بحريني يلقى مصرعه أمام منزله

[شوق العيون]

بحريني يلقى مصرعه أمام منزله

لقي الشاب حسن سلمان عبدالله البهائي في العقد الرابع من عمره حتفه ظهر أمس (الخميس) أمام باب منزله في جزيرة النبيه صالح، بعد أن أوقف شاحنته من دون أن يسحب الكابح لينحشر بينها وبين حاوية بالقرب من منزله، وحدث ذلك أمام ناظري ابنته الصغيرة نوراء ذات السنوات السبع التي شهدت مصرع أبيها ليقابله مشهد آخر أكثر إيلاما حينما قامت تحوم حول جسد أبيها وسط صراخ وعويل أمها وجميع نساء القرية اللاتي تجمهرن بموقع الحادث متأثرات بالمأساة.
بحريني أربعيني يلقى مصرعه أمام منزله في جزيرة النبيه صالح
جزيرة النبيه صالح - محمد الجدحفصي
نوراء ذات السبعة أعوام كانت أول من شهد مصرع والدها وكان لسان حالها يقول وهي تنظر إلى أبيها بعدما حامت حول جسده عدة مرات: «تركتني يا أبي ورحلت عني دون وداع»، وكأن أسئلة أخرى بداخلها: لماذا لا يرد علي جوابا؟ وكيف سأنتظر عودته من العمل مثل كل يوم؟ ومن سيشاركني اللعب بعد الآن؟ الفراق صعب يا أبتاه، وخصوصا إذا كان من دون قبلة وداع.
ولم يقتصر الألم والدهشة على الطفلة نوراء فحسب، بل كانت الصدمة أشد وطأة على الزوجة المفجوعة فأبت إلا أن تلثم التراب وهي صارخة بأعلى صوتها: أي حياة من دونك يا حبيبي، وأي بيت جديد أسكنه من دونك يا والد أبنائي، بل أي مسكن غير هذا الذي ذهبت إليه دونما رجعة، وماذا أقول لهم حينما يسألوني عن عدم رجوعك للمنزل.
لم تكن أسرته هي الوحيدة التي افتقدته، فأهالي جزيرة النبيه صالح عرفوه منذ مدة طويلة متحركا اجتماعيا رحيما وخلوقا، حتى أصبح جزءا لا يتجزأ منهم، إلى أن نال وحدة سكنية مؤخرا في إسكان القرية والذي كان عاكفا على تجهيزه لينتقل إليه قريبا؛ إلا أنه انتقل إلى منزل الآخرة، في الوقت الذي ستفتقده جزيرة النبيه صالح وستفتقد حيويته وابتسامته مع الصغير والكبير هناك.
ومسقط رأسه قرية البرهامة التي لاتزال تضمد جراحاتها على أثر فقد الأحبة ليلتف الجميع مجددا وفي فاجعة جديدة يودعون فيها الفقيد الراحل لمثواه الأخير مساء أمس في موكب مهيب ليوارى الثرى في مقبرة أبوعنبرة وسط تساقط حبيبات المطر.
الفاجعة بدأت حينما كان الفقيد عائدا من العمل عندما أوقف شاحنته أمام منزله الجديد بإسكان «الجزيرة» وبرفقته ابنته الصغيرة نوراء؛ من دون أن يسحب المكابح جيدا، فشاء القدر أن يغمض عينيه أمام ناظر طفلته الصغيرة، وذلك حينما تحركت المركبة تجاههما إذ تمكن بدوره من إنقاذ ابنته من الهلاك ولكنه لم يستطع إيقافها لتدفع به ليرتطم بحاوية بالقرب من مسكنه الجديد؛ الأمر الذي أدى إلى إصابته بإصابات بليغة توفي إثرها في موقع الحادث.
وشهد موقع الحادث مأساة إنسانية تجلت فيها مشاهد الحزن والأسى على ما جرى، أشدها كان مشهد رؤية الطفلة نوراء ذات السبع سنوات مصرع أبيها، وقابله مشهد آخر أكثر إيلاما حينما حامت حول جسد أبيها وسط صراخ وعويل جميع نساء المنطقة.
وفي الوقت الذي تراخت فيه عيون أهالي جزيرة النبيه صالح بالدموع حيث تجمهروا في موقع الحادث متأثرين بما جرى، أكد بعض منهم أن سيارة الإسعاف تأخرت كثيرا حتى وصلت لموقع الحادث؛ وذلك بسبب الاختناق المروري الشديد الذي يشهده جسر سترة يوميا، فيما فتحت الجهات الأمنية التحقيق في ظروف وملابسات وقوع الحادث.