17-04-2014, 02:12 PM
|
#10
|
( мѕнααя αℓкнgℓ) مشرفة قسم السعادة الزوجية ●• فاطمية متميزة •●
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: القطيف الحبيبة
العمر: 36
المشاركات: 130
معدل تقييم المستوى: 509
|
رد: دور الأسرة في بناء المجتمع الفاضل
القسم العاشر : أهمية الوقت في حياة الإنسان.
قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} صدق الله العليُّ العظيم.
الوقت والإنسان في القرآن .
سوف نستعرض وإياكم في هذا اليوم إيضاحاً لبعض المفاهيم العامة التي لها التأثير الإيجابي لبناء الأسرة بناءً سليماً، ترتقي بها إلى درجات سامية من الفضيلة والكمال.
إنّ مما لاشك فيه، أنّ الأبوين يُناط بهما ممارسة التثقيف للأبناء، الذي يتطلب بلورة مفاهيم معينة كي تتجذر في نفوس هؤلاء الأبناء، وذلك من خلال الإيضاح والتكرار لتلكم المفاهيم، ولعل ما ورد في القرآن الكريم من التوكيد المتكرر على أهمية التذكرة يشير ضمن إيحاءاته الكبيرة إلى هذه النقطة التي ذكرتها، وفي مقدمة المفاهيم التي نحتاج إيضاحها إلى أبنائنا هو الفهم السليم والصحيح لدور الوقت والزمن في حياة الإنسان. لأنه إذا لم يُدرك دور الوقت في حياته فلن يستطيع أن يتقدم إلى الأمام بخطى ثابتة، والله تعالى في القرآن الكريم أبان أهمية الوقت، وهذه الآية التي استهللت بها حديثي تبين ذلك : {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا}، فالآية تشير إلى أنّ كُلاً من الوقتين يخَلُف الوقت الآخر، ليستطيع الإنسان أن يتلافى ما أضاعه ليلاً في النهار، وأن يعوض لما أضاعه نهاراً في الليل. والقرآن أكد على دور الوقت في سياق مجموعة من الآيات الكريمة وذلك عندما أقسم به في سور عديدة كقوله تعالى: {وَالْفَجْرِ*وَلَيَالٍ عَشْرٍ}، {وَالْعَصْرِ*إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ}، {وَالضُّحَى*وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}، وما إلى ذلك من الآيات المباركة التي تُبين للإنسان أهمية الوقت في حياته.
الوقت والإنسان في الروايات.
كذلك ورد عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة من أهل البيت عليهم السلام إلفات نظر الإنسان وبالخصوص الشاب إلى أهمية اغتنام الوقت، قال صلى الله عليه وآله: (( لن تزول قَدَمَا عَبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع خصال، عن عُمرِه فيما أفناه))، هذا الوقت أو الزمن الذي يُعبر عن عمر الإنسان سوف يسأل يوم القيامة عنه، وقد جاء في بعض الروايات التأكيد على هذه النقطة بالذات من خلال الإشارة إلى أنّ ساعات الإنسان في يومه تكون صناديق مقفلة يُفتح له في يوم القيامة كل ساعة صندوقاً، ساعةً تلو الساعة الأخرى، فإن رأى أنه مَلأ ذلك الصندوق بالعمل الصالح والخير استبشر، وإذا رأى ذلك الصندوق خالٍ اغتم ورأى نفسه مغبوناً، وإذا رأى أنه ملأ ذلك الصندوق بالعمل السيء -والعياذ بالله- أصبح في حالة يُرثى لها من الندم والأسف ولكن دون جدوى كما تشير إلى ذلك نفس الرواية بعد ذلك (( وعن شبابه فيما أبلاه))، لاحظوا هنا، هذا من عطف الخاص على العام كما يقول علماء النحو، أي إنّ فترة الشباب بالرغم من أنها بُرهة زمنية من العمر ولكننا نجد الحديث يُؤكد عليها غاية التوكيد، باعتبارها مليئة بالزخم والحيوية والنشاط والفاعلية التي لا تتوافر للإنسان في بقية أزمنة عمره، فإذاً قوله صلى الله عليه وآله: ((وعن شبابه فيما أبلاه))، هو سؤال عن العمر بأكمله ولكنّ هذه البرهة الزمنية المحددة المسماة بفترة الشباب هناك سؤال من قِبَلِ الله تعالى خاص بها يختلف عن ذلك السؤال الذي يوجه بشكل عام لكل عمر الإنسان، ثم تتابع الرواية: ((وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به))، كما أنّ هناك عدة روايات تبلور هذا المفهوم وتُؤكد عليه.
خصائص الوقت:
إنّ على الأبوين أن يُوضحا لأبنائهما الخصائص الخاصة بالوقت، التي إذا أدركها الإنسان استطاع أن يغتنم ذلك الوقت، وهذه الخصائص ينبغي للإنسان أن يُبلورها لأحبائه وذويه وبالخصوص لأبنائه وبناته والتي أهمها :
الأولى : سرعة انقضاء الوقت.
إنّ الوقت يمر أسرع من مر السحاب، أي ينقضي بسرعة هائلة، وقد أشار الذكر الحكيم إلى هذه الخصيصة في بعض آياته الكريمة: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا}، فالوقت يمضي بسرعة فائقة، فإذا عَلّمَ الإنسان ولده وابنته أهمية ذلك السير السريع للوقت استطاع أن يلتفت ويدرك أهمية ذلك الوقت الذي يمر عليه. وذلك بالمبادرة والعمل في نفس اللحظة والوقت دون تسويف أو تأجيل، ولا بد للأبوين أن يُركزا على هذه النقطة الهامة التي أفصحت عنها آيات الذكر الحكيم، كقوله تعالى: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْض ُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}، كما أنّ القرآن الكريم ذكر أنّ من سمات وخصائص الأنبياء والرسل المبادرة والاغتنام السريع للوقت، قال الله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}، وأيضاً أبان القرآن سمات الصالحين السائرين على نهج الرسل في اغتنام الوقت، وذلك في قوله تعالى : {يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ}.
الثانية : صعوبة تلافي الوقت المنصرم.
إنما ينقضي من الوقت لا يستطيع الإنسان أن يتلافاه إلا بجهد كبير وتعب شديد، لا يتاح لكل إنسان تحقيق ذلك بسهولة ويسر، وإنما يحتاج إلى دأب في العمل وجهد في بذل قدراته لتلافي ما انقضى من الوقت، ففي كثير من الأحيان لا يستطيع الإنسان أن يعوض ما فاته من ذلك الوقت الذي يندم على إضاعته، ولذلك ترون الشعراء والأدباء يرددون:
ألا ليتَ الشبابَ يعودُ يوماً فأُخبرَهُ بما فَعــلَ المشيبُ
لأنّ الإنسان إذا مرت عليه تلك الأوقات التي كان يتمتع فيها بكامل قدراته ثم انقضت، لا يستطيع أن يعوض تلك الفُرص التي هي أغلى من الألماس في زمن شيبته وهرم جسده .
الثالثة : الوقت هو الحياة .
كذلك من خصائص الوقت إنه هو الحياة، فينبغي أن ننبه أبناءنا إلى ذلك، باعتبار أنّ الزمن الذي يعيشه الإنسان هو الحياة، التي يُعَرّفُها العلماء بالحس والحركة، التي كلما ازدادت قوةً وبشكل أكبر كلما استمتع الإنسان بحياته بشكل أفضل، فإذا كان ذلك الظرف الذي يستوعب الحياة هو حقيقة حسه وحركته، يعني إذا انقضى زمنه انقضت حياته حيث لا يستطيع أن يُدرك ما يُريد أن يُدركه، وأن يحقق ما كان يصبو إلى تحقيقه، وبالتالي لن يستطيع أن يصل إلى مراده، فالوقت هو حياتنا، ولذلك لا ينبغي للإنسان أن يفرط في حياته. وقد أكد القرآن على هذه الحقيقة في قوله تعالى :{وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَاتَعْمَلُونَ}. وكذلك وردت الكثير من الروايات وأقوال العلماء والصالحين التي تؤكد أنّ الوقت يساوي الحياة .
كيفية الاستفادة من الوقت:
إنّ على الأبوين أن يُبينا لأبنائهما وبناتهما كيفية الاستفادة من الوقت وبالخصوص أننا نعيش في أيام العطلة الصيفية التي هي من الأهمية بمكان، فبعض الناس يظن أنّ الوقت الذي يمر في أيام العطلة لا ينبغي أن يُستفاد منه، لأنه وقت يُملأ باللعب وهذا خطأ، فاللعب له وقت محدد وللعمل الجاد والدؤوب وقته الآخر المحدد، ولا ينبغي للإنسان أن يمضي كل وقته في اللعب واللهو، لأنّ هذا غير سائغ من الناحية الشرعية و من الناحية العقلائية، بل على الإنسان أن يستثمر وقته في أيام العطلة الصيفية بما يعود عليه بالإيجابية، نعم عليه أن يستجم قواه ويلهو ويلعب ويمرح بنحو يعود عليه بالفاعلية والنشاط ولكن دون أن يقضي جُلّ وقته دون نفع، هذا في الثقافة الإسلامية غير محمود، بل إنّ الأحاديث الواردة تُندد بضياع الوقت بأكمله في اللعب واللهو.وسأشير إلى بعض النقاط الرئيسة والهامة في كيفية الاستفادة من الوقت بالنسبة للأبناء:
أولاً : تدوين الأهداف المراد تحقيقها.
تدوين الأهداف التي يريد أن يحققها الولد أو تلك البنت مع الأب في هذه العطلة الصيفية، مثل تلافي ذلك الضعف الذي مر على الابن أو البنت في بعض المواد الدراسية، أو رفع الثقافة الدينية، أو التغلب على بعض المشكلات، وعندما يكتب ذلك الهدف بوضوح ويسعى لتحقيقه منذ بداية العطلة الصيفية فإنه بالتأكيد مع المراجعة المتكررة نحو ذلك الهدف سوف يحقق للإنسان فاعلية ونشاطاً للتقدم بخطوات سريعة لتحقيق هدفه.
ثانياً : تقسيم الأهداف حسب الأولوية.
على الإنسان أن لا يضع أهدافاً كثيرةً بحيث يقع في إرباك في الوصول إليها، وبالخصوص الأب الذي يطلب من أبنائه وبناته أن يحققوا كل تلك الأهداف، فينبغي له أن يُقسم الأهداف الكبيرة إلى نقاط بسيطة كي يستطيع ذلك الابن أو تلك البنت أن يجد سهولة في التقدم والسير نحو تحقيق ذلك الهدف، ولا يشعر أنّ الهدف شبح كبير ومرعب لا يمكن التقدم نحوه لتحقيق ما يُريد ه، فإذاً تقسيم الأهداف من الثقافة الهامة التي على الأبوين أن يُبلوراها في ذهن الأبناء .
ثالثاً : الترفيه.
وكما قلتُ، فإن الإسلام شجّع على الترفيه، لأهميته القصوى، ولكنه مع ذلك ينبذ إشغال الوقت بأكمله في الترفيه، لأنه غير سائغ في الثقافة الإسلامية. وأما الترفيه فقد وردت بعض الروايات والكلمات عن أئمة أهل البيت عليهم السلام وعن النبي صلى الله عليه وآله تُبين أهميته للإنسان، قال إمامنا أمير المؤمنين عليه السلام: (( رَوُّحوا القلوبَ ساعةً بعد ساعة))، الساعة يُراد بها الفترة الزمنية التي مملوءة بالعمل، ويحتاج الإنسان إلى مُتسع من الوقت ليُروّح قلبه، بمعنى أنه يلهو ويمرح في ساعة ليستجم نشاطه مرة أخرى، يقول أمير المؤمنين عليه السلام: (( فإنّ القلبَ إذا أكره بشكل مستمر عَمِيَ ))، أي إنّ الإنسان الذي يعمل بشكل مستمر لا يستطيع أن يحُقق إنجازاً، وهذه المسألة لا بد من توضيحها للأبناء.
رابعاً : حقيقة الوقت.
لقد أشرت إلى هذه النقطة ، وأُكررها لأهميتها، وهي التأكيد لأبنائنا وبناتنا أنّ الوقت هو الحياة، والإنسان الذي لا يستفيد من وقته فإنه لن يستفيد من حياته.
خامساً: القراءة الجادة للزمن الماضي.
بمعنى أن يعود مرة تلو الأخرى لينظر فيما حققه من أهداف في الزمن الذي مضى وانقضى، ويحاول أن يتلمس أخطاءه في الزمن الماضي كي لا يقع فيها مستقبلاً، وذلك بتدوين الملاحظات، يقول إمامنا الصادق عليه السلام: ((ما كُتِبَ قَرضٌ وما حُفِظَ فَرضٌ))، فالإنسان الذي يعتمد على ذاكرته فقط دون أن يُدون أخطاءه التي مرت عليه ويحاول أن يستفيد منها في مستقبله فإنه يحقق إنجازات بسيطة، بينما الإنسان الذي يدون ملاحظاته ويحاول أن يستفيد منها بجدية ونشاط دائبين فإنه بالتأكيد سوف يستفيد منها الاستفادة الكاملة في مستقبله، ولعل الآية التي بدأنا بها هي من غُرَر آيات القرآن التي تشير إلى كل هذه النقاط التي ذكرناها وهي قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا}.

|
|
|