كل يوم عاشوراء و كل أرضٍ كربلاء ![]() |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
#1 |
๑♣ فاطمية نشيطة ♣๑
تاريخ التسجيل: Jul 2011
الدولة: في قلب أمي
المشاركات: 113
معدل تقييم المستوى: 109 ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن أعداءعم أجمعين من الأولين والآخرين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل يمتاز الحسين (عليه السّلام) على سائر الأئمّة (عليهم السّلام) في الصفات التي اشتهر بها ؟ يعرف الحسين (عليه السّلام) لدى الرأي العام بصفة الثورية والصلابة والشجاعة وإباء الضيم ، فهل هذا يعني أنّ الحسين كان متفوّقاً على سائر الأئمّة (عليهم السّلام) في هذه الصفات ، أو أنّ غيره من الأئمّة (عليهم السّلام) ، أو بعضهم على الأقل كان محروماً مِنْ هذه الصفات ؟ الجواب : كلاّ . . . فالواقع هو أنّ الأئمّة الاثني عشر الذين أوّلهم علي بن أبي طالب (عليه السّلام) وآخرهم المهدي المنتظر (عليه السّلام) كلّهم في مستوى واحد مِنْ حيث جميع الفضائل الكمالية والصفات الإنسانية ومكارم الأخلاق . وهم بمجموعهم يفوقون كافّة الناس في التحلّي بالفضائل والكمالات ، أي ليس في العالم مثلهم بعد الرسول (صلّى الله عليه وآله) ، ولا نظير لهم في أي فضيلة أو كمال نفسي ؛ لأنّ ذلك شرط العصمة ولازمها . وقد ثبت بدليل العقل والنقل أنّهم معصومون ، ولا يكفي في تحقق العصمة لشخص ما أنْ يكون مؤمناً صالح العمل والسيرة والأخلاق فحسب ، بل يجب أنْ يكون أيضاً فوق مستوى الناس في العلم والإيمان والعمل الصالح ومكارم الأخلاق ، ومِنْ ثمّ يستحق منصب الإمامة على الناس . ومن شواهد ذلك قول الخليل بن أحمد ، العالم النحوي عندما سُئل : ما الدليل على إمامة علي (عليه السّلام) بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) دون سائر الصحابة ؟ فقال : الدليل استغناؤه عن الكلّ واحتياج الكل إليه . وهذا الدليل يجري بالنسبة إلى باقِ الأئمّة الأحد عشر مِنْ أبنائه أيضاً ، وهو أمر يفرضه العقل والمنطق والعدل . إذ إنّه لو وجد شخص آخر في عصر الإمام المعيّن هو مثل الإمام ومساوٍ له في الفضل والكمال يكون حينئذ تقديم أحدهما على الآخر للإمامة والقيادة باطلاً عقلاً ؛ لأنّه ترجيح بلا مرجح . أمّا إذا وجد مَنْ هو أفضل من الإمام وأرفع مستوىً في العلم والقدرة والعمل ، فتقديم الإمام عليه أقبح عقلاً وأشدّ بطلاناً ؛ لأنّه مِنْ باب تقديم المفضول على الفاضل ، أو تقديم الفاضل على الأفضل وهو فاسد . فالله تعالى إمّا اختار علياً (عليه السّلام) وأبناءه الأحد عشر المعروفين للخلافة عن الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) ، ولقيادة الاُمّة بعده علماً منه تعالى بأنّ هؤلاء هم أكمل الناس وأفضلهم جميعاً إيماناً وعلماً وعملاً . وأشار تعالى في كتابه العزيز إلى أنّ ملاك الإمامة والإمارة إنّما هي في الأفضلية لا غير ، فقال تعالى : ( هَلْ يَسْتَوِي الّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) . وقال تعالى : ( أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقّ أَحَقّ أَن يُتّبَعَ أَمْ مَن لاَ يَهِدّي إِلاّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) . وقال تعالى : ( يَرْفَعِ اللّهُ الّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) . وقال تعالى : ( لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ ) . وقد نصّ الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) على هذا الملاك للسيادة والإمامة والإمرة في كلماته القصار ، فقال : (( أحسن إلى مَنْ شئت تكن أميرَه ، واحتج إلى مَنْ شئت تكن أسيرَه ، واستغن عمّن شئت تكن نظيرَه )) . وقد كشف رسول الله (صلّى الله عليه وآله) النقاب عن أنّ هذا الملاك متوفّر ومتحقّق فيه وفي أهل بيته الطاهرين (عليهم السّلام) ، فقال في وصيته العامّة قبيل وفاته : (( أيّها الناس ، لا تتقدّموهم فتهلكوا ، ولا تتأخروا عنهم فتضلّوا ، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم )) . وفي بعض خطب الإمام أمير المؤمنين من (عليه السّلام) نهج البلاغة قوله : (( لا يُقاس بآل محمد مِنْ هذه الاُمّة أحد ، ولا يسوّى بهم مَنْ جرت نعمتهم عليه أبداً ؛ هم أساس الدين وعماد اليقين ، بهم يلحق التالي ، وإليهم يفيء الغالي ، ولهم خصائص حقّ الولاية ، وفيهم النبوّة والوراثة )) . وقال (عليه السّلام) في مقام آخر : (( نحن صنايع ربّنا ، والخلق بعد صنايع لنا )) . أي أنّ كمالهم مِنْ كمال الله سبحانه ، وكلّ كمال وصلاح وفضل يوجد في الناس فهو مِنْ طهرهم وفضلهم وصلاحهم (عليهم السّلام) . وبعبارة اُخرى : إنّهم تربية الله تعالى ، والصالحون من الناس تربيتهم هم (صلوات الله عليهم) . فالغرض : أنّ أهل البيت (عليهم السّلام) أفضل الخلق وأكملهم بعد جدّهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وأمّا هم وفيما بينهم فلا تفاضل ولا امتياز لأحدهم على الآخر في هذا الأصل ، أي أصل الكمال والعصمة . نعم ، قد يوجد تفاضل بينهم ، ولكن باعتبارات ثانوية كالاُبوّة والبنوة مثلاً . ولعلك تقول : إذا كان الأمر كذلك ، فلماذا عرف واشتهر بعضهم في بعض الصفات الكمالية دون الآخرين ؟ كالإمام علي (عليه السّلام) مثلاً الذي عُرف بالبطولة والشجاعة ، والإمام الحسن (عليه السّلام) الذي عُرف بالحلم والصبر وكظم الغيظ ، والإمام الحسين (عليه السّلام) الذي عُرف بإباء الضيم والثورية والشدّة مع العدو ، والإمام زين العابدين (عليه السّلام) الذي عرف بالعبادة ، والإمامين الباقر والصادق (عليهما السّلام) اللذين عرفا بالعلم . . . وهكذا . فنقول في الجواب : إنّ السبب في اشتهار هؤلاء بتلك الصفات لا يعود إلى تفوّق ذاتي ، وإلى أنّ هؤلاء توفّرت فيهم هذه الصفات دون الآخرين أو أكثر من الآخرين ! كلا . فالشجاعة التي كانت في الإمام علي (عليه السّلام) مثلاً مثلها تماماً كان في الحسن والسجاد والباقر والصادق (عليهم السّلام) وغيرهم ، وكذلك الحلم الذي كان في الحسن وإباء الضيم والثورية اللذان كانا في الحسين وهكذا ، وعلى هذا القياس . وإنّما السبب في ذلك ـ أي في اشتهار بعضهم ببعض الصفات الكمالية دون البعض الآخر ـ يعود بصورة رئيسة إلى الظروف الخاصة ، والمقتضيات الزمنية التي عاشها كلّ منهم ؛ فالإمام علي (عليه السّلام) عاش فترة خاصة ، وظروفاً معينة اقتضت منه أنْ يبرز شجاعته ويظهر بطولته ؛ بسبب الحروب التي خاضها دفاعاً عن الإسلام وصيانة له مع الرسول (صلّى الله عليه وآله) وبعد الرسول (صلّى الله عليه وآله) . وأي واحد من الأئمة (عليهم السّلام) لو كان في عصر الإمام علي (عليه السّلام) ، وفي مثل ظروفه ومسؤولياته لأظهر من الشجاعة مثل ما أظهره الإمام علي (عليه السّلام) . وأما الحسن (عليه السّلام) فبالعكس ، فإنّه عاش في ظرف كانت مصلحة الإسلام تقتضي منه المسالمة والمصالحة والصبر ؛ فلذلك عرف بالحلم . لكن الحسين (عليه السّلام) كانت ظروفه تفرض غير ذلك ، أي الاعتماد على الشدّة والثورة ورفض أي مسالمة ومصالحة مع حكّام عصره ؛ لذلك عرف بالإباء والثورية وصلابة العزيمة . وأيّ إمام آخر لو كان بمكان الحسين وفي عصره وظروفه لما كان يعمل إلاّ ما عمله الحسين (عليه السّلام) ، وما قام به من الثورة والتضحية ، حسب ما شرحنا ذلك في بعض الفصول السابقة . أمّا عصر الإمام الباقر وابنه جعفر الصادق (عليهما السّلام) فإنّه كان يتطلّب منهما الاعتماد على نشر العلم ، وبثّ الوعي العلمي ، وإرسال البعثات العلميّة ، وفتح المدارس والدورات الدراسية ؛ لمكافحة الدسائس الفكرية والتطرف العقائدي ، والفلسفات المادية التي تسرّبت إلى المسلمين بحكم اتصالهم بالأمم والشعوب الاُخرى ؛ لذلك فقد أسسا أكبر جامعة علميّة في العالم الإسلامي ، حيث انتمى إليها أكثر مِنْ أربعة آلاف طالب ؛ ومِنْ هنا عرفا بالعلم وكثرة الأحاديث والأخبار التي رويت عنهما ، حتّى روى راو واحد عن الإمام الباقر (عليه السّلام) ثلاثين ألف حديث ، وهو جابر الجعفي وهكذا . وكلّ من الأئمة (عليهم السّلام) لو كان بمكانهما لعُرف بمثل ما عُرفا به ، ونشر من العلم مثل ما نشر الباقر والصادق (عليهما السّلام) . والخلاصة : إنّ من الغلط الفاحش والخطأ الكبير ما يظنّه البعض مِنْ أنّ اشتهار بعض الأئمّة (عليهم السّلام) ببعض الصفات كانت بسبب ذاتي ، وملكات خاصة ، ومواهب فطرية معينة . كلا ليس كذلك ؛ فثورية الحسين (عليه السّلام) ، وإباؤه للضيم ، وشدّته مع الأعداء مثلاً ليست ناشئة عن حرارة دموية ومزاج عصبي خاص به ، ولا مِنْ كبت نفسي كما يزعم الكتاب الجاهلون بحقيقة الحسين (عليه السّلام) ومقامه ، وحقيقة أهل البيت (عليهم السّلام) . وكذلك مسالمة الحسن (عليه السّلام) وصفته السلمية وحلمه مع الأعداء ، لمْ تكن أثراً لبرودة دمه وهدوء أعصابه ومزاج خاص به ، حسبما يصوّره لنا بعض المتطفّلين على الكتابة عن أهل البيت (عليهم السّلام) . فالحقيقة هو أنّ كلّ ما قام به الحسن أو الحسين (عليهما السّلام) وغيرهما مِنْ أئمّة أهل البيت (عليهم السّلام) إنّما هو ناشئ ونابع عن إرادة الله وأمره ، وإيعاز من النبي (صلّى الله عليه وآله) مِنْ قبل ؛ خدمة لمصلحة الإسلام العليا ، وتمشياً مع متطلبات الظرف والأحوال . إنّ أهواء النفس والعواطف والغرائز والحالات الفطرية العضوية لا تأثير لها مطلقاً على تصرّفات أهل بيت العصمة (عليهم السّلام) . إنّ سيرة أهل البيت (عليهم السّلام) وسلوكهم في هذه الحياة كيّفتها الحكمة والمصلحة ، لا الغرائز والأمزجة وعواطف النفس الحيوانية . وكلّ حركة أو سكون أو فعل أو ترك ، وكلّ وجه مِنْ أوجه النشاط قام به أحدهم كان بوحي من الله ورسوله ، مطابقاً للكتاب والسنّة . هذا ما أثبتته الأحاديث الشريفة الصحيحة عن الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) ، وأكّدته التجارب والنتائج الواقعية . فمن الأحاديث المؤكّدة قوله (صلّى الله عليه وآله) : (( إنّي مخلّف فيكم الثقلين ؛ كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إنْ تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً ؛ فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض )) . وقوله (صلّى الله عليه وآله) في حقّ علي بن أبي طالب (عليه السّلام) : (( علي مع الحقّ والحقّ مع علي ، يدور معه حيثما دار )) . وقال (صلّى الله عليه وآله) في دعائه له يوم الغدير : (( اللّهمَّ والي مَنْ والاه ، وعادي مَنْ عاداه ، وانصر مَنْ نصره ، واخذل مَنْ خذله ، وأدر الحقّ معه حيثما دار )) . وقال (صلّى الله عليه وآله) في حقّ الحسن والحسين (عليهما السّلام) : (( هما إمامان قاما أو قعدا )) . وأخيراً قوله (صلّى الله عليه وآله) : (( مَثلُ أهل بيتي فيكم كسفينة نوح ، مَنْ ركبها نجا ، ومَنْ تخلّف عنها غرق وهوى )) . وهناك أخبار صحيحة ومعتبرة مفادها : أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) خلّف لأوصيائه الاثني عشر (صلوات الله عليهم) اثني عشر صحيفة ، لكلّ إمام منه صحيفته الخاصة ، وفيها تكاليفه المفروض عليه القيام بها في دور إمامته . وقد عمل كلّ منهم على ضوء ما في صحيفته مِنْ أوامر ونواهي وأحكام . وهذا ما أشار إليه الحسين (عليه السّلام) في حديث مع الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري لمّا دخل عليه وهو في مكّة المكرّمة ، وقال له : يابن رسول الله ، إنّي لا أرى لك إلاّ أنْ تسالم وتصالح يزيد ، كما صالح أخوك الحسن (عليه السّلام) معاوية مِنْ قبل ؛ فإنّه كان موقفاً رشيداً . فقال له الحسين (عليه السّلام) : (( يا جابر ، إنّ أخي فعل ما فعل بأمرٍ من الله ورسوله ، وأنا أفعل ما أفعل بأمرٍ من الله ورسوله . . . )) الخبر . وعلى كلّ حالٍ ، فلقد عُرف الحسين (عليه السّلام) أكثر ما عُرف بصفة الثورية وإباء الضيم ، وبلغت شهرته في هذه الصفة حدّاً كبيراً حتّى اعتبره الرأي العام قدوة الأحرار ، والمثل الأعلى للثوار في العالم ، وسيد أباة الضيم في التاريخ . فهذا مثلاً العلاّمة المعتزلي عقد فصلاً في كتابه شرح نهج البلاغة ، ذكر فيه المعروفين بإباء الضيم من العرب في الجاهليّة والإسلام ، ثمّ يقول في الختام : وسيد أباة الضيم جميعاً ، والذي علّم الناس كيف يختارون الموت مع العزّ ، وتحت ظلال السيوف على الحياة مع الذل هو أبو عبد الله الحسين (عليه السّلام) . هذا ولا تزال بعض كلمات الحسين مبدأً وشعاراً يعلنه ويرفعه كلّ الثوار في كلّ زمان ومكان ، مثل قوله (عليه السّلام) : (( ألا وإنّي لا أرى الموت إلاّ سعادة ، والحياة مع الظالمين إلاّ برماً )) . وقوله (عليه السّلام) : (( ألا وإنّ الدّعيّ ابن الدعي قد ركز بين اثنتين ؛ بين السلّة والذلّة ، وهيهات منّا الذلّة )) . وقوله (عليه السّلام) : (( لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ، ولا أقرّ لكم إقرار العبيد )) . وممّا يتحدّث به المؤرّخون بإعجاب مِنْ صفات الحسين (عليه السّلام) هي شجاعته المدهشة التي أبداها يوم كربلاء في ذلك الموقف الرهيب . فقد ورد عن لسان بعض مقاتليه مِنْ جيش عمر بن سعد قوله : والله ، ما رأيت مكثوراً قط قد قُتل ولده وإخوته وأهل بيته أربط جأشاً ، ولا أقوى جناناً من الحسين (عليه السّلام) ؛ فلقد كانت الرجال تشدّ عليه مِنْ كلّ جانب ، فكان يشدّ عليها فتهزم مِنْ بين يديه انهزام المعزى إذا حلّ فيها الأسد . وكانوا ينكشفون عنه يميناًً وشمالاً كأنّهم الجراد المنتشر ، وقد تكاملوا ثلاثين ألفاً وهو وحيد ، فإذا أبعدهم عن المخيم عاد إلى موقفه أمام البيوت ، وهو يكثر مِنْ قوله : (( لا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم )) . وذكر أرباب المقاتل : أنّ الحسين (عليه السّلام) حمل على الجيش في ذلك اليوم عدّة حملات ، قتل منهم في مجموعها ألفاً وتسعمئة وخمسين رجلاً ، حتّى صاح عمر بن الحجّاج الزبيدي ، وهو أحد قادة الجيش ، صاح بالناس مستثيراً لهم عليه قائلاً : ويلكم ! أتدرون لمَنْ تقاتلون ؟! هذا ابن الأنزع البطين ، هذا ابن قتّال العرب ، احملوا عليه حملة رجل واحد . هذا كلّه بالإضافة إلى ما كان يكابده في تلك الحال من العطش الشديد والجهد والإرهاق . قالوا : كان العطش قد أثّر في شفتيه حتّى ذبلنا ، وأثّر في لسانه حتّى صار كالخشبة اليابسة ، وأثّر في عينيه حتّى صار يبصر ما بين السماء والأرض كالدخان . وأمّا آلامه الجسدية والنفسية التي تراكمت عليه حينئذ ، فإنّها تهدّ الجبال ، فلقد كان (عليه السّلام) يعاني أشدّ الآلام النفسية بسبب ثكل الأولاد وفقد الأخوة والأقارب والأصحاب ، والشعور بالوحدة والاغتراب ، ومشاهدة النساء والأطفال حيارى مدهوشين مذهولين مِنْ تراكم المصائب ، وألم الضما على أبواب الخيام وداخلها إلى جنب ابنه المريض المسجى على الأرض الفاقد الوعي مِنْ شدّة السقام . هذا وأكثر مِنْ هذا ممّا يضيق البيان عن وصفه ، ويعجز اللسان عن ذكره وتفصيله ، ومع ذلك كلّه فلقد كان (عليه السّلام) كما وصفة السيد الحلي (رحمه الله) : ركينٌ وللأرض تحت الكماة رجيف يزلزل ثهلانها أقرُّ على الأرض من ظهرها إذا ململ الرعب اقرانها تزيد الطلاقة ُ في وجهه إذا غيَّر الخوفُ ألوانها ولمّا قضى للعُلى حقَّها وشيد بالسيف بنيانها ترجّل للموت عن سابقٍ له أخلت الخيلُ ميدانها ثوى زائدَ البِشر في صرعة ٍ له حبّب العزُّ لُقيانها كأَنَّ المنيّة كانت لديه فتاة ٌ تواصل خِلصانها جلتها له البيض في موقف به أثكل السمر خرصانها فبات بها تحت ليلِ الكفاح طروب النقيبة جذلانها وأصبح مشتجراً للرماح تحلي الدما منه مرانها عفيراً متى عاينته الكماة فما أجلت الحرب عن مثله صريعاً يجبّن شُجعانها مأساة الحسين (ع) بين السائل والمجيب نسالكم الدعاء أختكم زينب قدوتي
__________________
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الفاطميات الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 (0 فاطمية و 1 زائرة ) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
مِن معاجز الإمام الحسن العسكري عليه السّلام | الصبح تنفس | أهل البيت (عليهم السلام) سيرة اهل البيت - مكتبة اهل البيت - موسوعة شاملة عن أهل البيت (ع) | 6 | 18-01-2013 11:01 PM |
لماذا فاق يوم الحسين (عليه السّلام) أيّام غيره من الشهداء ؟! | زينب قدوتي | كل يوم عاشوراء و كل أرضٍ كربلاء | 2 | 28-11-2011 11:23 PM |
مَقامُ الإمامِ المَهُديّ عليه السّلام في الحلّة | البسمات الفاطميه | نور الإمام المهدي (عج) , بقية الله , صاحب العصر و الزمان ... | 6 | 24-05-2011 04:08 PM |
مقتل الطفل الرضيع (عليه السّلام) | محبة لاهل البيت | كل يوم عاشوراء و كل أرضٍ كربلاء | 15 | 20-05-2011 06:52 AM |
إضاءاتٌ هادية من كلمات الإمام الباقر عليه السّلام | حور عين | أهل البيت (عليهم السلام) سيرة اهل البيت - مكتبة اهل البيت - موسوعة شاملة عن أهل البيت (ع) | 2 | 14-09-2010 09:27 PM |