عرض مشاركة واحدة
قديم 22-02-2014, 11:00 AM   #15
نهجنا الإسلام
●• فاطمية متميزة •●
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 508
معدل تقييم المستوى: 159
نهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond reputeنهجنا الإسلام has a reputation beyond repute
افتراضي شرح خطبة المتقين 2

إن إدراك رأفة الإمام تقتضي معرفة عظمته

كما أنكم إذا أردتم أن تدركوا رأفة الإمام الرضا(ع) ومدى شفقته بشيعته، لابدّ أن تراعوا منتهى الأدب في حضرته ولا تدخلوا حرمه إلا بعد ما تستأذنوه بقراءة إذن الدخول، فإن مراعاة هذا الأدب والعمل بمقتضى عظمة الإمام(ع) وعلوّ مقامه هو الذي يجعلكم تشعرون بمحبوبيته ورأفته.
إن الطريق الوحيد الذي يعرفه الناس في كسب محبّة الإمام(ع) هو استماع القصص والكرامات التي تحكي عن مدى رأفته وقضائه حوائج الناس وحلّ الأزمات المعقّدة وشفاء الأمراض المستعصية. ولكن إلى جانب هذه القصص الجميلة والمؤثرة بحقّ في قلوبنا هناك طريق آخر يضاعف حبنا للإمام(ع) بشكل غير مباشر وقلّ ما يتحدث المحدثون عنه، وهو آداب الدخول في حرم الإمام وآداب زيارته. وهذا هو الذي جعل الشيخ بهجت(رض) يراعي شدّة الأدب عند الإمام(ع) حيث نقل عنه نجله قال: في أحد الأيام التي كان قد ذهب والدي إلى زيارة الإمام الرضا(ع) وقف أمام الضريح وبدأ يزور ويناجي الإمام لمدة ثلاث ساعات، فقد كادت رجلي أن تنكسر من شدة الوجع مع أنّي كنت شابّا!
فالسبب غير المباشر في تعزيز حبّنا للإمام المعصوم(ع) ليس كراماته وقصصه، فإنها هي أسباب مباشرة، ولكن السبب غير المباشر في ازدياد حبّنا للإمام(ع) هو عظمة الإمام ما تجعل كبار الشخصيات وعظام العلماء يأتونه بكل أدب وخشوع.

إن الله متكبر وهذا هو المدعاة لحبه وعشقه

فخذوا هذا المثال وطبّقوه على علاقتكم بالله سبحانه. فبمقتضى عظمة الله وكبريائه إنه لا يجامل أحدا. ففي سبيل أن يُدخِل حبّه في قلوبنا فرض علينا الصلاة وجعل مستهلّها «الله أكبر» لا «الله أرحم». إنه أمرنا بصلاة تشتمل كل ركعة فيها على خضعات ثلاث؛ أي ركعة وسجدتين.
لا يتكلم الله معكم كما تناغي الأمّ طفلها، إذ هو يعرفكم جيّدا، ويعرف أنه لا يحتلّ قلوبكم بطريقة مثل أن يفرض عليكم عظمته وأن يأمركم بتعفير جبينكم أمامه. فبهذا الأسلوب يزداد حبّنا لله؛ بالأدب لا بأدبيات الحبّ والغرام.
اقرأوا سورة التوحيد وانظروا كم هي تحكي عن كبرياء الله. ففي هذه السورة قد فصل الله نفسه عن مخلوقيه تماما، ورفض أي شبه بينه وبين ما سواه. فهذه السورة بما تنطوي على مضامين كبرياء الله مدعاة لازدياد حبّنا له.
ولهذا ترى أمير المؤمنين(بأمي وأمي) يشير إلى عزة الله وعظمته وغناه في مستهلّ حديثه قائلا: «فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حِينَ خَلَقَهُمْ غَنِيّاً عَنْ طَاعَتِهِمْ آمِناً مِنْ مَعْصِيَتِهِمْ» لئلا يتصوّر أحد أنّه صاحب فضل على الله بتقواه وورعه، ولا یتوهّم متوهّم أنه ينفع الله بما يقوم به من طاعة وعبادة، ولا يزعم أحد أنه قادر على إلحاق الضرر بالله بمعصيته وفسقه؟!
فلا بأس أن نقف عند شعور أمير المؤمنين(ع) عند بيان هذه العبارة، فكأنه أراد أن يشير إلى عظمة الله وكبريائه وعزته قبل أن يستعرض صفات المتقين الرائعة.

لا تختص التقوى بمزاج خاص دون غيره

ثم في المقطع الآخر قال أمير المؤمنين(ع): «فَقَسَمَ بَيْنَهُمْ مَعَايِشَهُمْ وَ وَضَعَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا مَوَاضِعَهُم». فعندما خلق الله الناس، جعلهم مختلفين في معايشهم ومواضعهم ومواهبهم وقابليّاتهم.
ولا يخلو هذا الاختلاف من أسرار. واحد يولد في هذا تموز والآخر في شباط وخلق هذا في هذه الأسرة وجعل ذاك في ذاك المجتمع... وكل هذه الاختلافات مدروسة ومبرمجة. ففي هذه الأجواء «فَالْمُتَّقُونَ فِيهَا هُمْ أَهْلُ‏ الْفَضَائِل‏» ومن هنا يبدأ الكلام.
لعل مزاجنا يختلف عن مزاج زميلنا، فقد يكون دمنا حارّا ما يجعلنا نغضب بسرعة، أما الآخر فإنسان بارد لا يغضب. وقد تكون أنت من النوع الذي يظهر مودّته للآخرين، أما غيرك فلا يستطيع أن يبدي مشاعره ويظهر مودّته. فالناس مختلفون في طبائعهم وخصالهم وظروفهم، ولكن لا شكّ في أن الجميع معنيّون بمراعاة التقوى.
فلا ينبغي أن نرى التقوى هي سلوك تنسجم مع بعض الطبائع والأمزجة دون غيرها، كما هو الحال في الغرب حيث يعتبرون التديّن ملائما لبعض الطبائع وحسب.

إن انسجمت مقتضيات التقوى مع إحدى خصالنا في مرة فإنها سوف تعارضها في مرة أخرى

إن كان تديّنك ناجما من بعض طبائعك وسجاياك، فإن الله سوف يسلب هذا الدّين منك. فإذا كان الإنسان ملتزما ببعض ظواهر الزهد بدافع سجاياه أو خصائصه الوراثية، يمتحنه الله بموقف ما يفرض عليه فيه أن يتخلّى عن التزامه بما اعتاد عليه. وفي الحقيقة لن يأمر الله بترك الزهد، ولكن يغيّر قوالب الزهد وظواهره.
ما معنى التقوى؟ التقوى هي أن تترك ما يعزّ عليك تركه من أجل الله، وتقوم بما يعزّ عليك فعله من أجل الله. وبطبيعة الحال تختلف مصاديق هذه القاعدة بين الناس باختلاف طبائعهم وسجاياهم وظروفهم. ومن هنا تبدأ التقوى ويمتاز المتقي الحقيقي عن غيره.

تختلف مصاديق التقوى من شخص إلى آخر

«فَالْمُتَّقُونَ فِيهَا هُمْ أَهْلُ‏ الْفَضَائِل‏» يعني أنهم قد التزموا التقوى بالرغم من هذه الاختلافات الموجودة بين طبائع الناس. فليست التقوى سجية وخصلة في غرض خصلة المزاح والرأفة والشجاعة وغيرها، بل هي شيء وراء هذه الخصال وفوقها. فلعل أمير المؤمنين(ع) أراد من خلال هذه المقدمة أن يشير إلى إمكان التقوى للجميع مع كل الفوارق الموجودة بينهم.
وكثيرا ما تختلف مصاديق التقوى من شخص إلى آخر. فعلى سبيل المثال يجب عليّ أن أتقي الله وأجاهد نفسي وأفرّ من مدح الآخرين وثنائهم عليّ لكي لا أغترّ ولا أتورط بالعجب، أما الإمام الراحل(ره) فكان تكليفه هو أن يتقي الله ويأتي إلى الناس من شرفة حسينية جماران ويحيي الناس ويسمع هتافاتهم في مدحه والولاء له. فإنه كان يفعل ذلك بسبب تقواه وإلا فلو كان يريد أن يعمل على أساس ما يهواه لاعتزل عن الناس وانشغل بالله بعيدا عما يجري في الدنيا. ولكنه كان يتّقي الله ويعمل بتكليفه.

يتبع إن شاء الله...
نهجنا الإسلام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس