رد: مختارات من خطب نهج البلاغة
[22]
ومن خطبة له عليه السلام
حين بلغه خبر الناكثين ببيعته وفيها يذم عملهم و يلزمهم دم عثمان ويتهددهم بالحرب
ذم الناكثين
أَلَا وَإِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ ذَمَّرَ حِزْبَهُ وَاسْتَجْلَبَ جَلَبَهُ لِيَعُودَ الْجَوْرُ إِلَى أَوْطَانِهِ وَيَرْجِعَ الْبَاطِلُ إِلَى نِصَابِهِ وَاللَّهِ مَا أَنْكَرُوا عَلَيَّ مُنْكَراً وَلَا جَعَلُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ نَصِفاً .
دم عثمان
وَإِنَّهُمْ لَيَطْلُبُونَ حَقّاً هُمْ تَرَكُوهُ وَدَماً هُمْ سَفَكُوهُ فَلَئِنْ كُنْتُ شَرِيكَهُمْ فِيهِ فَإِنَّ لَهُمْ لَنَصِيبَهُمْ مِنْهُ وَلَئِنْ كَانُوا وَلُوهُ دُونِي فَمَا التَّبِعَةُ إِلَّا عِنْدَهُمْ وَإِنَّ أَعْظَمَ حُجَّتِهِمْ لَعَلَى أَنْفُسِهِمْ يَرْتَضِعُونَ أُمّاً قَدْ فَطَمَتْ وَيُحْيُونَ بِدْعَةً قَدْ أُمِيتَتْ يَا خَيْبَةَ الدَّاعِي مَنْ دَعَا وَإِلَامَ أُجِيبَ وَإِنِّي لَرَاضٍ بِحُجَّةِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَعِلْمِهِ فِيهِم ْ.
التهديد بالحرب
فَإِنْ أَبَوْا أَعْطَيْتُهُمْ حَدَّ السَّيْفِ وَكَفَى بِهِ شَافِياً مِنَ الْبَاطِلِ وَنَاصِراً لِلْحَقِّ وَمِنَ الْعَجَبِ بَعْثُهُمْ إِلَيَّ أَنْ أَبْرُزَ لِلطِّعَانِ وَأَنْ أَصْبِرَ لِلْجِلَادِ هَبِلَتْهُمُ الْهَبُولُ لَقَدْ كُنْتُ وَمَا أُهَدَّدُ بِالْحَرْبِ وَلَا أُرْهَبُ بِالضَّرْبِ وَإِنِّي لَعَلَى يَقِينٍ مِنْ رَبِّي وَغَيْرِ شُبْهَةٍ مِنْ دِينِي .
[23]
ومن خطبة له عليه السلام و تشتمل على تهذيب الفقراء بالزهد و تأديب الأغنياء بالشفقة
تهذيب الفقراء
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْأَمْرَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ كَقَطَرَاتِ الْمَطَرِ إِلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا قُسِمَ لَهَا مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ لِأَخِيهِ غَفِيرَةً فِي أَهْلٍ أَوْ مَالٍ أَوْ نَفْسٍ فَلَا تَكُونَنَّ لَهُ فِتْنَةً فَإِنَّ الْمَرْءَ الْمُسْلِمَ مَا لَمْ يَغْشَ دَنَاءَةً تَظْهَرُ فَيَخْشَعُ لَهَا إِذَا ذُكِرَتْ وَيُغْرَى بِهَا لِئَامُ النَّاسِ كَانَ كَالْفَالِجِ الْيَاسِرِ الَّذِي يَنْتَظِرُ أَوَّلَ فَوْزَةٍ مِنْ قِدَاحِهِ تُوجِبُ لَهُ الْمَغْنَمَ وَيُرْفَعُ بِهَا عَنْهُ الْمَغْرَمُ وَكَذَلِكَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ الْبَرِيءُ مِنَ الْخِيَانَةِ يَنْتَظِرُ مِنَ اللَّهِ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ إِمَّا دَاعِيَ اللَّهِ فَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لَهُ وَإِمَّا رِزْقَ اللَّهِ فَإِذَا هُوَ ذُو أَهْلٍ وَمَالٍ وَمَعَهُ دِينُهُ وَحَسَبُهُ وَإِنَّ الْمَالَ وَالْبَنِينَ حَرْثُ الدُّنْيَا وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ حَرْثُ الْآخِرَةِ وَقَدْ يَجْمَعُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لِأَقْوَامٍ فَاحْذَرُوا مِنَ اللَّهِ مَا حَذَّرَكُمْ مِنْ نَفْسِهِ وَاخْشَوْهُ خَشْيَةً لَيْسَتْ بِتَعْذِيرٍ وَاعْمَلُوا فِي غَيْرِ رِيَاءٍ وَلَا سُمْعَةٍ فَإِنَّهُ مَنْ يَعْمَلْ لِغَيْرِ اللَّهِ يَكِلْهُ اللَّهُ لِمَنْ عَمِلَ لَهُ نَسْأَلُ اللَّهَ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَمُعَايَشَةَ السُّعَدَاءِ وَمُرَافَقَةَ الْأَنْبِيَاءِ.
تأديب الأغنياء
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا يَسْتَغْنِي الرَّجُلُ وَإِنْ كَانَ ذَا مَالٍ عَنْ عِتْرَتِهِ وَدِفَاعِهِمْ عَنْهُ بِأَيْدِيهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ وَهُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ حَيْطَةً مِنْ وَرَائِهِ وَأَلَمُّهُمْ لِشَعَثِهِ وَأَعْطَفُهُمْ عَلَيْهِ عِنْدَ نَازِلَةٍ إِذَا نَزَلَتْ بِهِ وَلِسَانُ الصِّدْقِ يَجْعَلُهُ اللَّهُ لِلْمَرْءِ فِي النَّاسِ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الْمَالِ يَرِثُهُ غَيْرُهُ .
24]
ومن خطبة له عليه السلام وهي كلمة جامعة له، فيها تسويغ قتال المخالف، والدعوة إلى طاعة اللّه، والترقي فيها لضمان الفوز
وَلَعَمْرِي مَا عَلَيَّ مِنْ قِتَالِ مَنْ خَالَفَ الْحَقَّ وَخَابَطَ الْغَيَّ مِنْ إِدْهَانٍ وَلَا إِيهَانٍ فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ مِنَ اللَّهِ وَامْضُوا فِي الَّذِي نَهَجَهُ لَكُمْ وَقُومُوا بِمَا عَصَبَهُ بِكُمْ فَعَلِيٌّ ضَامِنٌ لِفَلْجِكُمْ آجِلًا إِنْ لَمْ تُمْنَحُوهُ عَاجِلًا.
[25]
و من خطبة له عليه السلام
وقد تواترت عليه الأخبار باستيلاء أصحاب معاوية على البلاد و قدم عليه عاملاه على اليمن وهما عبيد الله بن عباس وسعيد بن نمران لما غلب عليهما بسر بن أبي أرطاة فقام عليه السلام على المنبر ضجرا بتثاقل أصحابه عن الجهاد و مخالفتهم له في الرأي فقال:
مَا هِيَ إِلَّا الْكُوفَةُ أَقْبِضُهَا وَأَبْسُطُهَا إِنْ لَمْ تَكُونِي إِلَّا أَنْتِ تَهُبُّ أَعَاصِيرُكِ فَقَبَّحَكِ اللَّهُ
وَتَمَثَّلَ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ :
لَعَمْرُ أَبِيكَ الْخَيْرِ يَا عَمْرُو إِنَّنِي * عَلَى وَضَرٍ مِنْ ذَا الْإِنَاءِ قَلِيلِ
ثُمَّ قَالَ (عليه السلام):
أُنْبِئْتُ بُسْراً قَدِ اطَّلَعَ الْيَمَنَ وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَظُنُّ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ سَيُدَالُونَ مِنْكُمْ بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى بَاطِلِهِمْ وَتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ وَبِمَعْصِيَتِكُمْ إِمَامَكُمْ فِي الْحَقِّ وَطَاعَتِهِمْ إِمَامَهُمْ فِي الْبَاطِلِ وَبِأَدَائِهِمُ الْأَمَانَةَ إِلَى صَاحِبِهِمْ وَخِيَانَتِكُمْ وَبِصَلَاحِهِمْ فِي بِلَادِهِمْ وَفَسَادِكُمْ فَلَوِ ائْتَمَنْتُ أَحَدَكُمْ عَلَى قَعْبٍ لَخَشِيتُ أَنْ يَذْهَبَ بِعِلَاقَتِهِ اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ مَلِلْتُهُمْ وَمَلُّونِي وَسَئِمْتُهُمْ وَسَئِمُونِي فَأَبْدِلْنِي بِهِمْ خَيْراً مِنْهُمْ وَأَبْدِلْهُمْ بِي شَرّاً مِنِّي اللَّهُمَّ مِثْ قُلُوبَهُمْ كَمَا يُمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ أَمَا وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ لِي بِكُمْ أَلْفَ فَارِسٍ مِنْ بَنِي فِرَاسِ بْنِ غَنْمٍ .
هُنَالِكَ لَوْ دَعَوْتَ أَتَاكَ مِنْهُمْ * فَوَارِسُ مِثْلُ أَرْمِيَةِ الْحَمِيمِ
ثُمَّ نَزَلَ (عليه السلام) مِنَ الْمِنْبَرِ.
قال السيد الشريف: أقول الأرمية جمع رميّ و هو السحاب و الحميم هاهنا وقت الصيف و إنما خص الشاعر سحاب الصيف بالذكر لأنه أشد جفولا و أسرع خفوفا لأنه لا ماء فيه و إنما يكون السحاب ثقيل السير لامتلائه بالماء و ذلك لا يكون في الأكثر إلا زمان الشتاء و إنما أراد الشاعر وصفهم بالسرعة إذا دعوا و الإغاثة إذا استغيثوا و الدليل على ذلك قوله : "هنالك لو دعوت أتاك منهم..."
يتبع....
__________________
وكلت امري لله ومنه ارجوا الثواب وما اكتبه ساحاججكم به يوم الحساب
|