رد: طب الامام الصادق عليه السلام
طب الإمام الصادق (عليه السلام) ـ 69 ـ
نوفق للعثور عليه في الكتب والمجاميع لضاق بنا هذا المختصر على أن الباحث مهما يراجع كتاب الأطعمة والأشربة من فقه أهل البيت ، ويمعن النظر فيه وفيما حوى من الآداب الجمة الواردة في الاكل والشرب ، قبلهما وبعدهما وفي أثنائهما ، وما جاء من البحث في وقتهما ، وبيان أقسام المأكولات والمشروبات ومضارهما ومنافعها والتفصيل الوارد في اللحوم والحبوب والفواكه والالبان والأدهان وغيرها فانه يجد هناك علماً جماً وأبحاثاً ضافية قيمة في الطب والوقاية وحفظ الصحة مما يجعلك ويجعل الباحث مذعنا خاضعا بأن الإمام الصادق (عليه السلام) في مقدم المتخصصين بعلم الأبدان قبل علم الشرايع والاديان ويخبت (1) إلى أنه صلوات الله عليه هو الحافل بعبئه الثقيل وعنده بجدته وهو ابن بجدته (2) وبيده عقدته وهو ابن عذره (3) وهو العالم الوحيد بحقائقه ودقائقه وعنده فذاذاته وجذاذاته (4) فكما هو المصدر والمورد في العلوم الدينية كذلك تنتهي إليه تلكم الدروس العالية في علم الأبدان .
من كلماته الخالدة في الطب :
إن للامام أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام من الكلمات الطبية الخالدة والآراء القيمة الحكيمة مالونظر بها وعمل عليها لصلحت أن تكون أسساً ثابتة عامة تقوم عليها دعائم الطب وأركان حفظ الصحة في كل عصر ومصر ولكل جيل من الأجيال ، فلعمري أنها الكلم القصار التي قصرت عن فهم كنه مراميها نطس الاطباء وفحول العلماء اللهم إلا بعد مرور العصور وتعاقب الاحوال .
************************************************** ************
(1) يطمئن ويخضع .
(2) يقال للعالم بالأمر والبجدة باطن الامر وحقيقته .
(3) يقال لمن بيده الحل والعقد ، والعالم بكل جزيئات المسألة .
(4) الفذاذات القطع الصغار تتساقط من الذهب ، والجذاذات قطع الفضة ويراد منه الاحاطة بكل جزيئات الامر ودقائقه .
طب الإمام الصادق (عليه السلام) ـ 70 ـ
وتقدم العقل البشري وكثرة التجارب العلمية والعملية الواسعة .
وإليك فيما يلي بعض ماعثرنا عليه من تلكم الكلم الطيب نقدمها كشاهد عدل على مانقول : قال الإمام عليه السلام : كان الطبيب يسمى المعالج ، فقال موسى بن عمران عليه السلام : يارب ممن الداء ؟ قال : مني ، فقال موسى : وممن الدواء قال : مني ، قال موسى : فما يصنع الناس بالمعالج ؟ قال تعالى : يطيب بذلك أنفسهم ، فسمي المعالج لذلك طبيباً (1) .
وقال (عليه السلام) إجتنب الدواء ما احتمل بدنك الداء (2).
أقول : الغرض من ذلك هو إرجاع إصلاح البدن إلى الطبيعة البدنية دون أن تعارضها الادوية التي ربما أحدثت مضاعفات أخرى غير المرض.
وقال (عليه السلام) : من ظهرت صحته على سقمه فعالج نفسه بشيء فمات فأنا إلى الله منه بريء ، وفي لفظ ، فقد أعان على نفسه (3) .
أقول : قد ورد هذا المعنى في غير واحد من أحاديث أهل البيت ، والمراد سحق الأدواء بالطبيعة مهما تمكنت منه وعدم تعديل المزاج بالعلاج .
قال الإمام الرضا (عليه السلام) إن معالجة البدن كتعمير الدار وإصلاحه فان قليله يفضي إلى كثيره وبعبارة أخرى ان المرض هو تخلف عن القوانين الطبيعية والدواء مما يظهر هذا التخلف والانحراف وهذان الانحرافان إذا إجتمعا على البدن أبعداه عن الصحة السريعة .
وقال (عليه السلام) : غسل الاناء وكسح الفناء مجلبة للرزق (4).
************************************************** ************
(1) البحار 14 .
(2) الفصول المهمة .
(3) الفصول المهمة .
(4) كتاب الاثنى عشرية .
طب الإمام الصادق (عليه السلام) ـ 71 ـ
أقول : الظاهر من هذا الحديث هو الامر بالنظافة والحث على الاهتمام بها فانها من أركان الصحة والراحة وهما من النعم والرزق الذي تجلبه هذه النظافة إذ ليس الرزق هو تحصيل المال فقط كما نتصوره ، والكسح هو الكنس والفناء ساحة الدار .
وقال عليه السلام : اقلل من شرب الماء فانه يمد كل داء (1) .
أقول : من المسلم طباً أن إكثار شرب الماء لا سيما على الغذاء وبعضهم يقول حتى في اثناء الأكل مما يبطي الهضم في المعدة بمعنى أنه يضعف عمل إفرازات الغدد المعدية الهاضمة ، فاذا إختل الهضم أختل التغذي وإذا إختل التغذي لم يستفد البدن منه فيضعف ويصبح مستعداً لقبول أي عارض من عوارض المرض ، وهذا هو مراد الإمام (عليه السلام) بقوله : يمد كل داء .
وقال (عليه السلام) : ينبغي للشيخ الكبير أن لاينام إلا وجوفه ممتليء من الطعام فانه أهدأ لنومه واطيب لنكهته (2) .
اقول : من المشهور أن تقليل الطعام ليلاً عند النوم من صالح المعدة ومما يهديء الأعصاب ويريح النائم أما الشيخ الكبير فانه لما كان لا يمكنه أن يأكل كثيراً بل لايستطيع إلا المايعات والخفيف من الاغذية كان هذا القليل المايع يهضم عنده بمدة قليلة لذلك فهو يحتاج إلى أن يأكل هذا القليل بمدد متقاربة متعددة وعليه فاذا أكل الشيخ القليل ثم هضم في أثناء النوم وخلت معدته ظهر عليه الضعف فلا يستقر في نومته ولأجل ذلك كان عليه أن لاينام إلا وهو ممتليء الجوف ليهدأ نومه وتطيب نكهته .
وقال (عليه السلام) لعنوان البصري : إياك وأن تأكل مالا تشتهيه ، فانه يورث الحماقة والبله ، ولاتأكل إلاعند الجوع .
وإذا أكلت فكل حلالاً وسم بالله واذكر حديث رسول الله (ص) : ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه ، فاذا كان ولا بد فثلث
************************************************** ************
(1) ، (2) كشف الأخطار .
__________________
لا تـــســــــألــــــونــــــي مـــــن الـــــــــــحـــــــســـــيـــن
فــــهــــــو حـــبــــــيــــــبــــــي و نــــــور الــعــــــيــــن
لا تــــــســـألـــــونــــي قــــــــبـــــــــــــره أيـــــــــــــن
فــــكــــل قـــــلــــب صـــــــادقــــــــــــ يـــحـــوي حــــســـــيــــن
|