الرسول الأكرم «ص»: يا علي.. ما عرفك إلا الله وأنا

[يا فاطمة]

الرسول الأكرم «ص»: يا علي.. ما عرفك إلا الله وأنا

محمد حسن آل ترحيني

بقلم: السيد محمد حسن ترحيني
• الفراهيدي: احتياج الكل إليه في الكل واستغناؤه عن الكل
• الواقدي : علي «ع» كان من معجزات النبي «ص» كالعصا لموسى وإحياء الموتى لعيسى بن مريم
• الشعبي في كتاب المناقب للخوارزمي: ما ندري ما نصنع بعلي إن أحببناه افتقرنا .. وإن أبغضناه كفرنا
• ابن سينا: إذا رأيت الناس مقربين إلى خالقهم بأنواع البر فترى علي «ع» يتقرب إلى الله بأنواع العقل

لم يكتب في شخصية كما كتب في أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ولم ينظم شعر في حق شخص كما نظم في حقه و لم ينصب لأحد من العداء في حياته وبعد وفاته كما نصب العداء له «عليه السلام» ولم يستجمع احد من صفات الكمال كما استجمع أمير المؤمنين «عليه السلام» خلا النبي الأعظم «صلى الله عليه واله سلم» لم يصدر من احد من الأفعال في كل ميادين الحياة كما صدر منه «عليه السلام» من هنا نجد اننا إذا أردنا أن نكتب أو أن نتكلم عن أمير المؤمنين نلاحظ أن البعض ألّف كتبا عن الآيات النازلة في حقه و البعض عن الأحاديث الواردة في حقه وبعضهم تكلم عن كلام أمير المؤمنين و عن فضائله ومناقبه وآخرين كتبوا عن قضائه وعن كرامات أمير المؤمنين وأدعيته مثل الصحيفة العلوية، واختار آخرون الكتابة عن حياة أمير المؤمنين بالمجمل من ولادته ووفاته ونسبه وأزواجه وعمره بعضهم تكلم عن مدح أمير المؤمنين لكن ما استوعب كل المدح شعراً ونثراً.
في الزمن المتأخر بدأوا يتكلمون عن حياة أمير المؤمنين السياسية على نحو التحليل لكن لم يوجد إلى اليوم كتاب جامع مانع لكل ما له الدخل في قوام أمير المؤمنين ابتداءً بالخصال الفكرية ثم النفسية ثم الخارجية مروراً بكل أفعاله التي صدرت من النظام السياسي إلى آخر الأفعال الفردية الشخصية بينه وبين جاره أو بينه وبين زوجته أو بينه وبين أي شخص آخر. غالب ما كتب كتب بقلم غير معاد عنه ولا يعقل لغير النبي ولغير الله أن يوفي أمير المؤمنين حقه، أولا لا يستطيع لما قال النبي الأعظم صلى الله عليه واله وسلم : يا علي ما عرف الله إلا انا وأنت وما عرفني إلا الله وأنت وما عرفك إلا الله وأنا.
ابن النديم يروي عن الواقدي ان علياً «عليه السلام» كان من معجزات النبي «صلى الله عليه وآله» كالعصا لموسى وإحياء الموتى لعيسى بن مريم من المعاجز. وابن عبد البر في كتابه الاستيعاب يقول كانوا بني أمية ينالون منه لا ينقصونه بالشتم فما زاده الله بذلك إلا سموا وعلوا ومحبة عند العلماء والعوام هم يزيدون بالسب هو حينئذ يزداد بالقلوب والمحبة. و يقول الشعبي في كتاب المناقب للخوارزمي : ما ندري ما نصنع بعلي إن أحببناه افتقرنا وان أبغضناه كفرنا. كما يقول : لقد كنت اسمع خطباء بني أمية يسبون أمير المؤمنين علي بن ابي طالب على منابرهم فكأنما يشال بضبعه إلى السماء وكنت اسمعهم يمدحون أسلافهم على منابرهم فكأنما يكشفون عن جيفة. أما ابن سينا فانه يقول : انه اشرف البشر بعد النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله وسلم» وإذا رأيت الناس مقربين إلى خالقهم بأنواع البر فترى علي «ع» يتقرب إلى الله بأنواع العقل بأنواع كل التفكير العقلي ولذا هو أسس العلوم في الحضارة الإسلامية أما الخليل بن احمد الفراهيدي سئل ما الدليل على إمامة أمير المؤمنين «عليه السلام» قال احتياج الكل إليه في الكل واستغناؤه عن الكل في الكل دليل على انه إمام الكل. ولم نقف عند هذا الحد بل نروي خبرا آخر حيث جاء بن احور التميمي إلى معاوية فقال يا أمير المؤمنين «يخاطب معاوية» جئتك من عند ألأم الناس وأبخل الناس وأعيا الناس وأجبن الناس فقال له معاوية ويلك وأنّى أتاه اللؤم ، ولكنا نتحدّث أن لو كان لعليّ بيتٌ من تبن وآخر من تبر لأنفذ التبر قبل التبن وأنّى أتاه العي وإن كنّا لنتحدّث أنه ما جرت المواسي على رأس رجل من قريش أفصح من عليّ ويلك وأنّى أتاه الجبن؟ وما برز له رجل قطّ إلا صرعه والله يا ابن أحور لولا أنّ الحرب خدعة لضربتُ عنقك اخرج فلا تقيمن في بلدي.
بالواقع أن الإمام علي أحاط بالمعرفة كلها دون أن تحيط المعرفة به أدركها بتمامها دون أن تدركه ولذلك الإنسان مهما ترقى في المعارف ومهما ترقى في العلوم يستطيع أن يشير إلى علي لكن لا يستطيع أن يحيط به.
و حتى الجنبة الإنسانية ما أدركوها يقول عامل الشعبي قال تكلم أمير المؤمنين بتسع كلمات ارتجلهن ارتجالاً فقأن عيون البلاغة وأيتمن جواهر الحكمة وقطعن جميع الأنام عن اللحاق بواحدة منهن. ثلاث منها في المناجاة، وثلاث منها في الحكمة وثلاث منها في الأدب فأما اللواتي في المناجاة فقال: إلهي، كفا بي عزا أن أكون لك عبدا. وكفا بي فخرا أن تكون لي ربا. أنت كما أحب فاجعلْني كما تحب كل أنواع التضرع والتقرب الى الله لخّص في هذا. وأمّا اللواتي في الحكمة فقال: قيمة كل امرئ ما يُحْسِنُه، وما هلك امرئ عرف قدره، والمرء مخبوءٌ تحت لسانه. وأما اللواتي في الأدب فقال: امْنُنْ على مَن شئتَ تكُنْ أميرَه، واستغنِ عمَّن شِئتَ تكن نظيره، واحتج إلى من شئت تكن نذيره.

سئل المتنبي مالك لم تمدح أمير المؤمنين علي عليه السلام قال:
وتركت مدحي للوصي تعمدا
إذ كان نورا مستطيلا شاملا
وإذا استقل الشيء قام بذاته
وصفات ضوء الشمس تذهب باطلا
مادام نور الشمس واضحا بكل الوضوح فأي وصف تريد أن توصفه مع وجود العيان يكون هو أوضح من العيان أي شيء نريد أن تظهره نسلط عليه الضوء فكيف نصف الضوء؟





منقول