۩۞۩الإمام علي (عليه السـلآم) يصف خلق النمله۩۞۩
انظروا إلى وصف أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام للنملة ،
وما فيها من عجائب الإبداع وجمال الاسلوب ، قال عليه السلام :
« ولو فكّروا في عظيم القدرة ، وجسيم النّعمة ، لرجعوا إلى الطّريق ، وخافوا عذاب الحريق ،
ولكن القلوب عليلة ، والبصائر مدخولة! ألا ينظرون إلى صغير ما خلق ، كيف أحكم خلقه ،
وأتقن تركيبه ، وفلق له السّمع والبصر ، وسوّى له العظم والبشر! انظروا إلى النّملة في صغر جثّتها ،
ولطافة هيئتها ، لا تكاد تنال بلحظ البصر ، ولا بمستدرك الفكر ، كيف دبّت على أرضها ، وصبّت على رزقها ،
تنقل الحبّة إلى جحرها ؛ وتعدّها في مستقرّها. تجمع في حرّها لبردها ، وفي وردها لصدرها ؛
مكفول برزقها ، مرزوقة بوفقها ؛ لا يغفلها المنّان ، ولا يحرمها الدّيّان ، ولو في الصّفا اليابس ،
والحجر الجامس ـ أي الجامد ـ! ولو فكّرت في مجاري أكلها ، في علوها وسفلها ،
وما في الجوف من شراسيف بطنها ، وما في الرّأس من عينها وأذنها ، لقضيت من خلقها عجبا ،
ولقيت من وصفها تعبا! فتعالى الّذي أقامها على قوائمها ، وبناها على دعائمها!
لم يشركه في فطرتها فاطر ، ولم يعنه على خلقها قادر. ولو ضربت في مذاهب فكرك لتبلغ غاياته ،
ما دلّتك الدّلالة إلاّ على أنّ فاطر النّملة هو فاطر النّخلة ، لدقيق تفصيل كلّ شيء ، وغامض اختلاف
كلّ حيّ. وما الجليل واللّطيف ، والثّقيل والخفيف ، والقويّ والضّعيف ، في خلقه إلاّ سواء ».
