رد: بأبي التي ورثت مصائب أمها فغدت تقابلها بصبر أبيها
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الصبر
من النزعات الفذة التي تسلّحت بها مفخرة الإسلام وسيّدة النساء زينب عليها السّلام هي الصبر على نوائب الدنيا وفجائع الأيام، فقد تواكبت
عليها الكوارث منذ فجر الصبا، فرزئت بجدّها الرسول صلّى الله عليه وآله الذي كان يحدب عليها، ويفيض عليها بحنانه وعطفه، وشاهدت الأحداث
الرهيبة المروعة التي دهمت أباها وأمّها بعد وفاة جدّها، فقد اُقصي أبوها عن مركزه الذي أقامه فيه النبي صلّى الله عليه وآله، وأجمع القوم على
هضم اُمّها حتى توفيت وهي في روعة الشباب وغضارة العمر، وقد كوت هذه الخطوب قلب العقيلة إلّا أنّها خلدت إلى الصبر،
وتوالت بعد ذلك عليها المصائب، فقد رأت شقيقها الإمام الحسنالزكي عليه السّلام قد غدر به أهل الكوفة، حتى أضطر إلى الصلح مع معاوية
الذي هو خصم أبيها وعدوّه الألد، ولم تمض سنين يسيرة حتىاغتاله بالسمّ وشاهدته وهو يتقيأ دماً من شدة السمّ حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.
وكان من أقسى ما تجرعتّه من المحن والمصائب يوم الطف، فقد رأت شقيقها الإمام الحسين عليه السّلام قد استسلم للموت لا ناصر له
ولا معين، وشاهدت الكواكب المشرقة من شباب العلويين صرعى قد حصدتهم سيوف الاُمويين، وشاهدت الأطفال الرضع يذبحون أمامها.
إن أي واحدة من رزايا سيدة النساء زينب لو ابتلي بها أيّ إنسان مهما تذرّع بالصبر وقوة النفس لأوهنت قواه، واستسلم للضعف النفسي،
وما تمكن على مقاومةالأحداث، ولكنّها سلام الله عليها قد صمدت أمام ذلك البلاء العارم، وقاومت الأحداث بنفس آمنة مطمئنة راضية
بقضاء الله تعالى وصابرة على بلائه، فكانت من أبرز المعنيين بقوله تعالى:
﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعون﴾َ 3،
وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَاب﴾ٍ 4، وقال تعالى: ﴿وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون﴾َ 5،
لقد صبرت حفيدة الرسول صلّى الله عليه وآله وأظهرت التجلّد وقوة النفس أمام أعداء الله، وقاومتهم بصلابة وشموخ، فلم يشاهد
في جميع فترات التأريخ سيدة مثلها في قوة عزيمتها وصمودها أمام الكوارث والخطوب.
قول الحجّة الشيخ هادي آل كاشف الغطاء في صبرها وعظيم محنتها
كـــم شـــــاهدت مــــصائباً مهولـة لله صــــــبر زيـــــنب العقــــــيلــــة
أمـــــراً تــــــهون دونــــــه المنايا رأت مـــــن الخــــطوب والــــرزايا
مجـــــزرين فـــــي صــــــعيد واحد رأت كـــــرام قـــــومها الأمــــــاجد
وهــــــي لـــــذوبان الفـــــلا تـبـاح تســـــفي عــــلى جـسومـها الرياح
وجثــــــثـاً أكفـــــانهـا الــــــــرمـال رأت رؤوســـــاً بــــالقـنا تـــــشـال
وصبــــــية بـــــعد أبيــــهم أيتمـوا رأت رضيـــــعـاً بـــــــالسهـام يفطم
وصنـــــعه مــــــــا شاء فـي أخيها رأت شـــــماتـة العـــــــدو فـــــيـها
وقوفـها بــــــين يــــــدي يــــــزيد وإن مــــن أدهــــى الخطوب السود
أشكرك أختي العزيزة أميرتي فاطمة
وبارك الله بك
رزقك الله شفاعتها
|