عرض مشاركة واحدة
قديم 22-08-2015, 03:21 PM   #4
الاء الرحمن
♣ فاطمية فعالة ♣
 
الصورة الرمزية الاء الرحمن
 
تاريخ التسجيل: Jul 2015
الدولة: العراق
المشاركات: 333
معدل تقييم المستوى: 535
الاء الرحمن has a reputation beyond reputeالاء الرحمن has a reputation beyond reputeالاء الرحمن has a reputation beyond reputeالاء الرحمن has a reputation beyond reputeالاء الرحمن has a reputation beyond reputeالاء الرحمن has a reputation beyond reputeالاء الرحمن has a reputation beyond reputeالاء الرحمن has a reputation beyond reputeالاء الرحمن has a reputation beyond reputeالاء الرحمن has a reputation beyond reputeالاء الرحمن has a reputation beyond repute
افتراضي رد: دروس من ثورة الحسين عليه السلام

الدرس الثاني :
انتشار الظلم والفساد سبب للتغيير

نتعلم من ثورة الحسين (ع) ان انتشار الظلم والفساد، هو سبب منجَّز (كما يعبرون) يدعو الى التحرك وتـحمل الـمسؤوليات المناسبة.

وكلما وصل الفساد الى قمة الهرم في المجتمع او الأمة، فان الخطر سيكون اعظم بطبيعة الحال، لان الناس على دين الملوك كما يقولون، وهذا يقتضي تحركاً اسرع وعملاً اوسع.

فالنظام الأموي قد وصل الى ذروة الفساد والانحطاط خصوصاً في أيام يزيد المستهتر، في وقت كان الوضع العام مناسباً جداً للتحرك والعمل الثوري.

وقد ورد في الرواية ان الامام الحسين (ع) قال لوالي المدينة الوليد بن عتبة :

(إنا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومـختلف الملائكة، بنا فتح الله، وبنا ختم، ويزيد فاسق فاجر شارب الخمر قاتل النفس الـمحترمة، معلن بالفسق والفجور، ومثلي لا يبايع مثله).

وورد عنه (ع) ايضاً :

(على الإسلام السلام اذا بليت الأمة براع مثل يزيد).

ومن هنا فنحن مطالبون بملاحظة ومتابعة الاوضاع العامة للأمة الاسلامية من باب الشهادة عليها، حيث يقول الله تعالى.

[ وكذلك جعلناكم امة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس، ويكون الرسول عليكم شهيداً ].

وكذلك من باب المسؤولية (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، و( من بات ولم يهتم بامور المسلمين فليس منهم).

وهذه الشهادة والمسؤولية تقتضي ان نتدخل في الوقت المناسب لاصلاح الوضع الفاسد او تغييره، على حسب ترتيب المراتب المذكورة في باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.

حيث يقول الامام الحسين (ع) مخاطباً جيش الحر الرياحي اثناء الطريق الى كربلاء :

(أيها الناس ان رسول الله (ص) قال : من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرام الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثــم والعدوان، فلم يُـغيـر ما عليــه بفعل ولا قول، كان حقاً على الله ان يدخله مدخله).

أقول: هذا طبعاً مع توفر الشروط والحجة اللازمة، وسيأتي الحديث عنها بإذنه تعالى، الا ان التصرف مطلوب على اية حال بالمقدار الممكن، وبالكيفية المناسبة.

ويستمر امامنا الحسين (ع) بخطبته السابقة قائلاً :

(الا وان هؤلاء([1]) قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، واظهروا الفساد، وعطلوا الـحدود، واستأثروا بالفيء، واحلوا حرام الله وحرموا حلاله، وانا أحق من غيَّر).

أقول : مقصوده (ع) أنه أحق العباد بطاعة الله تعالى وتحمل مسؤولية التغيير، وهو أولى الناس بهذه التضحية من أجل إحياء الدين وانقاذ الشريعة الإلهية، لأنه (ع) أعلم الناس بالعلاجات المناسبة لتلك الجاهلية التي بدأت تستفحل من جديد في تلك الايام..

ولأن دماء جده النبي محمد (ص) ووالده الإمام علي (ع) ووالدته فاطمة (ع) تمشي في عروقه، فهو طهر طاهر مطهر من طهر طاهر مطهر.

وقد ورد في زيارة الحسين (ع) المعروفة بزيارة وارث والمروية عن الصادق (ع) :

( اشهد انك كنت نوراً في الاصلاب الشامخة والارحام المطهرة، لم تنجسك الجاهلية بانجاسها، ولم تلبسك من مدلهمات ثيابها).

وورد في زيارته (ع) يوم عرفة :

(غذتك يد الرحمة، ورضعت من ثدي الايمان، ورُبيت في حجر الاسلام).

ثم انه ورد في كلام آخر له (ع) يذكر فيه أسباب ثورته :

(الا ترون الى الحق لا يعمل به، والى الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله).

وهذا يعني انه توجد ملازمة بين انتشار الفساد والانحراف في المجتمع، وبين ضرورة توجه المؤمن الواعي الى لقاء الله تعالى، لكي يحصل التوازن المقتضي لنزول الرحمة الإلهية، وهذه نقطة مهمة ينبغي الالتفات إليها، وهي من مصاديق قوله تعالى:

(وما كان الله ليعذبهم وانت فيهم).

فالمؤمنون مطالبون حين انتشار الفساد خارجاً، بتكثيف جهودهم في سبيل الله تعالى ليكونوا انواراً تشع وتضيء من اجل تبديد الظلام او تقليله، حيث يقول تعالى:

(( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة)) الانفال-25.

ومعنى ذلك انهم مطالبون بالعمل الجاد على طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى لو استلزم ذلك حصول التضحية على اختلاف مراتبها، فان جميع هذه المسؤوليات إذا كانت خالصة لله تعالى، فهي بالتأكيد من مقدمات اللقاء مع الله تعالى، بل هي من مصاديقه بمعنى من المعاني المعمقة.

وهكذا فنحن في كل زمان ومكان مأمورون بان نكون جنوداً حقيقيين لله تعالى، وهذا يقتضي ان نكون على اهبة الاستعداد وبكامل العدة المعنوية والمادية، لنحصل بذلك على اجر الـمرابطين والـمجاهدين في سبيل الله تعالى.

وبغض النظر عن نوع المعركة المتوقعة، سواء كانت عسكرية او ثقافية او سياسية او عقائدية او اقتصادية او نحو ذلك، فاننا بعين الله تعالى، في كل صغيرة وكبيرة ندافع بها عن هذا الدين الالهي، وعن هذه الارض التي جعلها الله تعالى امانة في اعناقنا: [ ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله، ولا يطأون موطئاً يغيظ الكفار، ولا ينالون من عدو نيلاً، الا كتب لهم به عمل صالح ان الله لا يضيع اجر المحسنين ] التوبة –120.
__________________
الاء الرحمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس