التربية والطفل

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 31-08-2009, 03:08 AM   #1
رُوح الله
♣ فاطمية فعالة ♣
 
الصورة الرمزية رُوح الله
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
الدولة: المملكة العربية السعودية
المشاركات: 0
معدل تقييم المستوى: 0
رُوح الله is on a distinguished road
الهدف الاسمى للانسان

ضع شيئين متفاضلين بين يدي طفلك وخيره بينهما ثم أرقبه أي الشيئين يؤثر.
فإنه سيختار أفضلهما ولا يتردد في ذلك.
وأبد اعجابك بفعل يأتي به أو بكلمة يقولها أو حركة يصدرها، ثم أنظر ما يصنع.
فإنه سينشط لذلك الفعل وسيكرره ما أبديت إعجابك به وما واليت تشجيعك إياه.
وتشاغل أمامه بعمل من أعمال العقلاء ثم أرصد ما يفعل.
فإنه سيقلدك في ذلك العمل، وسيحاول الإبداع في المحاكات.
فلماذا تصدر من الطفل هذه المحاولات؟
ويقول علماء التربية الحديثة، ويقول علماء علم النفس الحديث: كل ما يعمله الطفل في سنيه الأولى من عمل وكل مايقوم به من تجربة فإنما يلبي به نوازع الفطرة ونداءات الغريزة. وإذن فمحاولات الصغير المتقدمة انعكاسات للفطرة وانبعاثات مع دواعيها، فالفطرة هي التي تحفز الإنسان -منذ طفولته- أن يختار الجيد من الأمور والأجود منها عند التفاضل. والفطرة هي التي تحمله على أن يصبح مثاراً للإعجاب وموضعاً للإطراء. والفطرة هي التي تفرض عليه أن يحترم الأكابر من الناس وأن يتخذ منهم قادة في الأعمال ومثلاً في الصفات. فهل نستطيع أن نعلل هذه الدوافع المتغلغلة في نفس هذا الكائن؟ وهل نستطيع أن نعرف لماذا يولع الإنسان بتحسين مظهره وإتقان أعماله وتنسيق حركاته؟ بل ولماذا يتكبر المتكبرون من أفراده ويرائي المراؤون؟ ولَم يدعي الناقصون منهم الكمال ويتظاهر الجاهلون بالعلم؟.
في نفس الإنسان رغبة ملحة للإرتفاع، ونزوع قوي إلى التسامي ويبدو أنه إنما يقوم بهذه الأعمال تلبية لهذه الرغبة، وأرواء لهذه الغلة.
نعم كل هذه المظاهر وكل هذه الأعمال - حتى ماشذ منها عن الخلق القويم – أصداء لهذه الرغبة النفسانية الملحة، ولكنها في الشواذ من الأعمال والمظاهر والأخلاق استجابة ملتوية وانقياد غير متزن.
ولعل السر في هذا الالتياث، في هذه المسالك الملتوية التي يركبها الأنسان الملتوي، وفي هذه الادعاءات الجوفاء التي يفتتن بها الرجل الأجوف. لعل السر في ذلك أن الإنسان يعز عليه أن يخسر الكمال، ويكبر عليه - إذا خسر الكمال – أن يعترف على نفسه بهذا الخسران.
يعز عليه أن يخسر الكمال لأن التفسير الصريح لذلك أنه منهزم.
ويكبر عليه أن يعترف بالخسارة لأن مدلول ذلك أنه يسجل على ذاته هذه الهزيمة، ولذلك فهو إذا خسر الكمال لجأ إلى انتحاله، وإذا أفلس من الرفعة ركن إلى ادعائها، وكأنه ينشد في الانتحال عزاء لنفسه عن الإخفاق، وتعويضاً لها عن الحرمان. ونزعة التسامي هذه كسائر نزعات الإنسان وصفاته يدخلها الاعتدال والإنحراف وتتسم بالرقي والهبوط.
وإذن فالكمال هو الهدف الأعلى للإنسان من جميع أفعاله وتصرفاته، وأخال أنها نتيجة بينة لا مساغ فيها لتردد ولا منفذ في دليلها لريبة، فإن دليلها هو الفطرة السليمة.
لا أغلو فأدعي أن الكمال هو غاية الإنسان من جميع أعماله ومن جميع تصرفاته حتى ما يكون فيه عابثاً أو مقارباً للعبث، أو آثماً أو مدانياً للإثم، بل أقول الكمال غاية الإنسان من أعماله حيث يؤثر أن يبقى إنساناً يعتز ببشريته ويحتفظ بحدوده.
أما التحلل والترهل فإنهما يهويان به عن هذه المنزلة ولا مراء.
وتستتبع النتيجة المتقدمة نتائج أخرى هن مثيلاتها في الوضوح وعديلاتها في القوة، مقاييس عامة نزن بها الأعمال ونقيس بها الصفات ونفرق بها بين الخير والشر، وبين موارد الخير وموارد الشر.
فالخير كل عمل أو تصرف ينتهي بنا إلى هذه الغاية الفطرية المطلوبة.
والشر كل سلوك أو معاملة تقصينا عنها.
والزكي من الأخلاق كل سجية أو عادة تكون بينها وبين الكمال رابطة وشيجة ونسب عريق.
والردي منها ما يكون الضد من ذلك.
هذه هي المقاييس الصادقة التي ترتكز في ثباتها على الوجدان وتستمد قوتها من البرهان، والموازين العامة التي لا يختلف عليها أمد ولا تنكرها بيئة ولا تنتقص في مورد.
أليس بديهيا ً أن كل أحد ينشد الكمال بفطرته. ثم يتجه إليه بجبلته؟.
كل أحد من البشر أيا ً كان جنسه وأين كان موضعه وأين كان زمانه.
ثم أليس بديهيا ً كذلك أن ما حال بين الشيء وبين غايته الطبيعية فإنما هو حجر عثرة وقاطع سبيل؟.
وهذه الحاسة العجيبة المودعة في قرارة الإنسان وفي خبيئة نفسه؟.
هذه الحاسة المرهفة التي أقامها الله رقيبا ً من الإنسان على الإنسان، وقيما ً من نفسه على نفسه..
حاكما ً نزيه الحكومة. وشاهدا ً مرضي الشهادة. ونصيحا ً مقبول العظة، ومعاقبا ً مرهوب السطوة مخشي العقوبة.
يزن الأفعال فيأمر وينهى، ويقارن بين الغايات فينصح ويشير، ويرقب السلوك فيثيب ويعاقب...
رُوح الله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الفاطميات الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 (0 فاطمية و 1 زائرة )
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:29 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir