قصة بني حن من قصص التاريخ التي توضح لنا أبعاد عبارة الإمام الحسين عليه السلام
( ما خرجت أشرا و لا بطرا بل خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي )
هي قصة معبرة عن آلاف القصص
تختصر لنا التاريخ في شكل قبيلة ..
تبدأ سيرتها بفرسان ذوي بأس شديد ...
وتنتهي بسيرة الذل والخذلان
حينما خرج الإمام الحسين عليه السلام كان عارفا بما ينتظره من مواجهة دامية ولكنه لم يتردد لأن ضربات السيوف و طعنات الرماح لم تكن أشد إيلاما على نفسه الشريفة من الانحرافات والضلالات التي انتشرت في الأمة من بعد جده المصطفى واستفحلت من بعد أبيه المرتضى صلوات الله عليهم أجمعين
باختصار ، كانت قبيلة بني حن موجودة في زمن أبي عبد الله الحسين .. ولا يستبعد أن بعض فرسانها كانوا في كربلاء وسمعوا الإمام يطلق صيحته .... ويطلق الحجة على من سمع دعوته فلم يستجب لها ....
كانت القبيلة .. وبكل أسف ... قد انحازت إلى الأمويين انحيازا كاملا ...
بل أصبحوا هم وقبيلة كلب عماد جيوش بني أمية ورأس الحربة في المواجهات
وإذا كان هذا بحد ذاته مدعاة لشيء من البحث والدراسة لنتعرف على العوامل التي أدت إليه
فإن الأهم من ذلك ...ماذا نستفيد من هذا الحدث المؤسف ؟
من تتبع المصادر التاريخية يتبين أن الأمويين شجعوا بعض القبائل العربية ومن بينها بني حن على الانتقال من مواطنها إلى الشام (سوريا وفلسطين) . وبنوا بعض المدن ( مثل مدينة الرملة في فلسطين ) لاستيعاب هذه القبائل النازحة والمؤيدة لهم .
لا شك أن الأمويين أدركوا قوة هذه القبائل وشدة بأسها فقاموا بتوثيق علاقاتهم معها من زمن مبكر ... فمروان بن الحكم تزوج امرأة من بني حن اسمها ليلى فولدت له ابنه عبد الملك الذي أصبح فيما بعد خليفة وأبو عدد من الخلفاء الأمويين ... ولهذا كان بنو حن أخوالهم ! وبهذه الطريقة ضمن الأمويون ولاء هذه القبائل ... فضلا عن الأعطيات السخية من الضياع والأموال التي أغدقوها عليهم
من الناحية النفسية ... لما نرى أو نسمع عن شخصية بطولية نتمنى من قرارة أنفسنا ان هذه الشخصية اهتدت إلى نور الحق وصارت من حزب الإيمان ... ولكن الدنيا هكذا ... وشياطين بني أمية لم يتركوا وسيلة محمودة أو مذمومة إلا توسلوا بها لينتصروا على آل محمد ... لذلك لا نستغرب أن بطلا مغوارا من أبطال بني حن هو زمل بن عمرو قد شهد صفين و لكن في الطرف المقابل لجيش أمير المؤمنين عليه السلام
ونحن حين نتدرج في سرد وقائع التاريخ لنحاول ألا نبتئس مما حدث
صحيح أننا نتمنى لو أن بطلا مغوارا أو قبيلة شجاعة انحازت إلى الحق وسارت في ركاب أمير المؤمنين عليه السلام
لكن لنتأمل الأمر بتجرد وبعد أن نأخذ نفسا عميقا ففيه من الدروس والعبر ما يملأ مجلدات كبيرة ..
لي عودة مع بعض هذه الدروس في الحلقة الثالثة ان شاء الله