أمزجه بودي لها وذكري لبطولاتك ونبل أخلاقك لا يُنسيني ذكر ذكرها فهي التي أرضعت مودة الطيبين وربتك على خدمتهم وطيبت نفسك بإيثارهم على نفسك لتُرخص بك وبأخوتك في سبيل الله وفداءاً لإمام زمانك ، فسلام سلام وألف ألف سلام عليك وعليها ، وعظم الله لها الأجر فيك وفي أخوتك وأحسن لها العزاء