هل عاش الشعب المصري بسعادة وهناء بعد ما كان حكّامهم مطيعين لأمريكا عقودا متمادية؟
إن خالف الإنسان هواه أياما معدودة تحت إمرة وليّ الله، واستقام على نهجه في درب الحق، يعش سعيدا إلى آخر عمره في دنياه فضلا عن آخرته. ولكنّه إن تمرّد على حكم وليّ الله ولم يخالف هوى نفسه، يهيمن عليه المستكبرون وأراذل العالم وبعد ذلك لابدّ له أن يودّع الحياة السعيدة ويقرأ عليها السلام.
من نماذج هذه القاعدة هي دولة مصر التي خضع حكّامها إلى إرادة أمريكا أكثر من ثلاثين سنة. فهل الآن يحظى الشعب المصري بحياة سعيدة؟! كان بإمكان مصر أن تكون من أرقى بلدان منطقتنا اقتصاديّا وثقافيّا. كانت مصر بوّابة دخول العلم إلى أوروبّا. فلا يعوز الشعب المصري ولا أرض مصر شيئا. ولكنّها تعاني من فقر شديد إذ كان قد خضع حاكمها لأمريكا في كل شيء.
إن إعلامنا ـ وللأسف ـ يتكلم بطريقة دبلماسيّة ورسميّة بحتة في التغطية على أخبار بلدان المنطقة، وكأنه يتحدث في مؤتمر قمّة. مع أنّه يستطيع أن يصوّر الظروف الحقيقية التي تعيشها شعوب المنطقة عبر برامج وثائقيّة واقعيّة.
انظروا إلى العراق وإلى ما يعانيه من نفوذ أمريكا وتأثيرها على بعض أحداث العراق. فمع أنها قد اضطُرّت إلى سحب قوّاتها من العراق، ولكن مازالت لم تنقطع أيادي تدخّلها ونفوذها بشكل كامل. لعلّ أكبر سفارة أمريكية هي في العراق وبآلاف من الموظّفين. إن أمريكا هي المتصدّية لبيع نفط العراق ثمّ تعطي شيئا من وارد بيع النفط العراقي إلى العراقيّين، وكأنها هي أمين صندوق العراق! وبعد كلّ هذا النهب من أموال العراق لم تسع لإعمار العراق قطّ لتحصل على مكانة بين العراقيّين. انظروا إلى وضع الأمن في العراق. فليت شعري كم عراقي يجب أن يقتل حتى يرضى الأمريكان؟!
هل يجب أن نقطّع إربا إربا حتى يصدّق البعض برذالة العدوّ؟!
إن بعض الناس ـ وللأسف الشديد ـ من الجهالة بمكان بحيث لا يرون حقائق العالم هذه ولا يصدّقون بوجود العدوّ. يبدو أن هولاء لن يصدّقوا بوجود شيء اسمه العدوّ واسمه الاستكبار إلّا اللهم في ما إذا حطّموا أنفسهم ودمّروا مجتمعهم بيد العدوّ. فيا ترى هل لابدّ أن نمهل العدوّ إلى أن يهدّد أمننا ويقطّعنا إربا إربا حتى يصدّق البعض برذالته؟! وإلى متى لابدّ أن نرى الخطاب الثوري غريبا في بعض الأوساط في بلدنا!
متى ينبغي لنا التفاوض مع الاستكبار
يجب علينا أن نقف أمام الاستكبار العالمي. فلا ينبغي أن نتفاوض معه إلا بشرط أن ينذلّ أمامنا بشدّة. إذ بمجرّد أن يرانا مستعدين لتقديم بعض التنازلات يزداد وقاحة.
لا يحلو لنا التفاوض مع الغرب إلا بعد أن كنّا من القوّة بمكان بحيث عندما ضربنا بأيدينا على الطاولة وقلنا لهم اسحبوا الإرهابيّين من سورية لنبدأ الحديث معكم، لم يجدوا بدّا سوى أن يمتثلوا بكل ذلّ. إذ لا يمكن الحديث معهم إلا من منطق القوّة، امّا إذا أردنا أن نتحدث معهم من منطق الضعف سيضربون هم على الطاولة ويقولون: سلّمونا حزب الله والمقاومين في سورية لكي نذبحهم جميعا! منذ سنين وهم يطالبوننا أن لا ندعم حزب الله والمقاومة في المنطقة.
نحن إن تنازلنا للعدوّ ذرّة، لابدّ أن نستقبل الإرهابيّين في بلدنا بعد ما اقتحموا سورية بأسرها
نحن لابدّ أن ندرس الموضوع ونرى كيف تجرّأ الأوروبيّون على وضع مجاهدي حزب الله في قائمة الإرهاب؟ وما هي العوامل التي سمحت لهم أن يرتكبوا ظلما مثل هذا؟ نحن اليوم إن تنازلنا للعدوّ مثقال ذرّة، لابدّ أن نستقبل الإرهابيين في بلدنا بعد ما اقتحموا سورية بأسرها!
إنك إن لم تسلّم إدارة مخالفة هواك إلى وليّ الله، سوف يقع زمام إدارة مخالفة هواك بيد عدوّ الله وإنه لن يرحمك أبدا. وفي الواقع نحن نهتف في يوم القدس بأن إدارة مخالفة أهوئنا ليست بيد عدوّ الله، وإنما هي بيد وليّ الله. لابدّ أن نسأل الله أن يحفظ زمام إدارة مخالفة أهوائنا بيده ولا يسمح أن يقع بيد عدوّه.
أولئك الذين لا يتحمّلون العناء في طريق الحقّ، لابدّ لهم من تجشّم نفس العناء في طريق الباطل
على أساس السنن الإلهيّة، أولئك الذين لا يتحمّلون العناء في طريق الحقّ، لابدّ لهم من تجشّم نفس العناء في طريق الباطل. فقد قال الإمام الصادق(ع): «واعْلَمْ أَنَّهُ مَنْ لَمْ یُنْفِقْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ ابْتُلِيَ بِأَنْ یُنْفِقَ فِي مَعْصِیَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ لَمْ یَمْشِ فِي حَاجَةِ وَلِيِّ اللَّهِ ابْتُلِيَ بِأَنْ یَمْشِيَ فِي حَاجَةِ عَدُوِّ اللَّه» [من لا يحضره الفقيه/ج4/ص412] إن أهل الكوفة الذين تشبثوا بشتّى الذرائع كالحرّ والبرد وغير ذلك لأن يقعدوا عن القتال مع أمير المؤمنين(ع)، وصل بهم الأمر إلى أن يقتلوا سيد الشهداء(ع) بإشارة من يزيد بن معاوية وقد هلك منهم كثير.
أولئك الذين كان حريّ بهم أن يستشهدوا تحت راية أمير المؤمنين(ع) في ساحة الجهاد ضدّ معاوية، وصل بهم الأمر إلى أن قُتِلوا تحت لواء يزيد في قتالهم ضدّ الإمام الحسين(ع) وذهبوا إلى نار جهنّم. يعني هؤلاء الذين قصّروا في الدفاع عن الحقّ، ابتلوا بالدفاع عن الباطل.
من يخضع لولاية الاستكبار، يصل به الأمر إلى القتل والهلاك في سبيله
كان الغربيّون في زمن بائد، يستخدمون الشباب والجنود الإيرانيين لقمع الثورات في المنطقة. فانظروا كيف كان حالنا سابقا وإلى أين رقّانا الإمام(ره) بهذه الثورة، بحيث لسنا لم نعد نقاتل من أجل العدوّ وحسب، بل أصبحنا نقاومه. يعني كنّا نعرّض شبابنا وجنودنا إلى القتل والهلاك في سبيل أن تصل أمريكا إلى مطامعها في المنطقة! هكذا كان حالنا!
وكذلك كان الإنكليز يستخدمون الجنود من أهل الهند في سبيل مواصلة أهدافهم الاستعمارية في البلدان الأخرى. فكانوا يعرّضون هؤلاء الجنود المساكين إلى القتل في سبيل بسط سلطتهم الاستعمارية في البلدان الأخرى. يعني من سلك طريق الخضوع للاستكبار، لابدّ أن يسلك الطريق إلى آخره وسوف يصل به الأمر إلى القتل والهلاك في سبيل الاستكبار.
فإنك إن أعطيت الضوء الأخضر للعدوّ، لن يمنحك العدوّ حياة مريحة في هذه الدنيا، ولن يكتفي بأن تتحمل ظلمه وعدوانه وحسب، بل يأمرك أن تفدي بروحك في سبيل مطامعه! إذ لا يريد أن يفرّط بجنوده في سبيل مطامعه!
في أغلب الأحيان لا داعي لخوض الصراع مع العدوّ، وحسبنا أن نحظى بروح جهاديّة. كما لا داعي لضرب الكلاب في أغلب الأحيان، وإنّما عليك أن لا تفرّ منهم. فلو رفعت حجارة يفرّ منك فورا وكأنه قد أصيب بالحجارة حقيقة. لابدّ من مواجهة العدوّ بروح ثوريّة وإلا فسوف يتضرّر الشعب جميعا.
يجب على رجالنا السياسيّين أن يجابهوا هؤلاء الذئاب الخبثاء
يجب على رجالنا السياسيّين أن يتنافسوا مع بعض في مواجهة هؤلاء الذئاب الخبثاء. لقد اتخذ أعضاء مجلس الشورى الإسلامي موقفا مختصرا تجاه الأروبيين الوقحين الذين أضافوا حزب الله إلى قائمة الإرهاب، ولكن يجب على جميع السياسيّين أن يتخذوا موقفا شديدا. فمن يتنازل لهؤلاء الوقحين مثقال ذرّة ولم يدافع عن كرامته بعزّ ولم يتهجم عليهم بشجاعة، سوف يذلّ، والله هو الذي سيهيّئ أسباب ذلّه.
وبالتأكيد لابدّ أن تكون كل هذه المواقف من المقاومة العزيزة والتهجّم الشجاع على العدو، مصحوبة بالحكمة والتدبير والواقعيّة، ولكن من أهمّ حقائق العالم الواقعيّة هي أن الله سبحانه قد وعد بنصر المقاومين ضدّ الأعداء.