أن النفوس الإنسانية وهي في أصل جوهرها علوية شريفة
ما كانت لتميل إلى الأرض و الحياة عليها
و قد قدر الله أن يكون كمالها و سعادتها الخالدة
بالاعتقاد الحق و العمل الصالح ، فاحتالت العناية الإلهية
إلى توقيفها موقف الاعتقاد و العمل ، و إيصالها إلى محك التصفية
و التطهير، و إسكانها الأرض إلى أجل معلوم ،بإلقاء التعلق
و الارتباط بينها و بين ما على الأرض من أمتعة الحياة
من مال و ولد و جاه ، و تحبيبه إلى قلوبهم
فكان ما على الأرض و هو جميل عندهم محبوب في أنفسهم
زينة للأرض و حلية تتحلى بها لكونه عليها
فتعلقت نفوسهم على الأرض بسببه و اطمأنت إليها
فإذا انقضى الأجل الذي أجله الله تعالى لمكثهم في الأرض بتحقق ما
أراده من البلاء و الامتحان، سلب الله ما بينهم و بين ما على الأرض
من التعلق، و محى ما له من الجمال و الزينة
و صار كالصعيد الجرز الذي لا نبت فيه و لا نضارة عليه