بناء النفس
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وأأألعن عدوهم
إن عملية البناء المادي عملية سهلة، حيث أن هنالك قواعد واضحة، وأشياء ترى بالعين، فالإنسان بإمكانه أن يذلل العقبات الطبيعية.. أما بالنسبة إلى البناء الأنفسي في مقابل البناء الآفاقي، فالنفس أمر لا يرى، يقول تعالى في القرآن الكريم: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾؛ فأبهم في الجواب، ثم يقول: ﴿وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً﴾، وكأن الآية تريد أن تقول: أن القضية فوق التصور!.. وعليه، فهذه الروح التي لا ترى ولا تلمس، ولا تصلها الحواس الخمس؛ كيف يمكن للإنسان أن يطورها؟.. إن الأمر بحاجة إلى همة عالية، ومداومة في مقاومة الموانع في هذا الطريق.. حيث أن هنالك منافسين في هذا المجال: الأهواء، والشياطين.. والعمل التبليغي مشكلته: أن الإنسان في حال حرب، وإن لم تعلن هذه الحرب.. فالحوزات العلمية هي معسكرات قتال، مقابل معسكرات فيها أعداد أكبر من الشياطين الذين يروننا ولا نراهم.. فإذن، إن الحوزة عبارة عن معسكر قتالي، والطرف المقابل له خبرة آلاف السنين في إغواء بني آدم.. والمعسكر الآخر أقرب إلى قلوب الناس من معسكر الحوزة، لأن سلاح الشياطين هو: إثارة الهوى، والهوى مطابق لميل النفس الإنسانية، فمن الطبيعي أن تكون المعركة غير متكافئة.. ومن هنا لزم علينا أن نحسب حساب الانتصارات المستقبلية.. والأنبياء هكذا كانت خطتهم، فنبي الله نوح -عليه السلام- لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، وانتهت الحركة التبليغية بإهلاك من في الأرض، إلا سفينته.. ولكن مع ذلك يبقى نوح من الأنبياء أولي العزم، ومن مفاخره أنه على رأس سلسلة من الأنبياء.. فالأنبياء أولي العزم كلهم من ذرية نوح -عليه السلام-.
__________________
اللهم عجـــــل لـــولـــيك الفـــرج
|