الحسين(ع) هو محور وحدة جميع هواة المعنوية
كم هو الفارق بيننا وبين مسيحيي العالم؟ نحن عشّاق الإمام الحسين(ع) مقصّرون إذ أن كثيرا من محبّي المسيح بن مريم والذين يبكون على مصائبه لا يعرفون الحسين. الآن نرى المستكبرين يصوّرون الإسلام كدين يقطع رؤوس الأبرياء ظلما وعدوانا. ولكن قد كشفت ملحمة الأربعين التي هي في مقابل فتنة مستكبري العالم أن أحد رموز الإسلام هو الحسين الذي احتزّ رأسه ظلما.
فالحسين(ع) هو محور وحدة جميع هواة المعنوية. إن عاشق الحسين(ع) الذي لا يستطيع أن يعرّفه لعالم المسيحية بلسانهم، فهو لم يقدّم شيئا كثيرا للحسين(ع). فليس الإمام الحسين(ع) بالإمام الذي تناجيه في خلوتك وتلتذّ بالبكاء عليه، بل يجب أن تصنع ضجّة على الإمام الحسين(ع) ليصل نبأه إلى جميع العالم. إن عصرنا هو عصر التعاطف والوحدة ضدّ الاستكبار والكفر والتفرقة.
ج) كذلك في الأوساط السياسية يجب أن نتجنّب أيّ تفرقة وتمزيق
إذا كان الناشطون السياسيون مختلفين، فلا يحقّ لهم أن يقسّموا الشعب إلى فريقين
دعوني أشير إلى الأبعاد السياسية لهذا الموضوع. في الأوساط السياسيّة كذلك كثير من الخلافات والتفرقات مضرّة ولا داعي لها. من قبيل الاختلاف الموهوم بين الإصلاحيين والأصوليين. قد يكون قادة بعض التيّارات السياسية قد ارتكبوا أكبر الجرائم ولعلّ حكمهم هو الإعدام، وقد يكونوا مفسدين في الأرض حسب رأي الإمام الخميني(ره)، ولكن لا ينبغي أن نسمح لهم بتمزيق الشعب.
الحقيقة هي أننا لا نرى بين التيارات الاجتماعية خلافات سياسية عميقة. فعلى سبيل المثال هل يمكن أن نسمّي الشابّ الثوري «محافظا»؟ فما هو الشيء الذي يريد أن يحافظ عليه حتى نسمّيه محافظا؟ هل يريد أن يحافظ على النظام المالي والمصرفي؟ هل هو بصدد المحافظة على الوضع الثقافي في البلد؟ بالتأكيد إن الشابّ الثوري يريد أن يصلح كليهما وهو غير راض عن الوضع الراهن لكي نسميه محافظا. ومن جانب آخر هل في بطن المجتمع نجد في الأوساط غير الدينية من يصبو إلى إجراء نظرية الفيمينية؟ وهل هناك أثر لهواة هذه النظرية في جامعاتنا؟! وهل نجد بين الجامعيّين ظاهرة ملحوظة ممن تعلّق بالنظام الرأسمالي الغربي أو بالديمقراطية الليبرالية إلى هذا الحدّ؟! فلماذا نقسّم الجامعيين في بلدنا إلى إصلاحيين وأصوليين؟! إن الذين صنعوا هذه التقسيمات الموهومة فإنهم في الواقع قد ارتكبوا خيانة. لقد كان الإمام الخميني(ره) يقول بأني غير مقتنع بهذه التقسيمات. فإذا كان السياسيون مختلفين ومتنافسين معا فلا يحقّ لهم أن يقسّموا الشعب إلى قسمين.
لا ينبغي استدراج أساتذة الجامعة وطلّابها إلى الأندية السياسية عبر التلقينات الخاطئة
فليعد النظر أولو الألباب في المجتمع والذين قد انخرطوا ـ جرّاء الجوّ التقليدي الموجود وعبر التلقينات الخاطئة ـ في هذه التسميات غير الموضوعيّة وعرفوا أنفسهم كإصلاحيّين أو أصوليّين، ولينظروا هل أن هذه التسميات تليق بهم؟!
هل يمكن للطالب الجامعي الذي يهوى العدالة ويودّ العقلانية والمعنوية ويحرص على مصالح الوطن، أن نحدّده في نطاق تيار سياسي خاص؟! فإن عملنا ذلك فإنه ظلم لهذا الشابّ الجامعي. وإن افتريتم عليه باسم أي تيار أو اتجاه فقد ظلمتموه. كذلك هل يصحّ تخصيص الأستاذ الجامعي المتخصص الذي يصبو إلى تطوّر البلد وجامعاته ويمارس نشاطه العلمي ويحظى بالتديّن والمعنويّة، بأحد هذه الاتجاهات السياسية؟! وخاصّة في هذا العصر الذي أشرفت الحضارة الغربية فيه على الانهيار وأفلست المشارب الفكرية عن إعطاء شيء جديد في العالم إلا إسلامنا الأصيل.
إن تمزيق الناس وتشعيبهم يؤدي إلى شيء من الخفقان والديكتاتورية النفسية
إن عصرنا عصر التعاطف والوحدة. فلا تعطوا مجالا في الأوساط السياسية لأولئك الذين يدقّون على وتر التفرقة. وعبّدوا الطريق لكي يتسنّى انتقاد المسؤولين ورجال السياسة بسهولة. فإن تشعيب المجتمع وتقسيمه إلى أحزاب وتيارات يؤدي إلى شيء من الدكتاتورية النفسية أو الخفقان، إذ يخشى الإنسان حينئذ أن يحسب على فلان جهة أو فلان حزب بمجرد انتقاده لفلان شخصيّة. أو قد يشعر الإنسان بأنه إذا انتقد أحد الشخصيات الثوريّة قد يؤدي ذلك إلى تضعيف كيان الثوريين وحركة حزب الله بشكل عام. بينما في الواقع إذا انتقدتم الآن أيّا من الثوريين فليس ذلك بمعنى تضعيف الحركة الثوريّة بشكل عام، وإذا انتقدتم أي ناشط سياسيي لا ينبغي أن يتهموكم بالانتماء إلى حزب ما أو حركة ما. ولا يحقّ لأحد أن يتهمكم بالانتماء إلى هنا أو هناك.
لابدّ أن نرفع مستوى علاقاتنا مع بعض ولا نسمح لبعض الناس أن يروّجوا هذه التقسيمات والتحزّبات بيننا. ولا ينبغي أن نسمح للقلّة القليلة من السياسيين الذين يراهنون على التفريق بين الناس أن يقسّمونا ويجعلونا شِيَعاً. نحن لا ننتمي إلى حزب أو فريق محدّد، بل نحن آحاد من النّاس. فكلما كان لنا انتقاد أو إشكال نصرّح به، وكلّما اقتضى التكليف أن نواجه ظاهرة ما، نواجهها، وكلّما استلزم الأمر أن ندافع عن حقّ ما، ندافع عنه. ولسنا متفقين في جميع الآراء إذ هناك اختلاف في الرؤى والآراء، ولكن تقسيم الشعب إلى فئات وأحزاب فهو جريمة لا تغتفر.
إذا نشرنا المدرسة الحسينية في العالم تتعاطف قلوب أهل العالم مع بعض
إن عصرنا عصر التعاطف. وأسأل الله أن يمكننا من إزالة سوء الفهم بمنطق قوي. نحن إذا عرّفنا مسيحيي العالم على المدرسة الحسينية، تتعاطف قلوب أهل العالم مع بعض. وكذلك إن عرّفنا إخواننا السنّة على مدرسة الإمام الحسين(ع)، تتعاطف القلوب كذلك. أنا كنت أتحدث مع مجموعة من أهل السنّة من النخب المصريين. فقلت لهم: ينبغي أن تبكوا على الإمام الحسين(ع) أكثر منّا. فقالوا: لماذا. قلت: لأن الإمام الحسين(ع) لم يستشهد من أجل التشيّع وحسب، بل قد استشهد من أجل الإسلام، وإنه قد ثار ضدّ حاكم مثل يزيد الذي فعل ما فعل تجاه أهل السنّة في واقعة الحرّة. فلمّا سمعوا هذا الحديث استبشروا وقالوا: لماذا لم يعرّف الإمام الحسين(ع) لنا أحد بهذا الأسلوب؟
أحيانا نحن الشيعة وانطلاقا من شدّة حبّنا للإمام الحسين(ع) نلتفّ حوله بحيث لا نعطي المجال للآخر أن يراه ويحظى بزيارته. بينما لابدّ أن نعرّف الإمام الحسين(ع) بالنحو الذي يتعرّف عليه جميع أهل العالم، ولا يجوز أن نحتكر الإمام الحسين(ع) لأنفسنا.
وأخيرا نحن كعناصر مهدوية وكموطئين لظهور الإمام المهدي(ع) لابدّ أن نحارب أي تفرقة وتمزيق. ولا ينبغي أن نقنع بدعوى الخلاف والتفرقة بسهولة لكي لا تقوم على أساسها ظواهر التمزّق والنزاع وافتراق القلوب والابتعاد عن الأصول.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته