بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلٍّ على محمد وآل محمد
كان المال ولا يزال وسيبقى كذلك العصب الحياتيّ لكيان الدول ، بل العمود الفقري للبناء والإعمار والتنمية الاقتصادية .
إنّ تقدّم البلدان وازدهارها منوطٌ بقدرتها الاقتصادية ، وقوّة احتياطياتها من الذَهب والعملات الصعبة المودعة في البنوك العالميّة والوطنية ، حيث تكتسب العُملة الوطنيّة من خلال ذلك قوّةً شرائيّةً إضافيةً كبيرةً بفعل ذلك الغطاء المالي الكبير ، وأهميّة ذلك تعود على رفاهية المجتمع وسعادته من خلال الدعم المادّي الواسع لعمليات التنمية في البُنى التحتيّة للبلد في عصرنا الحالي ، ثُمّ الصرف على المواضع الأُخرى ، سواء كانت تربويّةً أو عسكريةً أو صناعيةً وغيرها ،
أمّا في عهد الإمام عليٍّ ( عليه السلام ) والفترات التي سبقته ، فتعتبر الزراعة من أهمّ الموارد التي تُشبع بيت مال المسلمين بالمال اللازم للعمران ، ويأتي ذلك عن طريق الخراج بالدرجة الأُولى ، وينعكس ذلك إيجابياً على التطوّر الحضاري والمدني .
ولهذا اهتمّ إمامنا ( عليه السلام ) بالخراج ثُمّ ربطه بالإعمار ، وقد عبّر عن ذلك حينما خاطب الوالي بقوله : ( وَتَفَقَّدْ أَمْرَ الْخَرَاجِ بِمَا يُصْلِحُ أَهْلَهُ ، فَإِنَّ فِي صَلاحِهِ وَصَلاحِهِمْ صَلاحاً لِمَنْ سِوَاهُمْ ، وَلا صَلاحَ لِمَنْ سِوَاهُمْ إِلاَّ بِهِمْ ؛ لأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ عِيَالٌ عَلَى الْخَرَاجِ وَأَهْلِهِ ، وَلْيَكُنْ نَظَرُكَ فِي عِمَارَةِ الأرض أَبْلَغَ مِنْ نَظَرِكَ فِي اسْتِجْلابِ الْخَرَاجِ ؛ لأَنَّ ذَلِكَ لا يُدْرَكُ إِلاَّ بِالْعِمَارَةِ ، وَمَنْ طَلَبَ الْخَرَاجَ بِغَيْرِ عِمَارَةٍ أَخْرَبَ الْبِلادَ وَأَهْلَكَ الْعِبَادَ وَلَمْ يَسْتَقِمْ أَمْرُهُ إِلاَّ قَلِيلاً )