سوء الظن بالاخرين باب الظلمات
من الأخلاقيات المهلكة والصفات الذميمة والذنوب السيئة هي صفة (سوء الظن) وهو أن تعتقد بغيرك شرا وسوءا وترتب على ذلك من غير دليل قطعي ويقين وبرهان وما اكثره في زماننا حيث يسود الابتعاد عن مفاهيم الاخلاق والباطن . ولقد أمرت الشريعة المباركة بترك هذه الصفة الممحوقة لأنها تجر الى النار وتُخرب دار الود وتبعد الاحباب فيما بينهم فيصبحوا بعد جمع الشمل اضدادا كما لسوء الظن دوره البارز في صناعة الاحقاد والاضغان وله وجوه عدة من أهمها وافضعها هو (سوء الظن بالله تعالى) وهو ان لايأمل العبد من الله تعالى خيرا ورزقا ومغفرة ورضوانا وهو من الذنوب العظيمة اذ يجب على العبد ان يحسن الظن بربه الذي خلقه ورباه وانعم عليه بكل هذه النعم الجزيلة (انا عند حسن ظن عبدي بي فلا يظن بي الا خيرا) ، وان هذا النوع من اكبر المهلكات التي تجرالى التهاون بأداء حقوق الله تعالى قال رسول الله (ص) (والذي لااله الا هو ما أُعطي مؤمن قط خير الدنيا والاخرة الا بحسن ظنه بالله ورجائه له وحسن خلقه والكف عن اغتياب المؤمنين . . ومن اوجهه ايضا سوء الظن بالاخرين واتهامهم خطأ وغرس بذرة الحقد عليهم في ربوع القلب الطاهر الموحد مما يجر الى تلويث القلب وبالتالي ظلمانيته واسوداده ولذا ترى ان اهل البيت (عليهم السلام) اكدوا على مفهوم المحمل الحسن قال امير المؤمنين (عليه السلام) (ضع امر اخيك على احسنه حتى ياتيك ما يغلبك منه ، ولا تظنن بكلمة خرجت من اخيك سوءا وانت تجد لها في الخير محملا ) فبدلا من أن تسيئ به الظن وتتهمه وتحقد عليه وقد تغتابه امام احد الناس فينقل غيبتك له فيردها بالمثل فتكون العداوة والبغضاء والقطيعة ويغضب الله عليكما و(يحبط عملكما لأربعين عام) بدلا من كل ذلك أحسن به الظن واحمله على خير واستفهم منه تسلم وترغم انف الشيطان . (والسر من خباثة سوء الظن وتحريمه وصدوره عن خبث الضمير واغواء الشيطان : ان اسرار القلوب لايعلمها الا علام الغيوب ) جامع السعادات للمولى النراقي ج 1 ص 316 كما أن على المؤمن ان يجنب نفسه مواقع التهم (اتقوا مواقع التهم) فلا يعرض نفسه للغيبة والتهمة حتى لا يُساء به الظن فالحضور الى مواطن المحرمات خطأ وان لم يفعلها هي مدعاة لغيبته وتهمته قال امير المؤمنين (من عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن ) فالناس غالبا ما ينظرون الى الظاهر فقط ولا يدققون او يتفحصون ولذلك تراهم بمجرد ان يروا شيئا ظاهريا قد يكون خطا تكلموا به واذاعوه يروى ان عيسى المسيح مر على جثة كلب ميت فقال له الحواريون ما انتن ريحته فقال لهم ما اجمل بياض اسنانه . كما أن التفرد بين رجل وامرأة بعيدا عن الناس يدعو الى سوء الظن بهما روي عن النبي (صلى الله عليه واله) انه كان يكلم زوجته صفيه بنت حي بن اخطب فمر به رجل من الانصار فدعاه النبي وقال : يافلان هذه زوجتي صفية فقال : يارسول الله أفنظن بك الا خيرا . قال (ص): ان الشيطان يجري في ابن ادم مجرى الدم فخشيت أن يدخل عليك . فأنظر الى مدى احتياط النبي في حفظ الناس من سوء الظن وكيف صاغ تربية الفرد وهو الرسول الاعظم والمرأة زوجته فما بالكم بنا ، اما اليوم فقد نرى وبكل بساطة تفرد رجل اجنبي (يحل عليها) بامرأة اجنبية (تحل عليه) بخلوة شرعية ثالثهما الشيطان وقد ارتكبا امرين بنفس الوقت اولهما انهما سمحا للناس ان تغتابهما (رحم الله من جب الغيبة عن نفسه) وثانيهما الخلوة بأمراة اجنبية وهو حرام . عباد الله اتقوا الله واعلموا ان من ورائكم برزخ تحاسبون فيه على ما عملتم في دنيا فانية زائلة على حلالها حساب وعلى حرامها عقاب وفي الشبهات عتاب ولاحول ولا قوة الابالله . والحمد لله الاول والاخر والظاهر والباطن وصلى وسلم على النبي الخاتم واله واصحابه ولعن اعدائهم
|