فاضي

[حورية إنسية]

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فاضي!

ندى الطاسان

"الفضاوة شينة" هذا ما كانت تقوله زميلة لي خفيفة الظل وهي تشير إلى بعضٍ ممن

يحيطون بها في العمل أو في غير العمل، وتتبع كلامها هذا بأن تدعو لهم قائلة

"الله يشغلهم ويكفينا شرهم"
، ويمكنك أن تعرف من حركة عينيها وإيماءات جسدها بأن

"الشر" الذي قد يصيبها من هؤلاء الذين تطلق عليهم ب "الفاضيين"


شر يفضل تفاديه وليس مواجهته،
لا لضعف منها بل لسخف منهم،خاصة حين تسمع حكايتها التي لا تنتهي

عن تصرفات هؤلاء التي تبدأ بالتدخل فيما لا يعنيهم ليتطور إلى أسلوب مبتكر في
"التنكيد" والتفنن في إيذاء الآخرين، وقد يتنوع الإيذاء من محاولة فعلية لتدمير مستقبلهم

إلى نزع حالة السلام والقضاء على الراحة في حياتهم إلى تحوير في الكلام أو تجاوز في

الأفعال المستفزة.

لم أكن أنتبه لهذه النوعية من الشخصيات وكنت أحيل تصرفاتهم إلى قلة الخبرة أو قلة

المعرفة أو قلة الأدب أو انعدام الأخلاق أو ببساطة إلى سيطرة نزعة الشر عليهم.


لكنني حين بدأت ألاحظ وأنتبه إلى تصرفات معينة تشير إليها زميلتي بدأت أفهم بعض ما عصي

علي أن أفهمه فحين يتجمع عاملان أحدهما " الفضاوة" مع نزعة الشر المصحوبة

بالحماقة تصبح النتيجة فتاكة كما يقولون في الإعلانات.

يذكّرني هؤلاء بتصرفات بعض المراهقين في الإجازات الطويلة، حيث يتفننون في مضايقة

الناس في الشارع، في كتابة أبيات فقدت وزنها ومعناها على الجدران، أو في تخريب سيارة

جارهم أو دق جرس الباب ثم الهرب وهم يتضاحكون وتبريرهم جاهز" طفشانين ليس لدينا

شيء آخر نعمله"، وهذه الجملة تلخص لك الواقع، فلو أن هؤلاء مشغولن بشيء أفضل

لما تفننوا في إيذاء الآخرين.

لكن كل منا يتوق لأن يحظى بوقت فراغ يرتاح فيه من وجع الدراسة مثلا أو يمارس فيه

هواية تنسيه متاعب العمل ومشاكله أو حتى يتنفس فيه لينسى بعض ضغوط الحياة

اليومية، ولا أظن أن أياً منا تحول لكائن شرير يهوى تدمير كل شيء جميل.

ويمكنك أن تدير رأسك وتتأمل في العاملين معك في الإدارة التي تقضي يومك فيها، ستلاحظ

أن أكثر الموظفين مشاكل هو أقلهم عملا، هو فارس من فرسان البطالة المعلقة، قد يكون

أكثر الموظفين تنقلا من إدارة لأخرى لأنه لا يحتمل ولأنه غير منتج وستجد أن فلتة زمانة

لديه مشاكل مع جميع من حوله بدءا من عامل القهوة وصولا إلى المدير! وستجده أكثر

الناس تسيبا وغيابا لكنه حريص على أن يستثمر الساعة أو الساعتين التي يتواجد فيهما

في مكتبه في ابتكار المشاكل. هؤلاء صنف غريب من البشر!


دعواتكم