عرض مشاركة واحدة
قديم 22-08-2015, 03:27 PM   #5
الاء الرحمن
♣ فاطمية فعالة ♣
 
الصورة الرمزية الاء الرحمن
 
تاريخ التسجيل: Jul 2015
الدولة: العراق
المشاركات: 333
معدل تقييم المستوى: 535
الاء الرحمن has a reputation beyond reputeالاء الرحمن has a reputation beyond reputeالاء الرحمن has a reputation beyond reputeالاء الرحمن has a reputation beyond reputeالاء الرحمن has a reputation beyond reputeالاء الرحمن has a reputation beyond reputeالاء الرحمن has a reputation beyond reputeالاء الرحمن has a reputation beyond reputeالاء الرحمن has a reputation beyond reputeالاء الرحمن has a reputation beyond reputeالاء الرحمن has a reputation beyond repute
افتراضي رد: دروس من ثورة الحسين عليه السلام

الدرس الثالث:3]:
قيام الحجة بوجود الناصر والظرف المناسب
ان قيام الحجة الكافية يمنعنا من السكوت والسكون السلبي، حيث يقول الامام علي (ع) ( اما والله لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر، وما اخذ الله على العلماء ان لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها).

فان الجماهير قد تُهيأ الارضية المناسبة لتحرك القائد، وعندئذ تكون الحجة لازمة عليه أمام الله تعالى وأمام الناس. وهذا هو ما حصل ابان الثورة الحسينية..

فقد نقل عن ابن كثير في البداية والنهاية ان اهل مكة اجتمعوا لديه عندما وردهم من المدينة، وتشير المصادر إلى آلاف الرسائل والكتب التي وردت الى الحسين (ع) وهي تطالبه بالمصير إلى العراق، حتى انه ورد في الرواية ان الحسين (ع) اخرج للناس خراجين مملوءين بالكتب والرسائل التي تدعوه. وقد عاتبهم في كربلاء قائلاً :

(الم تكتبوا الي أن قد اينعت الثمار واخضر الجناب، وطمت الجمام، وانما تقدم على جند لك مـجندة فاقبل).

وفي رواية اخرى انهم كتبوا له : (ان الناس ينتظروك، لا رأي لهم غيرك، فالعجل العجل يا بن رسول الله، فقد اخضر الجناب، واينعت الثمار واعشبت الارض فاقدم اذا شئت فانما تقدم على جند لك مجندة).

فمثل هذه النداءات كانت تدل اكيداً على الارضية المناسبة لاعلان الثورة والمقاومة المسلحة، خصوصاً وان الامة الاسلامية كانت متعلقة انذاك بشخصية الحسين (ع) باعتباره فرع النبوة وفيضها الذي يغسل فساد الخلافة الاموية المتمثلة بيزيد، والتي كانت تجثم على صدر الدولة الاسلامية.

وعلى أي حال فان نداءات الجماهير وصراخاتهم كانت سبباً كافياً للتوجه اليهم بالنصرة، اعني نصرة القائد الموجِّه لقواعده المستعدة، وهذا المبدأ ثابت في القرآن الكريم:

[ وان استنصروكم في الدين فعليكم النصر ] الانفال –72.

ولذلك نسمع الامام الحسين (ع) وهو يخاطب الجماهير المرتدة في يوم عاشوراء :

(تباً لكم ايها الجماعة وترحاً، حين استصرختمونا والهين، فأجبناكم موجفين، سللتم علينا سيفاً لنا في ايمانكم).

عموماً، فاننا نريد ان نقول ان الحسين (ع) قام بالثورة كتكليف منجز في حقه وفي ظرفه الخاص، وكانت ثورته ضد الظلم والفساد مبنية على مقدمات صحيحة وعقلائية..

فالسيوف الشيعية كانت منتظرة بلهف لأن تخرج من أغمادها، وكانت العواطف الشعبية متأججة الى ابعد الحدود، وكان هناك ضعف واضح في القيادة الأموية الجديدة، ومثل هذه الأسباب كافية جداً في تحقيق النصر لولا غدر الجماهير وخيانتها، بل سيأتي بعد قليل ان الحسين (ع) انتصر فعلاً وحقق أهدافه من الثورة.

ثم انه تجدر الاشارة هنا الى ان المتأمل في النصوص والروايات يلاحظ ان هناك ارهاصات لثورة شعبية بقيادة الحسين (ع)، منذ ايام معاوية وبعد استشهاد الامام الحسن (ع)، وانما كان هناك موعد متفق عليه حسب التخطيط القيادي، وهذا الموعد هو بمثابة ساعة الصفر لانطلاق الثورة.

فقد ورد في بعض الاخبار ان الحسين (ع) كان يقول لأصحابه:

(صدق ابو مـحمد([2])، فليكن كل رجل منكم حلساً من احلاس بيته مادام هذا الانسان([3]) حياً).

وفي رواية اخرى عنه (ع) :

(فألصقوا رحمكم الله بالأرض واكمنوا في البيوت، واحترسوا من الظنة مادام معاوية حياً).

ولا يخفى ان معنى الكمين مأخوذ فيه التهيؤ والاستعداد. فهذه الاوامر القيادية تبتني على سياسة التقية التي كان يلتزم بها المعصومون (ع) كإستراتيجية ثابتة..



فإن معاوية كان شديد البطش كما ورد في الاخبار([4])، وكان بطشه يتم بدهاء ومكر وعقلية سياسية مؤثرة، بحيث كان يستطيع ان يحول القتل والاغتيال الى موت طبيعي او حادثة عرضية بحيث تفقد الشهادة تأثيرها الاجتماعي، خصوصاً مع الالتفات الى قوة إعلامه وشدة إغراءاته المادية.

ولعل الامر بالانتظار كان لأجل عدم تهيؤ القواعد فعلاً للجهاد والثورة، وذلك لما قدمناه من امكانيات معاوية، فكان انتظار الحسين (ع) ليس تقية لنفسه، وانما لأجل انتظار حصول الاستعداد عند سائر الشيعة، وزوال الكابوس الذي كان يبعث الرعب في قلوب المؤمنين.

ومن هنا نفهم السر في صلح الامام الحسن (ع)، لانه يعلم ان سيوف اصحابه ما بين خامل وخائن، والمخلص منهم قليل وغير كاف، فقرر المحافظة على هذه الثلة ليوم لاحق..

وهذا هو الوارد في كلامه (ع) مع حجر بن عدي الكندي : (إني رأيت هوى عظم الناس في الصلح، وكرهوا الحرب، فلم احب ان احملهم على ما يكرهون، فصالحت بقياً على شيعتنا خاصة من الحرب، ورأيت دفع هذه الحرب الى يوم ما، فان الله كل يوم هو في شأن).

وفي حديث آخر عنه (ع) مخاطباً الشيعة :

( ما اردت بـمصالحتي معاوية الا ان ادفع عنكم القتل، عندما رأيت من تباطؤ أصحابي عن الحرب، ونكولهم عن القتال).

وفي حديث آخر يخاطب الحسن (ع) شيعته قائلاً :

(انتم شيعتنا واهل مودتنا، فلو كنت بالـحزم في أمر الدنيا أعمل، ولسلطانها اعمل وانصب، ما كان معاوية بأبأس مني بأساً، ولا اشــد شكيمة، ولا امضى عزيـمة، ولكني ارى غير ما رأيتم، وما اردت فيما فعلت الا حقن الدماء، فارضوا بقضاء الله، وسلموا الأمر، والزموا بيوتكم وأمسكوا، وكفوا أيديكم، حتى يستريح بَر، ويُستراح من فاجر).

ويبدو للمتأمل ان الحسن (ع) أراد بالفقرة الاخيرة ان يتهيأ الحسين (ع) (البَر)، ويُستراح من معاوية (الفاجر)، وكأنه يحدد ساعة الوقت المناسب للثورة والمعركة الحقيقية.

ومن هنا نفهم ان صلح الامام الحسن (ع) كان تمهيداً لثورة الحسين (ع)..

لأن الحسن (ع) لو قاتل فانه سيتهم ويقال عنه لماذا لم يتنازل لحفظ الامة من التمزق، ولماذا لم يتنازل عن منصب القيادة قربة الى الله تعالى، ويسكت كما سكت ابوه الامام علي (ع) بعد يوم السقيفة ؟

اما الامام الحسين (ع) فسوف لن يقال له ذلك، لأن الحسن (ع) بتضحيته الجسيمة قطع الطريق امام كل من يريد الاعتراض على ثورة الحسين (ع)، لأن الناس صارت تعلم ان الحلول السلمية لا تنفع مع هؤلاء الامويين، فلم يبق الا الحل الاخر وهو الثورة والجهاد من اجل إصلاح الأمة وإحياء الدين.

وهذا سبب آخر للثورة الحسينية وهو عدم جدوى الحلول السلمية، على اعتبار ان الإسلام يوجب التسلسل في مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ورغم ان الحسين (ع) اعلن الثورة كحل جذري لاصلاح الواقع الفاسد، الا انه لم يتخل عن الجانب التربوي او النصحي، ولذلك نسمعه في يوم عاشوراء يحتج بكثرة على الجيوش المنحرفة ويحاول ان يوضح الصورة امامهم، او يذكرهم بها، خشية عليهم من الدخول في النار، واشفاقاً على الامة من تـمادي الانحراف فيها..

وهذه موازنة ميدانية بين لغة الـحوار والموعظة، ولغة المقاومة المسلحة، وقد جسدها الحسين (ع) بكل حكمة وشجاعة، لتكون الحجة ابلغ واشمل.
__________________
الاء الرحمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس