من لم يعتقد بولاية أهل البيت(ع) فهو من أهل النار حتى وإن عبد الله طوال عمره
عَنْ مُيَسِّرٍ بَيَّاعِ الزُّطِّيِّ قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَ لِي جَاراً لَسْتُ أَنْتَبِهُ إِلَّا بِصَوْتِهِ إِمَّا تَالِيَا كِتَابَهُ يُكَرِّرُهُ وَ يَبْكِي وَ يَتَضَرَّعُ وَ إِمَّا دَاعِياً فَسَأَلْتُ عَنْهُ فِي السِّرِّ وَ الْعَلَانِيَةِ فَقِيلَ لِي إِنَّهُ مُجْتَنِبٌ لِجَمِيعِ الْمَحَارِمِ قَالَ فَقَالَ يَا مُيَسِّرُ يَعْرِفُ شَيْئاً مِمَّا أَنْتَ عَلَيْهِ قَالَ قُلْتُ اللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ فَحَجَجْتُ مِنْ قَابِلٍ فَسَأَلْتُ عَنِ الرَّجُلِ فَوَجَدْتُهُ لَا يَعْرِفُ شَيْئاً مِنْ هَذَا الْأَمْرِ فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِ الرَّجُلِ فَقَالَ لِي مِثْلَ مَا قَالَ فِي الْعَامِ الْمَاضِي يَعْرِفُ شَيْئاً مِمَّا أَنْتَ عَلَيْهِ قُلْتُ لَا قَالَ يَا مُيَسِّرُ أَيُّ الْبِقَاعِ أَعْظَمُ حُرْمَةً قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ ابْنُ رَسُولِهِ أَعْلَمُ قَالَ يَا مُيَسِّرُ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَ الْمَقَامِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَ مَا بَيْنَ الْقَبْرِ وَ الْمِنْبَرِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَ لَوْ أَنَّ عَبْداً عَمَّرَهُ اللَّهُ فِيمَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَ الْمَقَامِ وَ فِيمَا بَيْنَ الْقَبْرِ وَ الْمِنْبَرِ يَعْبُدُهُ أَلْفَ عَامٍ ثُمَّ ذُبِحَ عَلَى فِرَاشِهِ مَظْلُوماً كَمَا يُذْبَحُ الْكَبْشُ الْأَمْلَحُ ثُمَّ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِغَيْرِ وَلَايَتِنَا لَكَانَ حَقِيقاً عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُكِبَّهُ عَلَى مَنْخِرَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّم». [ثواب الأعمال للصدوق/ص210]
لا يقبل الله عمل امرء شاك في أهل البيت(ع)
تؤيد هذه الروايات أننا لم نخلق لغرض أن نكون أناسا صالحين وأن نعمل مجموعة من الأعمال الصالحة. بل إنما خلقنا من أجل أن نجاهد أهواء أنفسنا، وينتهي هذا الجهاد في آخر المطاف إلى الخضوع للولاية واتباعها.
لقد قال النبي الأكرم(ص): «لَوْ أَنَّ عَبْداً عَبَدَ اللَّهَ أَلْفَ عَامٍ مَا بَينَ الرُّکْنِ وَ الْمَقَامِ ثُمَّ ذُبِحَ کَمَا يذْبَحُ الْکَبْشُ مَظْلُوماً لَبَعَثَهُ اللَّهُ مَعَ النَّفَرِ الَّذِينَ يقْتَدِي بِهِمْ وَ يهْتَدِي بِهُدَاهُمْ وَ يسِيرُ بِسِيرَتِهِمْ إِنْ جَنَّةً فَجَنَّةٌ وَ إِنْ نَاراً فَنَارٌ». [بحار الأنوار/27/180].
وقد روي في أمالي المفيد عن الإمام الباقر(ع) والإمام الصادق(ع) أنهما قالا: «نَحْنُ أَهْلَ الْبَيتِ لَا يقْبَلُ اللَّهُ عَمَلَ عَبْدٍ وَ هُوَ يشُكُ فِينَا». [الأمالي للمفيد/ ص3]
هوى النفس سبب لمخالفة الأنبياء
لقد سلّط القرآن الضوء على إحدى خصائص النبي الأكرم(ص) وقال: «وَما ينْطِقُ عَنِ الْهَوى» [نجم/ 3]. فيتضح أن اتباع الهوى قضية مهمّة والنبي(ص) منزّه عنها. إن هذه الآية قد كشفت عن رؤية إيجابيّة تجاه مخالفة الهوى.
وهناك عبارات أخرى في القرآن الكريم تصبّ في هذا الموضوع، مثل الآية المباركة التي تحدّثت عن بلعم بن باعورا وشبّهته بالكلب؛ (وَ لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَ لکِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَ اتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ کَمَثَلِ الْکَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيهِ يلْهَثْ أَوْ تَتْرُکْهُ يلْهَثْ ذلِکَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذينَ کَذَّبُوا بِآياتِنا) [الأعراف/176].
وقد قال الله تعالى في آية أخرى: (لَقَدْ أَخَذْنا ميثاقَ بَني إِسْرائيلَ وَ أَرْسَلْنا إِلَيهِمْ رُسُلاً کُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لاتَهْوى أَنْفُسُهُمْ فَريقاً کَذَّبُوا وَ فَريقاً يقْتُلُون) [المائدة/70]
ليس للحقّ أن يتبع أهواء الناس
ليس للحقّ أن يتبّع أهواء الناس، إذ تنطوي آراء الناس على ما ينسجم مع أهوائهم. يقول الله سبحانه: (وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فيهِن) [المؤمنون/ 71]
وقال الله سبحانه في آية أخرى: (أَفَرَأَيتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ وَ خَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يهْديهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَ فَلا تَذَکَّرُون) [الجاثية/ 23]
إن اتباع الهوى أمر منظّر له في الغرب
تحكي هذه الآيات عن سوء اتباع هوى النفس وما تسبّب فيه من آثار وتداعيات سلبية فلابد من تجنّب اتباع هوى النفس بشدّة. ولكن مع الأسف إن اتباع الهوى أمر منظّر له في الغرب، وكلّ ما اقتضى هوى النفس شيئا أعطوه الحق لذلك. وبعبارة أخرى إن الغربيين قد اعتبروا «حقوق الإنسان» عنوانا معادلا لـ «أهواء الإنسان». ولذلك فقد تغلغلت ظاهرة اتباع الهوى في مختلف تشكيلات حضارة الغرب، بحيث أصبحت القوانين الحاكمة في الغرب والتي لها علاقة بالفكر الغربي تشكّل دومينو الفساد. فلعل تساقط القطع الأولى في هذه الدومينو لا تعدّ أمرا مهمّا، ولكن بعد ما تقدّمت الدومينو في حركتها سوف لا تمرّ بقطعة ذات قيمة إلا وأسقطتها وقضت عليها.
فعلى سبيل المثال قد بدأوا دومينو الفساد في طليعة حركتها بإعطاء رقم هاتفي سهل للأطفال ليشتكوا على والديهم، ولا تبدو عملية سيئة في ظاهر أمرها، ولكن بعد ما انطلقت الدومينو في طريقها، سوف تهدّد قوّة الوالدين الإيجابيّة واللازمة في مسار تربية الأطفال، وكذلك تهدّد احترام الكبار وباقي عناصر الأسرة، كما نرى بعض نتائجها في الغرب. إن دومينو سلب قوّة الأب في الأسرة، وتساوي إرث المرأة مع الرجل على خلاف الأحكام الإلهيّة، والنزعة إلى التشكيلات الغربيّة والقوانين الغربيّة هي من مصاديق هذه الدومينو الخطرة إن أردنا تطبيقها في بلادنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته