بقلمي: محطات مهمة في حياة مولاتنا زينب

[فداء شسع نعل فاطمة]

هي زينب بنت علي عقيلة بني هاشم هي معقل الصبر والنهى هي ربيبة اصحاب الكساء هي العالمة الغير معلمة هي رمز العزة والإباء هي رمز العفة والطاهرة

عند قراءة السيرة التاريخية لهذه الشخصية العظيمة الخالدة نجد هناك الكثير من المعاني والكثير من المواقف التي جسدت فيها مولاتنا الصبر والستر فيها مما جعلها قدوة للنساء من بعدها وبين كل هذا وذاك فهناك محطات مهمة في حياتها الا وهي...

سفر العقيلة زينب
سافرت العقيلة اكثر من مرة بعد فقد جدها رسول الله ورحيل امها حتى استشهادها في ارض الشام ولكن كل سفرة كانت تختلف عن غيرها....
السفرة الاولى:
سافرت مولاتنا زينب مع زوجها لتلتحق بأمير المؤمنين في ارض الكوفة، فدخلت الكوفة بسترها وخدرها وهيبتها فهي بنت سيد البلغاء وامير المؤمنين وقضت سنوات فيها معززة مدللة في ظل امير المؤمنين وكانت نساء الكوفة تتمنى التحدث معها وان تحدثت مولاتنا مع احداهن فأنها تتباهى بأن ابنة علي قد كلمتها
السفرة الثانية:
بعد ان قتل امير المؤمنين بغدر اعدائه في مسجد الكوفة بضربة من سيف اشقى الاشقياء اللعين ابن ملجم عادت زينب مع الحسن والحسين الى ارض المدينة
السفرة الثالثة:
عاشت في المدينة مع اخوتها عدة سنوات ففقدت الحسن هناك وبقيت مع الحسين يغدق عليها بحبه ودلاله حتى سنة 60 للهجرة حين خرجت معه لارض العراق، خرجت وهي بين اخوتها ترفرف عليها راية قمر العشيرة ابا الفضل العباس كافلها وحامي خدرها، خرجت من المدينة في ركب الرسالة مستورة بآيات القرآن اذا مالت ناقتها اسرع ابا الفضل ليسند اخته واذا رادت شئ نادته فأجابها "لبيكِ يانور عيني" فدخلت زينب ارض العراق لكنها لم تصل الكوفة بهذا الركب البهي فقد منعهم اعداء الله ورسوله من اكمال مسيرتهم وعرجوا بهم الى ارض الكرب والبلاء ارض الطف وارض غاضر فدخلت زينب مع اخوتها ارض كربلاء واحست بالخوف في ارجاء قلبها الطاهر فقد تذكرت كلام امها وابيها عن كربلاء ومصائبها، ضرب العباس الخيام وانزل اخته من محملها معززة مجللة

السفرة الرابعة:
في اليوم الحادي عشر من المحرم سنة 61 للهجرة خرجت (روحي فداها) مهضومة مظلومة لا ابا الفضل ولاباقي آل هاشم معها بعد ان كانت راية ابا الفضل مرفوعة امامها اليوم رؤس اهلها وبنو عمومتها مرفوعة في مقدمة ضعنها خرجت بيد اعدائها يضربونها بالسياط ويشتمون اباها خرجت بأبي وامي وهي تستر وجهها بردائها وتجمع الايتام كما اوصاها الحسين فكانت هي الكفيلة بالعائلة بعد ان كان يكفلها اسد الغاضرية قمر العشيرة ابا الفضل العباس
مشى الركب وزينب اسيرة مسبية بيد اصحاب الجور والطغيان والظلم يضربها الشمر بسوطه ويسبها خولي ويشتم اباها امير المؤمنين وهي تتستر بردائها وتنادي جثث اخوتها "اليوم امشي اسيرة مع اعدائكم اليوم يضربني قتلتكم....مابالكم لاتنهضون فتردون سياطهم؟؟ فوالله ماهذه طباعكم يا ابناء الكرام"
وا حسرتااااااااه عليها بعد ان اصعدها ابا الفضل محملها اليوم ليس هناك من يصعدها تتلفت يمينا وشمالا فتتجه بنظرها صوب العلقمي وتنادي "اخي ابا الفضل انت من اركبني عند خروجي من المدينة لكن اليوم من يركبني" فلا تسمع جواب لندائها المفجع فأخاها مرمي على المشرعة مقطع الزندين ومضروب الرأس
دخل ركب السبايا المفجوعات وبينهن العقيلة فخر المخدرات الى ارض الكوفة ... آه لصبرها... لهفي عليها كيف دخلت الكوفة مسبية اسيرة مسلوبة القناع قد ورمت متونها من ضرب السياط فذكرت خدرها وذكرت اهلها وسترها وذكرت ايام حياتها مع ابيها ذكرت الستر والعز وهي تنظر بيت امير المؤمنين، ها هن نساء الكوفة اللواتي كن يتسابقن ليلمحن نور وجهها او ليحظيين برؤية ظلها اليوم يتفرجن عليها ويعطونها ماتستر به وجهها الشريف....حقا انه من اصعب المواقف فوالله كانت هذه اصعب لحظات حياتها
واكمل الركب مسيرته الى الشام ومولاتنا يدورون بها البلدان وهي باكية مفجوعة وكلما نظرت رأت رأس ابن امها وباقي اهلها فتزيد آلامها وينفجع قلبها، دخلت ارض الشام فقضت هناك اصعب ايامها تعرضت لشماتة الاعداء وذلهم ورغم ذلك فقد ردت كيدهم ببلاغتها ولسانها الذي نطق وكأنه امير المؤمنين جاء الى الشام

السفرة الخامسة:
عاد الركب الزينبي نساء من غير رجال ليس هناك من يحميهم الا العليل زين العابدين فعرجوا على كربلاء فأستنشقت زينب رائحة ترابها فنادت وهي في محملها "اشم رائحة تراب كربلاء...... اشم رائحة ابن امي" فأجابها زين العابدين "اجل ياعمة فنحن قد وصلنا كربلاء" فرمت بنفسها من محملها وهي تنادي وا اخاااه وا حسيناااه
زارت مولاتنا قبور اخوتها واهلها واقامت عزائهم ثم عادت مع زين العابدين الى ارض المدينة زينب التي خرجت محفوفة برجال بني هاشم رجال تهابهم وحوش البراري لشجاعتهم رجال بانت على وجوههم علامات التقوى اليوم عادت بنساء متشحات بالسواد واطفال يتامى.......عادت زينب الى ارض المدينة وقد غيرت المصائب وجهها حتى ان اهلها لم يعرفوها، عادت بالركب المفجوع و وقفت عن مدخل المدينة متجهة نحو كربلاء منادية "اخي ابا عبدالله هذا جدك وهذه امك ينتظرون قدومك" ثم دخلت المدينة خافضة رأسها تكاد السموات ان تتفطر لألمها وحزنها فوقفت عند مسجد رسول الله ونادت بصونها الذي قد خنقته العبرات "وا جـداه وا رســول الله...لقد جئت ناعية لك ولدك الحسين"

السفرة السادسة:
قضت مولاتنا عدة ايام في المدينة بعد رجوعها اليها فكانت باكية حزينة وهي ترى بيوت بني هاشم قد خلت من زينة شبابها و اوحشت بعد رحيل خير رجالها، كانت مولاتنا تقص وتروي ماجرى لهم وتعرف العالم بظلم بني امية ووحشيتهم فثارت ثائرة اللئام واخرجوها من مدينة جدها فخرجت لهفي لها الى ارض الشام ولكن كيف خرجت؟؟؟ خرجت من غير اخوتها محنية الظهر من شدة المصائب، قضت طريق الشام وهي تتذكر مصائبهم فيها فتخنقها العبرات والزفرات فهنا ترى كيف ضربت وهناك ترى طفلة الحسين تبكي وهنالك ترى سكينة يضربوها بالسياط ففي كل بقعة تمر عليها كانت تتذكر ماجرى فيها من ايام السبي وكانت ترى صورة ذلك ماثلة امامها الى ان وصلت ارض الشام فأزدادت شوقا للقاء اخوتها واهلها ففاضت روحها الزكية لتتحرر من سجن الجسد وتلتقي بأحبتها في الفردوس الاعلى




ما اعظم الفرق بين رحلة واخرى فبعد ان خرجت من المدينة في ظل امير المؤمنين وخرجت منها مرة اخرى وابطال الوغى من بني هاشم تحيط بها من كل جانب ترف عليها راية ابا الفضل العباس......عادت الى المدينة متشحة بالسواد مهضومة مظلومة يشيب الطفل لما جرى عليها عادت ارض جدها ناعية اخوتها واحبتها وبني عمومتها

وبعد ان دخلت الكوفة مع ابيها ونساء الكوفة يتمنين رؤيتها والتحدث اليها ....عادت اليها مسبية مقيدة قد سلبت وضربت، دخلتها مع قتلة اخوتها اعداء الله ورسوله والنساء والرجال تتفرج عليها وعلى بنات الرسالة وهي روحي فداها تستر وجهها بأكمامها


آه يـامــــولاتي زيـنـــب كيف غدركي الدهر.....فبعد ان امسيتي معززة مدللة اصبحتي مسبية مهضومة وبعد الستر والخدر مشيتي حاسرة من غير غطاء

السلام عليكِ يا من تعدت مصائبكي مصائب امكي الزهراء فقابلتيها بصبر ابيكي امير المؤمنين
اللهم ارزقني زيارة هذه السيدة الجليلة والوقوف عند قبرها اللهم ارزقني زيارة مولاتي العقيلة والانحناء لتقبيل اعتاب مرقدها المبارك واستنشاق عطر العفة والطهارة
اللهم لاتمتني الا وقد رزقتني زيارة فخر المخدرات فأذرف الدموع عندها واتوسل بها بحق رأس الحسين ومصائبها ان تكون شفيعة لي عندك وان تكون وسيلتي اليك في غفران ذنوبي....يالله